عرض مشاركة واحدة
قديم 02-20-2016, 02:23 PM   #27
الرحيق المختوم
موالي فعال


الصورة الرمزية الرحيق المختوم
الرحيق المختوم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1154
 تاريخ التسجيل :  Jan 2015
 أخر زيارة : 06-22-2017 (11:03 AM)
 المشاركات : 406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 4.6



إن إدراك ضرورة المحن والعناء في هذا العالم يسهّل على الإنسان اختيار الدين

لأذكر لكم فائدة أخرى من هذا البحث والتي نستطيع أن نستخرجها الآن. اسمعوا هذه الرواية لتجدوا كم كان الحديث في الليالي السابقة دقيقا وصائبا. لقد شكرني بعض الإخوة في هذه الليالي السابقة، بطريقة وكأنهم لم يسمعوا بهذه المعارف من أحد أبدا. ولكني أريد أن أبيّن لكم أيها الإخوة أن هذا الكلام ليس من ذوقي وفنّي، بل هو ما تصارحنا به روايات أهل البيت(ع). قال الإمام موسى بن جعفر(ع) لهشام: «يَا هِشَامُ إِنَ‏ الْعَاقِلَ‏ نَظَرَ إِلَى‏ الدُّنْيَا وَ إِلَى أَهْلِهَا فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ وَ نَظَرَ إِلَى الْآخِرَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ فَطَلَبَ بِالْمَشَقَّةِ أَبْقَاهُمَا»[الكافي/ج1/ص18]. أفهل يسمح الله لأحد أن تخلو حياته من الصعوبات؟! أرجو أن تدققوا في هذه الحقيقة كثيرا.
إحدى الخيانات التي تمارسها الأفلام الغربية تجاه الناس، هي أن تظهر المجتمع الغربي أكثر سعادة من غيره، لنتصور أن سعادته في هذه الدنيا جاءت من ابتعاده عن الدين. أفهل يمكن أن يسعد الإنسان بالابتعاد عن الدين، وهل يمكن أن تخلو الحياة البعيدة عن الدين عن جهاد النفس والمشاكل والمعاناة؟!
ذات يوم كنت في كندا وكان أحد الأصدقاء يعرّفني على القنوات التلفزيونية في كندا. ففي تلك الأثناء قال لي: إن المجتمع الغربي قد حلّ الكثير من هذه المشاكل والقيود التي تعتقدون بها أنتم في علاقة المرأة والرجل. قلت: كيف يمكن ذلك؟ فهل انتفت كل المشاكل بحرية علاقة الرجل والمرأة؟! قال: نعم بالتأكيد فلم تبق مشكلة في هذا المجال، أنتم قد عقدتم القضية بمجموعة من الأوامر والنواهي، أما هنا فالكل مرتاحون ولا مشكلة بعد في هذا المجال. أثناء ما كان يتكلم بهذا الكلام، رأيت في الفيلم فتاة صفعت وجه شاب. فسألته لماذا صفعت الفتاة وجه هذا الولد؟ أنا سألته عن القصة، وإلا فما رأيته كان فيلما وطال ما كذب الغربيون في أفلامهم وقصصهم وصوروا مجتمعهم في قمة السعادة والجمال. فنظر إلى الفيلم وقال: يبدو أن هذين صديقان، ولكن الفتاة قد رأت صديقها مع فتاة أخرى فصفعت وجهه. فقلت له: أما قلت لي الآن أن مشاكل علاقة الرجل والمرأة محلولة هنا؟! فقال: لا، لم تنحلّ إلى هذا المستوى. فرجع إلى نفسه سائلا لماذا قلتُ أن هذه القضايا محلولة في هذا البلد؟!
كان ينظر بأم عينه المشاكل والخلافات والنزاعات والجرائم في المجتمع الغربي، ولكن مع ذلك يشعر بأن المجتمع قد حلّ الملف الجنسي والعلاقة بين الرجل والمرأة! فانظروا كم كانت هذه الإلقاءات السامّة والكاذبة والخادعة قويّة.
بعد أن وعى الإنسان فلسفة هذه الدنيا وهي الكبد والعناء وأدرك ضرورة تحمله العناء، سوف يسهل عليه تحمل العناء ويختار الدين بسهولة. وهذا ما سوف يفرضه عليه عقله.

إن لم تجاهد نفسك فسوف تجاهدك نفسك

قال أمير المؤمنين(ع): «مَنْ‏ سَامَحَ‏ نَفْسَهُ‏ فِيمَا تُحِبُّ أَتْعَبَتْهُ فِيمَا يَكْرَه»[غرر الحكم/ص637]‏ فهذا الذي لبّى رغبات نفسه وأعطاها ما ترغب، سوف تنغّص حياتَه نفسُه. هذه النفس التي أعطيتها زمام أمرك وخدمتها وأطعتها في ما أمرت، يأتي يوم وإذا بها تدوس في حلقومك وتخنقك.
لا أدري هل يمكن أن أتطرق لهذا الموضوع أم لا. وهو أنه في ما إذا لم يجاهد الإنسان نفسه في شبابه، ماذا يلاقي من معاناة ومسكنة في كبره! فهذا ما يصعب علي أن أصرح به. إن نفسه سوف تتعبه وتقتله. شأنها شأن الجسم، فإنك إن أرحت جسمك ولم تتعبه، سوف تصاب بأمراض ولابد لك حينئذ أن تتحمل عناء المرض والنوم في المستشفى.
إن لم تتريض ولم تتعب جسمك، فعندئذ لا تشعر بالراحة إلا إذا جلست على قنفة فخمة وراقية جدا، أما إذا أتعبت جسمك بالرياضة، بعد ذلك حتى لو جلست على صخرة صلبة تشعر بالراحة والانتعاش. الرياضة تتعب الجسم ولكنها تريحه في الواقع. وكذلك إن تتعب نفسك وتجاهدها ففي الواقع تريحها. هذه هي النتائج الفورية لهذه الأبحاث. ولكن أمامنا طريق طويل، فلم نصل في أبحاثنا إلى الله وعبادة الله بعد.

إن إدراك هذه الحقائق تجعل الإنسان شاكرا لله

واحدة أخرى من فوائد هذا البحث ـ وهي من الفوائد والنتائج الفرعية طبعا ـ هي أنك إذا صدّقت بهذه الحقيقة وعرفت أن الدنيا محل لإزعاجك وقد صمّمت أحداثها ضد نفسك وأهوائها، وحتى إن فلتّ من هذه الأحداث واستطعت أن ترتب حياتك كما تحب وتهوى يبعث الله إليك ملكا ليخرّب مخططاتك، وأنا قرأت لك الرواية بنصّها حتى لا تتصور أني أبالغ على المنبر، فإن عرفت الحياة الدنيا وقواعدها وسننها جيدا، تصبح شاكرا لله، وسوف تخاطب الله عندئذ وتقول له: إلهي ما أرحمك، إذ كان المفترض أن تزعجنا وتؤلمنا في هذه الدنيا وتبلونا بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، ولكنك قد رحمتنا ولطفت بنا ولم تنزل علينا المصائب والنوازل كثيرا.
فإنك إن شعرت بهذا الشعور وناجيت ربك بمثل هذه الكلمات، ففي الواقع قد عرفت معنى الشكر. لعلك تسمع عبارة «شكرا لله» كثيرا من الناس، ولكن الله يقول: (وَ قَليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُور)[السبأ/13].


يتبع إن شاء الله...


 
 توقيع : الرحيق المختوم



رد مع اقتباس