![]() |
المرجع المدرسي : ليس القران مجرد حبر على ورق، بل هوكتاب حي ..
اكد سماحة المرجع الديني اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله على دور القران الكريم في التخلص من الشبهات العقائدية والوساوس الشيطانية وقال: (القران الكريم يصلح العيوب الاساسية في عقائد الإنسان ويقاوم الشبهات بحيث لا يحلها نظريا فقط، بل يثبِّت الإنسان في فتن الدنيا وابتلاءاتها، لكن بشرط ان يستمع الانسان الى اوامر الله ويتأمل فيها). وفي سياق تدبّره في الآيات 11 إلى 13 من سورة الروم ضمن دروسه القرآنية التي يلقيها في ليالي شهر رمضان المبارك على جمع غفير من طلاب العلوم الدينية والعلماء الأفاضل، اكد سماحة المرجع المدرسي على اهمية وعي القران وعياً حيا يتناسب مع الواقع المعاش، وقال: "القران الكريم ليس كتاباً ميتا بل هوكتاب حي، فكل الكتب الاخرى ميتة لأنها تموت بموت كاتبها إلا القران .. فالقران كتاب الله، والله هو(الحي القيوم) وهوالمهيمن علينا وعلى قلوبنا، فهوحاضر عندنا وينظر الينا والى اعمالنا ويعلم حتى وساوس قلوبنا وهواقرب الينا من حبل وريدنا (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه، ونحن اقرب اليه من حبل الوريد) فالقران الكريم ليس هوهذه الخطوط الماثلة امامنا، وليس هذه الكلمات والحروف المسطرة على القرطاس، بل القران روح من عند الله (وكذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا) ، فكما في الروايات فان القران سيكون ماثلاً يوم القيامة بصورة شاب وهوالذي (من جعله امامه قاده الى الجنة) وهوالذي (من جعله خلفه ساقه الى النار) وهو(الشافع المشفع) اي الشفيع الذي تُقبل شفاعته وهو(الماحل المصدق) والماحل هوعكس الشافع، فالقران ماحلٌ مصدق. فمن الشبهات القلبية التي يلقيها ابليس في قلوب البشر – وقد تحدثنا عنها في الليلة السابقة- انه يقول للانسان: كيف يعذبك الله سبحانه وهوالغفور الرحيم؟ وللتخلص من هذه الشبهة يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى بأن ننظر الى اثار الامم السابقة، وننظر الى حياتنا اليومية، ففي كل بقعة من بقاع الأرض نجد البلايا الطبيعية من زلزال مدمر وعواصف عاتية وفيضانات جارفة وحرائق واسعة – كما نرى اليوم في أرجاء العالم كله- وفي مناطق العالم وعلى مر العصور نجد الحروب المدمرة والأمراض الفتاكة، كل هذه الامور بأن الله (جبار) وانه (منتقم) و(شديد العقاب) وكما نقرأ في دعاء الإفتتاح (الحمد لله قاصم الجبارين مبير الظالمين مدرك الهاربين نكال الظالمين) . ثم تطرّق سماحته للشبهة الثانية التي يلقيها الشيطان في روع المؤمنين وهي ان الانسان وعلى طول العصور يتسائل : كيف يحيي الله الإنسان بعد هذه السنوات الطوال وقد تحول الى تراب ورميم، كيف يحييه؟ (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم) . المراحل المختلفة في الخلق (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) السؤال الذي يطرح: لماذا تبدأ هذه الاية – وايات مشابهة لها في هذه السورة – بكلمة الله؟ واساسا ما هوالفرق بين التقديم والتأخير في هذه الاية؟ في الجواب نقول: أولاً ان اللغة العربية لها دقائق ولطائف لا ينتبه اليها الا القليل، ومنها هنا. فإذا رأيت عمارة امامك لكن لم تعرف أي مهندس بناها، سيقال لك (زيد بنى هذه العمارة)، اما لوكان زيد معروفاً عندك لكنك تساءَلت عن العمارة التي بناها، سيقال لك (هذه العمارة بناها زيد)، فدائما نبدأ بالمجهول ثم بالمعلوم. كذلك هنا ، فالخلق كله من سماوات وارض وجبال وبحار و... كله معلوم عندنا، لكن المجهول هوالخالق، لهذا يجيب ربنا سبحانه على هذا التساؤل ويقول(اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ). ثانياً: اذا امعنا النظر في هذه الايات وجدنا ان هناك ثلاث مراحل زمنية، اولاً (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ) ثانيا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) وثالثا (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). هناك مرحلتان زمنيتان للخلق، ففي البداية ابتدأ الله الخلق وخلق السماوات والأرض وكما نقرأ في القران الكريم (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) لكن في نهاية المطاف (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) اما خلقة الانسان فهي على ثلاث مراحل، فأولاً يبدأ الله بخلق الانسان طورا بعد طور (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا) ثم يموت الإنسان وفي المرحلة الثالثة يُبعث الانسان (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، فالله سبحانه كان باستطاعته ان يخلق الانسان مرة واحدة وبقول له: كن فيكون، لكن خَلَقــَنا هكذا لكي نعرف الله سبحانه وتعالى عبر هذه المراحل المختلفة، فحينما نعرف اننا كنا في يوم من الايام خلية واحدة فقط لكن بلطف الله سبحانه وتعالى وصلنا الى هذه المرحلة عرفنا ربنا عبر ذلك. (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ) سواء في خلق الكائنات اوفي خلق الانسان اواي شيء اخر،(ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) عاقبة المجرمين يوم القيامة (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) فكلمة يُبلس يمكن ان تكون بعدة معاني : اولاً: قالوا ان معناه السكوت لأن الإنسان في يوم القيامة لا يملك اي دفاع عن نفسه. ثانياً: هناك تفسير ادق لهذه الكلمة وهوان لا يستطيع الانسان ان يعمل اي شيء، فهويصل الى حالة من الحيرة يعجز حتى عن التفكير، ولم ينفعه هناك اي شفيع اشركه بالله في دار الدنيا: (وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ) وفي ختام حديثه اكد سماحة المرجع المدرسي على ضرورة التخلص من الشبهات العقائدية لأنها تمنع الانسان من معرفة الله، وقال " اذا رأيت ان قلبك لا يخشع عند قراءة الدعاء، ووجدت عينك لا تدمع، ووجدت نفسك لا تخاف الله ولا تخشاه في حياتك ، اعلم ان في اعتقاداتك اشكال وهناك شبهات لا تزال تجوب في ارجاء صدرك." كما دعى سماحته المؤمنين الى الارتباط بالله سبحانه وتعالى ارتباطا مباشرا عبر الدعاء والمناجاة في ليالي شهر رمضان والتبتل اليه في اسحار هذ الشهر الفضيل، كما دعى سماحته الى التفكر في ما يسمعه الانسان في مجالس الذكر والمحاضرات الدينية، وذلك بأن يخلوالانسان بنفسه ويتأمل في كل ما سمعه حتى لا يكون ايمانه بالله واليوم الاخر ايمانا سطحيا. |
الساعة الآن 12:56 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010