رسالات السماء و المصلح المنتظر
اتفقت رسالات السماء اجمع ، على البشارة بالمصلح المنتظر ، الذي يقيم العدل ، و ينسف الجود ، و يطهّر الأرض من فساد ينموها ، و يطبّق أرجاءها ، و يثقل مناكبها بما تكسب أيدي الناس .
اتفقت رسالات السماء أجمع على البشارة بهذا المصلح المنتظر ، حتّى ما حُرّف من هذه الأديان عن وجهته الصحيحة ، و لعبت به الأهواء و الآراء ، و اتفق معها كثير من الأديان الأخرى التي وضعها ابن الأرض و نسبها افتراءً إلى وحي السماء .
اتفقت رسالات السماء على ذلك ، فكلّها تُبَشرّ ، و كلّها تنتظر ، و أكثرها يصف خروج هذا المصلح العظيم ، و يذكر ملامحه ، و يشير الى سيرته ، و صفات الزمان الذي يخرج فيه .
و ستر الاتفاق بين الأديان على هذا الأمر ، و التعاقد الكامل بينهما على ذكره و التأكيد عليه : أن هذا المصلح المنتظر هو أمل الأديان الذين يحقّق لها غايتها ، و يتمّ أشواطها ويطبّق مناهجها ، ويقيم عدل الله على جديد الأرض ، فلا ميل و لا جور و لا عسف .
و هو أمل الإنسانية الذي تسمو به عن موارد الهون ، و يأخذ بيدها إلى الخير الأعلى ، و يجزّ أيدي العابثين بمقدّراتها ، ويدكّ صروح المتحكمين في شؤونها ، المستهزئين بقيمها و مُثُلها . أمل الإنسانية و رجاؤها الذي يشدّ قلب الضعيف ، و يطامن من غلواء القوى ، ويهذّب شذوذ المنحرف .
و هو أمل الحياة الذي يقوّم أودها . ويوحّد أنظمتها ، ويقود سيرتها ، نعم . و لو لا هذا الأمل المرجو أن تبلغه الأديان وتبلغه الانسانية و الحياة في يوم من الأيام ، لكانت الحياة نَكَداً من النّكَد ، وشراً مستطيراً من الشر ، و عبءً ثقيلاً على الأحساء ، و ما حياة شيء يعيش محطّم الأمل ، مقطوع الرجاء ، مجذوذ الغاية؟ .
|