عرض مشاركة واحدة
قديم 10-10-2014, 10:20 PM   #4
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين


الصورة الرمزية الشيخ محمد العبدالله
الشيخ محمد العبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 04-27-2022 (11:22 AM)
 المشاركات : 2,305 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



نتائج وآثار هذا البلاء :
وهذا النوع من البلاء ، الذي يواجه فيه الإنسان المسؤوليات الجسام ، ويندفع إلى امتثال الأوامر الإلهية مهما كانت صعبة وشاقة ، بكل طمأنينة ورضا هو الذي يزيد في إيمان الإنسان ، وفي درجة قربه من الله ، ويؤهله لنيل منازل الكرامة . . ثم هو يزيد في بصيرته ، ليكون أكثر وعياً وفهماً ، ويصير سميعاً بصيراً ، كما قال تعالى : ﴿ ... نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا 13 .
ولأجل ذلك جاءه النداء الإلهي :
. ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ 14
الأهلية لمقام الإمامة العظمى :
نعم إنه البلاء الذي يظهر الملكات الكامنة في داخل شخصية إبراهيم و إسماعيل ( عليهما السلام ) ، ويؤكد استحقاق إبراهيم ( عليه السلام ) لمقام الإمامة العظمى ، حيث تحولت هذه الملكات والمزايا من القوة إلى الفعل . . ونجح في الامتحان الإلهي ، وحقق معجزات كبرى في مواجهة البلاء الإلهي ، وتحمل مسؤوليات الإيمان به ، والدعوة إليه .
وكان تعرض إبراهيم ( عليه السلام ) لهذه البلاءات العظمى يهدف إلى تزكية نفسه ، وإعداده لذلك المقام العظيم ، فإن التكليف هو من النعم الإلهية ، وفيه دلالة على أن من اختير له هو أهل للكرامة الإلهية . كما أن الابتلاء إحسان يجعل من الإنسان موجوداً مؤثراً وفاعلاً في الحياة ، خصوصاً إذا كان هذا الابتلاء يجعل الإنسان مرهف السمع ، حديد البصر ، في حين أن أكثر الناس هم كالأنعام بل هم أضل . .
وكان الأمر بذبح ولده إسماعيل ( عليه السلام ) . . هو الذي أظهر لكل المخلوقات والكائنات ، العلوية منها والسفلية حقيقة إبراهيم ( عليه السلام ) ومقامه : ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ 15 إنه هو الذروة في البلاءات التي تعرض لها ، كما قال تعالى : ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ... 16 فالابتلاء ليس بالأمراض والمصائب الجسدية ، بل هو بتحميله المسؤوليات الجسام ، وبتهيئة الفرصة لتقديم التضحيات الكبرى التي تزيده إيماناً وطهراً وصفاء ، وتؤهله لنيل مقامات القرب والزلفى . .
وقد كان ذبح إسماعيل هو الكلمة التي جاء بها إبراهيم تامة وافية ، ومطابقة لواقعه وهي الأكثر تعبيراً وصراحة وأدق وأوضح دلالة ، على المؤهلات الواقعية الكامنة في شخصية إبراهيم ( عليه السلام ) والتي استحق بها هذا المقام ، مقام الإمامة العظمى للناس . . ولكنها لا تصل إلى مقام الإمامة المتصلة بالنبوة الخاتمة ، فإن عظمة مقام هذه ، منسجم مع مقام هذا النوع من النبوة الذي هو الأكمل والأتم ، والأعظم .
﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ 17
ونيل إبراهيم ( عليه السلام ) لمقام الإمامة ، هو المكافأة له على تحمله لهذا البلاء العظيم . ثم كانت مكافأة أخرى له ولولده إسماعيل ( عليه السلام ) أيضاً ، الذي شكر الله له صبره ، ووعيه ، وإيمانه وطاعته ، وفناءه في الله ، وفداه الله بذبح عظيم . . ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ 17 .
نعم ، ذبح عظيم يستمر في الأمم إلى يوم القيامة كشعيرة إلهية كبرى رسمها الله سبحانه على كل البشر ، فأوجب الأضحية على كل من يحج إلى بيت الله الذي رفع إبراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) قواعده ، وشيدا أركانه . . وأعليا شأنه . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 18 .


 

رد مع اقتباس