عرض مشاركة واحدة
قديم 06-28-2010, 05:30 PM   #2
عاشقة حيدر
موالي نشيط
أميـــ الجنوب ــرة


الصورة الرمزية عاشقة حيدر
عاشقة حيدر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 54
 تاريخ التسجيل :  Jun 2010
 أخر زيارة : 08-20-2010 (07:27 PM)
 المشاركات : 80 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Lebanon
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Aqua
افتراضي





ملاحقة الأفكار المنحرفة

وهناك قصة ينقلها ابن شهرآشوب في (المناقب) عن أبي القاسم الكوفي في كتاب (التبديل) تدلّ على أن الإمام العسكري(ع) كان يلاحق التطوّر الثقافي في مواجهة الفكر الإسلامي، بحيث كان يلاحق المفكرين في زمانه، وخصوصاً الذين يعملون على تهديم الأسس العقيدية والثقافية للإسلام، ومنهم فيلسوف العراق، ويُقال أيضاً فيلسوف العرب (يعقوب بن إسحاق الكندي)، فيروي ابن شهرآشوب عن الكندي: "أخذ في تأليف تناقض القرآن وشغل نفسه بذلك وتفرّد به في منزله، وإن بعض تلامذته دخل يوماً على الحسن العسكري، فقال له أبو محمد(ع): "أما فيكم رجل رشيد يردع أستاذكم الكندي عمّا أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟ فقال التلميذ: نحن من تلامذته، كيف يجوز منّا الإعتراض عليه في هذا أو في غيره؟ فقال له أبو محمد(ع): أتؤدي إليه ما ألقيه إليك؟ قال: نعم، قال: فَصِرْ إليه وتلطّف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله ـ فالشرط الأول أن تدخل قلبه لتستطيع أن تدخل عقله، وهذا أسلوب من أساليب الحوار في القران، وهو أنك إذا أردت أن تدخل في حوار فكري مع شخص آخر تختلف معه لتقنعه بما أنت فيه، أو لتناقشه فيما هو فيه، فعليك أولاً أن تفتح قلبه بالكلمة الحلوة والإطلالة الحلوة والأسلوب الحلو، لا أن تكفّره وتزندقه وتجهّله {وجادلهم بالتي هي أحسن} [النحل:125]، {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} [الإسراء:53].

ـ فإذا وقعت الأنسة في ذلك، فقل: قد حضرني مسألة أسألك عنها، فإنه يستدعي ذلك، فقل له: إن أتاك هذا المتكلّم بالقرآن (أي الذي يوحي لك بهذه الأفكار)، هل يجوز أن يكون مراده بما تكلّم به غير المعاني التي قد ظننت أنّك قد ذهبت إليها؟ فإنّه سيقول: إنه من الجائز، لأنّه رجل يفهم إذا سمع ـ وعظمة أهل البيت(ع) أنهم لا ينكرون على الذين يختلفون معهم صفاتهم الإيجابية، خلافاً لما هو دائر بيننا، فإذا اختلفنا مع شخص فلا نتحدّث عنه بخير ولو بنسبة واحد بالمائة، فمع أن الكندي ألّف كتاباً في تناقض القرآن وهو أمر خطير، لكن الإمام(ع) يقول لتلميذه إنه سيقول لك من الجائز، لأنه رجل مفكّر، ولأنه رجل منسجم مع نفسه، فإذا جئته بفكرة معقولة، فإنها سوف تدخل عقله ولا يتعصّب في رفضها ويتشبّث بقناعاته ـ فإذا أوجب ذلك ـ فإذا رأيته استجاب للمسألة ـ فقل له: فما يدريك، لعلّه قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه فيكون واضعاً لغير معانيه.

فصار الرجل إلى الكندي، وتلطّف إلى أن ألقى هذه المسألة، فقال له: أعد عليّ، فأعاد عليه، فتفكّر في نفسه، ورأى أنّ ذلك محتملٌ في اللغة وسائغٌ في النظر ـ فاللغة العربية مرنة متحرّكة، فقد يفهم بعض الناس الكلام على أنه الحقيقة وهو من المجاز، وقد يفهم أن المراد هو المعنى اللغوي والمقصود هو المعنى الكنائي.

فقال: أقسمت عليك إلا أخبرتني من أين لك؟ فقال: إنه شي‏ء عرض بقلبي فأوردته عليك، فقال: كلاّ، ما مثلك من اهتدى إلى هذا، ولا من بلغ هذه المنزلة، فعرّفني من أين لك هذا؟ فقال: أمرني به أبو محمد(ع)، فقال: الآن جئت به، وما كان ليخرج مثل هذا الأمر إلا من ذلك البيت "الذي زقّ أهله العلم زقاً ـ والذين يعيشون صفاء الحقيقة واستقامة التفكير والجدل من أجل الوصول إلى الحقيقة ـ ثم إنه دعا بالنار وأحرق جميع ما كان ألّفه"(10).

فالإمام العسكري(ع) كان يتابع بدقّة ما يجري على الساحة الفكرية في عهده، ويناقش الأفكار المنحرفة التي تُطرح هنا وهناك، وكان يواجهها بالحجّة وبالأسلوب العلمي، لأنه يعرف أنّ شخصاً مثل الكندي الذي هو فيلسوف العراق، لا يمكن أن تردّه عمّا هو فيه بالأساليب السلبية كالشتائم والتكفير والتضليل وما إلى ذلك، مما يستخدمه المتفلسفون الذين لا يملكون الحجّة على ما يواجهون به الذين يختلفون معهم.

وهناك حديث آخر أيضاً يحاول الإمام(ع) أن يردّ فيه بعض الشبهات. فعن الكليني بإسناده عن إسحاق بن محمد النخعي، قال: "سأل الفهفكي أبا محمد(ع) السؤال المطروح دائماً: {للذكر مثل حظّ الأنثيين} [النساء:11]، فلماذا جعل الله المرأة الطرف الضعيف وأنقص من حقها وجعل الرجل الطرف القويّ وجعل له الحظّ الأوفر، ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين؟! فقال أبو محمد(ع): "إنّ المرأة ليس عليها جهاد ـ بينما الرجل عليه جهاد، وكان الرجل في الجهاد يأخذ سلاحه، فلم تكن الدولة تعطي المقاتل سلاحاً، بل يشتريه ويحمل معه مؤونته وراحلته ـ ولا نفقة للمرأة ـ فلا يجب عليها أن تنفق على الرجل ولا على أولادها، بل الرجل هو الذي ينفق عليها ـ ولا عليها معقلة" ـ فإذا قتل شخص إنساناً خطأ، فإنّ الدية تتحملها العاقلة، وهي الرجال من الأقرباء، أما النساء فلا يدفعن الدية، فالله عندما أعطى الرجل أعطاه بمقدار ما أخذ منه، فقد حمّله مسؤولية الجهاد ونفقة العائلة ونفقة الزوجة، وجعله مشاركاً في الدية التي تكون على العائلة، أما المرأة فإنه لم يلزمها بذلك، ومعنى ذلك أنّ حصة المرأة أصبحت أكثر من حصة الرجل، وكأنَّ الإمام(ع) يريد أن يقول له: ليست المسألة هي أنه كم أعطاك، لكن كم أخذ منك، فَمَنِ الرابح في الطرفين في المحصّلة؟ إنَّ المرأة إذا تزوجت تأخذ مهراً وتأخذ النفقة، فلا تنفق من مالها، ثم إنَّ نفقة الأولاد على الرجل أيضاً، فمالها يبقى ثابتاً لا يتحرّك.

يقول ـ فقلت في نفسي قد قيل لي إن ابن أبي العوجاء قد سأل أبا عبد الله(ع) فأجابه بهذا الجواب ـ والإمام العسكري(ع) التقط ما في نفسه قبل أن يتحدّث به ـ فأقبل أبو محمد(ع)، فقال: »نعم، هذه المسألة مسألة ابن أبي العوجاء والجواب منّا واحد ـ فنحن لا نختلف والإمام الصادق(ع)، فجوابنا واحد إذا كان معنى المسألة واحداً ـ جرى لآخرنا ما جرى لأولنا؛ وأوّلنا وآخرنا في العلم سواء ـ ليس هناك إمام أفضل من إمام ـ ولرسول الله(ص) ولأمير المؤمنين(ع) فضلهما"(11).

وهذه حقيقة إيمانية لا بدّ أن ننتبه إليها، وهي أن الإمام(ع) يؤكد في هذه الرواية أنَّ الأئمة(ع) حتى لو صدر من بعضهم ولم يصدر من البعض الآخر إلا أقل من ذلك بسبب الظروف التي تتسع لبعض وتضيق عن آخر، إلا أن قاعدة العلم واحدة للأول وللآخر.


 
 توقيع : عاشقة حيدر


اللهم صل على ذات المظلمتين.. ام الحسنين.. وصاحبة الشرفين..وسيدة الكونين.. .. الحوراء الانسية.. والدرة السماوية ..والاية الكوثرية.. والراضية المرضية..
لعن الله قاتليك وظالميك وغاصبيك حقك
والمشككين بعظيم قدرك يا مولاتي ..
يـــــا زهــــراء..




حبــــك غــــرامي يا حيــــــدر الكــــــرار يا علـــــــي
مواضيع : عاشقة حيدر



رد مع اقتباس