عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2010, 01:04 PM   #5
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الادعاء الرابع أن الحسين عليه السلام أراد أن يضع يَده فـي يَـد يزيد بن معاوية



الادعاء الرابع
أن الحسين عليه السلام أراد أن يضع يَده
فـي يَـد يزيد بن معاوية
يقول الشيخ عثمان الخميس: (ولَمَّا وصل جيش عمر بن سعد كلَّم الحسين وأمره أن يذهب معه إلى العراق حيث عبيد الله بن زياد فأبَى، ولَمَّا رأى أنَّ الأمر جد قال لعمر بن سعد: إنِي أخيِّرك بين ثلاثة أمور فاختر منها ما شئت.. أن تدَعَني أرجع، أو أذهب إلى ثغر من ثغور المسلمين، أو أذهب إلى يزيد حتى أضَع يدي في يده..) (1).
أقول: مِن الواضح أن الشيخ عثمان الخميس يُفكِّر بغير عقله ويكتب بغير قلمه، وإلا فهل هناك عاقل يقول إن الحسين عليه السلام أراد أن يذهب إلى يزيد بن معاوية لِيبايعه؟ ألَم يخرج الحسين عليه السلام وهو رافض لِخلافة يزيد بن معاوية؟ ألَم يصطحب معه النساء والأطفال لِيثور على هذا الطاغية؟ ألَم يُخبِر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بِمقتل الحسين عليه السلام بكربلاء وبانتقام الله تعالى له؟ ألَم يبكيه أبوه أمير المؤمنين عليه السلام لَمَّا حاذَى نينوى وهو ذاهب إلى صفِّين؟ ألَم يتحدَّث الحسين عليه السلام نفسه عن حتميَّة قتله؟ أبَعد كل ذلك يريد الحسين عليه السلام أن
____________
(1) عثمان الخميس: حقبة من التاريخ ـ ص109.
الصفحة 62
يذهب إلى الشام لِيضَع يده في يد يزيد؟ وهل هذه هي الكيفية السليمة لقراءة التاريخ عند الشيخ عثمان الخميس؟ وهل أصبح الحسين عليه السلام ساذجًا ـ والعياذ بالله ـ إلى هذه الدرجة في نظره؟
ثُم ما هذا المنطق الأهوَج الذي يتبنَّاه الشيخ عثمان الخميس، فهو يقول: (ولَمَّا رأى ـ أي الحسين عليه السلام ـ أنَّ الأمر جد، قال لعمر ابن سعد إنِي أخيِّرك بين ثلاثة أمور..) (1)، فهل كان الأمر عند الحسين عليه السلام هَزَلاً مِن المدينة إلى مكة وإلى طوال فترة مسيره، ثُم أصبح جدِّيًا في نظره بعد وصول جيش عمر بن سعد؟
أما الرواية التي عوَّل عليها الشيخ عثمان الخميس، فلا يُمكن الأخذ بِها، لأنَّ فيها " حجاج بن محمد " وهو أعور مخلط، قال عنه العسقلانِي في التهذيب: (.. وقال إبراهيم الحربِي: أخبَرنِي صديق لِي قال: لَمَّا قدم حجاج الأعور آخر قدمة إلى بغداد خلط، فرأيت يحيى بن معين عنده، فرآه يحيى خلط فقال لابنه: لا تدخِل عليه أحدًا.. وذكره أبو العرب القيروانِي في الضعفاء بسبب الاختلاط) (2).
فمِن الممكن أن يكون كل من " حجاج بن مُحمد " و " عثمان الخميس " قد نقلا الرواية وهُما يَخلطان، وبالتالِي ستكون الرواية ساقطة عن درجة الاعتبار والحُجية.
____________
(1) نفس المصدر: ص109.
(2) ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب ـ ج1 ص446.
الصفحة 63
وأما القول بأن الحسين عليه السلام أراد أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية، فقول باطل يدل على ضحالة تفكير الشيخ عثمان الخميس وأنه كالأعور الذي لا يُبصِر ما يُحاذي عينه العوراء، فالحسين عليه السلام لَم يقبَل على الإطلاق أن يبايع يزيد بن معاوية، ويؤكد ذلك ما رواه الطبري وغيره مِن أن قيس بن الأشعث قال للحسين عليه السلام: (أوَلاَ تنـزِل على حكم بني عمِّك ـ يقصد بني أمية ـ فإنهم لن يروك إلا ما تحب، ولن يصل إليك منهم مكروه، فقال الحسين:.. والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد) (1).
وجاء في تاريخ ابن كثير: (ولَمَّا أخِذت البيعة ليزيد في حياة معاوية كان الحسين مِمَّن امتنع من مبايعته.. فلما مات معاوية.. صمَّم على المخالفة..) (2).
قال اليافعي: (وكان الحسين رضي الله تعالى عنه يفر عن مبايعة معاوية فضلاً عن مبايعة يزيد) (3).
وقال السيوطي ـ مؤكدًا إصرار الحسين عليه السلام على رفض مبايعة يزيد ـ: (فأبَى الحسين وابن الزبير أن يبايعاه..) (4)، يقصِد يزيد.
____________
(1) الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص319. وانظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص419.
وأيضًا ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص143.
(2) ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 121.
(3) اليافعي: مرآة الجنان وعبرة اليقظان ـ ج1 ص110.
(4) السيوطي: تاريخ الخلفاء ـ ص164.
الصفحة 64
وروى الطبَري أن أبا مخنف قال: (فأما عبد الرحمن بن جندب، فحدثني عن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسينًا، فخرجت معه مِن المدينة إلى مكة، ومِن مكة إلى العراق، ولَم أفارقه حتى قُتِل، وليس مِن مخاطبته الناس كلمة ـ بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله ـ إلا وقد سَمعتها، ألاَ والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون مِن أن يضَع يده في يد يزيد بن معاوية، ولا أن يسَيِّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين، ولكنه قال: دعونِي فلأذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس) (1).
على أن ابن الأثير يروي أن الحسين عليه السلام قدَّم لأعدائه خيارين فقط، لا ثلاثة، وذلك في قول الحسين عليه السلام: (دعونِي أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه، أو دعونِي أذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير إليه أمر الناس) (2).
وفي تاريخ " البداية والنهاية ": (عن عقبة بن سمعان قال: لقد صحبت الحسين من مكة إلى حين قتِل، والله ما من كلمة قالَها في موطن إلا وقد سَمعتها، وإنه لَم يسأل أن يذهب إلى يزيد فيضع يده إلى يده، ولا أن يذهب إلى ثغر من الثغور، ولكن طلب منهم أحد
____________
(1) الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص312.
(2) ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص413.
الصفحة 65
أمرين، إما أن يرجع من حيث جاء، وإما أن يَدَعوه يذهب في الأرض العريضة حتى ينظر ما يصير أمر الناس إليه) (1).
فكل هذه النصوص تفيد أن الحسين عليه السلام لَم يطلب مِن القوم أن يدَعوه يذهب إلى يزيد بن معاوية بالشام ليضع يده في يده ـ كما ادعى ذلك الشيخ عثمان الخميس ـ، وإنما عرَض عليه السلام عليهم أن يدَعوه يرجع إلى المكان الذي قَدِم منه أو أن يدَعوه يذهب في الأرض الواسعة.
ولِهذا وقف عليه السلام وخطب في الناس، مُبيِّنًا السبب الذي خرج مِن أجله، ومُعلِنًا استعداده واشتياقه للموت العزيز، فقال عليه السلام: (ألاَ ترون أن الحق لا يُعمَل به، وأن الباطل لا يُتناهَى عنه، لِيَرغب المؤمن في لقاء الله مُحِقًّا، فإنِي لا أرى الموت إلا شهادة، والحياة مع الظالِمين إلا برمًا) (2).
وهذه الرواية وإن لَم تصح وِفق قواعد الشيخ عثمان الخميس وأعداء أهل البيت عليهم السلام، إلا أنها صحيحة عند الشيعة وثابتة عندهم.
____________
(1) ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص140.
(2) الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص307. وانظر الطبراني: المعجم الكبير ـ ج3 ص115.


 

رد مع اقتباس