عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 07-22-2010, 12:14 PM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : May 2010
 فترة الأقامة : 5406 يوم
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم : 10
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي وأما نقاط الافتراق بين المتعة والزنى



وأما نقاط الافتراق بين المتعة والزنى :


1 - أن الزنى لا تقره الشرائع السماوية ولا المجتمعات وإن استعمله الكثير من الشعوب . والزاني يعلم أنه مقدم على جريمة يأباها الضمير الإنساني والوجدان . بينما المتعة هي مثل النكاح الدائم مع فوارق بسيطة .

فليست المرأة سلعة تؤجر للمتعة وإنما كالطرف الآخر تعطى من الالتزامات بمقدار ما تأخذ منها ، ولعل هذه العلاقة تبدل المنقطع إلى دائم ، إن كسب كل منهما رضا الآخر . ويا حبذا لو حل هذا النوع من الزواج محل فترة الخطوبة التي يقضونها باسم التعرف على بعضهما مرتكبين بذلك الحرام بالنظر واللمس وغيرهما .

2 - لا تتقيد المرأة الزانية بأية قيود مع الزاني ، بل ترتبط مع الجميع بينما تتقيد المرأة في المتعة بتوحيد علاقتها الجنسية ما دامت في حبال الزوج ، وإذا انتهت المدة يمكن لهما تجديد العقد .

3 - وأما اختلاط المياه فهو خاص بالزنى ، بينما المرأة المتمتع بها تعتد وعدتها حيضتان والطفل يعود إلى أبويه من دون فرق بينه وبين سائر الأولاد .

4 - الهدف الأساسي من الزنى هو الإيلاج وسفح الماء ، ولكن في المتعة يجوز للصغار التمتع بوكالة من الأولياء كالدائم ، وكذلك يجوز لها أن تشترط ترك الجماع ( هذا الشرط باطل في الدائم ) وكذلك لا يجوز التمتع بالمرأة المتزوجة والمعتدة في عدة الغير ( كالدائم ) اذن أين سفح الماء في هذه الموارد ؟
فان قيل : إن الاستمتاع مثل الزنى من حيث قصد سفح الماء والتلذذ ، والنكاح ‹ صفحة 228 › الدائم يقصد منه التوالد وتشكيل العائلة . يقال : فعلى هذا الأساس لا يجوز الجماع الا لطلب الولد وبشرط عدم الاستلذاذ ، وكذلك لا يجوز الزواج بقصد الاستمتاع وسفح الماء ، وكذلك لا يجوز زواج الصبي والصبية والسقيم ، والمباشرة مع الزوجة طيلة مدة الحمل و . . . وإلا لزم ان يكون الدائم كالزنا ! هذا الكلام باطل .
فكما لا منافاة وطلب الولد فكذلك لا منافاة بين قصد سفح الماء والتلذذ بالدائم .
ريما يقال : إن علم بحمل المرأة بعد انتهاء الأجل فماذا تفعل المرأة حينئذ ؟
فيقال : إن هذا ممكن في النكاح الدائم أيضا ولا فرق . يرى بعض أهل السنة أن الرخصة في المتعة مرة أو مرتين يقرب من التدريج في منع الزنى منعا باتا كما وقع في تحريم الخمر ، وكلتا الفاحشتين كانتا فاشيتين في الجاهلية ، ولكن فشو الزنى كان في الإماء دون الحرائر ( اي منع النبي ( صلى الله عليه وآله ) اقسام الزنى ( غير المتعة ) وأبقى زنى المتعة فرخص فيه ثم منع ثم رخص ثم نهي عنها وحرمها إلى الأبد ) .

يقول العلامة الطباطبائي ( قدس سره ) في الرد على هذا الرأي : ولعمري أنه من فضيح اللعب بالتشريعات الدينية الطاهرة التي لم يرد الله بها إلا تطهير الأمة واتمام النعمة عليهم .
ففيه :

أولا : ما أصر عليه هذا القائل ليس إلا نسبة نسخ الآيات إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالترخيص ثم نسخ هذا النسخ وإحكام الآيات ثم نسخ الآيات إحكامها وهكذا ، وهل هذا الا نسبة اللعب بكتاب الله تعالى ؟

ثانيا : إن الآيات الناهية عن الزنا مكية مثل : " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا " ( 1 ) ، وقوله تعالى : " ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن " ( 2 ) ‹ صفحة 229 › كلمة الفواحش جمع محلى باللام واقعة في سياق النهى مفيدة لاستغراق النهي لكل فاحشة وزنى . وقوله تعالى : " قل إن ربي حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن " ( 1 ) .
وقوله الله : " والذين هم لفروجهم حافظون ( 2 ) " والآيات تحرم المتعة كما تحرم سائر أقسام الزنى كما يقول ، فأين ما ذكره من التدرج في التحريم والمنع ؟ .
أو انه يقول - كما هو اللازم الصريح لقوله ، بدلالة آيات المؤمنون على الحرمة - إن الله تعالى حرمها تحريما باتا ، ثم النبي ( صلى الله عليه وآله ) تدرج في المنع عملا بالرخصة بعد الرخصة مداهنة لمصلحة الايقاع موقع القبول ، وقد شدد الله على نبية ( صلى الله عليه وآله ) في هذه الخلة بعينها ، قال تعالى : "
وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ، ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا " ( 3 ) .

ثالثا : إن هذا الترخيص المنسوب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) مره بعد مره إن كان ترخيصا من غير تشريع للحل ولفرض كون المتعة زنى وفاحشة ، كان ذلك مخالفة صريحة منه ( صلى الله عليه وآله ) لربه لو كان من عند نفسه وهو معصوم بعصمة الله تعالى ، ولو كان من عند ربه كان أمرا منه تعالى بالفحشاء " وقد رده تعالى بصريح قوله خطابا لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) : " قل ان الله لا يأمر بالفحشاء " ( 4 ) وإن كان ترخيصا مع تشريع للحل لم يكن زنى وفاحشة فإنها سنة مشروعة محدودة بحدود محكمة ، لا تجامع الطبقات المحرمة كالنكاح الدائم والعدة المانعة عن اختلاط المياه واختلال الأنساب ، ومعها ضرورة حاجة الناس إليها ، فما معنى كونها فاحشة : ؟

وليست الفاحشة الا العمل المنكر الذي ‹ صفحة 230 › يستقبحه المجتمع لخلاعته من الحدود وإخلاله بالمصلحة العامة ومنعه عن القيام بحاجة المجتمع الضرورية في حياتهم . رابعا : أن القول بكون التمتع من أنواع الزنى الدائرة في الجاهلية اختلاف في التاريخ واصطناع لا يرجع إلى مدرك تاريخي ، إذ لا عين منه في كتب التاريخ ولا أثر بل هو سنة مبتكرة اسلامية وتسهيل من الله تعالى على هذه الأمة لإقامة أودهم ، ووقايتهم من انتشار الزنى . وكون الزنى فاشيا في الإماء دون الحرائر مما لا أصل له يركن إليه فان الشواهد التاريخية المختلفة المتفرقة تؤيد خلاف ذلك ، كالأشعار التي قيلت في ذلك ، وقد تقدم في رواية ابن عباس أن أهل الجاهلية لم تكن ترى بالزنى بأسا إذا لم يكن علنيا .

ويدل عليه مسألة الإدعاء والتبني الدائر في الجاهلية فان الإدعاء لم يكن بينهم مجرد تسمية ونسبة ، بل كان ذلك أمرا دائرا بينهم ، يبتغي به أقوياؤهم وتكثير العدة والقوة بالالحاق ، ويستندون فيه إلى زنى ارتكبوه مع الحرائر حتى ذوات الأزواج منهن ، وأما الإماء فهم ولا سيما أقوياؤهم يعيبون الاختلاط بهن والمعاشقة والمغازلة معهن . ( 1 )

ويقول في موضع آخر :
وهذا الكلام المبني على الصفح عما يدل عليه الكتاب والحديث والاجماع والتاريخ ، يتم به تحول الأقوال في هذه المسألة تحولها العجيب :

فقد كانت سنته قائمه في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم نهي عنا في عهد عمر ونفذ النهي عند عامة الناس ، ووجه النهي بانتساخ آية الاستمتاع بآيات أخرى أو بنهي النبي ( صلى الله عليه وآله ) عنها وخالف في ذلك عده من الأصحاب وجم غفير ممن تبعهم من فقهاء الحجاز واليمن وغيرهم حتى مثل ابن جريج من أئمة الحديث وكان يبالغ في التمتع حتى تمتع بسبعين امرأة ، ومثل مالك أحد أئمة الفقه الأربعة ، هذا ، ثم أعرض المتأخرون من أهل التفسير عن دلالة آية الاستمتاع على المتعة وراموا تفسيرها بالنكاح الدائم وذكروا أن المتعة كانت سنة من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ثم نسخت بالحديث ، ثم راموا في هذه الأواخر أنها كانت من أنواع الزنى في الجاهلية رخص فيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ‹ صفحة 231 › رخصة بعد رخصه ثم نهى عنها نهيا مؤبدا إلى يوم القيامة ثم ذكر هذا القائل الأخير أنها زنى جاهلي محض لا خبر عنها في الاسلام قط الا ما وقع في كتب الشيعة ، والله أعلم بما يصير إليه حال المسألة في مستقبل الزمان ( 1 )

الفهارس

‹ هامش ص 228 ›
( 1 ) الاسراء : 32 ( 2 ) الانعام : 151

‹ هامش ص 229 ›
( 1 ) الاعراب : 33 ( 2 ) المؤمنون : 7 والمعارج : 3 ( 3 ) الاسراء : 75 ( 4 ) الأعراف : 28

‹ هامش ص 230 › ( 1 ) الميزان ج 4 / 308




رد مع اقتباس