الموضوع
:
إبراهيم ( عليه السلام ) يذبح ولده دقائق . . وحقائق سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته
عرض مشاركة واحدة
#
1
10-10-2014, 10:19 PM
الشيخ محمد العبدالله
خادم الحسين
لوني المفضل
Cadetblue
رقم العضوية :
1
تاريخ التسجيل :
May 2010
فترة الأقامة :
5406 يوم
أخر زيارة :
04-27-2022 (11:22 AM)
المشاركات :
2,305 [
+
]
التقييم :
10
بيانات اضافيه [
+
]
إبراهيم ( عليه السلام ) يذبح ولده دقائق . . وحقائق سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته
إبراهيم ( عليه السلام ) يذبح ولده دقائق . . وحقائق
سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات الكريمة :
إن الله سبحانه وتعالى قد وهب لإبراهيم ولده إسماعيل ( عليهما السلام ) بعد أن طعن في السن . وبلغ من الكبر عتياً ، قال تعالى :
﴿
الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ ...
﴾
1
.
وحين جاءت الملائكة إلى إبراهيم ( عليه السلام ) بالبشرى فوجل منهم :
﴿
قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ
*
قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ
*
قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ
﴾
2
.
وكان الفاصل بين البشارتين بإسماعيل ، وبإسحاق ( عليهما السلام ) خمس سنوات ، وذكرت الآيات البشارة بإسحاق ( عليه السلام ) مصرحة بشيخوخة إبراهيم ( عليه السلام ) ، قال تعالى :
﴿
وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
*
فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ
*
وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ
*
قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ
﴾
3
.
وقال تعالى :
﴿
... قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ
﴾
4
﴿
فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
*
قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
﴾
5
.
ولما كبر هذا الولد ، وصار يذهب ويجيء أمر الله أباه بذبحه . قال تعالى :
﴿
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ
*
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
*
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ
*
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
*
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ
*
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
﴾
6
.
وقد كانت قضية الذبح هذه هي البلاء المبين ، الذي بيَّن وأظهر حقيقة إبراهيم ( عليه السلام ) وكانت هي الكلمة الأكثر صراحة وإيضاحاً لاستحقاق إبراهيم ( عليه السلام ) لمقام الإمامة ، الذي أعطي له بمجرد أن قام بهذا الأمر العظيم . .
قال تعالى :
﴿
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
﴾
7
.
طريقة التعاطي مع هذا الحدث :
إننا قبل أن ندخل في البحث نذكّر القارئ الكريم بأننا سوف نجري الحديث فيه وفقاً للنظرة العادية للأمور ، وبغض النظر عن مقام الاصطفاء الإلهي ، وعن مرتبة النبوة ، لإبراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) . . ولذلك فإن تعابيرنا عن مقاصدنا سوف تكون في هذا السياق . . فليلاحظ ذلك . .
الوليد الجديد والوحيد :
إن من يقضي عمره بلا ولد ، ويبلغ سن الشيخوخة . . ثم يولد له ، فإن تعلقه بولده سيكون أشد من تعلق الناس بأبنائهم ، حين يولدون لهم وهم في سن الشباب . فكيف إذا كان هذا الولد وحيداً لأبويه الطاعنين في السن ، فإن الحب له سيكون مضاعفاً ، والالتذاذ بالنظر إليه والتعاطي معه ، والاهتمام بالحفاظ عليه حتى من النسيم العابر ، سيكون أعظم بكثير مما لولم يكن وحيداً . والأنبياء أرق الناس طبعاً ، وأرهف حساً وأكثر حناناً وعطفاً . .
ومن الواضح : أن هذا الحب العارم ، وذلك التعلق الشديد سيكون حافزاً إلى بذل عناية أكبر في تربيته تربية صالحة ، ومراقبة كل حركاته وسكناته ، وتوجيهها بالاتجاه الصحيح والسليم . .
فإذا كان هذا المربي هو أعظم الأنبياء وأفضلهم ـ بعد نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ـ وكان الطفل هو إسماعيل ( عليه السلام ) الذي كانت طفولته طفولة نبي ، وهي أرقى وأكمل وأنبل وأفضل طفولة . . فإن تجسد معاني النبل والفضل والكمال الفائق فيه ، سيزيد من حب إبراهيم ( عليه السلام ) له ، لأن إبراهيم ( عليه السلام ) هو أفضل من يدرك بعمق وبوعي قيمة تلك الميزات والخصائص ، ويعرف آثارها . . وهو أكثر الناس حباً لها ، وانجذاباً إليها ، وتفاعلاً معها ، وتفانياً في سبيلها ، وقد نذر نفسه ، وكل وجوده وحياته بالدعوة إليها وإيجادها ، ونشرها وترسيخها في الناس ، ولتكون هي وعيهم ، وفكرهم وحياتهم وسلوكهم ، وممارستهم ، وكل وجودهم .
ثم إن الإنسان يحب ثمرات جهده ، ويميل إليها مهما كان حجمها ونوعها . .
وخلاصة القول : أن الإنسان العادي يحب تلك الصفات ، وينجذب إليها ، فكيف بالنبي ، وكيف بشيخ الأنبياء ، وأفضلهم بعد النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) . .
وها هي تتجسد بأجلى وأتم مظاهرها بولده الوحيد الذي جاءه بعد أن طعن أبوه في السن ، وكبرذلك الولد أمام عيني أبيه ، الشيخ الكبير ، فلا غرو في أن تبلغ محبته له أعلى الدرجات ، وأقصى الغايات . .
عنفوان الطفولة :
يضاف إلى ذلك كله : أن للطفولة حالاتها ، ومزاياها التي تتنوع بواعث الانشداد والانجذاب فيها ، وذلك من خلال الحركات واللفتات التي يسجلها الطفل في حركته . .
فإن الأب سيلتذ بعنفوان الطفولة ، ولمحات الوعي ، ولمعات الذكاء ، ولفتات الجمال . وسيكون أكثر التذاذاً وهو يراقب ويتلمس الميزات والمواصفات الإنسانية ، وهي تتنامى في شخصية هذا الطفل العزيز ـ إسماعيل ( عليه السلام ) ـ بصورة غير عادية وغير مألوفة ، لأنها ميزات طفل يعده الله سبحانه لمقام النبوة .
وكان إسماعيل ( عليه السلام ) يسجل تصرفاته ، فتأتي غاية في الدقة ، والصحة ، وبالغة الانسجام مع مرادات وأهداف أبيه النبي صلوات الله وسلامه عليهما . .
وسيجد والده الذي يعرف قيمة هذه الميزات ، وبواعث تلك الحركات والتصرفات ، التي له تعلق خاص بها ، سيجد في نفسه المزيد من التعلق بهذا الطفل ، وسيتأكد حبه وإعزازه له . .
إن الإنسان له تعلق بولده حتى لو كان طفلاً عادياً ، بل حتى لو كان عاقاً له ، فكيف إذا كان في أعلى درجات البر به ، جامعاً لأسمى المواصفات وأغلاها ، وأنبلها وأسناها . إنه سيحافظ على هذا الطفل كأعظم ما يكون الحفاظ . . وسيكون ضنيناً به حريصاً عليه كل الحرص . . وقد قال علي ( عليه السلام ) : بني وجدتك بعضي ، بل وجدتك كلي ، حتى كأن شيئاً لو أصابك أصابني ، وكأن الموت لو أتاك أتاني .
حالات مؤلمة :
ولنفرض أن هذا الطفل بكى ـ ولو في أيامه الأولى ـ وقبل أن يزيد التعلق به . . فإن والده سيبادر إلى البحث عن سبب بكائه ، هل هو العطش ، أو الجوع ، أو الألم ، أو الضجر ، أو أي شيء آخر . . فإذا مرض هذا الولد ، فإن همه واهتمامه به سيزداد . . وسوف تثور المخاوف في نفسه ، وتزدحم البلابل في صدره .
فإذا كان المرض خطيراً ، أو إذا فقد بعض أعضائه كعينه أو رجله ، أو يده ، فكم سيكون هم أبيه وتألمه وأسفه عظيماً لأجله . .
فإذا مات ، فكم سيكون عليه هذا الحدث صعباً ومؤلماً . .
وإذا مات مقتولاً . . فإن الألم يكون أشد ، أما أن يذبح كما يذبح الكبش ، فاللهفة عليه ستصبح أعظم . . فكيف إذا كان ذلك أمام عينيه . . فإن القضية ستكون أقسى والانفعال أبين . .
وقد يتفق أن يكون الأب سبباً في قتل ولده هذا الحبيب عن غير عمد منه ، كما لو صدمه بصورة عفوية في سيارة مثلاً ، أو في أية وسيلة أخرى ، فكم ستكون حسرته عليه ، وكم سيظهر من التلهف والأسى والحنين إليه؟!
الامتحان الصعب :
ولنفترض أنه قد تحتم على إنسان مّا أن يقتل ولده ليدفع شره عن نفسه ، أو في فورة غضب طاغية ، حيث يكون ذلك الولد قد بالغ في العدوان على ذلك الوالد ، وفي الإجرام في حقه . . ألا تتوقع أن يختار طريقة المفاجأة والسرعة ، وأن ينهي الأمر بطريقة عشوائية ، ليتخلص من الحرج ، ومن الكابوس الصعب الذي يواجهه ، إنه سيفعل ذلك بالتأكيد ، بكثير من الارتباك ، والعصبية ، والانفعال . فكيف تكون الحال لو كان ذلك الولد باراً بأبيه وقد ظهرت فيه أمارات التميز ، وتبلورت في شخصيته دلائل النبوغ والتفوق ، فإن إقدامه على قتل ولده سيكون أقرب إلى المحال . لا سيما بعد أن عاش معه ردحاً من الزمن ، وتلمس ميزاته ، وألِف حركاته ، وتجلت له كمالاته . . ولن يخبر ولده بالأمر ، لأنه سيرى أن ذلك يزيد في ألم ذلك الولد وفي حيرته ، وسوف يزيد انتظار ولده للذبح من آلام ذلك الوالد ، ومن صعوبة تنفيذ المهمة التي تواجهه . .
فكيف إذا كان لا بد له أن يقتله بطريقة الذبح ، وبيده ، وبسكينه . كما حصل لإبراهيم ( عليه السلام ) .
وقد واجه إبراهيم ( عليه السلام ) هذا الأمر الإلهي بالذبح ـ نعم . . الذبح لا مجرد الضرب أو الطرد ـ بصبر وأناة ، وتصدى لامتثال أمر الله سبحانه بكل رضا وثبات ، وعزيمة وإصرار .
ولم نجده أفسح المجال لأي احتمال أو وهم يراود نفسه ، فيما يرتبط بجدية هذا الأمر ، وأنه إنما جاء عن طريق الرؤيا ، ولم يتساءل عن أسبابه ، فلعله يقدر على إزالة تلك الأسباب . .
من المعلوم : أن الأنبياء هم أكمل البشر في إنسانيتهم ، وأصفاهم نفساً ، وأشدهم إحساساً . ونفوسهم تزخر بالعواطف النبيلة ، ومشاعر الحب الجياشة . وهم في منتهى الرقة على بني الإنسان ، فكيف إذا كان هذا الإنسان طفلاً ، وكيف إذا كان في مستوى نبي هو إسماعيل ( عليه السلام ) . . إن هذه الخصوصيات التي بيناها تعطينا القيمة الحقيقية لامتثال الأمر الإلهي لإبراهيم ( عليه السلام ) بالذبح لولده إسماعيل ( عليه السلام ) كما أنها تعطي أيضاً قيمة كبرى لإيمان إبراهيم ( عليه السلام ) الذي أوصله إلى درجة الرضا ، بهذا الأمر ، والاندفاع إليه ، رغم كل هذا الإحساس المرهف ، وكل هذه العاطفة الجياشة ، التي يغذيها إدراك عميق لقيمة مزايا إسماعيل ، ومعرفة حقيقية به ( عليه السلام ) . .
زيارات الملف الشخصي :
635
إحصائية مشاركات »
الشيخ محمد العبدالله
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 0.43 يوميا
الشيخ محمد العبدالله
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى الشيخ محمد العبدالله
زيارة موقع الشيخ محمد العبدالله المفضل
البحث عن المشاركات التي كتبها الشيخ محمد العبدالله