![]() |
قصة الاسود العنسي
العنوان: [ قصة الاسود العنسي ] عبد الله بن سبا - السيد مرتضى العسكري - ج 2 - ص 133 – 140 5 - قصة الأسود العنسي : روى الطبري في قصة الأسود العنسي ( أ ) عدة روايات عن سيف تتلخص في ما يلي : إن الأسود لما ادعى النبوة وتغلب على اليمن وقتل ملكها شهر بن باذان وتزوج امرأته وأسند أمر الجيش إلى قيس عن عبد يغوث وأسند أمر الأبناء - وهم أبناء الفرس باليمن - إلى فيروز وداذويه ، كتب النبي إلى هؤلاء بقتال الأسود إما مصادمة أو غيلة ، فاتفقوا على اغتياله فأخبره شيطانه ، فأرسل إلى قيس وقال : يا قيس ! ما يقول الملك ؟ قال قيس : " وما يقول " قال : يقول : " عمدت إلى قيس فأكرمته حتى إذا دخل منك كل مدخل ، وصار في العز مثلك ، مال ميل عدوك ، وحاول ملكك ، وأضمر على الغدر ! إنه يقول : يا أسود ، يا أسود يا سوءة ! يا سوءة ! إقطف قنته ( ب ) ، وخذ من قيس أعلاه وإلا سلبك أو أخذ قنتك ! " فقال قيس وحلف به وكذب : " وذي الخمار ( ج ) لانت أعظم في نفسي وأجل عندي من أن أحدث بك نفسي " . قال الأسود : " ما أجفاك ! أتكذب ‹ صفحة 134 › الملك ؟ ! وعرفت الآن أنك تائب مما اطلع عليه منك " يعني ما اطلع عليه شيطانه الذي يسميه الملك . وقال سيف : ثم خرج قيس وأخبر جماعته بما جرى له مع الأسود وتواطؤوا على إنفاذ ما اتفقوا عليه من قتله ، فدعا الأسود قيسا ثانية ، وقال له : " ألم أخبرك الحق وتخبرني الكذابة ؟ إنه يقول - يعني شيطانه الذي يسميه الملك - : يا سوءة ! يا سوءة ! إلا تقطع من قيس يده يقطع قنتك العليا " فقال له قيس : " ليس من الحق أن أقتلك وأنت رسول الله ، فمر بي بما أحببت فأما الخوف والفزع فأنا فيهما مخافة ! أقتلني ! فموتة أهون علي من موتات أموتها كل يوم " قال سيف : فرق له فأخرجه ! وقال : دعا الأسود بمائة جزور بين بقرة وبعير ، وخط خطا فأقيمت من وراء الخط ، وقام من دونها ، فنحرها غير محبسة ولا معقلة ، ما يقتحم الخط منها شئ ، ثم خلاها فجالت إلى أن زهقت، ونقل سيف عن الراوي أنه قال : " ما رأيت أمرا كان أفظع منه ، ولا يوما أوحش منه " . قال سيف : وتواطؤوا مع زوجته على اغتياله ليلا . فلما دخلوا عليه ليقتلوه بادره فيروز فأنذره شيطانه بمكان فيروز وأيقظه ، فلما أبطأ تكلم الشيطان على لسانه وهو يغط في نومه وينظر إلى فيروز ، قال له : " مالي ولك يا فيروز " فدق فيروز رقبته وقتله . قال : ثم دخل الباقون ليحتزوا رأسه فحركه شيطانه فاضطرب فلم يضبطوا أمره حتى جلس اثنان على ظهره وأخذت المرأة شعره ، فجعل يبربر بلسانه فاحتز الآخر رقبته فخار كأشد خوار ثور سمع قط ، فابتدر الحرس الباب ، وقالوا : ما هذا ؟ فقالت المرأة : النبي يوحى ‹ صفحة 135 › إليه فخمد . . . الحديث . روى الطبري هذه القصة عن سيف في إحدى عشرة رواية من رواياته ، وأورد الذهبي روايتين منهما في كتابه تاريخ الاسلام الكبير . مناقشة السند : ورد في أسانيد روايات سيف في هذه القصة اسم سهل بن يوسف عن عبيد بن صخر في روايتين . والمستنير بن يزيد عن عروة بن غزية في روايتين . وفى رواية واحدة أخرى ورد اسم عروة بن غزية دون المستنير . وما أوردناه سابقا خلاصة مما رواه سيف عن هؤلاء الرواة وهم كل من : أ - سهل وتخيله سيف : ابن يوسف السلمي ، ورد اسمه في سند سبع وثلاثين رواية لسيف في تاريخ الطبري . والسلمي نسبة إلى عدة أحياء في العرب ونرى سيفا تخيله من بني سلمة بن سعد من الخزرج وله ترجمة في كتابنا ( رواة مختلقون ) . ب - عبيد بن صخر بن لوذان السلمي من مختلقات سيف من الصحابة ، وله ترجمة خاصة بكتاب ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) . ج - عروة بن غزية الدثيني ، هكذا تخيله سيف . وجدنا اسمه في ست روايات لسيف بتاريخ الطبري ، في أربعة منها يروي عروة عن الضحاك بن فيروز ، ولم نجد له ذكرا عدا ما ذكره السمعاني والحموي ، قال السمعاني : " الدثيني هذه النسبة إلىالدثينة . وظني أنها من قرى اليمن ، منها عروة بن ‹ صفحة 136 › غزية الدثيني يروي عن الضحاك ابن فيروز ، ذكره سيف بن عمر في الفتوح " . وأورد ابن الأثير في اللباب مختصر قول السمعاني . وقال الحموي بترجمة دثينة : ( وقد نسبوا إليها عروة بن غزية الدثيني يروي عن الضحاك ابن فيروز ) . وهذان الخبران مصدرهما روايات سيف كما صرح السمعاني بذلك وأهمل الحموي تعيين مصدره . د - المستنير بن يزيد . تخيله سيف نخعيا . ورد اسمه في سند ثماني عشرة رواية لسيف في تاريخ الطبري ولم نجد له ذكرا في غيرها ، ولذلك اعتبرناه مع من سبق ذكرهم من مختلقات سيف من الرواة . هذا ما كان في أسانيد خبر سيف عن الأسود العنسي . ولمعرفة متن خبر سيف نرجع إلى غيره لنرى كيف ورد الخبر عنده ثم نقارن بين الروايتين . خبر الأسود في روايات غير سيف . قال البلاذري في فتوح البلدان ما ملخصه : " كان الأسود بن كعب بن عوف قدتكهن وادعى النبوة فاتبعه عنس واتبعه - أيضا - قوم غير عنس ، وسمى نفسه رحمان اليمن وكان له حمار معلم يقول له : أسجد لربك ! فيسجد ، ويقول له : أبرك ! فيبرك ، وقال بعضهم : هو ذو الخمار لأنه كان متخمرا ( د ) معتما أبدا ، وقيل : كان أسود الوجه ‹ صفحة 137 › فسمى الأسود لسواد لونه ، وأن اسمه : عبهلة . قال : وأتى صنعاء فغلب عليها وأخرج عامل رسول الله منها ، واستذل الأبناء - وهم أولاد الفرس الذين كانوا بها - وتزوج المرزبانة امرأة باذام ملكهم . فوجه رسول الله ( ص ) قيس ابن هبيرة ابن المكشوح المرادي لقتاله ، وأمره باستمالة الأبناء . فلما صار إلى اليمن أظهر للأسود أنه على رأيه حتى خلى بينه وبين دخول صنعاء ، فدخلها في جماعة من مذحج وهمدان وغيرهم ، ثم استمال فيروز أحد الأبناء وداذويه رأس الأبناء ، وأسلم الأبناء ، فتطابق هؤلاء جميعا على قتل الأسود واغتياله ، ودسوا إلى المرزبانة امرأته من أعلمها بأمرهم - وكانت شانئة له - فدلتهم على جدول يدخل إليه منه ، وقيل : بل نقبوا جدار بيته ثم دخلوا عليه في السحر وهو سكران نائم فقتله فيروز وأجهز عليه قيس ورحتز رأسه وعلا سور المدينة حين أصبح وقال : الله أكبر الله أكبر ، أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأن الأسود كذاب عدو الله . فاجتمع أصحاب الأسود فألقى إليهم قيس رأس الأسود فتفرقوا إلا قليلا منهم ، فقتلوهم إلا من أسلم منهم " . وذكر قريبا منه في البدء والتاريخ ( 5 / 154 - 155 ) وأورد موجزه اليعقوبي في تاريخه ( 2 / 108 ) . نتيجة البحث والمقارنة : وقال غيره : ( هبيرة بن المكشوح المرادي ) ( ه ) . ‹ صفحة 138 › وذكر أن الأسود كان قد أسند إلى قيس أمر الجند ، وأن الرسول كتب إليه وإلى غيره من الأبناء بقتل الأسود ، وذكر غيره أن الرسول وجه قيسا لقتال الأسود ، وأمره باستمالة الأبناء ، وأنه لما صار إلى اليمن أظهر أنه على رأي الأسود حتى سمح له بدخول اليمن . كان ما ذكرنا ما حرف سيف من هذا الخبر ، أما ما دس فيه وتفرد بذكره فما روى : أن الأسود كان له شيطان يوحي إليه ويخبره بالغيب ، وأن الأسود كان يسميه " الملك " وأن شيطانه هذا أخبره مرة بعد أخرى بأن قيسا الذي جعله في العز مثل نفسه سيقتله . وما ذكر أن الأسود خط خطا أقيمت وراءه مائة جزور بين بقرة وبعير ، وأنه قام من دونها ينحرها وهي غير محبسة ولا معقلة وما يقتحم الخط منها شئ ! ثم خلاها ، فجالت حتى زهقت ! ثم أيد وقوع هذه المعجزة من الأسود بما نقل عن الراوي أنه قال : ما رأيت أمرا أفظع منه ولا يوما أوحش منه ! ! وما ذكر أن الشيطان الذي كان يسميه الأسود (الملك ) تكلم على لسانه عندما اقتحموا مخدعه وهو يغط في نومه ! وما ذكر أن شيطانه حركه بعد قتله فاضطرب ولم يضبطوا أمره حتى جلس اثنان على ظهره وأخذت المرأة شعره ، فأخذ يبربر بلسانه ، فاحتز الآخر رقبته ! ‹ صفحة 139 › ذكر سيف للأسود هذه المعجزات الخارقة لطبيعة الأشياء ! فما الذي دعاه إلى ذلك ، وهو الذي رأيناه لا يحرف ولا يختلق إلا لتحقيق غاية ؟ فهل أراد أن يختلق بذلك للأسود مناقب ، والأسود عنسي من قحطان ، وسيف يختلق لبني قحطان المعايب لا المناقب ! ؟ ثم إنه لم يذكر ما ذكر للأسود على صورة فضيلة ، فإن الذي كان يخبره بالغيب كان شيطانا ، ولكن الأسود كان يسميه الملك ! . فهذا الملك الشيطان هو الذي أنبأه بالغيب في أمر قيس ، وهو الذي تكلم على لسانه وهو يغط في النوم ، وهو الذي جعله يضطرب بعد قتله فلم يستطيعوا ضبط أمره حتى اجتمع عليه أربعة ! ! إذن فهذا المتنبئ الكاذب يخبره الشيطان بالغيب ، ويقوم بأعمال خارقة للنظام الطبيعي على لسانه ، وبدنه ، إنه شيطان في حقيقته والمتنبئ يسميه الملك ويدين له جمع كثير من الناس . لعل سيفا أراد أن يضرب مثلا في ما دس في هذا الخبر للوحي والملك والأنباء بالغيب وتدين الناس بالنبي ، دفعه إلى هذا الدس والاختلاق ما اتهم به من الزندقة ليشوش على المسلمين دينهم ، فما الفرق بين هذا المتنبئ الكاذب وملكه الشيطان وما ينبئه بالغيب وتدين الناس به ، والنبي الصادق وملكه وإنبائه بالغيب وتدين الناس به ! ؟ ومهما يكن قصد سيف فإنه استطاع أن يدس الخرافات في عقائد المسلمين بما دس واختلق ! ؟ ‹ صفحة 140 › سلسلة رواة الخبر حرف سيف خبر الأسود العنسي ودس فيه ما اختلق ثم ذكر خبره على صورة أحاديث ووضع لها أسانيد وجدنا فيها ممن اختلقهم من الرواة : 1 - سهل بن يوسف السلمي . 2 - عبيد بن صخر بن لوذان السلمي الأنصاري . 3 - عروة بن غزية الدثيني . 4 - المستنير بن يزيد النخعي . ب - من أخذ عن سيف : 1 - الطبري في تاريخه وذكر أسانيده إلى سيف . 2 - الذهبي في تاريخه وذكر أسانيد سيف . 3 - 4 - ابن الأثير وابن كثير في تاريخيهما عن الطبري . 5 - السمعاني في الأنساب أخذ شيئا من هذا الخبر وذكر أنه أخذه من سيف . 6 - ابن الأثير في اللباب . 7 - الحموي في معجم البلدان ولم يذكر سنده . مصادر البحث : 2 - الذهبي في تاريخ الاسلام الكبير ( 1 / 341 - 342 ) . 3 - ابن الأثير في تاريخه ( 2 / 229 ) وأسد الغابة ( 4 / 22 و 227 ) . 4 - ابن كثير في تاريخه ( 6 / 307 - 310 ) . 5 - ابن حزم في جمهرة الأنساب ( ص 382 ) . 6 - ابن حجر في لسان الميزان ( 3 / 122 ) بترجمة سهل بن يوسف . 7 - السمعاني في الأنساب . ورقة ( 223 / 1 ) . 8 - الحموي في معجم البلدان بلغة ( دثينة ) . 9 - البلاذري في فتوح البلدان . ط السعادة بمصر عام 1959 ( ص 113 - 115 ) . 10 - البدء والتاريخ المنسوب للمقدسي ( 5 / 154 - 155 ) . 11 - اليعقوبي في تاريخه ط . النجف ( 2 / 108 ) . 12 - ابن حجر في الإصابة ، الترجمة رقم ( 7315 ) . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 133 › ( أ ) نسبة إلى عنس بن مذحج وهم حي من زيد بن كهلان بن سبأ ترجمتهم في أنساب ابن حزم ( 381 ) . ( ب ) اقطف قنته أي اقطع رأسه ، وقنة كل شئ أعلاه مثل القلة . ( ج ) كان الأسود يلقب ذا الخمار أو ذا الحمار ويأتي بيان سببه . ‹ هامش ص 136 › ( د ) متخمر : لابس الخمار ، والخمار ما تغطي به المرأة رأسها . ومعتم ، لابس العمامة . ‹ هامش ص 137 › ( ه ) هو : قيس بن المكشوح على ما ذكره ابن حزم في نسب مراد بالجمهرة ( ص 382 ) . واسم المكشوح : هبيرة بن عبد يغوث وأوهم قول سيف بعض المؤرخين فترجم لقيس مرتين راجع أسد الغابة ( 4 / 222 ) و ( 4 / 227 ) والإصابة ( 7315 ) . . . . . . . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
الساعة الآن 01:12 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010