![]() |
جواب الشبهة الأولى :
[ جواب الشبهة الاولى ]
حوار مع فضل الله حول الزهراء (س) - السيد هاشم الهاشمي - ص 118 - 122 جواب الشبهة الأولى : ولكن يجاب عن هذا الاستدلال أن الرواية التي قرنت بين طهارة مريم وطهارة الزهراء عليها السلام - وهي الرواية الأولى من الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليها السلام - قد مر ضعف سندها ، فلا يصح سريان التشكيك لان الروايات النافية لطهارة مريم عليها السلام فيها الصحيح على مبنى البعض والروايات المثبتة لطهارتها ليس فيها الصحيح ولا تعارض بين الصحيح وغير الصحيح ، بل لو كانت الرواية المثبتة لطهارة مريم عليها السلام صحيحة فإن التشكيك لا يسري إلى طهارة الزهراء عليها السلام أيضا لأنه في تلك الحالة يتحقق التعارض بين الروايات المثبتة لطهارة مريم عليها السلام والنافية لها فقط ، ولا يتحقق التعارض بالنسبة لطهارة الزهراء عليها السلام لأنه لا توجد رواية تنفي طهارتها من الدم ، والرواية التي فرضنا صحتها تثبت الطهارة للزهراء عليها السلام أيضا ولا تنفيها . ‹ صفحة 119 › نعم بالنسبة لصحيحة علي بن جعفر فإنه قد يقال بتحقق التعارض بين إثبات الطهارة لمريم عليها السلام باعتبارها بنت نبي ، وبين الروايات النافية لطهارتها ، ولكن قد ثبت أن لا تعارض بين العام والخاص ، فلا تنافي الروايات النافية لطهارة مريم عليها السلام عموم صحيحة علي بن جعفر من أن بنات الأنبياء لا يطمثن ، فتخرج مريم عن حكم العام لتكون مشمولة بحكم الخاص ، ولا يؤثر ذلك الخروج في بقاء حكم العام في بقية الافراد بما فيهم الزهراء عليها السلام . وجوه أخرى في تفسير الآية : والملاحظ في الروايات الأربعة السابقة أنها اعتمدت في نفي تنزه مريم عليها السلام عن الحيض على تفسير قوله تعالى ( وليس الذكر كالأنثى ) على أن مريم كأنثى لا يمكن أن تكون محررة للمسجد لإصابتها لدم الحيض وبالتالي لزوم خروجها من المسجد لقضاء صلاتها . ولكن هناك وجوها أخرى في تفسير الآية الشريفة سواء في الرواية أو في أقوال مفسري الامامية ، ومنها : 1 - وجه التفاوت هو عدم صلاحية المرأة للرسالة : ويدل على هذا المعنى عدة روايات ، تفيد أن امرأة عمران قد بشرت بنبي ، فلما ولدت مريم قالت وليس الذكر كالأنثى لأنها تعلم أن البنت لا تكون رسولا ، ومن تلك الروايات : 1 - روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : ( إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله ، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل ، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي أم مريم ، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام ، فلما وضعتها قالت : ( إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى ) ، أي لا تكون البنت رسولا ، يقول الله عز وجل : ( والله أعلم بما وضعت ) ، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه ، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك ) ( 1 ) . وسند الحديث صحيح . وكذلك رواه القمي في تفسيره بنفس المتن وبسند صحيح ، عن أبيه ثم باقي السند ( 2 ) . 2 - روى العياشي بسنده عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعت يقول : ( أوحى الله إلى عمران إني واهب لك ذكرا يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بأن الله ، ورسولا إلى بني إسرائيل ، قال : فأخبر بذلك امرأته حنة ، فحملت فوضعت ‹ صفحة 120 › مريم ، فقالت : رب إني وضعتها أنثى ، والأنثى لا تكون رسولا ، وقال لها عمران ، إنه ذكر يكون منها نبيا ، فلما رأت ذلك قالت ما قالت ، فقال الله وقوله الحق ( والله أعلم بما وضعت ) ، فقال أبو جعفر عليه السلام : فكان ذلك عيسى بن مريم ، فإن قلنا لكم إن الامر يكون في أحدنا فكان في ابنه وابن ابنه وابن ابن ابنه فقد كان فيه ، فلا تنكروا ذلك ) ( 1 ) . ب - وجه التفاوت هو عدم صلاحية المرأة للخدمة : ويظهر من بعض الروايات أن الأنثى لا تتمكن من خدمة الرجال في المسجد بعد بلوغها لمنافاته مع الستر والعفة ، كما في رواية حريز عن أحدهما عليهما السلام قال : ( نذرت ما في بطنها للكنيسة أن تخدم العباد ، وليس الذكر كالأنثى في الخدمة ، قال : فشبت فكانت تخدمهم وتناولهم حتى بلغت ، فأمر زكريا أن يتخذ لها حجابا دون العباد ، فكان يدخل عليها . . . ) ( 2 ) . وقال القمي في تفسيره : ( فلما بلغت مريم صارت في المحراب ، وأرخت على نفسها سترا وكان لا يراها أحد ، وكان يدخل عليها زكريا المحراب . . . ) ( 3 ) . وذهب بعض المفسرين أن وجه التفاوت يعود إلى هذا الوجه ورؤية الأنثى للدم ، قال الشيخ الطوسي : ( وقوله ( وليس الذكر كالأنثى ) اعتذار بأن الأنثى لا تصلح لما يصلح له الذكر ، وإنما كان يجوز لهم التحرير لخدمة المسجد المقدس ، لما يلحقها من الحيض والنفاس ، والصيانة عن التبرج من الناس ) ( 4 ) . ومع وجود الاختلاف الوارد في تفسير الآية مع صحة سند بعض الوجوه الأخرى كعدم صلاحية المرأة للرسالة ، وبناء على ضعف سند رواية إسماعيل الجعفي بالمعلى بن محمد البصري على رأي المشهور فإنه لا يوجد أي دليل معتبر على رؤية مريم عليها السلام للطمث ، وبالتالي ترتفع الشبهة الأولى من الأساس . ولذا نجد أن بعض علماء الامامية ذهبوا إلى طهارة مريم عليها السلام كالطبرسي في تفسير قوله تعالى ، ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) حيث قال : ( . . . ( وطهرك ) من الأدناس والأقذار العارضة للنساء مثل الحيض والنفاس ) ( 5 ) . وكلام الطبرسي وإن كان مخالفا لما ذكره في تفسيره مجمع البيان الذي يظهر منه رؤية مريم عليها السلام للدم إلا إن تفسيره جوامع الجامع من أواخر الكتب التي ألفها في حياته ، وقد نص في مقدمته أنه ألفه بعد الفراغ من تأليف تفسير مجمع البيان ( 6 ) ، ‹ صفحة 121 › فيكون قوله في الجوامع هو المعول عليه . وقد ذهب الشيخ محمد جواد البلاغي إلى نفس هذا الرأي في تفسيره ( 1 ) . وللعلم فقد ذهب فضل الله في تفسير قوله تعالى : ( وليس الذكر كالأنثى ) أن الوجه في ذلك هو أنه كان محرما على الإناث في ذلك الوقت الخدمة في الهيكل المقدس في بيت المقدس ! ( 2 ) . رأي العلامة المجلسي ومناقشته : قال العلامة المجلسي تعليقا على صحيحة علي بن جعفر في الكافي : ( قوله عليه السلام : ( وإن بنات الأنبياء لا يطمثن ) ، أقول : لا ينافي ذلك الاخبار الواردة في حيض حواء لأنها مع ضعفها لم تكن من بنات الأنبياء ، وما ورد من أن مريم حاضت ، فيمكن أن يكون تقية وإلزاما على المخالفين ، ويمكن حمل هذا الخبر على أولي العزم منهم ، وبه يمكن الجواب عن حيض سارة إن ثبت كونها من بنات الأنبياء بلا واسطة ، إذ الظاهر أن المراد هنا بناتهم بلا واسطة ، ويمكن الجواب عنها وعن مريم بأنه لم يثبت كونهما من بنات الأنبياء بلا واسطة ) ( 3 ) . وما يهمنا من كلامه ( قدس سره ) هو ما يتعلق بمريم عليها السلام ، أما ما يتعلق بسارة فإنه سيدرج ضمن الشبهة الثانية . فنقول : إن القول بظهور الحديث في اختصاص عدم حيض بنات الأنبياء بلا واسطة كلام في محله ، إلا أن حمل الأنبياء على كونهم من أولى العزم لا دليل عليه لا في صحيحة علي بن جعفر ولا في غيرها ، وإطلاق الصحيحة يقتضي الشمول لكل بنت نبي بلا فرق . أما القول بعدم وجود دليل على أن مريم عليها السلام كانت بنت نبي بلا واسطة فغير تام ، وذلك لان قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي ( المتوفى سنة 573 ه ) ينقل عن الشيخ الصدوق رواية صحيحة السند ، فقد رواها الصدوق عن محمد بن موسى بن المتوكل ، حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، حدثنا الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، قال : ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن عمران أكان نبيا ؟ فقال : نعم ، كان نبيا مرسلا إلى قومه ، وكانت حنة امرأة عمران وحنانة امرأة زكريا أختين ، فولد لعمران من حنة مريم ، وولد لزكريا من حنانة يحيى عليه السلام ، وولدت مريم عيسى عليه السلام ، وكان عيسى ابن بنت خالته ، وكان يحيى عليه السلام ابن خالة مريم ، وخالة الام بمنزلة الخالة ) ( 4 ) . وأما احتمال التقية أو الالزام فوارد ، قال العلامة المجلسي تعليقا على رواية إسماعيل الجعفي : ( ويمكن أن يكون هذا إلزاما على المخالفين بما كانوا يعتقدونه من ‹ صفحة 122 › الاستحسانات وإلا فيمكن أن يقال إنما سقط ههنا للضرورة ، . . . ثم إنه يظهر من بعض الاخبار أنها عليها السلام لم تكن ترى الدم كفاطمة عليها السلام فيمكن أن يكون الغرض إلزام مغيرة بما كان يعتقده في ذلك ، والله العالم ) ( 1 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 118 › ( 1 ) تفسير العياشي : ج 1 ، ص 170 ، ح 36 . ( 2 ) المصدر السابق : ح 37 . عنه البحار : ج 14 ، ص 204 ، ح 19 . ( 3 ) المصدر السابق : ج 1 ، ص 173 ، ح 48 ، عنه البحار : ج 14 ، ص 193 . ‹ هامش ص 119 › ( 1 ) الكافي : ج 1 ، ص 535 ، ح 1 ، عنه البحار : ج 14 ، ص 203 ، ح 15 . ( 2 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 101 ، عنه البحار : ج 14 ، ص 200 ، ح 8 . ‹ هامش ص 120 › ( 1 ) تفسير العياشي : ج 1 ص 171 ، ح 39 . ( 2 ) تفسير العياشي : ج 1 ، ص 170 ، ح 38 . ( 3 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 101 . ( 4 ) تفسير التبيان : ج 2 ، ص 444 ، ومثله في مجمع البيان : المجلد 1 ، ص 435 ، ط دار إحياء التراث العربي . ( 5 ) تفسير جوامع الجامع : ج 1 ، ص 173 . ( 6 ) المصدر السابق : ج 1 ، ص 2 . ‹ هامش ص 121 › ( 1 ) آلاء الرحمن في تفسير القرآن : ج 1 ، ص 282 . ( 2 ) الندوة : ج 2 ، ص 335 الطبعة الثانية في قم . ( 3 ) مرآة العقول : ج 5 ص 321 . ( 4 ) قصص الأنبياء : ص 214 ، ح 278 ، عنه البحار : ج 14 ، ص 202 ، ح 14 . ‹ هامش ص 122 › ( 1 ) مرآة العقول : ج 13 ، ص 239 . والمراد من المغيرة هو ابن سعيد ، وقد روى الكشي روايات كثيرة دالة على لعنه وأنه كان يضع الاخبار . راجع الاخبار : ج 78 ، ص 85 . ( 2 ) هوامش نقدية : ص 42 . ( 3 ) علل الشرائع : ص 290 ، الباب 215 ، ح 1 ، عنه البحار : ج 12 ، ص 107 ، ح 22 . ( 4 ) معاني الاخبار ، باب معنى الضحك : ص 214 ، ط مكتبة المفيد ، عنه البحار : ج 12 ، ص 103 ، ح 11 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
الساعة الآن 12:24 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010