الاستعداد ليلة النصف من شعبان
قال السيد ابن طاووس : فيما نذكره من عمل الليلة النصف من شعبان اعلم إننا ذاكرون من أعمال هذه الليلة السعيدة ، بعض ما رويناه و رأيناه من العبادات الحميدة ، و نجعلها بين يديك ، فاختر لنفسك ما قد عرض لك الله جل جلاله من السعادة بذلك عليك ، فسيأتي وقت يطوى فيه بساط الحياة بيد الوفات ، و يطوي فيه صحائف الأعمال ، فلا تقدر على الزيادة في الإقبال . و ان توقفت نفسك عن العمل بجميع ما ذكرناه ، أو تكاسلت و اشتغلت بما ضره أكثر من نفعه ، أو بما لا بقاء لنفعه من شواغل دار الزوال ، فحدثها بما نذكره من المثال ، فتقول : ما تقول لو ان بعض ملوك دار الفناء احضرك مع الجلساء ، و قدم بين يديك خلعا مختلفة السعود و أموالا مختلفة النقود ، و كتبا بأملاك و عقار و تواقيع بولايات صغار و كبار ، و أنت محتاج إلى شئ من هذه السعادات المبذولات . فمهما كنت فاعلا من الاستقصاء في طلب غايات تلك الزيادات ، فليكن اهتمامك بما عرضه الله جل جلاله عليك ، و احضره في هذه الليلة بين يديك من خلع دوام اقبالك و تمام آمالك و مساكنك الباقية التي تحتاج إليها ، و الذخائر التي تعلم انك قادم عليها على قدر اهتمامك بما بذله سلطان الدنيا لك و عرضه عليك ، و بقدر التفاوت بين فناء المواهب الدنيا الزائلة و دوام بقاء مطالب الآخرة الكاملة . و الا متى نشطت عند العاجل و كسلت عند الآجل ، فكأنك لست مصدقا بالبدل الراجح و الرسول الناصح ، و انك مصدق بذلك المطلوب ، لكنك سقيم بعيوب القلوب و الذنوب ، فأنت كالمقيد المحجوب أو المطرود المغلوب ، فاشتغل رحمك الله بدواء أسقامك و ثبوت أقدامك 3 .
|