عرض مشاركة واحدة
قديم 07-22-2010, 05:58 AM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي آخر المناقشة الثانية




ملاحظة :
لا يوجد عندنا دليل واحد على أن كل ما فعله النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يكن تبليغا بدليل قوله تعالى :
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " ( 2 ) ودلائل أخرى .

والحال ان أكثر علماء السنة يقولون بعصمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) في تبليغ الدعوة ، وتشريع ‹ صفحة 208 › المتعتين جزء من هذا التبليغ بلا شك ، ولكن القوشجي الذي الف كتاب " شرح تجريد الإعتقاد " للرد على الشيخ الطوسي ( قدس سره ) وحاول أن يدحض كلما جاء به الشيخ لئلا يعزى إليه العجز والتواني في الحجاج ، ثم أتى بكل ما دب ودرج سواء كان حجة له أو وبالا عليه ، ينفي كل قيمة لمقام النبوة والوحي الإلهي ، وينزل مستوى النص المنزل على الرسول ( صلى الله عليه وآله ) إلى أقل منزلة من كلام عمر والذي نسخ باجتهاده ذلك النص ( والمنسوخ أقل رتبة من الناسخ لأن المنسوخ يزول حكمه لقصر عمره ولكن الناسخ يبقى حكمه دائما والى الأبد ) وبهذا رفع القوسچي وروزبهان وغيرهما رتبة كلام عمر إلى رتبة أعلى من كلام الله ورسوله ، لأن اجتهاده نسخ اجتهادهما ! . وعلى هذا الرأي يصبح عمر هو المشرع الأول لهؤلاء ( 1 ) ! .

ونحن نعلم أن السائغ من المخالفة الاجتهادية هو : إذا ما قابل المجتهد مجتهدا مثله ، وكذلك فان كلام المجتهد المستند إلى الكتاب والسنة حجة له ولمقلديه .

ولكن القوشچي وروزبهان ومن شابههما يعتبرون الباري عز شأنه ورسوله الكريم مجتهدين في مقابل المجتهد عمر ! كما لا داعي لهذا المجتهد الأخير أن يستند في رأيه بالكتاب والسنة ويسري مفعوله على كل المسلمين مر العصور ! ( استغفر الله ) .

رابعا : ما ذكره الفضل بن روزبهان ردا على العلامة من أن الحج ينعقد بثلاثة طرق . . . توجيه غير موجه ، لأنه إن كان كذلك فما معنى غضب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من عدم تنفيذ بعض الصحابة القرشيين لأمره في متعة الحج ؟
هل كان ذلك لأمر مباح ؟

خامسا : قول الفضل بن روزبهان :
فكان لعمر أن . . . وينهى عن المتعة لمصلحة رآها ، غير مقبول من وجوه : ‹ صفحة 209 ›

1 - لا بد من توجيه هذه العلة وذكر المصلحة للناس ليسهل القبول والتطبيق لهم .

2 - أية مصلحة يقتضي نهيه عن أداء عمرة التمتع في أشهر الحج ليعاقب الخليفة فاعليها من المسلمين . فان قلت : لأن أهل مكة ليس لهم ضرع ولا زرع ، قلت : ألم يكن الله عالما بالوضع المعيشي لأهل مكة ليفرض على الناس زيارة البيت الحرام مرتين أو ثلاث أو . . . في السنة ؟

وهل السبب الأول في تشريع الحج هو إغناء أهل مكة ؟
حتى يكون العامل الاقتصادي سببا لتشريع جديد ؟
ولماذا تختص مكة بهذه الميزة دون غيرها ؟ .

ربما يقال : ان العامل الإنساني هو الذي دفع الخليفة إلى هذا التشريع .

قلنا : إن كان كذلك ، فان استغنى أهل مكة نتيجة هذا التشريع ، ثم افتقر أهل مدينة أخرى ، فهل يأمر الخليفة بنقل الكعبة إلى تلك المدينة ؟ أو يمنع الناس من زيارة البيت الحرام بمكة حتى يعتدل الوضع المعيشي لأهلها ؟

3 - أية مصلحة تترتب للمسلمين إذا ذهبوا إلى عرفة شعثا غبرا منتنة أجسامهم ؟ وما يضر الخليفة إذا كانت " شعورهم مرجله و . . . . ؟ وما يضره لو دخل المسلم بزوجته محلا بعده العمرة ؟ وما المانع إذا عرس المسلم بزوجته في الأراك وقبل الإحرام للحج ؟ .

4 - أية مصلحة تترتب على نهي المسلم المسافر بإجراء عقد النكاح المنقطع ؟ أفيستخصي هؤلاء ( كما في رواية عبد الله بن مسعود ) لإرضاء الخليفة أو يزنون ليريحوا ضميره ؟ وليت شعري أية مصلحة علم بها عمر ولم يعلم بها الله ورسوله ؟

5 - لقد ظهر مما سبق ذكره أن الخليفة عمر حرم متعة النساء لأن واحدا من الصحابة جحد ولده وآخر لم يشهد عدلين . ‹ صفحة 210 ›

وهنا يرد سؤال :
لو أن إنسانا أساء استعمال حكم من الأحكام أو قانون من القوانين ، هل المصلحة تقتضي نسخ ذلك الحكم ؟ إذن فلتنسخ القوانين والأحكام مثل الزواج والطلاق والصلاة و . . . وهذا مما لا يمكن الذهاب إليه ولا المساعدة عليه أو الإلتزام به من اي مشرع ومقنن على الإطلاق ، فإذن لا توجد مصلحة لتحريم المتعتين والله ورسوله أعلم بالمصالح .
ربما يقال : ان الخليفة عمر حرم المتعتين لمصلحة رآها بنفسه فقط اي تصور أن في النهي مصلحة وهو خليفة المسلمين .

قلنا :

الف - إن الإمام هو الناقل والمطبق لحكم الله المنزل على رسوله وليس مشرعا .

ب - ليس للخليفة أن يشخص المصلحة بوحده ( لأنه غير مستظهر بعلم الغيب ) وكان يلزم له أن يستشير كبار الصحابة ( وهو لم يتم قطعا بدليل مخالفتهم إياه ) ثم يعطي رأيه بالنهاية .

ج - فان علم أن رأيه مخالف لمصلحة المسلمين فيجب ان يعلف عن تراجعه عنه .

د - لقد ظهر مما سبق : أن الخليفة قد حرم المتعتين خلافا لأمر الله والرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأن الصحابة كانوا يعملون بهما ، كما اعترض بعضهم على نهيه ، وان تحريم عمر لهما لم يكن فيه أية مصلحة للأمة ، وانه لم يسمع عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حكما لم يسمعه غيره ، وهو واحد من الصحابة لا يمتاز عنهم بشئ ، ولم يبق لنا إلا أن نقول إن كلمة خرجت من فم الخليفة وبقي مصرا عليها ، أو رأيا ارتآه فاستبد له أو أثرت عليه وشيجة رحم لقريش التي أسلمت كرها قبل سنين عديدة خوفا من سيوف بني عبد المطلب وصحابة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( وقد انتقم منهم بعد ذلك في قتل أولاد النبي وسبي ‹ صفحة 211 › ذراريه والمذبحة التي قام بها يزيد في واقعة الحرة في المدينة وقتل أكثر من 700 نفر من وجوه المهاجرين والأنصار وحملة القرآن ( 1 ) وأحرقت وهدمت الكعبة التي أصبحت قبلة للمسلمين مرة ( 2 ) في زمن يزيد وأخرى في زمن عبد الملك بن مروان .

سادسا : ما احتمله ابن روزبهان من أن عمر سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شيئا في المتعة فعمل بما سمعه بنفسه ، غير وارد ، لأن الروايات التي وردت في متعتي الحج والنساء بلغت حد التواتر .

وهنا أسئلة تفرض نفسها :

إذا فصل الله ما حرم على الناس " وقد فصل لكم ما حرم عليكم " ( 3 ) فلماذا لم يخبر رسول الله هذا التحريم بقية الصحابة ؟
وهل اختص عمر بابلاغ هذا التحريم دون غيره في النصف الثاني من حكومته ( تحريم متعة النساء ) ولماذا لم يخبر عمر أحدا من الصحابة قبل ذلك الوقت ؟ فمعنى هذا الكلام هو : ان الرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أحب أو رضي أن يرتكب المسلمون الحرام من بعد وفاته وحتى أخريات عهد عمر ! ( نعود بالله ) . نعم : الغريق يتشبث بكل حشيش ، وليت الحشيش الذي تشبث به القوشجي وابن روزبهان والرازي يقاوم لحظة واحدة .

قال تعالى : " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون " ( 4 ) وقال تعالى : " إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ‹ صفحة 212 › وأولئك هم الكاذبون " ( 1 ) .

هذه هي حجة ابن روزبهان الواهية التي أصبحت وبالا عليه . والأوهن منها قول الرازي في تفسيره في الرد على أدلة الشيعة : وقولهم ( اي الشيعة ) :
إن الناسخ إما أن يكون متواترا أو آحادا ، قلنا ( اي الرازي ) : لعل بعضهم ( اي الصحابة ) سمعه ثم نسيه ، وما أدحضها من حجة .

12 - من الإشكالات الواردة على كلامالخليفة عمر قوله : والله إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . ( راجع ص 163 ) . وقوله : وقد علمت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعله وأصحابه ، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين في الآراك . . . ( راجع ص 162 ) . وقوله : ان الله ورسوله قد أحلا لكم متعتين وأنا أحرمهما عليكم وأعاقب عليهما ( راجع ص 154 ) .

وقوله : ثلاث كن على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنا محرمهن ومعاقب عليهن متعة الحج ومتعة النساء وحي على خير العمل ( راجع ص 155 ) .

أقول : القائل لهذا الكلام بغض النظر عن قائله فإنه كافر قطعا بحكم القرآن والسنة وكافة علماء المسلمين إلا اللهم إذا قطعنا بعدم صحة هذه الروايات .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 207 ›
( 1 ) سورة الأحزاب : 36 . ( 2 ) سورة الأحزاب : 21 .

‹ هامش ص 208 ›
( 1 ) راجع ص 200 وقول عمر : كل الناس أفقه من عمر .

‹ هامش ص 211 ›
( 1 ) تاريخ ابن كثير 8 / 22 و 6 / 234 . ( 2 ) مروج الذهب 3 / 71 وتاريخ اليعقوبي 2 / 251 وتاريخ الخميس 2 / 303 . ( 3 ) الأنعام : 119 . ( 4 ) النحل : 116 .

‹ هامش ص 212 ›
( 1 ) النمل : 105 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


 

رد مع اقتباس