معجزاته 2
[ معجزات الكاظم ع ]
دلائل الامامة - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - ص 338 - 345
296 / 39 - وروى الحسن ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ،عن علي ، عن الحسن ، عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : كنت عنده ذات يوم وقداشتريت له جارية نوبية ، فقال لها : ما اسمك ؟ قالت : مؤنسة .قال لها : اسمك فلانة ، وإنك كما سميت .ثم قال : يا حسين ، أما إنها ستلد غلاما لا يكون في ولدي أسخى منه ، ولا أرقوجها ، ولا أقضى للحاجة منه .قلت : فما اسمه ؟قال : إبراهيم .قال علي بن أبي حمزة : والله ، إني أتيته بمنى مع أصحابي ، إذ أتاني رسوله فقال
‹ صفحة 339 ›
لي : يا علي ، لا تنم الليلة حتى يأتيك رسولي ، فبقيت تلك الليلة لا أنام ، وأصحابييساهدونني ( 1 ) الليل ، فلما أصبحت إذا هو مقبل علي ، ومعه أبناؤه جميعا ، ونقل عيالهوحشمه ومن معه ، حتى نزل قرين الثعالب ( 2 ) . ثم أتى مع الفجر على حمار له أسود ،ومعه عمران خادمه ، فسلم ، فرددنا عليه السلام ، وكأني أنظر إلى قوائم حماره منأطناب خيامنا ، فقال : يا علي ، أيما أحب إليك : أن تأتيني هاهنا ، أو بمكة ؟قلت : أحبهما إليك .قال : مكة خير لك . وانصرف ، فقال لي عمران : تدري أين نزلنا العام ؟قلت : منزل أبي عبد الله ( عليه السلام ) .قال : لا ، نزلنا العام في ذي طوى ( 3 ) .
قلت : لا أعرف منزلكم .قال : تعرف المسجد الصغير الذي على ظهر الطريق ، الذي تصلي فيه المارة ؟قلت : نعم .
قال : اقعد لي ثم حتى آتيك .فلما انصرفنا من منى أخذت طريقي إلى الموعد ، فما استويت قاعدا حتىجاءني عمران ، فقال : أجب . فأتيته ، فوجدته في ظهر داره ، في مسجد ، قاعد ، قد صلىالمغرب ، فلما دنوت منه ، قال : اخلع نعليك فإنك بالواد المقدس طوى . فخلعت نعلي ،وتخطيت المسجد ، فقعدت معه ، وأوتيت بخوان من خبيص مجفف بتمر ، فأكلنا أنا وهو ،وهو يقول لي : يا علي ، كل تمرا . فأكلت ، ثم رفع الخوان ، فقال : يا علي ، هلم الحديث ،
فوالله ما أنا بناعس ولا كسلان . وكنت أحدثه ثم غشيني النعاس ( 4 ) ، فقال لي : قد
‹ صفحة 340 ›
نعست يا علي ؟
قلت : جعلت فداك ، ما غمضت البارحة .قال : إن أم ولد لي من أكرم أمهات أولادي ، ضربها الطلق ، فحملتها إلى قرينالثعالب ، مخافة أن يسمع الناس صوته ، فرزقني الله في ليلتي هذه غلاما - كما بشرني- وقد سميته إبراهيم .
فلم يكن في ولد أبيه أحسن وأسخى منه ، ولا أرق وجها ، ولا أشجع منه . ( 1 )
297 / 40 - وروى الحسن ، قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ،عن علي ، عن الحسن ، عن عاصم الحناط ( 2 ) ، عن إسحاق بن عمار ( 3 ) ، قال : كنت عنده
إذ دخل عليه رجل من أهل خراسان ، فكلمه بكلام لم أسمع قط كلاما كان أعجبمنه ، كأنه كلام الطير ، فلما خرج قلت : جعلت فداك ، أي لسان هذا ؟قال : هذا كلام أهل الصين ( 4 ) .ثم قال : يا إسحاق ، ما أوتي العالم من العجب أعجب وأكثر مما أوتي من هذاالكلام .قلت : أيعرف الإمام منطق الطير ؟قال : نعم ، ومنطق كل شئ ، ومنطق كل ذي روح ، وما سقط عليه شئ منالكلام . ( 5 )
298 / 41 - وروى أحمد بن الحسن ، عن الحسن بن برة ، عن عثمان بن
‹ صفحة 341 ›
عيسى ( 1 ) ، قال : دخلت علي أبي الحسن ( عليه السلام ) سنة الموت بمكة ، وهي سنة أربعوسبعين ومائة ( 2 ) ، فقال لي : من هاهنا من أصحابكم مريض ؟فقلت : عثمان بن عيسى من أوجع الناس ، فقال : قل له يخرج .ثم قال : من هاهنا ؟ فعددت عليه ثمانية ، فأمر بإخراج أربعة ، وكف عن أربعة ،فما أمسينا من غد حتى دفنا الأربعة الذين كف عن إخراجهم .فقال عثمان بن عيسى : وخرجت أنا فأصبحت معافى . ( 3 )
299 / 42 - وروى محمد بن الحسين ، عن عبد الله بن سعيد ( 4 ) الدغشي ، عنالحسن بن موسى ، قال : اشتكى عمي محمد بن جعفر ، حتى خفت عليه الموت .قال : فكنا مجتمعين عنده إذ دخل أبو الحسن ( عليه السلام ) فقعد إلى ناحية ( 5 ) ،وإسحاق عمي عند رأسه يبكي ، فقعد قليلا ثم قام ، فتبعته فقلت : جعلت فداك ، يلومك
إخوتك وأهل بيتك ، ويقولون دخلت على عمك وهو في الموت ، ثم خرجت .فقال : ادن مني أخي ، أرأيت هذا الباكي ؟ سيموت وسيبكي عليه هذا .قال : فبرأ محمد بن جعفر ، واشتكى إسحاق فبكى عليه محمد . ( 6 )
300 / 43 - وروى أبو حمزة ، عن أبيه ( 7 ) ، قال : كنت في مسجد الكوفة معتكفا
‹ صفحة 342 ›
في شهر رمضان ، في العشر الأواخر ، إذ جاءني حبيب الأحوال بكتاب مختوم من أبيالحسن ( عليه السلام ) قدر أربع أصابع ، فقرأته ، فكان في كتابه : " إذا قرأت الكتاب الصغيرالمختوم ، الذي في جوف كتابك ، فأحرزه حتى أطلبه منك " .قال : فأخذت الكتاب وأدخلته بيت بزي ( 1 ) ، فجعلته في جوف صندوق مقفل ،في جوف قمطر ( 2 ) مقفل ، وبيت البز مقفل ، ومفاتيح هذه الأقفال في حجرتي ، فإذا كانالليل فهي تحت رأسي ، وليس يدخل بيت بزي أحد غيري .فلما حضر الموسم خرجت إلى مكة ومعي جميع ما كتب لي من حوائجه ، فلمادخلت عليه قال : يا علي ، ما فعل الكتاب الصغير الذي كتبت إليك ، وقلت احتفظ به ؟
قلت : جعلت فداك ، عندي .قال : أين ؟ قلت : في بيت بزي ، قد أحرزته ، والبيت لا يدخله غيري .قال : يا علي ، إذا نظرت إليه أليس تعرفه ؟قلت : بلى ، والله ، لو كان بين ألف كتاب لأخرجته . فرفع مصلى تحته فأخرجهإلي ، فقال : قلت : إن في البيت صندوق ، في جوف قمطر مقفل ، وفي جوف القمطر حقمقفل ، وهذه المفاتيح معي في حجرتي بالنهار ، وتحت رأسي بالليل ؟ثم قال : يا علي ، احتفظ به ، فلو تعلم ما فيه لضاق ذرعك .قلت : قد وصفت لك ، فما أغنى إحرازي .قال علي : فرجعت إلى الكوفة والكتاب معي محتفظ به في ( 3 ) جبتي . فكانالكتاب مدة حياة علي في جبته ، فلما مات جئت أنا ومحمد ( 4 ) ، فلم يكن لنا هم إلاالكتاب ، ففتقنا الجبة موقع الكتاب ، فلم نجده ، فعلمنا بعقولنا أن الكتاب قد صار إليهكما صار في المرة الأولى . ( 5 )
‹ صفحة 343 ›
301 / 44 - وروى أحمد بن محمد المعروف بغزال ، قال : كنت جالسا مع أبيالحسن ( عليه السلام ) في حائط له ، إذ جاء عصفور فوقع بين يديه ، وأخذ يصيح ، ويكثر
الصياح ، ويضطرب ، فقال لي : تدري ما يقول هذا العصفور ؟قلت : الله ورسوله ووليه أعلم .فقال : يقول : يا مولاي ، إن حية تريد أن تأكل فراخي في البيت ، فقم بنا
ندفعها عنه ، وعن فراخه .فقمنا ودخلنا البيت ، فإذا حية تجول في البيت ، فقتلناها . ( 1 )
302 / 45 - وحدثني أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي ، قال : حدثني أبومحمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ، قال : حدثني أبو علي محمد بن همام ، قال :حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، عن أبي عقيلة ، عن أحمد التبان ، قال : كنتنائما على فراشي ، فما أحسست إلا ورجل قد رفسني برجله ، فقال لي : يا هذا ، ينام
شيعة آل محمد ؟ فقمت فزعا ، فلما رآني فزعا ضمني إلى صدره ، فالتفت فإذا إنا بأبي
الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، فقال : يا أحمد ، توضأ للصلاة .فتوضأت ، وأخذني بيدي ، فأخرجني من باب داري ، وكان باب الدار مغلقا ، ماأدري من أين أخرجني ! فإذا أنا بناقة معقلة له ، فحل عقالها وأردفني خلفه ، وسار بيغير بعيد ، فأنزلني موضعا فصلى بي أربعا وعشرين ركعة . ثم قال : يا أحمد ، تدري فيأي موضع أنت ؟قلت : الله ، ورسوله ، ووليه ، ( 2 ) وابن رسوله ، أعلم .قال : هذا قبر جدي الحسين بن علي ( عليه السلام ) .
ثم سار غير بعيد حتى أتى الكوفة ، وإن الكلاب والحرس لقيام ، ما من كلبولا حارس يبصر شيئا ، فأدخلني المسجد ، وإني لأعرفه وأنكره ، فصلى بي سبع عشرة
‹ صفحة 344 ›
ركعة . ثم قال : يا أحمد ، تدري أين أنت ؟قلت : الله ، ورسوله ، وابن رسوله ، أعلم .قال : هذا مسجد الكوفة ، وهذه الطست .ثم سار غير بعيد وأنزلني ، فصلى بي أربعا وعشرين ركعة . ثم قال : يا أحمد ،
أتدري أين أنت ؟
قلت : الله ، ورسوله ، وابن رسوله ، أعلم .
قال : هذا قبر جدي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
ثم سار بي غير بعيد ، فأنزلني ، فقال لي : أين أنت ؟
قلت : الله ، ورسوله ، وابن رسوله ، أعلم .قال : هذا الخليل إبراهيم .ثم سار بي غير بعيد ، فأدخلني مكة ، وإني لأعرف البيت وبئر زمزم وبيتالشراب ، فقال لي : يا أحمد ، أتدري أين أنت ؟قلت : الله ، ورسوله ، وابن رسوله ، أعلم .قال : هذه مكة ، وهذا البيت ، وهذه زمزم ، وهذا بيت الشراب .ثم سار بي غير بعيد ، فأدخلني مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقبره ، فصلى بي أربعاوعشرين ركعة . ثم قال لي : أتدري أين أنت ؟قلت : الله ، ورسوله ، وابن رسوله ، أعلم .قال : هذا مسجد جدي رسول الله وقبره .ثم سار بي غير بعيد ، فأتى بي الشعب ، شعب أبي جبير ، فقال : يا أحمد ، تريدأريك من دلالات الإمام ؟ قلت : نعم .قال : يا ليل ، أدبر . فأدبر الليل عنا ، ثم قال : يا نهار ، أقبل . فأقبل النهار إلينابالنور العظيم ، وبالشمس حتى رجعت بيضاء نقية ، فصلينا الزوال ، ثم قال : يا نهارأدبر ، يا ليل أقبل . فأقبل علينا الليل حتى صلينا المغرب ، قال : يا أحمد ، أرأيت ؟ قلت :حسبي هذا يا بن رسول الله .
‹ صفحة 345 ›
فسار حتى أتى بي جبلا محيطا بالدنيا ، ما الدنيا عنده إلا مثل سكرجة ( 1 ) ،فقال : أتدري أين أنت ؟
قلت الله ، ورسوله ، وابن رسوله ، أعلم .قال : هذا جبل محيط بالدنيا . وإذا أنا بقوم عليهم ثياب بيض ، فقال : يا أحمد ،هؤلاء قوم موسى ، فسلم عليهم . فسلمت عليهم فردوا علينا السلام .قلت : يا بن رسول الله ، قد نعست .
قال : تريد أن تنام على فراشك ؟ قلت : نعم .
فركض برجله ركضة ، ثم قال : نم ( 2 ) . فإذا أنا في منزلي نائم ، وتوضأت وصليتالغداة في منزلي . ( 3 )
والحمد لله أولا وآخرا .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 338 ›
( 1 ) قرب الإسناد : 146 ، الكافي 1 : 225 / 7 ، إثبات الوصية : 167 ، عيون المعجزات : 99 ، روضة
الواعظين : 213 ، إعلام الورى : 304 ، الخرائج والجرائح 1 : 333 / 24 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 299 .
( 2 ) قرب الإسناد : 144 ، الخرائج والجرائح 1 : 312 / 5 ، الصراط المستقيم 2 : 190 / 5 .
‹ هامش ص 339 ›
( 1 ) في " م ، ط " : يشاهدوني .
( 2 ) صحف في " م ، ط ، ع " : قرير المعالب ، وفي مدينة المعاجز : قريش المقالب ، وكذا في الموضع الآتي والظاهر
صحة ما في المتن ، وهو جبل قرب منى ، بينه وبين مسجد منى ألف وخمسمائة وثلاثون ذراعا . راجع أخبار مكة
للأزرقي 2 : 185 ، الأعلاق النفيسة لابن رسته : 60 .
( 3 ) ذو طوى : موضع عند مكة ، معجم البلدان 4 : 45 .
( 4 ) في " ط " : ولا كسلان . فسألته سالبة من الليل ثم غشيني النعاس .
‹ هامش ص 340 ›
( 1 ) الخرائج والجرائح 1 : 310 / 4 ، الصراط المستقيم 2 : 190 / 4 ، إثبات الهداة 5 : 569 / 130 .
( 2 ) في " ع ، م " : الخياط ، تصحيف ، صوابه ما في المتن راجع رجال النجاشي : 301 ، معجم رجال الحديث 9 : 180 .
( 3 ) صحف في النسخ : عمران ، وما في المتن هو الصواب ، وهو إسحاق بن عمار الصيرفي ، من أصحاب
الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، راجع رجال النجاشي : 71 ، معجم رجال الحديث 3 : 52 و 61 .
( 4 ) في " م ، ط " : الطير .
( 5 ) الخرائج والجرائح 1 : 313 / 6 ، الثاقب في المناقب 462 / 391 ، كشف الغمة 2 : 247 ، الصراط
المستقيم 2 : 190 / 6 .
‹ هامش ص 341 ›
( 1 ) زاد في البحار والعوالم الناقلين عن البصائر : عن الحارث بن المغيرة النضري ، والظاهر صحته كما يبدو
ذلك من سياق الكلام ، والسؤال والجواب . وفي سند البصائر : 284 / 11 : عن خالد .
( 2 ) ذكر الطبري في تاريخه 10 : 53 في حوادث هذه السنة وقوع الوباء بمكة ، فراجعه .
( 3 ) بصائر الدرجات : 284 / 11 و : 285 / 16 ، الخرائج والجرائح 2 : 714 / 12 ، مدينة المعاجز :
439 / 39 ، البحار 48 : 55 / 61 ، عوالم الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : 105 / 14 .
( 4 ) في " ع ، م " : سعد ، راجع معجم رجال الحديث 10 : 197 .
( 5 ) في " ع " : ناحيته .
( 6 ) فرج المهموم : 231 .
( 7 ) في المناقب : علي بن أبي حمزة ، والظاهر الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه
‹ هامش ص 342 ›
( 1 ) أي ثيابي " لسان العرب - بزز - 5 : 311 " .
( 2 ) هو ما تصان فيه الكتب " لسان العرب - قمطر - 5 : 117 " .
( 3 ) في " ع ، م " زيادة : يد .
( 4 ) هما محمد والحسن ابنا علي بن أبي حمزة ، كما في المناقب .
( 5 ) الهداية الكبرى : 267 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 304 " نحوه " ، إثبات الهداة : 5 : 569 / 131 ، مدينة
المعاجز : 439 / 41 .
‹ هامش ص 343 ›
( 1 ) بصائر الدرجات : 365 / 19 ، الخرائج والجرائح 1 : 359 / 13 ، مناقب ابن شهرآشوب 4 : 334 ، كشف
الغمة 2 : 305 ، الصراط المستقيم 2 : 197 / 10 .
( 2 ) ( ووليه ) ليس في " م " .
‹ هامش ص 345 ›
( 1 ) السكرجة : إناء صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الأدم " مجمع البحرين - سكرج - 2 : 310 " .
( 2 ) في " ع ، م " : قم .
( 3 ) نوادر المعجزات : 160 / 3 ، مدينة المعاجز : 440 / 44 .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
|