[ تعجب الكراجكي من حديث لا نورث وكيف لم تعلمه فاطمة ع ]
[ تعجب الكراجكي من حديث لا نورث وكيف لم تعلمه فاطمة ع ]
التعجب - أبو الفتح الكراجكي - ص 132 - 133
ومن عجيب أمرهم ، وضعف دينهم : أنهم نسبوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أنه لم يعلم ابنته التي هي أعز الخلق عنده ، والذي يلزم من صيانتها ، ويتعين عليه من حفظها ، أضعاف ما يلزمه لغيرها ، بأنه لاحق لها من ميراثه ، ولا نصيب له في تركته ، ويأمرها أن تلزم بيتها ، ولا تخرج للمطالبة بما ليس لها ، والمخاصمة في أمر مصروف عنها ، وقد جرت عادة الحكماء في تخصيص الأهل والأقرباء بالإرشاد والتعليم ، والتأديب والتهذيب ، وحسن النظر بهم بالتنبيه والتنتيف ( 2 ) ، والحرص عليهم
‹ صفحة 133 ›
بالتعريف والتوقيف ، والاجتهاد في إيداعهم معالم الدين ، وتميزهم عن العالمين ! هذا مع قول الله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ( 1 ) ، وقوله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) ( 2 ) ، وقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : " بعثت إلى أهل بيتي خاصة ، وإلى الناس عامة " ( 3 ) ، فنسبوه ( صلى الله عليه وآله ) إلى تضييع الواجب ، والتفريط في الحق اللازم ، من نصيحة ولده ، وإعلامه ما عليه وله ، ومن ذا الذي يشك في أن فاطمة كانت أقرب الخلق إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأعظمهم منزلة عنده ، وأجلهم قدرا لديه ، وأنه كان في كل يوم يغدو إليها لمشاهدتها ، والسؤال عن خبرها ، والمراعاة لأمرها ، ويروح كذلك إليها ويتوفر على الدعاء لها ، ويبالغ في الإشفاق عليها ، وما خرج قط في بعض غزواته وأسفاره حتى ولج بيتها ليودعها ، ولا قدم من سفره إلا لقوه بولديها ، فحملهما على صدره وتوجه بهما إليها ، فهل يجوز في عقل ، أو يتصور في فهم ، أن يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) أغفل إعلامها بما يجب لها وعليها ، وأهمل تعريفها بأنه لاحظ في تركته لها ، والتقدم إليها بلزوم بيتها بترك الاعتراض بما لم يجعله الله لها ؟ اللهم إلا أن نقول : إنه أوصاها فخالفت ، وأمرها بترك الطلب فطلبت وعاندت ، فيجاهرون بالطعن عليها ، ويوجبون بذلك ذمها والقدح فيها ، ويضيفون المعصية إلى من شهد القرآن بطهارتها ، وليس ذلك منهم بمستحيل ، وهو في جنب عداوتهم لأهل البيت ( عليهم السلام ) قليل !
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 132 ›
( 2 ) النتف : نزع الشعر والريش . ( المحيط في اللغة : 9 / 444 - نتف - ) .
‹ هامش ص 133 ›
( 1 ) سورة الشعراء : 214 .
( 2 ) سورة التحريم : 6 .
( 3 ) الطبقات الكبرى : 1 / 192 . مسند أحمد بن حنبل : 4 / 237 ، ح 13852 . السنن الكبرى للبيهقي : 2 / 433 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|