07-22-2010, 09:40 PM
|
|
|
خادم الحسين
|
|
|
|
لوني المفضل
Cadetblue
|
رقم العضوية : 1 |
تاريخ التسجيل : May 2010 |
فترة الأقامة : 5406 يوم |
أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM) |
المشاركات :
2,305 [
+
]
|
التقييم :
10 |
بيانات اضافيه [
+
] |
|
|
|
مسألة كيفية طهارة الرجلين
المبحث الثاني في طهارة الرجلين وسنبحث فيه عن مسألتين : مسألة كيفية طهارة الرجلين ومسألة المسح على الخفين :
المسألة الأولى في كيفية طهارة الرجلين :
أجمعت الأمة الإسلامية - بجميع مذاهبها - على أن الرجلين من أعضاء الوضوء ، ولا يصح الوضوء بدون طهارتهما .
ولكنهم اختلفوا في كيفيتها .
فأما فقهاء مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) فقد أجمعوا على وجوب مسحهما ، وبطلان الوضوء بدونه ، وحرمة الغسل بقصد تشريعه ، متمسكين في ذلك بظاهر كتاب الله تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) * ( 1 ) .
وبروايات مستفيضة ، بل متواترة عن العترة الطاهرة ( عليهم السلام ) ،
منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في حديث . . .
قال : وذكر المسح فقال : " امسح على مقدم رأسك ، وامسح على القدمين ، وأبدأ بالشق الأيمن " ( 2 ) .
ومنها ما رواه محمد بن مروان قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : " إنه يأتي على الرجل ستون أو سبعون سنة ما قبل الله منه صلاة " . قلت : كيف ذاك ؟ قال : " لأنه يغسل ما أمر ‹ صفحة 52 › الله بمسحه " ( 1 ) .
ومنها ما رواه زرارة قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : " ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) " ؟
فقلنا : بلى . فدعا بقعب فيه شئ من ماء فوضعه بين يديه ، ثم حسر عن ذراعيه ، ثم غمس فيه كفه اليمنى ثم قال : " هكذا إذا كانت الكف طاهرة " ثم غرف ملأها ماء فوضعها على جبينه ، ثم قال : " بسم الله " . وسدله على أطراف لحيته ، ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة ، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ثم وضعه على مرفقه اليمين فأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ، ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرىفأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ، ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية يمناه . الحديث ( 2 ) . .
وأما الجمهور من فقهاء أهل السنة والجماعة - فبعد اتفاقهم على جواز المسح لغير المحدث ( 3 ) اختلفوا في المسألة على خمسة أقوال .
القول الأول :
وجوب الغسل . وهو مذهب أكثرهم ، خاصة المتأخرين منهم .
واستدل فقهاؤهم ومفسروهم لإثبات أن الواجب هو الغسل بثلاثة أنواع من الأدلة :
النوع الأول : قوله تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) * .
وقد ارتكب بعض علمائهم في الآية لحملها على رأيهم تأويلات بعيدة ، وتكلفوا وجوها غريبة ، وزيفها الآخر مرتكبا تأويلا أبعد من سابقه كما سترى ،
وهي :
التأويل الأول :
قال الكاشاني الحنفي : ( الوجه الأول : ما قاله بعض مشائخنا : إن ‹ صفحة 53› قراءة النصب محكمة في الدلالة على كون الأرجل معطوفة على المغسولات وقراءة الخفض محتملة ، لأنه يحتمل أنها معطوفة على الرؤوس حقيقة ومحلها من الإعراب الخفض ، ويحتمل أنها معطوفة على الوجه واليدين حقيقة ومحلها من الإعراب النصب ، إلا أن خفضها للمجاورة وإعطاء الإعراب بالمجاورة طريقة شائعة في اللغة بغير حائل وبحائل فثبت أن قراءة الخفض محتملة وقراءة النصب محكمة .
فكان العمل بقراءة النصب أولى ) ( 1 ) . وقد تمسك بهذا الوجه كثير من علماء القوم ، فقالوا : إن قراءة الجر محمولة على المجاورة ( 2 ) .
وقد أورد الكاشاني على هذا الوجه فقال بعد نقله لكلام شيخه : ( إلا أن في هذا الكلام إشكالا ، لأن قراءة النصب محتملة أيضا ، ونصب على المعنى لا اللفظ ، والإعراب قد يتبع اللفظ وقد يتبع المعنى ) ( 3 ) .
مضافا إلى ذلك أن العيني حكى قول القائلين بوجوب المسح وذكر من بين أدلتهم أنقراءة الجر محكمة في المسح ( 4 ) .
وسيتضح فيما يأتي أن قراءة النصب أيضا محكمة في المسح عكس ادعاء الشيخ الحنفي .
هذا بالنسبة إلى الجزء الأول من استدلاله .
قال العيني أيضا : بالنسبة إلى عطف الأرجل على الوجوه واليدين إن أبا علي قال : قد أجاز قوم النصب عطفا على * ( وجوهكم ) * ، وإنما يجوز شبهه في الكلام المعقد ، وفي ضرورة الشعر ، وما يجوز على مثله محبة العي وظلمة اللبس ونظيره : ( أعط زيدا وعمرا جوائزهما ، ومر ببكر وخالدا ) ، أي وأعط خالدا أيضا .
فأي بيان ‹ صفحة 54 › في هذا ؟ وأي لبس أقوى من هذا ؟ ثم قال : ذكر المرسي حاكيا عنه في ( ري الظمآن ) ( 1 ) .
وقال علي بن حزم : ( وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤوس إما على اللفظ وإما على الموضع ، لا يجوز غير ذلك ، لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأة ) ( 2 ) .
وقال أبو حيان :( وفيه الفصل بين المتعاطفين بجملة ليست باعتراض ، بل هي منشئة حكما ، وقال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه : وأقبح ما يكون ذلك بالجمل .
فدل قوله هذا على أنه ينزه كتاب الله عن هذا التخريج ) ( 3 ) .
وقال الإمام فخر الدين الرازي : ( إن العاملين إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى فوجب أن يكون عامل النصب في قوله : * ( وأجلكم ) * هو قوله : * ( وامسحوا ) * ، فثبت أن قراءة : * ( وأرجلكم ) * بنصب اللام توجب المسح أيضا ) ( 4 ) .
وقال الحلبي الحنفي : ( والصحيح أن الأرجل معطوفة على الرؤوس في القراءتين ونصبها على المحل وجرها على اللفظ ، وذلك لامتناع العطف على المنصوب للفصل بين العاطف والمعطوف بجملة أجنبية ، والأصل ألا يفصل بينهما بمفرد فضلا عن الجملة . ولم يسمع في الفصيح نحو ( ضربت زيدا ، ومررت بعمرو ، وبكرا ) بعطف بكر على زيد .
وأما الجر على الجوار فإنما يكون على قلة في النعت كقول بعضهم : هذا جحر ضب خرب ، بجر خرب ( 5 ) .
وأما بالنسبة إلى حمل قراءة الخفض على المجاورة ، فقد قال الزبيدي وابن منظور حاكيين عن أبي إسحاق النحوي أنه قال : ( الخفض على الجوار لا يجوز في ‹ صفحة 55 › كتاب الله عز وجل ، وإنما يجوز ذلك في ضرورة الشعر ) ( 1 ) .
وقال أبو حيان : ( وهو تأويل ضعيف جدا ولم يرد إلا في النعت حيث لا يلبس ، على خلاف فيه ) ( 2 ) .
وقال الفخر الرازي : ( هذا باطل من وجوه :
الأول : أن الكسر على الجوار معدود في اللحن الذي قد يتحمل لأجل الضرورة في الشعر ، وكلام الله يجب تنزيهه عنه .
وثانيا : أن الكسر إنما يصار إليه حيث يحصل الأمن من الالتباس كما في قوله : ( جحر ضب خرب ) ، فإن من المعلوم بالضرورة أن الخرب لا يكون نعتا للضب بل للجحر ، وفي هذه الآية الأمن من الالتباس غير حاصل .
وثالثها : أن الكسر بالجوار إنما يكون بدون حرف العطف ، وأما مع حرف العطف فلم تتكلم به العرب ) ( 3 ) .
وقال الخازن : ( وأما من جعل كسر اللام في ( الأرجل ) على مجاورة اللفظ دون الحكم - واستدل بقولهم : ( جحر ضب خرب ) ، وقال : الخرب : نعت للجحر ، لا للضب ، وإنما أخذ إعراب الضب للمجاورة - فليس بجيد ) ( 4 ) .
ثم ذكر الخازن الوجوه الثلاثة التي ذكرها الرازي على مدعاه .
وقال الطبري : ( واعترض عليه بأن الأليق بكتاب الله تعالى مراعاة المعنى دون النظم ، وكسر الجوار إنما يصير إليه من رام تغليب النظم على المعنى مثل الشعراء ، أما من رام تغليب المعنى فلا يصير إلى كسر الجوار ، ومتى كان حكم الأرجل في المسح مخالفا لحكم الرأس لم يجز الجر بناء على المجاورة في النظم مع الاختلاف في المعنى . وهذا كلام حسن ) ( 5 ) .
وقال ابن همام ناقلا كلام ابن الحاجب : ( والحمل على الجوار ليس بجيد ، إذ لم ‹ صفحة 56 › يأت في القرآن ولا في كلام فصيح ) ( 1 ) . وقال الصاوي المالكي : ( واعترض على هذا الحمل بأنه لم يرد الجر بالمجاورة إلا في النعت ومع ذلك هو ضعيف ) ( 2 ) .
وقد تقدم كلام إبراهيم الحلبي على هذا التأويل قريبا . فهذه آراء أكابر القوم في الوجه الأول من تأويلاتهم .
التأويل الثاني :
أن قوله : * ( وأرجلكم ) * بالنصب معطوف على الوجه واليدين فحكمهما واحد وهو الغسل . وأما بناء على قراءة الخفض فمحمول على مسح الخف . وقد حكاه النووي عن أبي حامد ، والدارمي ، والماوردي ، والقاضي أبي الطيب ، بل التجأ إلى هذا الوجه كثير من علمائهم ( 3 ) . ويرد على هذا الوجه : أولا : أنه لا يخفى أن الأرجل شئ والخف شئ آخر ، وأن تفسير القوم للكعبين مانع عن هذا الحمل . ثانيا : قد ثبت عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وابن عباس ( رضي الله عنه ) وغيرهما من الصحابة نسخ حكم المسح على الخفين بهذه الآية نفسها ، وأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم يمسح على الخفين بعد هذه الآية كما سيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى ، فكيف تستدلون بها على ما يخالفها ؟ . وأخيرا : أن المذكور في الآية هو الأرجل ، فبأي دليل تصرفونها عن ظاهرها ؟ وبأي حجة تحملون كتاب الله على رأيكم ، والواجب أن تحملوا آراءكم على كتاب الله عز وجل ؟ .
التأويل الثالث :
أن قوله : * ( وأرجلكم ) * بناء على قراءة الخفض مجرور بفعل ‹ صفحة 57 › محذوف يتعدى بالباء ، أي ( وافعلوا بأرجلكم الغسل ) ( 1 ) .
وحكى ابن همام عن ابن الحاجب أن العرب إذا اجتمع فعلان متقاربان في المعنى ، ولكل متعلق جوزت حذف أحدهما وعطف متعلق المحذوف على متعلق المذكور وكأنه متعلقه كقولهم : علفتها تبنا وماء باردا .
والحمل على الجوار ليس بجيد ، إذ لم يأت في القرآن ولا في كلام فصيح ) . انتهى .
ثم أورد ابن همام على كلامه قائلا : ( إنما يتم إذا كان إعراب المتعلقين من نوع واحد كما في ( علفتها ) ، و ( سقيتها ) ، وهنا الإعراب مختلف ، لأنه معمول ( اغسلوا ) المحذوف ، فحين ترك إلى الجر لم يكن إلا لمجاورة إعراب الرأس . فما هرب منه وقع فيه ) ( 2 ) .
وقال أبو حيان الأندلسي : ( أو تؤول على أن الأرجل مجرورة بفعل محذوف يتعدى بالباء ، أي ( وافعلوا بأرجلكم الغسل ) ، وحذف الفعل وحرف الجر . وهذا التأويل في غاية الضعف ) ( 3 ) .
أقول :
لا يخفى على اللبيب أن الحذف والتقدير خلاف الأصل في الكلام لا يصار إليه إلا مع القرينة ، وعند الضرورة ، أما ما نحن فيه فالأمر أظهر من الشمس .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 51 ›
( 1 ) سورة المائدة : 6 . ( 2 ) الكافي 3 : 29 / 2 ، وسائل الشيعة 1 : 418 ، ب 25 ، ح 1 .
‹ هامش ص 52 ›
( 1 ) الكافي 3 : 31 / 9 ، تهذيب الأحكام 1 : 65 / 184 ، وسائل الشيعة 1 : 418 ، ب 25 ، ح 2 . ( 2 ) الكافي 3 : 25 / 4 ، تهذيب الأحكام 1 : 360 / 1083 ، وسائل الشيعة 1 : 387 ، ب 15 ، ح 2 . ( 3 ) أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 347 ، روح المعاني 6 : 68 .
‹ هامش ص 53 ›
( 1 ) بدائع الصنائع 1 : 6 . ( 2 ) المقدمات 1 : 15 ، أحكام القرآن ( الطبري ) 3 : 41 ، أحكام القرآن ( ابن العربي ) 2 : 72 ، غرائب القرآن ورغائب الفرقان 6 : 53 ، عمدة القارئ 2 : 238 ، فتح القدير 1 : 8 ، المجموع 1 : 419 ، حاشية الصاوي على الجلالين 1 : 254 ، نيل الأوطار 1 : 168 . ( 3 ) بدائع الصنائع 1 : 6 . ( 4 ) عمدة القاري 2 : 238 .
‹ هامش ص 54 ›
( 1 ) عمدة القاري 2 : 238 . ( 2 ) المحلى 2 : 57. ( 3 ) البحر المحيط 3 : 438 والنهر الماد 3 : 438 . ( 4 ) مفاتيح الغيب 6 : 165 . ( 5 ) في هامش مختصر غنية المتملي : 6 ، وأشار المؤلف إلى قوله هذا في مختصره ، ونقل كلامه عن الشرح الكبير ( غنية المتملي في شرح منية المصلي ) .
‹ هامش ص 55 ›
( 1 ) تاج العروس 2 : 222 / باب الحاء فصل الميم - مسح ، لسان العرب 2 : 593 - مسح . ( 2 ) البحر المحيط 3 : 438 . ( 3 ) مفاتيح الغيب 6 : 165 . ( 4 ) لباب التأويل في معاني التنزيل 2 : 16 . ( 5 ) أحكام القرآن ( الطبري ) 3 : 40 .
‹ هامش ص 56 ›
( 1 ) فتح القدير 1 : 8 . ( 2 ) حاشية الصاوي 1 : 254 . ( 3 ) المجموع 1 : 420 ، أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 348 ، أحكام القرآن ( ابن العربي ) 2 : 72 ، حاشية ابن عربي على سنن الترمذي 1 : 59 ، فتح الباري 1 : 215 ، حاشية الصاوي على الجلالين 1 : 254 ، عمدة القاري 2 : 239 ، بدائع الصنائع 1 : 6 ، المقدمات ( ابن رشد ) 1 : 15 .
‹ هامش ص 57 ›
( 1 ) البحر المحيط 3 : 437 ، عمدة القارئ 2 : 238 ، تاج العروس 2 : 223 مادة : مسح . ( 2 ) فتح القدير 1 : 8 . ( 3 ) البحر المحيط 3 : 438 . ( 4 ) حاشية الصاوي على شرح الجلالين 1 : 254 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|