عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2010, 04:58 PM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي وقال العلامة الأميني رحمه الله ( 2 ) ونعم ما قال ( باختصار منا )



وقال العلامة الأميني رحمه الله ( 2 ) ونعم ما قال ( باختصار منا )

: إن الغاية المتوخاة للشيعة من اتخاذ تربة كربلاء مسجدا للشيعة ، إنما تستند إلى أصلين قويمين وتتوقف على أمرين قيمين : أولهما : استحسان اتخاذ المصلي لنفسه تربة طاهرة طيبة يتيقن بطهارتها من أي أرض أخذت ومن أي صقع من أرجاء العالم كانت ، وهي كلها في ذلك شرع سواء لا امتياز لإحداها على الأخرى في جواز السجود عليها ، وإن هو إلا كرعاية المصلي طهارة جسده وملبسه ومصلاه ، فيتخذ المسلم لنفسه صعيدا طيبا يسجد عليه في حله وترحاله وفي حضره وسفره ، إذ الثقة بطهارة كل أرض يحل بها ويتخذها مصلى لا يتأتى له في كل موضع من المدن والرساتيق والفنادق والخانات وباحات النزل والساحات ومحال المسافرين ومنازل الغرباء .
فأي مانع من أن يحتاط المسلم في دينه ويتخذ معه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها يسجد عليها لدى صلاته ، حذرا من السجدة على النجاسة والأوساخ التي لا يتقرب بها إلى الله قط ، ولا تجوز السنة السجود عليها بعد ذلك التأكيد التام البالغ على طهارة أعضاء المصلي ولباسه والنهي عن الصلاة في المزبلة والمجزرة ‹ صفحة 127 › والمقبرة وقارعة الطريق والحمام ومعاطن الإبل ، والأمر بتطهير المساجد وتطييبها وكان هذه النظرة كانت متخذة لدى رجال الورع من فقهاء السلف وأخذا بهذه الحيطة كان التابعي الفقيه الكبير مسروق بن الأجدع يأخذ معه لبنة يسجد عليها كما مر ، والذي ربما يقال بأن مسروقا من الصحابة كما في الإصابة .
هذا هو الأصل الأول لدى الشيعة وله سابقة قدم منذ يوم الصحابة الأولين وأما الأصل الثاني ، فإن قاعدة الاعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي بعضها على بعض ، إذ بالإضافات والنسب تصير للأراضي والأماكن ، البقاع خاصة ومزية .
ألا ترى أن الأماكن والساحات المضافة إلى الحكومات ، وبالأخص ما ينسب منها إلى البلاط الملكي ، لها شأن خاص ؟ فكذلك الأمر بالنسبة إلى الأراضي والأبنية والديار المنسوبة إلى الله تعالى فإن لها شؤونا خاصة وأحكاما ولوازم وروابط لا مناص منها ، ولا بد لمن أسلم وجهه لله من أن يراعيها ويراقبها ، ولا مندوحة لمن عاش تحت راية التوحيد والاسلام من القيام بواجبها . فبهذا الاعتبار المتسالم عليه اعتبر للكعبة حكمها ، ولحرم حكمه ، وللمسجدين الشريفين جامع مكة والمدينة حكمهما ، وللمساجد العامة والمعابد في الحرمة والكرامة والتطهير والتنجيس ومنع دخول الجنب والحائض والنفساء عليها والنهي عن بيعها .
فاتخاذ مكة المكرمة حرما آمنا وتوجيه الخلق إليها وحجهم لها وإيجاب كل تلكم النسك فيها ، وكذلك عد المدينة المنورة حرما إلهيا محترما . فالحكومة العالمية العامة القوية إنما هي حكومة ( ياء النسبة " ) ، ‹ صفحة 128 › وهي التي جعلت رسول الله ( ص ) يقبل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو ميت ودموعه تسيل على خديه كما جاء عن السيدة عائشة ( 1 ) .
وهي التي دعت النبي ( ص ) إلى أن يبكي على ولده الحسين السبط ويقيم كل تلكم المآتم ويأخذ تربة كربلاء ويشمها ويقبلها ( 2 ) ، وهي التي جعلت السيدة أم المؤمنين تصر تربة كربلاء في ثيابها ، وهي التي سوغت للصديقة فاطمة أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهرة وتشمها ، وهي التي حكمت على بني ضبة يوم الجمل أن يجمعوا بعر جمل عائشة أم المؤمنين ويفتونه ويشمونه ( ذكره الطبري ) . وهي التي جعلت عليا أمير المؤمنين ( ع ) يأخذ قبضة من تربة كربلاء لما حل بها فشمها وبكى حتى بل الأرض بدموعه ( 3 ) ، وهي التي جعلت رجل بني أسد يشم تربة الحسين ويبكي ( 4 ) . ‹ صفحة 129 › . . .

فبعد هذا البيان الصافي ، يتضح لدى الباحث النابه الحر سر فضيلة كربلاء المقدسة ومبلع انتسابها إلى الله سبحانه وتعالى ومدى حرمتها وحرمة صاحبها دنوا واقترابا من العلي الأعلى ، فما ظنك بحرمة تربة هي مثوى قتيل الله وقائد جنده الأكبر المتفاني دونه ، هي مثوى حبيبه وابن حبيبه والداعي إليه والدال عليه والناهض له والباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفيسه ، والواضع دم مهجته في كفه تجاه إعلاء كلمته ونشر توحيده وتحكيم معالمه وتوطيد طريقه وسبيله .


لماذا لا يباهي به الله وكيف لا يتحفظ على دمه لديه ، ولا يدع قطرة منه أن تنزل إلى الأرض لما رفعه الحسين بيديه إلى السماء ؟ ( راجع تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 338 ، والحافظ الكنجي في الكفاية ص 284 ) .
ولماذا لا يبعث الله رسله من الملائكة المقربين إلى نبيه ( ص ) بتربة كربلاء ؟ ولماذا لا يشمها رسول الله ( ص ) ويقبلها ؟ ولماذا لا يذكرها طيلة حياته ؟
ولماذا لا يتخذها بلسما في بيته ؟
فهلم معي أيها المسلم الصحيح أفليست السجدة على تربة هذا شأنها لدى التقرب إلى الله في أوقات الصلاة أولى وأحرى من غيرها . . . ؟
أليس أجدر بالتقرب إلى الله وأقرب بالزلفى لديه وأنسب بالخضوع والخشوع والعبودية له تعالى أمام حضرته ، وضع صفحة الوجه والجباه على تربة في طيها دروس الدفاع عن الله ومظاهر قدسه ومجلى المحاماة عن ناموسه ناموس الإسلام المقدس ؟
أليس أليق بأسرار السجود على الأرض السجود على تربة فيها ‹ صفحة 130 › سر المنعة والعظمة والكبرياء لله جل جلاله ورموز العبودية والتصاغر بأجلى مظاهرها وسماتها ؟
أليس أحق بالسجود تربة فيها بينات التوحيد والتفاني دونه ؟ أليس الأمثل اتخاذ المسجد من تربة تفجرت عليها عيون دماء اصطبغت بصبغة حب الله وصيغت على سنة الله وولائه المحض ا لخالص ؟
من تربة عجنت بدم من طفره الجليل وجعل حبه أجر الرسالة . . . ؟ فعلى هذين الأصلين نتخذ نحن من تربة كربلاء قطعا وأقراصا نسجد عليها . . . . .
وليس اتخاذ تربة كربلاء مسجدا لدى الشيعة من الفرض المحتم ولا من واجب الشرع والدين . . . خلاف ما يذهب الجهال بآرائهم وبهم . . . ( انتهى كلامه ملخصا طيب الله رمسه ) ( 1 ) .

وبعد . . . فلقد اتضح بما ذكرنا من الأحاديث كون السجود على التربة الزكية مندوبا إليه في سنة رسول الله ( ص ) لما تقدم من أن أئمة أهل البيت ( ع ) كل ما يفتون ويحكمون به ، فإنما هو رواية عن آبائهم عليهم السلام عن الرسول ( ص ) فكل ما أفتى به جعفر بن محمد الصادق ( ع ) مثلا ، فهو يرويه عن أبيه أبي جعفر محمد ‹ صفحة 131 › بن علي ، وهو عن أبيه علي بن الحسين وهو عن أبيه الحسين بن علي ، وهو عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وقد صرحوا بذلك بل قالوا إنا لا نقول شيئا برأينا من عند أنفسنا وكل ما نقول مكتوب عندنا بخط علي أمير المؤمنين ( ع ) وإملاء رسول الله ( ص ) .
أضف إلى ذلك أن أئمة أهل البيت عليهم السلام هم المرجع الوحيد العلمي للأمة الإسلامية .

وإذا أردت الوقوف على ذلك فعليك بكتاب المراجعات للسيد شرف الدين رضوان الله عليه وكتب الفضائل ككتاب ينابيع المودة والفصول المهمة وكفاية الطالب ونور الأبصار وغيرها ( 1 )

الهوامش

‹ هامش ص 128 ›
( 1 ) راجع الإصابة ج 2 ص 464 ، والوفاء لابن الجوزي ج 2 ص 541 ، وأسد الغابة ج 3 ص 386 ، والاستيعاب ج 1 ص 85 هامش الإصابة ، وصفة الصفوة ج 1 ص 450 ، والمصنف لعبد الرزاق ج 3 ص 596 ، والطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 288 ق 1 ، والرصف ص 409 ، وابن ماجة الرقم 1456 ، وسنن الترمذي الرقم 989 ، وسنن أبي داود ج 3 ص 201 ، ومسند أحمد ج 6 ص 43 / 55 / 206 ، ومنحة المعبود ج 1 ص 157 ، والمستدرك ج 1 ص 361 . ( 2 ) سيرتنا 29 - 119 . ( 3 ) يأتي فيما بعد فانتظر . ( 4 ) سيرتنا ص 139 عن تاريخ ابن عساكر ج 4 ص 342 ، والكفاية للكنجي ص 293 .


‹ هامش ص 130 ›
( 1 ) لقد أطلنا في نقل كلام العلمين المحققين لما في كلاميهما من اللطائف والتحقيق والتنقيب والتدقيق فجزاهما الله عن النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام خيرا .

‹ هامش ص 131 ›
( 1 ) ولنا في ذلك بحث طويل سيوافي القارئ إن شاء الله تعالى في مقدمة كتاب مكاتيب ا لرسول .



 

رد مع اقتباس