عرض مشاركة واحدة
قديم 07-13-2010, 12:27 AM   #3
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تكميل رد المفيد على حديث ( نحن معاشر الانبياء لا نورث )



تكميل
وبعد تمام هذه الرسالة الثمينة ننقل بعض كلمات الأعلام حول هذا الحديث
تتميما للفائدة وتبيينا للحق .

اللهم أرنا الحق حقا حتى نتبعه وأرنا الباطل باطلا حتى نجتنبه .

قال القرطبي في تفسيره :
ويحتمل قوله عليه السلام : " إنا معاشر الأنبياء لا نورث " أن يريد
أن ذلك من فعل الأنبياء وسيرتهم وإن كان فيهم من ورث ماله ك‍ " زكريا "
على أشهر الأقوال فيه .

وهذا كما تقول : إنا معاشر المسلمين إنما شغلتنا العبادة ، والمراد أن
ذلك فعل الأكثر ، ومنه ما حكى سيبويه : إنا معاشر العرب أقرى الناس
للضيف ( 17 ) .
‹ صفحة 25 ›

قال الفخر الرازي في تفسير الآية 11 من سورة النساء :
الموضع الرابع من تخصيصات هذه الآية ما هو مذهب أكثر المجتهدين
إن الأنبياء عليهم السلام لا يورثون ، والشيعة خالفوا فيه .

روي أن فاطمة عليها السلام لما طلبت الميراث ومنعوها منه ، احتجوا
بقوله عليه الصلاة والسلام ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة "
فعند هذا احتجت فاطمة عليها السلام بعموم قوله : ( للذكر مثل حظ
الأنثيين ) وكأنها أشارت إلى أن عموم القرآن لا يجوز تخصيص بخبر واحد .
ثم إن الشيعة قالوا : بتقدير أن يجوز تخصيص عموم القرآن بخبر
واحد إلا أنه غير جائز ههنا ، وبيانه من ثلاثة أوجه :

أحدها : إنه على خلاف قوله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام :
( يرثني ويرث من آل يعقوب ) ( 18 ) وقوله تعالى : ( وورث سليمان داود ) ( 19 )
قالوا ولا يمكن حمل ذلك على وراثة العلم والذين لأن ذلك لا يكون
وراثة في الحقيقة ، بل يكون كسبا جديدا مبتدأ ، إنما التوريث لا يتحقق إلا
في المال على سبيل الحقيقة .

وثانيها : إن المحتاج إلى معرفة هذه المسألة ما كان إلا فاطمة وعلي
والعباس وهؤلاء كانوا من أكابر الزهاد والعلماء وأهل الذين ، وأما أبو بكر
فإنه ما كان محتاجا إلى معرفة هذه المسألة البتة ، لأنه ما كان ممن يخطر بباله
أنه يرث من الرسول عليه الصلاة والسلام فكيف يليق بالرسول عليه الصلاة
‹ صفحة 26 ›
والسلام أن يبلغ هذه المسألة إلى من لا حاجة به إليها ولا يبلغها إلى من له
إلى معرفتها أشد الحاجة ؟ .

وثالثها : يحتمل أن قوله " ما تركناه صدقة صلة " " لا نورث " والتقدير :
إن الشئ الذي تركناه صدقة ، فذلك الشئ لا يورث
فإن قيل : فعلى هذا التقدير لا يبقى للرسول خاصية في ذلك .
قلنا : بل تبقى الخاصية لاحتمال أن الأنبياء إذا عزموا على التصدق
بشئ فبمجرد العزم يخرج ذلك عن ملكهم ولا يرثه وارث عنهم ، وهذا
المعنى مفقود في حق غيرهم . ( 20 ) .

قال العلامة الحلي رحمه الله :
إن أبا بكر منع فاطمة إرثها فقالت : يا ابن أبي قحافة أترث أباك ولا
أرث أبي ! ! واحتج عليها برواية تفرد هو بها عن جميع المسلمين ، مع قلة
رواياته وقلة علمه ، وكونه الغريم لأن الصدقة تحل عليه .
فقال لها : إن النبي قال : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه
صدقة " ، والقرآن مخالف لذلك فإن صريحه يقتضي دخول النبي صلى الله
عليه وآله وسلم فيه بقوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم ) ( 21 ) .
وقد نص على أن الأنبياء يورثون ، فقال تعالى : ( وورث سليمان
داود ) ( 22 ) .
‹ صفحة 27 ›
وقال عن زكريا : ( إني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا
فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ) ( 23 ) ، وناقض فعله
أيضا هذه الرواية ، لأن أمير المؤمنين والعباس ، اختلفا في بغلة رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وسيفه وعمامته وحكم بها ميراثا لأمير المؤمنين ، ولو
كانت صدقة لما حلت على علي عليه السلام ، وكان يجب على أبي بكر
انتزاعها منه ، ولكان أهل البيت الذين حكى الله تعالى عنهم بأنه طهرهم
تطهيرا مرتكبين ما لا يجوز ، نعوذ بالله من هذه المقالات الردية والاعتقادات
الفاسدة .
وأخذ فدكا من فاطمة وقد وهبها إياها رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فلم يصدقها ، مع أن الله قد طهرها وزكاها واستعان بها النبي صلى
الله عليه وآله وسلم في الدعاء على الكفار على ما حكى الله تعالى وأمره بذلك
فقال تعالى : ( قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا
وأنفسكم ) ( 24 ) فكيف يأمره الله تعالى بالاستعانة - وهو سيد المرسلين – بابنتهوهي كاذبة في دعواها غاصبة لمال غيرها نعوذ بالله من ذلك
فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلام فشهد لها فلم يقبل شهادته ، قال :
إنه يجر إلى نفسه ، وهذا من قلة معرفته بالأحكام ، ومع أن الله تعالى قد
نص في آية المباهلة أنه نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكيف يليق
بمن هو بهذه المنزلة واستعان به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر الله
في الدعاء يوم المباهلة أن يشهد بالباطل ويكذب ويغصب المسلمين أموالهم
نعوذ بالله من هذه المقالة .

‹ صفحة 28 ›

وشهد لها الحسنان عليهما السلام فرد شهادتهما وقال : هذان ابناك لا
أقبل شهادتهما لأنهما يجران نفعا بشهادتهما ، وهذا من قلة معرفته بالأحكام
أيضا ، مع أن الله قد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاستعانة بدعائهما
يوم المباهلة فقال : ( أبناءنا وأبناءكم ) .
وحكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنهما سيدا شباب أهل
الجنة ، فكيف يجامع هذا شهادتهما بالزور والكذب وغصب المسلمين حقهم
نعوذ بالله من ذلك .

ثم جاءت بأم أيمن فقال : امرأة لا يقبل قولها مع أن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم قال : " أم أيمن من أهل الجنة " ، فعند ذلك غضبت عليه
وعلى صاحبه وحلفت أن لا تكلمه ولا صاحبه ، حتى تلقى أباها وتشكو إليه
فلما حضرتها الوفاة أوصت أن تدفن ليلا ولا يدع أحدا منهم يصلي
عليها .

وقد رووا جميعا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن الله
يغضب لغضبك ويرضى لرضاك " .
قال العلامة الأميني في الغدير :
لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك ( أي حديث
نحن معاشر . . . ) لوجب أن يفشيه إلى آله وذويه الذين يدعون الوراثة منه ليقطعمعاذيرهم في ذلك بالتمسك بعمومات الإرث من آي القرآن الكريم والسنة
الشريفة ، فلا يكون هناك صخب وحوار تتعقبهما محن ، ولا تموت بضعته
الطاهرة وهي واجدة على أصحاب أبيها ويكون ذلك كله مثارا للبغضاء
والعداء في الأجيال المتعاقبة بين أشياع كل من الفريقين ، وقد بعث هو صلى
الله عليه وآله وسلم لكسح تلكم المعرات وعقد الإخاء بين الأمم والأفراد .

‹ صفحة 29 ›

ألم يكن صلى الله عليه وآله وسلم على بصيرة مما يحدث بعده من الفتن
الناشئة من عدم إيقاف أهله وذويه على هذا الحكم المختص به صلى الله عليه
وآله وسلم المخصص لشرعة الإرث ؟ حاشاه . وعنده علم المنايا والبلايا
والقضايا والفتن والملاحم .

وهل ترى أن دعوى الصديق الأكبر أمير المؤمنين وحليلته الصديقة
الكبرى - صلوات الله عليهما وآلهما - على أبي بكر ما استولت عليه يده مما تركهالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من ماله كانت بعد علم وتصديق منهما بتلكالسنة المزعومة صفحا منهما عنها لاقتناء حطام الدنيا ؟ أو كانت عن جهلمنهما بما جاء به أبو بكر ؟ نحن نقدس ساحتهما [ أخذا بالكتاب والسنة ] عنعلم بسنة ثابتة والصفح عنها ، وعن جهل يربكهما في الميزان .

ولماذا يصدق أبو بكر في دعواه الشاذة عن الكتاب والسنة ، فيما لا
يعلم إلا من قبل ورثته صلى الله عليه وآله وسلم ووصيه الذي هتف صلى الله
عليه وآله وسلم به وبوصايته من بدء دعوته في الأندية والمجتمعات ؟ ! . ولم
تكن أذن واعية لدعوى الصديقة وزوجها ؟

قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج :

وسألت علي بن الفارقي مدرس المدرسة الغربية ببغداد فقلت له :
أكانت فاطمة صادقة ؟ .
قال : نعم .
قلت : فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدكا وهي عنده صادقة ؟ .
فتبسم ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته .
قال : لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا وادعت
لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشئ ،
‹ صفحة 30 ›
لأنه قد أسجل على نفسه أنها صادقة فيما تدعي كائنا ما كان من غير حاجة
إلى بينة ولا شهود .

وهذا كلام صحيح وإن كان أخرجه مخرج الدعابة والهزل ( 25 ) .

قال السيد شرف الدين في كتاب " النص والاجتهاد " .

وإليك كلمة في هذا الموضوع لعليم المنصورة الأستاذ محمود أبو رية
المصري المعاصر ، قال :
بقي أمر لا بد أن نقول فيه كلمة صريحة : ذلك هو
موقف أبي بكر من فاطمة - رضي الله عنها - بنت رسول الله ( ص ) ، وما فعل
معها في ميراث أبيها ، لأنا إذا سلمنا بأن خبر الآحاد الظني يخصص الكتاب
القطعي ، وأنه قد ثبت أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد قال " إنه
لا يورث " وإنه لا تخصيص في عموم هذا الخبر ، فإن أبا بكر كان يسعه أن
يعطي فاطمة - رضي الله عنها - بعض تركة أبيها ( صلى الله عليه وآله وسلم )
كأن يخصها بفدك وهذا من حقه الذي لا يعارضه فيه أحد ، إذ يجوز
للخليفة أن يخص من يشاء بما شاء .
قال : وقد خصن هو نفسه الزبير بن العوام ومحمد بن مسلمة وغير هما
ببعض متروكات النبي .
على أن فدكا هذه التي منعها أبو بكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان
لمروان - هذا كلامه بنصه ( 26 ) - .
.........................
‹ هامش ص 24 ›
( 17 ) الجامع لأحكام القرآن 13 / 164 .
‹ هامش ص 25 ›
( 18 ) سورة مريم : 19 / 6 .
( 19 ) سورة النمل 27 / 16 .
‹ هامش ص 26 ›
( 20 ) التفسير الكبير 9 / 210 .
( 21 ) سورة النساء : 4 / 11 .
( 22 ) سورة النمل : 27 / 16 .
‹ هامش ص 27 ›
( 23 ) سورة مريم : 19 / 5 و 6 .
( 24 ) سورة آل عمران : 3 / 61 .

‹ هامش ص 30 ›
( 25 ) شرح نهج البلاغة 16 / 284 .
( 26 ) النص والاجتهاد ص 70 طبع مطبعة سيد الشهداء .
وراجع الشافي للسيد المرتضى 4 / 57 - 102 ودلائل الصدق للمظفر 3 / 40 -
77 ففي هذين الكتابين بحث مستوفى حول حديث نحن معاشر الأنبياء وإرث فاطمة
سلام الله عليها .
تم . . .



 

رد مع اقتباس