عرض مشاركة واحدة
قديم 07-11-2016, 09:49 AM   #48
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 3.12



يترعرع حب الشهوات في حضن حب الراحة


قبل أن يغترّ الإنسان بالشهوات، يبتلى بحب الراحة والأولى أن تمنع الإنسان عن حب الراحة قبل أن تمنعه من اللهو بالشهوات. إن اللهو بالشهوات ولا سيما الشهوات الجنسية هي أشبه شيء بحركة السيارة بسرعة عالية في منعطف خطر جدا، فإذا وصلت السيارة إلى المنعطف لا فائدة للتنبيه بعد، ولا داعي لأمر السائق بتخفيض السرعة. لابد أن يكون التنبيه قبل الوصول إلى هذا المنعطف الخطر. وهكذا في موضوعنا فيفترض أن تنصح الشابّ وتنبهه عندما تظهر على سلوكه بوادر علائم حب الراحة لتقف أمام حركته نحو فساده وهلاكه، وذلك لأن حبّ الشهوات ينمو في حضن حب الراحة.
تسلق الجبال مفيد لمكافحة حب الراحة/ ما الفرق بين تسلق الجبال وكرة القدم


إن استفحلت نزعة حب الراحة في وجود الإنسان يبتعد عن إنسانيته كثيرا، فلا تسمحوا لأولادكم أن يتربّوا على حبّ الراحة ولا تعودوهم على الراحة والابتعاد عن التعب والنصب.

أحد النشاطات المؤثرة في مكافحة حب الراحة لدى الشباب هو تسلق الجبال الجماعي وإن تأثيره أكثر من لعب كرة القدم فلا تخدع نفسك بكرة القدم بدلا من تسلق الجبال، لأنك في كرة القدم تركض وتسعى وأنت متحمس للتهديف، بيد أن تسلق الجبال خال من هذا الحماس والتنافس، فالعناء فيه أوقع في قلبك وأقوى تأثيرا. كما إذا ذهبت إلى تسلق الجبال مع أصدقائك لا تقدر على الاستراحة والتوقف متى ما شئت لئلا تتأخر عنهم. ثم سوف تعرف قدر وقتك في التسلق الجماعي، لأنك إن تأخّرت عن جماعتك بقدر ما تفتح قيطان حذائك وتشدّه، قد لا تستطيع أن تجبر هذا التأخّر إلى آخر الرحلة. أما في المدينة فلا يعرف الإنسان قدر كثير ما يضيّعه من وقته تلبية لحبّ الراحة. إن تسلّق الجبال يزيدك تمتعا بالنعم الإلهية ويحفظ صحتك. فمن تعوّد على أن يجلس على القنفة الفخمة دائما، يشعر بالوجع وعدم الارتياح بأقل تغيير في جلسته، أما الذي يتسلق الجبال وعوّد نفسه على تحمل الصعاب، فإنه يلتذ ويشعر بالراحة حتى إن جلس على الصخرة الصمّاء ويعيش حياة صحيّة.


لا تقوم التقوى على أركان حب الراحة


إن لم نحذر من حب الراحة، تؤثر على نظرتنا العامة تجاه الحياة. فابدأوا، أيها الشباب من أنفسكم واقلعوا جذور حب الراحة من قلوبكم قبل أن تفرض عليكم الحياة ذلك. ولابدّ للآباء أن يبدأوا مع أولادهم بترك الراحة بعد إنهاء السنة السابعة من عمرهم، فأقيموا احتفالا لهم قبل احتفال التكليف وسمّوه باحتفال الأدب. طبعا لا ينبغي أن تشقّوا عليهم وتسودوا لهم الحياة من ذلك العمر، ولكن لابدّ أن تبدأوا معهم شيئا فشيئا وتذيقونهم بعض الصعاب وشيئا من التعب، فعلى سبيل المثال طالبوهم بغسل جواريبهم في بعض الأيام، ثم صعدوا مستوى المطالبات برأفة وحنان. فللأسف قد بلغ بعض الشباب الثماني عشرة من عمرهم ولم يغسلوا شيئا من ملابسهم قط! فلا يُدرى متى يريدون أن يفعّلوا طاقاتهم الإنسانيّة! ويا ترى هل وجود الغسّالات المتطورة دليل على تربية الأولاد على الدلال وعدم التعب؟!
حب النصب مؤشّر لحبّ الله


لماذا يجب علينا أن نتحدث عن العناء والمشقة بشكل صريح، ولماذا يجب أن نأخذ هذه الاستراتيجية بعين الاعتبار وأن نتحرك ونسير على أساس هذه الرؤية؟ إنما نفعل ذلك من أجل أن نصل إلى عشق الله.

أيها الإخوة الأعزاء! بودّي أن ألفت أنظاركم إلى حقيقة عن طريق نقل رواية رائعة لكم. يقول أمير المؤمنين(ع): «الْقَلْبُ‏ الْمُحِبُ‏ لِلَّهِ‏ يُحِبُّ كَثِيراً النَّصَبَ لِلَّهِ وَ الْقَلْبُ اللَّاهِي عَنِ اللَّهِ يُحِبُّ الرَّاحَةَ فَلَا تَظُنَّ يَا ابْنَ آدَمَ أَنَّكَ تُدْرِكُ رِفْعَةَ الْبِرِّ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ فَإِنَّ الْحَقَّ ثَقِيلٌ مُرٌّ وَ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ حُلْو»[مجموعة ورام/ج2/ص87] أنا لا أعرف لماذا يحب العاشق لله أن يتحمل النصب والتعب لربّه، فهل أنتم تعرفون ما العلاقة بين العشق والنصب؟ كم من حجة قد حجّها الإمام السجاد مشيا على الأقدام، مع أن في ذلك الزمان لم يكن فرق كثير بين الذهاب مشيا والذهاب ركوبا على الفرس أو الجمل. هل تعلمون أنّ من أفضل العبادات هو المشي لزيارة بيت الله الحرام وزيارة أبي عبد الله الحسين(ع)؟! لقد روي عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «مَنْ‏ خَرَجَ‏ مِنْ‏ مَنْزِلِهِ‏ يُرِيدُ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ‏ بْنِ عَلِيٍّ ص إِنْ كَانَ مَاشِياً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً وَ مَحَى عَنْهُ سَيِّئَةً حَتَّى إِذَا صَارَ فِي الْحَائِرِ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْمُصْلِحِينَ الْمُنْتَجَبِينَ [الْمُفْلِحينَ الْمُنْجِحِينَ‏] حَتَّى إِذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ كَتَبَهُ اللَّهُ مِنَ الْفَائِزِينَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ الِانْصِرَافَ أَتَاهُ مَلَكٌ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص يُقْرِؤُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى»[کامل الزيارات/ص132]

لماذا هذا الثواب ولماذا هذا التأكيد على المشي وتحمّل العناء في سبيل الزيارة؟ سمعت أحد المساكين كان يستهزئ بالمشي ويقول: أفهل نترك السيارات بعد ذلك ونرجع إلى القرون الماضية؟ كأنّ الإمام عندما تحدّث عن ثواب المشي في ذلك الزمان، أراد أن يحرّم الخيل والجمال!

أنا لا أعرف علاقة النصب ومحبة الله جيدا، ولكن يبدو من خلال هذه القرائن أن الإنسان المحبّ للراحة لا يبلغ محبة الله، أليس كذلك؟ لا أدري لماذا أصبحت علامة محبّة الله هو حب النصب له. فهل هذا راجع إلى تركيبة الحبّ؟ فما حقيقة الحبّ حتى صار النصب علامة له؟ وما الفرق بين محبة الله وباقي أنواع الحبّ حتى أصبح يعرف بحب النصب والتعب من دون باقي أنواع الحبّ؟

كلما ازداد الإنسان حبّا وعشقا لله، يزداد حبّا للعناء والنصب من أجله، فهو لا يطيق أن يبقى مرتاحا بلا تعب. إذا وفقك الله وزرت إمام العصر(عج) في فسطاطه، فإذا لم يعطك الإمام أي عمل ومسؤولية، بل يوزع المهامّ الصعبة والمتعبة على باقي أصحابه، ماذا تفعل؟! لعلك تخاطب الإمام وتقول له سيدي! مرني بشيء، فتصوّر أن الإمام يمتنع عن إعطاء مهمة لك ويقول: استرح ولا تتعب نفسك! ماذا يحلّ بك إن عاملك الإمام بهذا الأسلوب؟ من المؤكد أنك سوف تكاد أن تموت ألما وحسرة بعد ما ترى أن الإمام لم يعبأ بك ولم ينظر إليك. أما إذا حمّلك أنواع المهامّ والمسؤوليات وشقّ عليك بأنواع المسؤوليات الصعبة والمتعبة تشعر بوجود علاقة الحب بينك وبين الإمام.

إن العناء وحبّ النصب مؤشّر العشق. فإن حذفت استراتيجية المعاناة لم يبق لك حبّ الله ولا حبّ أولياء الله. ولعلّه لهذا السبب تجد أن الله قد جعل برنامج أنس العبد مع ربّه المتمثل بصلاة الليل في جوف الليل! لماذا جعل وقت صلاة الليل في ذلك الوقت؟ مع أنه لو كان قد جعل وقته في وسط النهار، لما تركنا هذه الصلاة ولازداد المصلون حتى أننا قد نبكي ونصليها بحضور أكثر ونشاط أكثر، أما في ذلك الوقت يستيقظ الإنسان وهو يتأرجح يمينا وشمالا من شدة النعس، ثم لا يفهم من صلاته شيء.

فإذا سألتم ربّكم أن لماذا جعلت موعدك مع عشاقك في ذلك الوقت، يقول: إنني أردت أن ألطف بعشاقي، إذ أنهم يودّون النصب من أجلي، ومن جانب لا يحبّون تعب المرتاضين، بل يريدون أن يتحملوا عناء أنا أشرت عليهم به، وإلا فلا يتهنأون بهذا العناء. فتفضلت على عبادي وأمرتهم بالصلاة في السحر، فبهذا الأمر لبيت رغبتهم في تحمل التعب والنصب من أجلي.

رضوان الله تعالى على إمامنا الخميني، إذ كان قد عوّد نفسه على القيام في الليل عدّة مرات، فلم يصلّ صلاة الليل في دفعة واحدة، بل كان يقسمها في طول الليل، طلبا لمزيد من العناء والنصب في حبّ الله. فيا ترى أيّ عناء يودّ المحبّ أن يتحمله من أجل معشوقه؟!

طبعا أنتم أعرف مني بأن العناء لابدّ أن يكون ضمن برنامج وأصول وهو الإسلام. كما أن الله لا يأمر عبده بعناء إلا ويصحب هذا التعب والعناء بلذة عالية جدّا.
صلى الله عليك يا أبا عبد الله


بإمكانكم أن تعرفوا مدى عشق شهداء كربلاء من خلال جراحات أجسادهم. فاذهبوا إلى كربلاء وانظروا أيّهم قد قُطّعوا إربا إربا؟ لقد قطّع أعداء الحسين(ع) رجلين من الشهداء إربا إربا؛ الأول علي الأكبر، والثاني أبو الفضل العباس. لماذا علي الأكبر؟ لأنه كان أشبه الناس برسول الله(ص) فأثار أحقادهم الكامنة. والأهم من ذلك هو أن كان اسمه عليّا، وكانوا قد أشربوا غضبا لأمير المؤمنين(ع)، فانهالوا عليه وما أبقوا له جسدا.

والثاني هو جسد قمر بني هاشم أبي الفضل العباس(ع)، وفي الواقع إنهم قد مثّلوا بجسمه، وهجموا عليه بكل ما لديهم. فما إن سقط العباس على الأرض ظهرت شجاعة القوم، فلما رأوه قطيع اليدين هجموا عليه بأعمدتهم.

بودي هذه الليلة أن أنقل لكم موقفا من مواقف العباس التي لم تسمعوها كثيرا. عندما أراد العباس وإخوته أن يستأذنوا للميدان، قال لهم العباس وكانوا أصغر منه سنّا: «تقدّموا لأحتسبكم عند الله تعالى». إنّ هذا الموقف مجهول وقليل ممن يعرف عظمته. إن أولياء الله كمّل في جميع مشاعرهم وهم أشدّ الناس حظا من المشاعر والعواطف تجاه الإخوة والأحبّة، وأما حبّهم لإخوتهم من أمهم وأبيهم فمما لا يوصف، وهو أمر خاصّ بهم لا تدركه عقولنا. فأراد العباس بهذا الموقف أن يكون أكثر إخوته حظا من بلاء فقد الإخوة والأعزة. ولا أدري فلعلّه أراد بهذا الموقف أن يواسي الحسين(ع) عندما يسقط هو على الأرض ويأتيه الحسين(ع)، ويا لها من لوعة على قلب الحسين(ع). ولهذا لمّا جاء الحسين(ع) إلى أخيه العبّاس(ع) أعلن عن إفلاسه. فكأني به قال: أخي عباس! مهما قتل الأعداء من أولادي وأصحابي لم أنكسر، أما الآن فقد انكسر ظهري وقلت حيلتي.

ألا لعنة الله على القوم الظالمين





 
 توقيع : الرحيق المختوم



رد مع اقتباس