عرض مشاركة واحدة
قديم 07-22-2010, 06:47 PM   #13
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



الثاني عشر :

إجزاء مسمى المسح ، أو بعض الرأس وهذا مروي عن ابن عمر [ ج ] والحسن [ د ] والثوري [ ه‍ ] والأوزاعي [ و ] والليث [ ز ] ومالك [ ح ] وبعض أصحابه [ ط ] وأحمد [ ي ] وعنه في المرأة [ ك ] وداود [ ل ] وبعض من تابعه [ م ] وأصحاب الرأي [ ن ] ، وهو قول الشافعي [ س ] والمزني [ ع ] والطبري [ ف ] وأكثر الشافعية [ ص ] ( 1 ) .

قال الحافظ : ( قال الشافعي : احتمل قوله تعالى : * ( وامسحوا برؤوسكم ) * جميع الرأس أو بعضه ، فدلت السنة على أن بعضه يجزئ . والفرق بينه وبين قوله تعالى :
* ( فامسحوا بوجوهكم ) *
في التيمم ، أن المسح فيه بدل عن الغسل ، ومسح الرأسأصل ، فافترقا ) ( 2 ) .

قال النووي : ( احتج أصحابنا بأن المسح يقع على القليل والكثير ، وثبت في الصحيح أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح بناصيته ، فهذا يمنع وجوب الاستيعاب ، ويمنع التقدير بالربع والثلث والنصف ، فإن الناصية دون الربع ، فتعين أن الواجب ما يقع عليه الاسم .

والذي اعتمده إمام الحرمين في كتابه ( الأساليب في الخلاف ) المسح إذا ‹ صفحة 20 › أطلق ، فالمفهوم منه المسح من غير اشتراط للاستيعاب . وانضم إليه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسح الناصية وحدها ) ( 1 ) .

والشوكاني الذي نسب إلى الزيدية ، ينقل عن التفتزاني قائلا : ( إن الباء تدخل في الآلة ، والمعلوم أن الآلة لا يراد استيعابها ، كمسحت رأسي بالمنديل ، فلما دخلت ( الباء ) في الممسوح كان ذلك الحكم ، أعني : عدم الاستيعاب في الممسوح ) . ثم يستمر الشوكاني قائلا : ( والإنصاف أن الآية ليست من قبيل المجمل وإن زعم ذلك الزمخشري وابن الحاجب في مختصره والزركشي .

والحقيقة لا تتوقف على مباشرة آلة الفعل جميع أجزاء المفعول ، كما لا تتوقف في قولك : ( ضربت عمروا ) على مباشرة الضرب لجميع أجزائه ، فمسح رأسه يوجد المعنى الحقيقي بوجود مجرد المسح للكل أو البعض .

وليس النزاع في مسمى الرأس فيقال هو حقيقة في جميعه ، بل النزاع في إيقاع المسح على الرأس ، والمعنى الحقيقي للإيقاع يوجد بمجرد المباشرة . ولو كانت المباشرة الحقيقية لا توجد إلا بمباشرة الحال لجميع المحل لقل وجود الحقائق في هذا الباب ، بل يكاد يلحق بالعدم ) ( 2 ) .

وقال العيني ناقلا عن بعض أكابر الحنفية : ( قال أبو بكر الرازي في الأحكام :
قوله تعالى : * ( وامسحوا برؤوسكم ) * يقتضي مسح بعضه ، وذلك لأنه معلوم أن هذه الأدوات موضوعة لإفادة المعاني ، وإن كان قد يجوز دخولها في بعض المواضع صلة ، فتكون ملغاة ، ويكون وجودها وعدمها سواء ، ولكن لما أمكن ههنا استعمالها على وجه الفائدة لم يجز إلغاؤها ، فلذلك قلنا : إنها للتبعيض .

والدليل على ذلك أنك إذا قلت : مسحت يدي بالحائط ، كان معقولا مسحها ببعضه ، دون جميعه ، ولو قلت : مسحت الحائط ، كان المعقول مسح جميعه ، دون بعضه .

فوضح الفرق بين إدخالها وإسقاطها في العرف واللغة . فإذا كان كذلك ، ‹ صفحة 21 › تحمل ( الباء ) في الآية على التبعيض توفية لحقها وإن كانت في الأصل للإلصاق ، إذ لا منافاة بينهما ، لأنها تكون مستعملة للإلصاق في البعض المفروض .

والدليل على أنها للتبعيض : ما روى عمر بن علي بن مقدم ، عن إسماعيل بن حماد ، عن أبيه حماد ، عن إبراهيم ، في قوله :
* ( وامسحوا برؤوسكم ) * قال : إذا مسح بعض الرأس أجزأه .

قال : فلو قال : ( وامسحوا رؤوسكم ) كان الفرض مسح الرأس كله ، وقد كان من أهل اللغة مقبولا القول فيها .


ويدل على أنه قد أريد بها التبعيض في الآية اتفاق الجميع على جواز ترك القليل من الرأس ، والاقتصار على البعض ، وهذا هو استعمال اللفظ على التبعيض ، فحينئذ احتاج إلى دلالة في إثبات المقدار الذي هو حده .
فإن قلت : لو كانت للتبعيض لما جاز أن يقال : مسحت برأسي كله ، كما لا يقال : مسحت ببعض رأسي كله .

قلت : قد بينا أن حقيقتها إذا أطلقت التبعيض ، مع احتمال كونها ملغاة ، فإذا قال : مسحت برأسي كله ، علمنا أنه أراد أن تكون ( الباء ) ملغاة ، نحو قوله تعالى : * ( ما لكم من إله غيره ) * .

فإن قلت : قال ابن جني وابن برهان : من زعم أن ( الباء ) للتبعيض ، فقد جاء أهل اللغة بما لا يعرفونه .

قلت : أثبت الأصمعي والفارسي والقينبي وابن مالك التبعيض . وقيل : هو مذهب الكوفيين ، وجعلوا منه : * ( عينا يشرب بها عباد الله ) *
وقول الشاعر :

شربن بماء البحر ثم ترفعت * . . . ) ( 1 )

انتهىما نقله العيني عن أبي بكر الرازي ، وقد أجاد فيما أفاد وإن لم يكن كلاما خاليا من موارد للنظر .

‹ صفحة 22 ›

قال فخر الدين الرازي عند ذكر دليل الشافعي : ( فنقول : قوله : * ( وامسحوا برؤوسكم ) * يكفي في العمل به مسح اليد بجزء من أجزاء الرأس ، ثم ذلك الجزء غير مقدر في الآية ، فإن أوجبنا تقديره بمقدار معين ، لم يكن تعيين ذلك المقدار إلا بدليل مغاير لهذه الآية ، فيلزم صيرورة الآية مجملة ، وهو خلاف الأصل . وإن قلنا : إنه يكفي فيه إيقاع المسح على أي جزء كان من أجزاء الرأس ، كانت الآية مبينة مفيدة . ومعلوم أن حمل الآية على محمل تبقى الآية معه مفيدة أولى من حملها على محمل تبقى الآية معه مجملة ، فكان المصير إلى ما قلناه أولى . وهذا استنباط حسن من الآية ) ( 1 ) .

وقد أطال ابن حزم الظاهري ، وابن جرير الطبري في الاستدلال على إجزاء المسح على بعض الرأس ، والرد على المخالفين . من أراد تفصيل ذلك فعليه بمؤلفيهما ( 2 ) .

الهامش

‹ هامش ص 19 ›
( 1 ) [ س ] الأم 1 : 23 ، البحر الزخار 1 : 64 ، الكشاف 1 : 325 ، المغني ، الشرح الكبير 1 : 135 ، شرح مسلم ( النووي ) 1 : 109 ، إرشاد الساري 1 : 268 ، البحر المحيط 3 : 437 ، روح المعاني 6 : 65 ، إعراب القرآن ( الدرويش ) 2 : 419 ، إعراب القرآن ( الصافي ) 3 : 87 ، أحكام القرآن ( ابن العربي ) 2 : 60 ، أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 344 ، مجمع الأنهر مع البدر المتقي 1 : 13 ، تفسير المراغي 6 : 62 . [ ص ] الفقه على المذاهب الأربعة 1 : 61 ، المنهاج مع شرحه : ( المغني ) 1 : 53 ، بداية المجتهد 1 : 8 ، حلية العلماء 1 : 148 ، رحمة الأمة 1 : 18 ، فقه السنة 1 : 43 ، فتح المعين 1 : 39 . [ ع ] مختصر المزني 1 : 9 . [ ج ] ، [ د ] ، [ ه‍ ] ، [ ل ] ، [ ص ] المجموع 1 : 399 . [ م ] المحلى 2 : 52 . [ ه‍ ] ، [ و ] ، [ ز ] ، [ ف ] ، [ س ] نيل الأوطار 1 : 154 . [ س ] ، [ ط ] بداية المجتهد 1 : 8 . [ د ] ، [ ه‍ ] ، [ و ] ، [ ز ] ، [ ح ] ، [ ي ] ، [ ن ] ، [ س ] عمدة القاري 2 : 235 . [ ي ] ، [ ك ] الإنصاف 1 : 161 ، 162 . ( 2 ) الأم 1 : 22 ، أحكام القرآن ( الشافعي ) 1 : 44 ، فتح الباري 1 : 234 .

‹ هامش ص 20 ›
( 1 ) المجموع 1 : 399 . ( 2 ) نيل الأوطار 1 : 155 . ‹ هامش ص 21 › ( 1 ) أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 341 ، عمدة القاري 2 : 236 .



‹ هامش ص 21 ›

( 1 ) أحكام القرآن ( الجصاص ) 2 : 341 ، عمدة القاري 2 : 236 .

‹ هامش ص 22 ›
( 1 ) مفاتيح الغيب 6 : 164 . ( 2 ) المحلى 2 : 52 ، 53 وجامع البيان 6 : 126 ، 127 .


 

رد مع اقتباس