.فإن ما نريد الإشارة إليه هو :
1 ـ المهدي من أهل البيت :
قال معاوية لابن عباس:
« و قد زعمتم : أن لكم هاشمياً ، و مهدياً قائماً ، و المهدي عيسى بن مريم . و هذا الأمر في أيدينا حتى نسلمه إليه » .
فأجابه ابن عباس :
« و أما قولك : أنا زعمنا : إن لنا ملكاً مهدياً ، فالزعم في كتاب الله شك ، قال تعالى : ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ... ﴾ 1 و كل يشهد : إن لنا ملكاً لو لم يبق إلا يوم واحد ملكه الله فيه » 2 .
فابن عباس يقول لمعاوية « و كل يشهد : إن لنا ملكاً الخ . . » .
الأمر الذي يدل دلالة واضحة على أن شيوع أن المهدي من أهل البيت قد كان في ذلك الزمان ، زمان معاوية ، من الاشتهار بحيث لم يستطع معاوية أن يتجاهله . . كما أنه لم يستطع أن يجيب ابن عباس في شأنه ، و تقرير : أن الكل يشهد بذلك . . بشيء .
و مما يؤيد ذلك : ـ و إن كان أعوان الأمويّين قد زادوا في الرواية كذبة مفضوحة ـ ما رواه ابن سعد ، عن ابن أبي يعفور ، قال: قلت لمحمد بن علي 3 : إن الناس يزعمون : أن فيكم مهدياً . فقال : إن ذاك كذلك . و لكنه من بني عبد شمس 4 .
و هكذا . . فقد كان شايعاً عند الناس أن في أهل البيت مهدياً منذ ذلك الحين . . و لكن العبارة الأخيرة أعني قوله « و لكنه من بني عبد شمس » لا ريب في كونها موضوعة . . فإن مئات الأحاديث الدالة على أن المهدي من أهل البيت ، و التي تعيّنه في الحجة ابن الحسن ( عليه السلام ) لخير دليل على أن هذا الذيل مكذوب على أهل البيت ( عليه السلام ) ، و كتاب منتخب الأثر للعلامة الصافي قد جاء بما فوق الكفاية في هذا المجال ، كما أشرنا إليه من قبل . .
و عن الوليد بن محمد المقري قال : كنت مع الزهري بالرصافة ، فسمع أصوات لعّابين ، فقال لي : يا وليد ، أنظر ما هذا ، فأشرفت من كوة في بيته ، فقلت أ و يملكون ؟! قال: حدّثني علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن فاطمة ( عليهم السلام ) : أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال لها : " المهدي من ولدك" 5 .
و أخيراً . . فإن البعض يرى : أن خالد بن يزيد بن معاوية المتوفى سنة 85هـ . هو الذي وضع حديث السفياني ليقابل به حديث المهدي 6 .
2 ـ محمد بن الحنفية :
و قد كان المختار يزعم : أن ابن الحنفية هو المهدي 7 ، و المختار قد قتل سنة 67هـ .
و ادعاء الكيسانية لمهدية ابن الحنفية لا يخفي على أحد . . و الكيسانية قد عاشوا في القرن الأول و الثاني كما هو معلوم بل هم يقولون : أن المختار نفسه كان اسمه كيسان فسميت الكيسانية باسمه . .
3 ـ موسى بن طلحة :
و قال ابن سعد : « و قدم المختار بن أبي عبيد الكوفة ، فهرب منه وجوه أهل الكوفة ، فقدموا علينا هاهنا البصرة ، و فيهم موسى بن طلحة بن عبيد الله . قال : و كان الناس يرون زمانه هو المهدي . قال : فغشيه ناس الخ . .» 8 .
4 ـ أبو هاشم ابن محمد بن الحنفية :
قال النوبختي : « و قالت فرقة : مثل قول الكيسانية في أبيه : بأنه المهدي ، و أنه حي لم يمت الخ . .» 9 .
و قال أيضاً : « و فرقة قالت : أن الإمام القائم المهدي هو ( أبو هاشم ) » 10 .
5 ـ عمر بن العزيز :
قال ابن كثير : « . . قال الإمام أحمد : عن عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، أنه قال : إن كان في هذه الأمة مهدي ، فهو عمر بن عبد العزيز . .» 11 .
و قال : « و نحو هذا قال قتادة ، و سعيد بن المسيب ، و غير واحد . . » .
و قال طاووس : هو مهدي ( أي بالمعنى اللغوي ) ، و ليس به ؛ إنه لم يستكمل العدل كله ، إذا كان المهدي ثبت على المسيء من إساءته ، و زيد المحسن في إحسانه ، سمح بالمال ، شديد على العمال ، رحيم بالمساكين 12 و قد ذكر ابن سعد روايات عن عمر ، و عن ابن عمر ، و غيرهما تؤيد مهدوية عمر بن عبد العزيز .
كما و ذكر ما يؤيد قبول سعيد بن المسيب بمهديته أيضاً .
و قال : الحسن : إن كان مهدي فعمر بن عبد العزيز ، و إلا فلا مهدي إلا عيسى بن مريم 13 .
بل لقد كذبوا على أهل البيت أنفسهم ، فوضعوا روايات عن الباقر عليه السلام ، و عن فاطمة بنت علي عليه السلام تؤيد مهدية عمر بن عبد العزيز هذا . . 14 .
و لسنا بحاجة إلى تفنيد هذه الروايات بعد المئات بل الالآف من الروايات المؤكدة على مهدية الحجة بن الحسن العسكري ، و التي أورد جانباً كبيراً منها في كتاب « منتخب الأثر » حسبما أشرنا إليه . .
6 ـ الإمام الباقر عليه السلام :
عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « يزعمون أني أنا المهدي ، و إني إلى الأجل أدنى مني إلى ما يدّعون » 15 و الإمام الباقر عليه السلام إنما توفي سنة 114 أو 116 هـ .
7 ـ عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر :
« فلما هلك عبد الله بن معاوية ، افترقت الخربية ( و الصحيح الحارثية وهم أتباع عبد الله بن الحرث ) 16 بعده فرقتين :
أ ـ فرقة قالت : إنه حي بجبال أصبهان ، و لا يموت حتى يلي أمور الناس ، و يملأ الأرض عدلاً ، و أنه المهدي المنتظر عندهم ، و منهم من يقول : حتى يقود نواصي الخيل مع المهدي الخ . . .» 17 .
و عبد الله بن معاوية قد قتل سنه 129هـ . كما هو معلوم .
8 ـ إسماعيل بن الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
و قد توفي إسماعيل بن جعفر سنة 133هـ . و قد أنكرت فرقة موته ، و قالوا : « لا يموت حتى يملك الأرض ، يقوم بأمر الناس ، و أنه هو القائم » 18 .
9 ـ محمد بن عبد الله بن الحسن :
لقد ادعى محمد بن عبد الله الحسن المولود سنة مئة : أنه هو المهدي ، بل يظهر من بعض الأشعار و النصوص : أنهم كانوا يعتقدون بمهدية محمد هذا من حين ولادته 19 .
و قد قبل كثير من علماء الأمة و شخصياتها مهديته ، و هو شاب ، و قد كان شيوخ الاعتزال مثل عمرو بن عبيد ، و واصل بن عطاء ، و حفص بن سالم ، و غيرهم يدعون الناس إلى بيعته . . . و قضيتهم مع الإمام الصادق ( عليه السلام ) إبّان قتل الوليد بن يزيد سنة 116هـ . معروفة و مذكورة في كتب الحديث 20 .
مع أن المعتزلة كانوا يقيسون النصوص الدينية بمقياس هذا العقل الموجود لديهم ، و هم أصحاب الفكر الحر ، الذين لا يقلدون غيرهم ، و لا يقبلون أي أمر إلا بعد البحث و النظر و التدقيق فيه كما هو معلوم . . فلو كان هناك ما يفسح المجال لهم بالنقاش في هذا الأمر لم يتوقفوا عن ذلك .
و على كل حال . . فقد قبل الناس على نطاق واسع ـ باستثناء الإمام الصادق عليه السلام 21 ـ دعواه ، و دعوى أبيه عبد الله بن الحسن هذه ، و بايعوه . .
و يعترف المنصور العباسي : بأن المبايعين له هم :
« ولد علي ، و ولد جعفر ، و عقيل ، و ولد عمر بن الخطاب ، و ولد الزبير بن العوام ، و سائر قريش ، و أولاد الأنصار . . » 22 .
و يقول أبو الفرج الأصفهاني :
« لم يشك أحد : أنه « المهدي » ، شاع ذلك له في العامة . و بايعه رجال من بني هاشم جميعاً : من آل أبي طالب ، و آل العباس ، و سائر بني هاشم» 23 .
بل لقد بايعه المنصور ، و السفاح ، و إبراهيم الإمام ، و صالح بن علي 24 . . و غيرهم و لقد كان المنصور يفتخر بمهدية محمد ، و يتبجح بها 25 .
و كما أيد شيوخ الاعتزال مهديته و ثورته ، كذلك أيدها أيضاً العلماء و الأئمة ، حيث أفتوا ، و حثوا الناس على الخروج معه و مع أخيه إبراهيم . .
فكان سفيان الثوري يقول: « إن يرد الله خيراً بهذه الأمة يجمع أمرها على هذا الرجل » . و حينما قتل إبراهيم ، قال « ما أظن الصلاة تقبل ، إلا أن الصلاة خير من تركها » 26 .
و كان ابن عجلان فقيه أهل المدينة و عابدهم غير مدافع ، و كان له حلقة في مسجد النبي ( صلى الله عليه و آله ) يفتي فيها الناس و يحدثهم ، فلما خرج محمد بن عبد الله الحسن خرج معه ، فلما قتل و ولي جعفر بن سليمان المدينة بعث إلى ابن عجلان فأتى به ، و أراد قطع يده ، فقام من حضر جعفراً من فقهاء المدينة و أشرافها ، فقالوا : أصلح الله الأمير ، محمد بن عجلان فقيه أهل المدينة و عابدهم ، و إنما شبه عليه ، و ظن أنه المهدي الذي جاءت فيه الرواية الخ 27 .
و كان الأعمش يقول : « ما يقعدكم ؟ أما أني لو كنت بصيراً لخرجت » 28 . .
و كان أبو حنيفة يحث الناس على الخروج في هذه الثورة ، و يقول: « إن القتيل مع إبراهيم يعدل قتله لو قتل يوم بدر ، و شهادته مع إبراهيم خير له من الحياة . . » 29 .
و لأجل موقفه هذا دسّ إليه المنصور السّم ، كما يقولون . . 30 .
و يستفتى مالك بن أنس في الخروج مع محمد ، و يقال له : إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر ، فيقول : « إنما بايعتم مكرهين ، و ليس على كل مكرهٍ يمين . فأسرع الناس إلى محمد » 31 . .
و حينما عاتب جعفر بن سليمان عبد الله بن جعفر على خروجه مع محمد ، قال : « ما خرجت معه ، و أنا أشك في أنه المهدي ؛ لما روي لنا في أمره ؛ فما زلت أرى أنه هو حتى رأيته مقتولاً . . » 32 .
و هكذا كان موقف شعبة ، و غيرهم ، و غيرهم ، ممن لا مجال لذكرهم هنا . .
كما أن محمداً قد أخبر أهل المدينة :أنه لم ينزل بلداً من البلدان إلا و قد بايعوه على السمع و الطاعة ، فبايعه أهل المدينة كلهم إلا القليل 33 .
نعم . . لقد بلغ من عظمة هذه الثورة و قوتها ، المعتمدة على ادعاء المهدية لقائدها ، و التي استطاعت أن تستقطب مختلف الفئات و الطبقات ، و لا سيما العلماء و الفقهاء ، من أمثال أبي حنيفة و مالك و أضرابهما ، و حتى المعتزلة ، فضلاً عن غيرهم .
لقد بلغ من عظمتها و قوتها : أن جعلت المنصور يرسل إلى أبواب عاصمته ( الكوفة ) إبلاً و دواباً ، حتى إذا جاء الجيش الفاتح من جهة ، هرب هو من الجهة الأخرى 34 . .
و هناك الكثير مما يدل على رعب المنصور من هذه الثورة ، التي بويع لقائدها في مختلف الأقطار و الأمصار الإسلامية .
و لا تكاد تعثر على منكر لمهدية محمد هذا إلا ما كان من الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، حيث عرف عليه السلام أنه ليس هو ، بل إن محمداً هذا سيقتل بأحجار الزيت كما أخبر به هذا الإمام العظيم . . و لعل عمرو بن عبيد ، الذي حاول أن يقنع الإمام الصادق ( عليه السلام ) بالبيعة لمحمد في سنة 126هـ . قد بلغه شيء حول هذا الموضوع من قبل الصادق ( عليه السلام ) ، و لأجل ذلك قعد عن محمد هذا في سنة 145هـ . كما أشار إليه بعض المحققين .و لكن إنكار الإمام الصادق ( عليه السلام ) لم يكن إلا إنكاراً لانطباق المهدي الموعود عليه ، لا للمهدية من الأساس كما هو معلوم . .
10 ـ المهدي العباسي :
بل إن المنصور نفسه قد لقّب ولده بـ « المهدي » في محاولة لصرف الناس عن محمد هذا . . فقد أرسل مولى له إلى مجلس محمد بن عبد الله ، و قال له :
« اجلس عند المنبر ، فاسمع ما يقول محمد . قال : فسمعته يقول : إنكم لا تشكون أني أنا المهدي ، و أنا هو . فأخبرت بذلك أبا جعفر ؛ فقال :
« كذب عدوّ الله ، بل هو ابني » 35 . .
ثم . . و من أجل إقناع الناس بهذا الأمر؛ وجد المنصور من يضع له الأحاديث ، و يكذب على رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، و طبّق واضعوها « مهديّ الأمة » على ولده الذي لقبه هو بـ «المهدي» 36 .
يقول القاضي النعمان الإسماعيلي المتوفى سنة 363هـ في أرجوزته :
مـن انتظاره و قد تسمى *** بهذه الأسماء ناس لما
تغلبوا لـيجعلوها حجة *** فعدلوا عن واضح المحجة
إذ مثلوا الجوهر بالأشباه *** منهم محمد بن عبد الله
ابن علي من بني العباس *** ذوي التعدي الزمرة الأرجاس
إذ وافق الاسم تسمى« مهدي » *** و هذه من الدواهي عندي 37 .
و قال المقدسي : « وقد قال قوم : إن المهدي محمد بن أبي جعفر ، لقبه المهدي ، و اسمه محمد ، و هو من أهل البيت الخ . . . » 38 .
و لكننا نشك في أن يكون ثمة « قوم » قد قبلوا مهديته ؛ لأننا من خلال سبرنا للتاريخ نجد : أن المهدي العباسي لم يوفق إلى من يعترف بمهديته حقاً ، إلا سلم الخاسر 39 الذي كان عنده قرآن فباعه ، و اشترى بثمنه طنبوراً . فهو يقول في مدح المهدي العباسي :
له شيم عند بذل العطاء *** لا يعرف الناس مقدارها
و « مهدي أمتنا » و الذي *** حماها و أدرك أوتارها 40
و السيد الحميري ـ أيضاً هو بدوره قد كان ممن ظن أنه المهدي حقاً ، لكن سيرته و أفعاله قد بينت للناس : أنه ليس هو 41 . . يقول السيد رحمه الله تعالى :
ظننا أن المهدي حقاً *** و لا تقع الأمور كما ظننا
و لا والله ما المهدي إلا *** إماماً فضله أعلى و أسنى 42
بل إن المنصور نفسه قد أنكر: أن يكون كل من ابنه و منافسه الآخر ( أعني محمد بن عبد الله بن الحسن ) هو المهدي . .
يقول سلم بن قتيبة :
« أرسل إليّ أبو جعفر ، فدخلت عليه ، فقال: قد خرج محمد بن عبد الله و تسمّى بـ « المهدي » . و والله ، ما هو به . و أخرى أقولها لك ، لم أقلها لأحد قبلك ، و لا أقولها لأحد بعدك : و ابني والله ، ما هو بالمهدي ، الذي جاءت به الرواية ، و لكنني تيمنت به ، و تفاءلت به » 43 .
و الخليفة المهدي نفسه يقر : بأن أباه فقط يروي : أنه المهدي الذي بعده في الناس 44 . .
هذا . . و قد ادعت فرقة المهدية لـ :
11 ـ الإمام الصادق( عليه السلام ) :
بعد موته 45 ، و قد مات عليه السلام سنة 148 هـ . و فرقة ادعتها لـ :
12 ـ الإمام الكاظم( عليه السلام ) :
بعد موته 46 ، و فرقة ادعت أن :
13 ـ محمد بن إسماعيل بن جعفر ( عليه السلام ):
المتوفى سنة 198هـ . هو المهدي 47 . و كان:
14 ـ محمد بن جعفر :
يرجو أن يكون هو المهدي لعلامات رآها حاصلة فيه 48 .
و يأتي بعد القرن الثاني :
15 ـ محمد بن القاسم :
الخارج على المعتصم بالطالقان ، فقد ادعي أنه هو المهدي 49 و فرقة قالت: إن :
16 ـ يحيي بن عمر :
الخارج على المستعين ، هو المهدي 49 . و فرقة قالت : إن :
17 ـ الحسن بن القاسم :
المقتول سنة 404هـ . هو المهدي 50 .
|