03-15-2016, 03:47 PM
|
#29
|
موالي فعال
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1154
|
تاريخ التسجيل : Jan 2015
|
أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
|
المشاركات :
406 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 1.7
إليك ملخص الجلسة السابعة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.
إن كثيرا مما يصعب عليهم الدين، لم يقتنعوا بالدين عن عمق
أحيانا لا ينبغي أن نكتفي باقتناعنا ولا سيما إن كانت القناعة سطحية. فلابدّ أن نبني كياننا الفكري من جديد، إذ قد تكون ثغرات في هذا النظام ولعلّنا قد اقتنعنا ببعض العقائد عبر أدلة غير كافية وغير صحيحة، وقد يكون هناك خلل في مقدمات عقائدنا وقد خفي عن أنظارنا، أو لعلّنا رتبنا مقدمات عقائدنا واقتنعنا بها بغير دقّة. فإن لم يطو الإنسان مراحل اقتناعه واعتقاده بالدين بشكل دقيق ومحكم، سيواجه مشكلة في محلّ ما.
وقد تظهر هذه المشكلة في الاستخفاف بالصلاة وفي التساهل في السير والسلوك إلى الله وفي التقصير في الإطاعة وغيرها. إنّ هؤلاء الذين يزعمون أنّهم قد آمنوا بكل شيء واقتنعوا بكلّ شيء ولا مشكلة فيهم سوى أن يصعب عليهم العمل ببعض أجزاء الدين ولا مهجة لهم في بعض الأحيان أو أنهم يفقدون تلك القابليّة العالية للتقوى أو ليس لهم توفيق أولياء الله، فهولاء الذين يتحدثون بمثل هذا الكلام وهكذا ينظرون إلى قصورهم وتقصيرهم في الدين، لا يقولوا بأننا نعتقد بكل شيء ولا يسطّروا محفوظاتهم في العقائد الدينيّة، إذ أنا لا أعتقد بأنهم يعتقدون بكل شيء وليس هناك خلل في عقائدهم وقناعاتهم.
بالتأكيد أنهم مؤمنون ولا أقول أنهم غير مؤمنين! ولكن لي نقاش في اقتناعهم، فإن الكثير من الناس لم يقتنعوا بتعاليم الدين عن عمق. فقد قبلوا بها واعتقدوا بها كالطالب الذي يحترم أستاذه، ولكن بدلا من أن يستدل له الأستاذ على مدّعاه، يرفع له صوته ويؤكد في لحن قوله، فيقتنع الطالب ويرضى بالجواب الضعيف الذي أعطاه أستاذه. فهذا ليس بطريق صائب ولابدّ أن نقتنع عن عمق.
باعتقادي أن كثيرا ممن يصعب عليهم الالتزام بالدين، لم يقتنعوا به عن عمق، بل قد قبلوا ببعض التعاليم وبمجمل الدين بشكل سطحي. فهم لا يستطيعون أن يرفضوا وجود الله سبحانه ولا يقدرون على إنكار نبي الله(ص) وليس بإمكانهم أن يكفروا بيوم القيامة والجنة والنار، فآمنوا بكل هذه العقائد وهم مؤمنون.
ولكن لا تزال أسئلة باقية في أعماق قلوبهم عن بعض الأسباب والغايات والأهداف. إن بعضهم لا يسألون عما يختلج في قلوبهم احتراما لله، فيشعرون بالإساءة إن طرحوا استفسارا عن أصل الدين، ويقولون مع نفسهم: ليس من الأدب أن نسأل هذه الأسئلة، إذ أن الله يعلم الصواب جيدا، ولابد أن هذا الدين لصالحنا ولهذا أوجبه علينا، فمن الأولى أن لا نتدخل في شؤونه ونلتزم بدينه بلا سؤال ونقاش!
إن هذا الكلام كلام صحيح ولكنك لا تستطيع أن تلتزم بالدين بهذا الأسلوب، إذ أحيانا تفرّ من أحكام الله وأحيانا تصعب عليك هذه الأحكام، فليس لك بدّ سوى أن تقتنع بالدين عن عمق. فلا داعي لأن تكتم سؤالك من أجل أن تحترم الله، بل اطرح سؤالك حتى تقتنع بالقضية بكل وجودك.
طبعا أنا أؤمن أنّ بعض الأسئلة غلط من أساسها، وإن بعض الأسئلة إن لم تكن غلط فهي تحكي عن مرض في قلب الإنسان، كما يقول القرآن: (بَلْ يُريدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَه * يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَة)[القيامة/5ـ6]، ولكن السؤال الجيد يشفي قلب الإنسان وينقذه فلا ينبغي أن نتركه. إن السؤال الجيد والنظرة إلى مختلف القضايا من زاوية صحيحة وتحليل القضايا بشكل صحيح، كلها من مقتضيات حياة الإنسان.
إن منطلقنا في هذه الأبحاث هو مشاهدة الواقع في الدنيا وفي حياة الإنسان
من أين انطلقنا في هذه الأبحاث أيها الإخوة؟ إنّنا لم ننطلق من الإيمان. اسمحوا لي أيها الإخوة أن أشرح لكم الأسلوب والمنهج الذي اتخذناه في هذه الأبحاث. نحن لم نبدأ من الإيمان بالله سبحانه في هذه الأبحاث، فمن أين بدأنا؟ بدأنا من دراسة الواقع، فحاولوا أن تشاهدوا الواقع بشكل صحيح. وهذا هو الأسلوب الذي اتخذه أمير المؤمنين(ع) في الكتاب الواحد والثلاثين من نهج البلاغة الذي كتبه إلى ولده الإمام الحسن(ع)، وهذا هو الأسلوب الذي تستطيعون أن تشاهدونه في القرآن بأنحاء مختلفة.
نحن قد انطلقنا من دراسة الواقع، ولا من ذكر الواجبات والمحرمات وأحكام الدين، ولا من الأمور الغيبية التي على رأسها هو غيب الغيوب رب العالمين. فلم نبدأ حديثنا من هذه المواضيع، بل بدأناه بدراسة الواقع. وسوف نصل إن شاء الله إلى الإيمان.
لماذا بدأنا من الواقع؟
لماذا بدأنا من الواقع؟ أريد أن أجعلكم على بصيرة من مسار البحث كما بودّي أن أطلعكم على خلفية هذا الفيلم وهذه السيناريو التي بدأنا بكتابتها معا في هذه الليالي.
إن ما نرمي إليه في هذه الأبحاث هو أن نتعطّش إلى الإيمان بالله قبل أن نصل إليه في بحثنا، ونشعر بالحاجة إلى أحكام الله قبل أن نواجهها، ونريد أن نشعر بالألم والحاجة إلى الطبيب قبل أن يخاطبنا الأنبياء. فإذا جاءني طبيب وسألني عن صحتي وأنا لم أشعر بأي ألم في جسمي، لعلي أستهزء بالطبيب وأجيبه بتكبر واستعلاء إذ لا أشعر بالحاجة إليه، وهذا ما حدث تجاه الأنبياء على مرّ التاريخ (مَا یَأتِیهِم مِن رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُن)[يس/30].
فلابدّ للإنسان أن ينقدح في قلبه السؤال ويشعر بالعطش، فإذا دلّوه على عين الدين الصافية، عند ذلك يعرف قدرها ويلتذّ ويرتوي بها، كما يصبح قلبه عند ذلك عينا جارية بالحكمة والمعارف الحقّة.
أما إن أعطيت الدين من لا يشعر بالعطش والحاجة والفقر. يقول مستنكفا: لماذا يجب علي أن ألتزم بهذه القيود؟! أفهل يمكن أن تجيب مثل هذا الإنسان عن هذا السؤال؟! إن هذا السؤال ليس بلا جواب ويمكن أن يجيب عنه الإنسان ولكن باعتباره لا يصدر من قلب سليم، فحتى لو أعطيته الجواب الصحيح لا ينفعه.
إن الإنسان لجوج لا ينصاع للأوامر والنواهي بسهولة، وليس علاجه سوى أن يدرك الواقع بعمق. فإن قلت له: صلّ، يقل: لماذا يجب أن أصلي! ولعلّه يتفلسف ويقول: هل يحتاج الله إلى صلاتي؟ إلى غيرها من الأسئلة... وكلما تحاول على إقناعه لا تقدر على ذلك. لأنك قد أخطأت في اختيار التكتيك وابتدأت معه بذكر الحكم، فأقفل قلبه عليك ولم يفتحه مهما أعطيته من أدلة وبراهين.
فحاول أن يشعر بألم وحزن، ليأتيك ويقول لك: ماذا أفعل بهذا الألم الذي أشعر به في قلبي؟ عند ذلك قدّم له الصلاة كدواء للداء الذي يشعر به ويعاني منه. فيأخذ الصلاة متلهفا لأنها جاءت دواء لألم شعر به في قلبه وماء صافيا يزيل به عطشه.
إن هذا الأسلوب والمنهج يقول: عرّف الناس في بداية الأمر على واقعهم وواقع حياتهم وعرفهم على مرارة هذا الواقع. فإن شاهدوا هذه المرارة وشعروا بها جيدا يبحثوا عن الحلاوة. وهنا تسنح الفرصة لتحلّي حياتهم بحلاوة الدين. هذا هو الأسلوب المعقول والطبيعي لتبليغ الدين.
أنا لا أقول إن باقي الأساليب غلط ولا ينبغي أن يتخذها أحد، ولكن بودي أن تروا هذا الأسلوب وتقفوا عنده. طبعا إذا أردنا أن نتحدث عن هذا المنهج بشكل عام وندافع عنه ونتحدث عن أبعاده نحتاج إلى عشر محاضرات مستقلة، ليس مجالها الآن.
يتبع إن شاء الله...
|
|
|