![]() |
الاشكال الخامس على الشفاعة وجوابه
الإشكال الخامس :
إن العقل قد يحكم بإمكانية وقوع الشفاعة بالإفادة من آيات القرآن الكريم ، ولكنه لا يستطيع أن يحكم بفعلية وقوعها خصوصا وأن في القرآن ما ينفي الشفاعة مطلقا كقوله تعالى : * ( . . لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ) * ( 1 ) ، وبعضها الآخر يقيد الشفاعة بقيود كما في قوله تعالى : * ( إلا بإذنه . . ) * ( 2 ) ، وقوله تعالى * ( . . إلا لمن ارتضى . . ) * ( 3 ) ، ولكن هذه الآيات وغيرها لا تدل دلالة قطعية على وقوع الشفاعة وحصولها اليقيني ، فالقرآن الكريم ينفي الشفاعة آونة ، ويقيدها أخرى برضا الله سبحانه وتعالى ، ويذكر القرآن الكريم مرة أخرى أن الشفاعة لا تنفع ، كقوله تعالى * ( . . . فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) * ( 4 ) . والجواب عليه : إن ملخص الجواب هو أن الآيات التي يستدل بها على نفي الشفاعة ، لا تنفي الشفاعة مطلقا ، بل إنها تنفيها عن بعض الناس وقد وردت هذه الاستثناءات في آيات عديدة . أما فيما يتعلق بالقيود الموجودة في حصول الشفاعة من جهة ، وقبولها من جهة أخرى ، فإن ذلك لا يعني نفيها بل يؤكد وقوعها وإثباتها ، على خلاف ما ادعاه النافون من أنها لا تنفع ، مستدلين على ذلك ، بقوله تعالى : * ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) * ( 5 ) . وهذا الاستدلال غير صحيح ، لأن سياق الآيات التي تسبق هذه الآية تتحدث كلها عن المجرمين المستقرين في سقر ، حيث تقول الآيات : * ( كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون ) * ثم تقول الآيات الشريفة : * ( عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) * ( 1 ) . وهكذا يتضح من خلال هذا السياق : إن الذين لا تنفعهم شفاعة الشافعين هم هؤلاء المستقرون في سقر الذين لم يكونوا من المصلين ، وكانوا يكذبون بيوم الدين ، حتى أتاهم اليقين حين وجدوا أنفسهم في سقر فلا تنفعهم بعد صفاتهم تلك شفاعة الشافعين . بعد هذا العرض السريع للإشكالات التي يوردها النافون للشفاعة والردود عليها ، يتضح أن الشفاعة ليست من الأمور التي تقع ضمن دائرة الاثنينية في الجزاء الإلهي ، والمقصود بالاثنينية " تعدد الجزاء مع وحدة الفعل " ولا هي متناقضة مع عدالة الله بل هي تثبيت لهذا العدل باعتبارها كانت وعدا تقدم والجزاء به هو وفاء لذلك الوعد . كما أنها ليست ناتجة عن علم جديد أو انصراف عن فعل مقرر من قبل ، بل هي علم سابق وفعل مقرر ، وهي أيضا لا توجب الجرأة على المعصية بل توجب الحيطة والحذر ، والخشية من ارتكاب الذنب ، إذ لم تصرح الآيات بجميع الذنوب التي تقبل فيها الشفاعة . وهي أخيرا ثابتة موجودة ، لكنها لا تنال بعض الأصناف من الناس الذين وردت صفاتهم في القرآن الكريم ، وأنها لا تحصل إلا بإذن الله تعالى ورضاه . قال الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) عن آبائه الطيبين الطاهرين عن جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : ( من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله شفاعتي - ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأما المحسنون فما عليهم من سبيل ) ، قال الحسين بن خالد : فقلت للرضا ( عليه السلام ) : يا بن رسول الله فما معنى قول الله عز وجل : * ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) * ( 1 ) قال ( عليه السلام ) : ( لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه ) ( 2 ) . |
الساعة الآن 11:53 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010