![]() |
المصطلح الثاني والعشرون ( إبراء)
إبراء لغة : من برئ أي تنزه وتباعد وتخلص ، فيكون الإبراء هو التخليص ( 1 ) سواء كان من الدين أو غيره من الحقوق . اصطلاحا : يتوقف بيان تعريف الإبراء اصطلاحا على بيان أنه هل هو إسقاط لما في ذمة الغير أو تمليك له ؟ والمعروف بين فقهاء الإمامية أنه إسقاط لا تمليك ، وقد جاء التعبير بالإسقاط في عبارات كثير من الفقهاء كالشيخ ( 2 ) والمحقق الحلي ( 3 ) والعلامة الحلي ( 4 ) وولده ( 5 ) والمحقق الثاني ( 1 ) والشهيد الثاني ( 2 ) والمحقق السبزواري ( 3 ) وصاحب الحدائق ( 4 ) وصاحب مفتاح الكرامة ( 5 ) ، وصاحب الجواهر ( 6 ) وبعض من تأخر عنه . ومن التعاريف المذكورة للإبراء هو تعريف الشهيد له بأنه : " إسقاط ما في ذمة الغير من الحق " ( 7 ) . ويشهد بكون الإبراء إسقاطا قوله تعالى : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح . . ) ( 8 ) حيث عبر عن الإبراء بالعفو . ماهية الإبراء : هل الإبراء عقد أو إيقاع ؟ المشهور بين فقهاء الإمامية هو : أن ‹ صفحة 154 › الإبراء إيقاع لا يحتاج إلى قبول ، ولكن يظهر من كلمات بعضهم احتياجه إليه ، أو الترديد فيه على الأقل ، فالأقوال - إذن - ثلاثة : الأول - أنه عقد فيحتاج إلى القبول وهذا رأي ابن زهرة وابن إدريس والكيدري ، ومستندهم - في ذلك - هو : أن في الإبراء منة على المبرأ ، فلا بد من قبوله لذلك . قال الأول : " وإذا وهب ما يستحقه في الذمة كان ذلك إبراء بلفظ الهبة ، ويعتبر قبول من عليه الحق ، لأنه في إبرائه منة عليه ولا يجبر على قبول المنة " ( 1 ) . وقال الثاني : " وهل من شروط صحة الإبراء قبول المبرأ أم لا ؟ قال قوم من شرط صحته قبوله فلا يصح حتى يقبل ، وما لم يقبل فالحق ثابت بحاله ، وهو الذي نختاره ونقول به . . . " ( 2 ) . ثم ذكر مسألة المنة . وقال الثالث في إصباح الشيعة : " إذا كان له في ذمة رجل مال فوهبه له كان ذلك إبراء بلفظ الهبة ، ومن شرط صحته قبول الموهوب له فإن لم يقبل لم يصح " ( 1 ) . الثاني - أنه إيقاع : وهذا هو الرأي المشهور وقد نسبه في مفتاح الكرامة إلى كثيرين ، فقال : " وأما إنه لا يشترط في الإبراء القبول فهو خيرة الجامع والشرائع والتذكرة والتحرير والإرشاد والمختلف والإيضاح واللمعة وجامع المقاصد والروض والمسالك والروضة والمفاتيح ، وفي المسالك : أنه مذهب الأكثر ، وفيه - أيضا - وفي الكفاية : أنه الأشهر " ( 2 ) . وقال في الجواهر : " ولا يشترط في الإبراء القبول وفاقا للأكثر بل المشهور خلافا للمحكي عن الغنية والسرائر . . . " ( 3 ) . الثالث - الترديد فيه : ويظهر ذلك من الشيخ في المبسوط والراوندي في فقه القرآن . قال الأول : " وهل من شروط صحة الإبراء قبول المبرأ أم لا ؟ قال قوم : من شرط صحته قبوله ، ولا يصح حتى ‹ صفحة 155 › يقبل ، وما لم يقبل فالحق ثابت بحاله ، وهو الذي يقوى في نفسي ، لأن في إبرائه إياه من الحق الذي له عليه منة عليه ولا يجبر على قبول المنة . . . " إلى أن قال : " وقال قوم : إنه يصح شاء من عليه الحق أو أبى ، لقوله تعالى : ( فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم ) ( 1 ) فاعتبر مجرد الصدقة ولم يعتبر القبول ، وقال تعالى : ( . . . أو دية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ) ( 2 ) فأسقط الدية بمجرد التصدق ولم يعتبر القبول ، والتصدق في هذا الموضع الإبراء ، وهذا قوي " ( 3 ) . وقال الثاني : " إذا كان للإنسان في ذمة رجل مال فوهبه له كان ذلك إبراء بلفظ الهبة ، وقال قوم : من شرط صحته قبوله وهذا حسن . . . " ثم ذكر مسألة المنة ثم قال : " وقال آخرون : إنه يصح شاء من عليه الحق أو أبى . . . " إلى أن قال : " وهذا أيضا قول قوي " ( 4 ) ولم يرجح أحد الطرفين كصاحبه . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 153 › ( 1 ) لسان العرب : " برئ " . ( 2 ) المبسوط 2 : 403 . ( 3 ) الشرائع 2 : 188 . ( 4 ) القواعد 1 : 274 . ( 5 ) إيضاح القواعد 2 : 411 . ( 1 ) جامع المقاصد 5 : 412 . ( 2 ) الروضة البهية 3 : 193 . ( 3 ) الكفاية : 84 . ( 4 ) الحدائق 22 : 309 . ( 5 ) مفتاح الكرامة 5 : 381 . ( 6 ) الجواهر 28 : 163 . ( 7 ) الروضة البهية 3 : 193 . ( 8 ) البقرة : 237 . ‹ هامش ص 154 › ( 1 ) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 603 . ( 2 ) السرائر 3 : 176 . ( 1 ) الينابيع الفقهية 12 : 204 . ( 2 ) مفتاح الكرامة 9 : 158 . ( 3 ) الجواهر 28 : 163 . ‹ هامش ص 155 › ( 1 ) البقرة : 280 . ( 2 ) النساء : 92 . ( 3 ) المبسوط 3 : 314 . ( 4 ) فقه القرآن 2 : 295 . تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
الاحكام
الأحكام : الأحكام المترتبة على الإبراء كثيرة وأهمها كالآتي : أولا - الحكم التكليفي : الأصل في الإبراء - من الناحية التكليفية - هو الجواز بمعناه الخاص أي الإباحة ، فالإبراء بما هو ، جائز إلا أن يطرأ عليه ما يغير حكمه إلى الاستحباب أو الكراهة أو الحرمة أو الوجوب ، فمثلا أن إبراء المدين العاجز عن الدفع مستحب ، لعمومات الإعانة على البر وإنظار المعسر مضافا إلى الأولوية ، كما لا يبعد أن يكون إبراء الفقير للموسر الملي مع عدم المرجح ولزوم المشقة - غير المنتهية إلى الحرج - على عياله مرجوحا ، كما أن إبراء من يصرف ماله في الحرام مع قصد المبرئ ذلك واشتراطه عليه حرام ، والإبراء ممن التزم به في ضمن عقد لازم أو نذر يكون واجبا . ثانيا - الحكم الوضعي : وأما الأحكام الوضعية بالنسبة إلى الإبراء فسوف تتضح عند بيان أركان الإبراء ولواحقها على النحو التالي : ‹ صفحة 156 › |
اركان الابراء الركن الاول والثاني
أركان الإبراء يتقوم الإبراء بأمور أربعة وهي : المبرئ والمبرأ والمبرأ منه والصيغة ، ولا بد من الكلام حول كل واحد منها بصورة مستقلة : الركن الأول - المبرئ : هو ذو الحق الذي يبرئ ذمة غيره منه ويشترط فيه : أولا - الأهلية العامة ، وهي : البلوغ والعقل ، وعدم المحجورية بالسفه والفلس إذا استلزم الإبراء تصرفا ماليا ، وأما إذا لم يستلزم ذلك فالظاهر عدم مانعيتهما له . ثانيا - المالكية أو المأذونية : فلا يصح إبراء غير المالك وغير المأذون من قبله ، قال الشيخ : " وإذا وكل رجلا في بيع ماله فباعه كان للوكيل والموكل المطالبة بالثمن . . . فأما الإبراء منه فليس للوكيل ذلك ، وإذا أبرأ الوكيل بغير إذن الموكل لم يصح لأن الثمن لا يملكه الوكيل فلا يصح منه الإبراء . . . " ( 1 ) . وقال ابن إدريس في السرائر : " ولا يصح إبراء الوكيل من دون إذن الموكل من الثمن الذي على المشتري " ( 1 ) . الفضولية في الإبراء : يبدو من العبارتين السابقتين وعبارات أخرى للشيخ والعلامة وغيرهما : أن الفضولية غير جارية في الإبراء . قال الشيخ : " إذا قال له أبو امرأته طلقها وأنت برئ من صداقها ، فطلقها ، طلقت ولم يبرأ من صداقها ، لأنها إن كانت رشيدة لم يملك أبوها التصرف في مالها بغير إذنها ، وإن كان يلي عليها لصغر أو سفه أو جنون لم يصح ، لأنه إنما يملك التصرف فيما فيه نظر لها . . . " ( 2 ) . وقال العلامة : " إذا قال أبوها طلقها وأنت برئ من صداقها أو بعضه ، بمعنى أنه بذل له ما لها في ذمته لم يلزمها الإبراء ولا يضمنه الأب الذي هو أجنبي بالنسبة إلى ذلك مع بلوغ البنت ورشدها ، والفرض عدم وكالته ، فلا ضمان عليه للزوج ولا للبنت بعد عدم حصول الخلع والبراءة ، نعم لو أجازت هي ذلك وقلنا بصحة الفضولي في ذلك صح البذل وكان ‹ صفحة 157 › خلعا " ( 1 ) . وقريب منه ما في التحرير ( 2 ) . إبراء المريض في مرض الموت : المعروف عند الإمامية هو : أن الإبراء في مرض الموت إسقاط لا وصية ، والمنقول عن غيرهم : أنه وصية ، لإخراجه من الثلث . ومهما يكن فقد اختلف فقهاء الإمامية - بعد ذهابهم إلى أنه إسقاط - في أنه يخرج من الثلث أو من الأصل ؟ يظهر من الشيخ والفاضل الهندي التوقف فيه ، ويظهر من الأكثر أنه من الثلث ، بينما نسب إلى بعض الفقهاء أنه من الأصل . قال الشيخ حول إبراء المجني عليه الجاني : " وأما إن كان [ أي قول المجني عليه ] بلفظ العفو والإبراء ، فهل الإبراء والعفو من المريض وصية أم لا ؟ قال قوم : هو وصية ، لأنه يعتبر من الثلث ، وقال آخرون : هو إسقاط وإبراء وليس بوصية ، لأن الوصية نقل ملك فيما يأتي ، والإبراء والعفو إسقاط في الحال ، فلهذا لم يكن العفو كالوصية ، وعندنا أنه ليس بوصية ، وهل يعتبر من الثلث ؟ لأصحابنا فيه روايتان . . . " ( 1 ) . وقال مثله في كشف اللثام : " . . . وعندنا ليس بوصية ، وهل يعتبر من الثلث ؟ لأصحابنا فيه روايتان . . . " ( 2 ) . ويظهر من ابن إدريس والمحقق الحلي والعلامة الحلي وصاحب الجواهر وغيرهم : أنه من الثلث ، قال المحقق : " إذا أعتق مكاتبه في مرضه أو أبرأه من مال الكتابة ، فإن برئ فقد لزم العتق والإبراء ، وإن مات خرج من ثلثه ، وفيه قول آخر أنه من أصل التركة . . . " ( 3 ) . وقال العلامة : " التبرعات المنجزة كالعتق و . . . والإبراء من الدين . . . إذا وقعت في حال الصحة فهي من رأس المال إجماعا وإن كانت في مرض الموت فهي من الثلث على أقوى القولين عندنا وعند جمهور العلماء ، خلافا لبعض علمائنا حيث ‹ صفحة 158 › قال : إنها تمضى من الأصل " ( 1 ) . وقال صاحب الجواهر : " إذا أعتق مكاتبه في مرضه أو أبرأه من مال الكتابة فإن برئ فقد لزم العتق والإبراء بلا خلاف ولا إشكال ، وإن مات خرج من ثلثه على ما هو الأصح من أن منجزات المريض منه ، وفيه قول آخر : أنه من أصل التركة ، قد عرفت الحال فيه في محله " ( 2 ) . ومن هذه العبارات يظهر أن هناك قائلا بخروجه من أصل التركة . الركن الثاني - المبرأ : يشترط في المبرأ استقرار الحق في ذمته وبناء على ذلك يلزم : أولا - أن تكون له ذمة ، فما لم تكن له ذمة فلا يتصور في حقه الإبراء ، ولذلك ينبغي أن يكون شخصا أو شخصية حقوقية كالشركات والمؤسسات ، على القول بوجود ذمة واحدة لها . ثانيا - أن يكون هناك حق ثابت في الذمة ، وعلى ذلك فلو أبرأ من لم يكن الحق ثابتا في ذمته عن حق ثابت في ذمة الغير فلا براءة كما لو أبرأ المجني عليه ذمة الجاني خطأ محضا ، لأن المجني عليه وإن كان له حق ثابت ، لكنه لم يثبت على ذمة الجاني ، وإنما هو ثابت على ذمة العاقلة ، ولذلك قال الشهيد : " لما كان الإبراء إسقاط ما في الذمة ، اشترط في صحته تعلقه بمن يكون الحق في ذمته ، ولما كان أرش الجناية في الخطأ المحض متعلقا بالعاقلة ، وفي شبيه الخطأ متعلقا بالقاتل لزم منه صحة الإبراء إن تعلق في الأول بالعاقلة ، وفي الثاني بالقاتل دون العكس فيهما . . . " ( 1 ) . وقال الشيخ حول ما إذا جنى عبد على حر جناية يتعلق أرشها برقبته : " ثم إن المجني عليه . . . إن أبرأ العبد فقال : أبرأتك أيها العبد عنها لم يصح ، لأنه إبراء من لا حق له عليه ، وإن أبرأ السيد برئ وسقط عن رقبة العبد ، لأنها وإن كانت متعلقة برقبة العبد فالعبد يعود على السيد . . . " ( 2 ) وللفقهاء في خصوص المثال كلام ، ‹ صفحة 159 › راجع المسالك ( 1 ) والجواهر ( 2 ) . وقال في المسالك حول إبراء المضمون عنه : " فإن الضمان إذا كان ناقلا موجبا لبراءة المضمون عنه عن حق المضمون له فبراءته لا تفيد شيئا ، لعدم اشتغال ذمته حينئذ عندنا " ( 3 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ‹ هامش ص 156 › ( 1 ) المبسوط 2 : 395 . ( 1 ) السرائر 2 : 98 . ( 2 ) المبسوط 4 : 360 . ‹ هامش ص 157 › ( 1 ) القواعد 2 : 82 ، المطلب الخامس من الخلع . ( 2 ) التحرير 2 : 351 - 352 ، الخلع ، المسألة 11 . ( 1 ) المبسوط 7 : 110 . ( 2 ) كشف اللثام 2 : 475 . ( 3 ) الشرائع 3 : 136 . ‹ هامش ص 158 › ( 1 ) التذكرة 2 : 488 . ( 2 ) الجواهر 34 : 368 . ( 1 ) المسالك 2 : 489 . ( 2 ) المبسوط 7 : 111 . ‹ هامش ص 159 › ( 1 ) المسالك 2 : 488 . ( 2 ) الجواهر 43 : 430 . ( 3 ) المسالك 1 : 253 . |
الركن الثالث والرابع
الركن الثالث - المبرأ منه : الظاهر من كلمات الفقهاء أنه لا بد من أن يكون المبرأ منه حقا - كما تقدم في البحث عن المبرأ وعن تعريف الإبراء - وصرح بعضهم بذلك ، منهم : المحقق الأول والمحقق الثاني والسيد العاملي وصاحب الجواهر وغيرهم . قال المحقق الأول : " . . . لأن الإبراء لا يتناول إلا ما هو في الذمم . . . " ( 4 ) . وقال المحقق الثاني والسيد العاملي : " . . . الإبراء إنما يسقط به الحق الثابت في الذمة " ( 5 ) . وقال صاحب الجواهر : " إن محل الإبراء الحقوق التي في الذمم " ( 1 ) . وبناء على ذلك : 1 - يصح الإبراء من كل ما يصدق عليه الحق مثل : الكفالة ، والضمان وأمثال ذلك من الحقوق المتعلقة بالذمم ، وفي تعلقها بمثل القصاص إشكال من جهة الشك في صدق الحق عليه ، بل هو حكم ، نعم يشمله العفو ( 2 ) . 2 - لا يصح الإبراء من الأعيان ، لعدم كون ظرفها الذمة ، وقد صرح بذلك جماعة منهم : الحلي في السرائر حيث قال : " . . . وإن كان عينا صح بلفظ الهبة إجماعا ، ويفتقر إلى القبول ولا يصح بلفظ الإبراء إجماعا " ( 3 ) . والعلامة كما قال : " لو كان المهر عينا لم يزل الملك بلفظ العفو والإبراء " ( 4 ) . ومنهم الشهيد ، قال : " . . . وكذا لو ‹ صفحة 160 › أسقطه حقه من عين مملوكة لم يخرج بذلك عن ملكه بخلاف الدين فإنه قابل لذلك " ( 1 ) . وصاحب الحدائق ، قال : " ومن الظاهر أن الإبراء لا يتعلق بالأعيان " ( 2 ) وغيرهم من الفقهاء ، مثل فخر المحققين ( 3 ) والفاضل الهندي ( 4 ) والمحقق السبزواري ( 5 ) . الإبراء عما لم يجب : يجب أن يكون المبرأ منه حقا ثابتا في ذمة المبرأ وهذا معنى وجوبه ، فما لم يجب - أي لم يثبت - لم يصح الإبراء منه ، ويبدو أن هذه القاعدة الكلية متسالم عليها ، وقد استدل الفقهاء بها على عدم صحة الإبراء في بعض الموارد ، منه ما قال الشيخ في مورد من القصاص : " . . . ولأنه إبراء عما لم يجب ، والإبراء عما لم يجب لا يصح . . . " ( 6 ) ومثله العلامة ( 7 ) والمحقق الثاني ( 1 ) والفاضل الهندي ( 2 ) وصاحب الجواهر ( 3 ) وغيرهم في موارد عديدة . الإبراء من المجهول : المشهور بين أصحابنا جواز الإبراء من المجهول ، لأنه إسقاط لما في الذمة لا معاوضة حتى يعتبر فيه ما يعتبر فيها من الشرائط كالمعلومية ، ولكن ذهب الشيخ - في المبسوط - إلى بطلان ذلك ، فقد قال حول إبراء الزوجة الزوج من مهر المثل : " . . . وإن أبرأته من مهر المثل الواجب بالعقد نظرت فإن كانت تعرف قدره ومبلغه فالبراءة صحيحة ، لأنها براءة عن أمر واجب معلوم ، وإن كانت جاهلة بقدر المثل فالبراءة باطلة . . . - إلى أن قال - : والبراءة عن المجهول باطلة " ( 4 ) . وأما غيره من الفقهاء فالمعروف بينهم - كما تقدم - هو صحته ، قال المحقق : " لو تزوجها على مال مشار إليه غير معلوم الوزن فتلف قبل قبضه فأبرأته منه صح ، وكذا لو تزوجها بمهر فاسد واستقر ‹ صفحة 161 › لها مهر المثل فأبرأته منه أو من بعضه صح ولو لم تعلم كميته ، لأنه إسقاط للحق فلم يقدح فيه الجهالة " ( 1 ) . وصرح العلامة في موارد عديدة بذلك ، منها قوله في القواعد : " ويصح الإبراء من المجهول " ( 2 ) . وقال الشهيد الثاني : " المشهور بين أصحابنا جواز الابراء من المجهول ، لأنه إسقاط لما في الذمة لا معاوضة . . . " ( 3 ) . وممن صرح بذلك - أيضا - الفاضل الهندي ( 4 ) والمحقق السبزواري ( 5 ) . نعم ، ناقش بعضهم فيما لو كان من عليه الحق يعلم المقدار دون من له الحق ، وكان - من عليه الحق - يعلم بأنه لو علم من له الحق المقدار لما أبرأه ، فاستثناه من الحكم بالجواز ، قال في المسالك : " فلو كان من عليه الحق عالما بقدره والمستحق غير عالم بحيث لو علم منه ما يعلمه المديون لما أقدم على براءته ، لم يصح . . . " ( 1 ) . وقال مثله المحقق السبزواري في الكفاية ( 2 ) . الركن الرابع - الصيغة: الظاهر عدم وجود صيغة خاصة للإبراء وإنما يتحقق بكل ما دل عليه ، كالإبراء والعفو والإسقاط والترك والهبة والتمليك ، لاشتراك الجميع في الأثر ، وهو : إفراغ الذمة ، قال صاحب الحدائق حول الإبراء من المهر : " وظاهر الأصحاب أنه لا ينحصر في لفظ ، بل كل ما أدى هذا المعنى من لفظ الإبراء أو العفو أو الهبة أو الإسقاط أو نحو ذلك ، فإنه يحصل به البراءة وفراغ الذمة ، وقد أطلق عليه لفظ العفو في قوله عز وجل ( إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) " ( 3 ) . وقال نحوه غيره من الفقهاء ( 4 ) . ........................ هامش ص 159 ( 4 ) الشرائع 2 : 188 . ( 5 ) جامع المقاصد 5 : 100 ، مفتاح الكرامة 5 : 149 . ( 1 ) الجواهر 42 : 341 . ( 2 ) الجواهر 43 : 432 ، المسالك 2 : 488 . ( 3 ) السرائر 2 : 238 . ( 4 ) القواعد 2 : 42 . ‹ هامش ص 160 › ( 1 ) المسالك 1 : 369 . ( 2 ) الحدائق 22 : 309 . ( 3 ) الإيضاح 3 : 225 . ( 4 ) كشف اللثام 2 : 88 . ( 5 ) كفاية الأحكام : 183 . ( 6 ) المبسوط 7 : 111 . ( 7 ) قواعد الأحكام 1 : 161 . ( 1 ) جامع المقاصد 5 : 99 . ( 2 ) كشف اللثام 2 : 91 و 475 . ( 3 ) الجواهر 27 : 146 . ( 4 ) المبسوط 4 : 314 . ‹ هامش ص 161 › ( 1 ) الشرائع 2 : 332 . ( 2 ) القواعد 1 : 178 . ( 3 ) المسالك 1 : 556 ( إبراء الزوجة الزوج من المهر ) . ( 4 ) كشف اللثام 2 : 91 . ( 5 ) كفاية الأحكام : 184 . ( 1 ) المسالك 1 : 556 ( إبراء الزوجة الزوج من المهر ) . ( 2 ) كفاية الأحكام : 184 . ( 3 ) الحدائق 22 : 308 . والآية في سورة البقرة : 237 . ( 4 ) المسالك 1 : 554 . |
الرجوع في الإبراء وعدمه :
الرجوع في الإبراء وعدمه : يبدو أن الإبراء لازم لا رجوع فيه ، - على المشهور - وممن صرح بذلك الفاضل المقداد وصاحب الحدائق ، قال الأول : " إن الإبراء لا رجوع فيه كالصدقة " ( 1 ) ، وقال الثاني : " . . . والإبراء لازم لا رجوع فيه اتفاقا " ( 2 ) . وقد ذكر عديد من الفقهاء ذلك في مطاوي كلماتهم كالشهيد في المسالك ، حيث قال حول إبراء الزوجة الزوج من الصداق : " إذا أبرأته من الصداق قبل الدخول ثم طلقها قبله ، فالمشهور بين الأصحاب - وهو الذي قطع به المصنف - أنه يرجع عليها بنصف المهر ، لتصرفها فيه قبل الطلاق تصرفا ناقلا له عن ملكها بوجه لازم " ( 3 ) . والمراد من النقل بوجه لازم هو الإبراء . .................... ‹ هامش ص 162 › ( 1 ) كنز العرفان 2 : 57 . ( 2 ) الحدائق 22 : 307 و 308 . ( 3 ) المسالك 1 : 554 . |
خيار الشرط في الإبراء
خيار الشرط في الإبراء : المعروف بين فقهاء الإمامية أن خيار الشرط لا يثبت في الإبراء ، ومعنى ثبوته فيه هو أن يشترط المبرئ الخيار لنفسه أو لغيره ، فيحق له الرجوع في الإبراء إذا اشترطه . وعلى أي فالمعروف - كما تقدم - هو عدم ثبوته ، قال المحقق : " . . . وخيار الشرط يثبت في كل عقد عدا النكاح والوقف ، وكذا الإبراء والطلاق والعتق إلا على رواية شاذة " ( 1 ) . وعلق عليه في المسالك قائلا : " . . . وأما استثناء ما ذكر ، فلأن النكاح لا يقصد فيه المعاوضة ، والوقف إزالة ملك على وجه القربة ، ومثله العتق وقريب منه الإبراء ، وهذه المواضع محل وفاق ، وهو الحجة - إلى أن قال - : واعلم أن استثناء المصنف الطلاق والعتق من العقود إما منقطع . . . أو محمول على إطلاق العقد على ما يعم الإيقاع تجوزا ، وكذا القول في الإبراء وإن لم يشترط فيه القبول " ( 2 ) . وقال العلامة : " يثبت خيار الشرط في كل عقد سوى الوقف . . . ولا يثبت في الطلاق ولا العتق ولا الإبراء . . . " ( 3 ) . وقال المحقق الثاني : " . . . وكذا لا ‹ صفحة 163 › يثبت [ أي الخيار ] في الإبراء ، لأنه إسقاط " ( 1 ) . وقال الشيخ في المكاسب : " أما الإيقاعات فالظاهر عدم الخلاف في عدم دخول الخيار فيها كما يرشد إليه استدلال الحلي في السرائر على عدم دخوله في الطلاق بخروجه عن العقود ، قيل : لأن المفهوم من الشرط ما كان بين اثنين كما ينبه عليه جملة من الأخبار ، والإيقاع إنما يقوم بواحد . . . - إلى أن قال - : وإجماع المسالك على عدم دخوله في العتق والإبراء . . . - إلى أن قال - : ومما ذكرناه في الإيقاع يمكن أن يمنع دخول الخيار فيما تضمن الإيقاع ولو كان عقدا كالصلح المفيد فائدة الإبراء . . . " ( 2 ) . وجاء في تحرير الوسيلة : " ولا إشكال في عدم جريانه [ أي خيار الشرط ] في الإيقاعات كالطلاق والعتق والإبراء ونحوها " ( 3 ) ، وجاء في منهاج الصالحين : " لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات كالطلاق والعتق " ( 1 ) وإطلاقه يشمل الإبراء أيضا . .............................. هامش ص 162 ( 1 ) الشرائع 2 : 23 . ( 2 ) المسالك 1 : 181 . ( 3 ) القواعد 1 : 143 . ‹ هامش ص 163 › ( 1 ) جامع المقاصد 4 : 304 . |
الإبراء وهبة الدين :
الإبراء وهبة الدين :
قد سبق أن الإبراء - على ما هو المعروف - إيقاع لا يعتبر فيه القبول ، بينما الهبة من العقود فتحتاج إليه ، ولكن مع ذلك كله فقد يتحقق الإبراء بصيغة الهبة فلا يحتاج إلى القبول حينئذ ، كما لو قال الدائن للمدين : " وهبتك ما كان لي في ذمتك " وقد صرح بذلك عديد من الفقهاء كالشيخ الطوسي حيث قال : " إذا كان له في ذمة رجل مال فوهبه له ذلك ، كان ذلك إبراء بلفظ الهبة " ( 2 ) ومثله أو قريب منه عبارات فقهاء آخرين كابن زهرة ( 3 ) وابن إدريس ( 4 ) والمحقق ( 5 ) ويحيى بن سعيد ( 6 ) الحليين والراوندي ( 7 ) والعلامة ( 8 ) والشهيد ‹ صفحة 164 › الثاني ( 1 ) والمحقق السبزواري ( 2 ) وصاحب الجواهر ( 3 ) والسيد الخوئي ( 4 ) وغيرهم . . . نعم ، استشكل بعض الفقهاء - كالإمام الخميني ( 5 ) - في ذلك ، لأن الهبة تمليك وهو يحتاج إلى قبول ، بينما الإبراء إسقاط لا يحتاج إليه . ...................... هامش ص 163 ( 2 ) المكاسب : 233 . ( 3 ) تحرير الوسيلة 1 : 520 ، البيع . ( 1 ) منهاج الصالحين 2 : 30 ، الخيارات . ( 2 ) المبسوط 3 : 314 . ( 3 ) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : 603 . ( 4 ) السرائر 2 : 238 ، 3 : 176 . ( 5 ) الشرائع 2 : 229 . ( 6 ) الجامع للشرائع : 365 . ( 7 ) فقه القرآن 2 : 295 . ( 8 ) القواعد 1 : 274 ، التذكرة 2 : 417 . ‹ هامش ص 164 › ( 1 ) المسالك 1 : 554 . ( 2 ) الكفاية : 143 . ( 3 ) الجواهر 28 : 165 . ( 4 ) منهاج الصالحين 2 : 204 . ( 5 ) تحرير الوسيلة 2 : 56 . |
الإبراء والصلح :
الإبراء والصلح :
هناك مبنيان في الصلح : أحدهما : أن الصلح فرع ما يفيده ، فإذا أفاد فائدة البيع فهو بيع ، وإذا أفاد فائدة الإبراء فهو إبراء وهكذا . . . وهذا مسلك الشيخ ، قال : " الصلح ليس بأصل في نفسه وإنما هو فرع لغيره ، وهو على خمسة أضرب : أحدها في البيع ، وثانيها في الإبراء . . . " ( 6 ) . ثانيهما : أن الصلح عقد قائم بنفسه لم يتبع غيره ، وهذا هو مذهب المشهور ، بل قال العلامة : " الصلح عند علمائنا أجمع عقد قائم بنفسه ليس فرعا على غيره . . . " ( 1 ) . فعلى المبنى الأول يصح إيقاع الابراء على وجه الصلح كأن يصالحه على إبراء ما في ذمته في مقابل شئ ما ، فيكون ذلك إبراء . وعلى المبنى الثاني لا يقع الإبراء بصورة الصلح وإن أفاد فائدته ، بل يكون صلحا ، فالمثال الثاني يكون من الصلح لا الإبراء . نعم ، هناك نوع من الصلح يمكن أن يصدق عليه الإبراء وهو المسمى ب " صلح الحطيطة " وهو : أن يصالحه على بعض الدين ، فإذا كان يطلب ألفا وقال : صالحتك هذه الألف بخمسمئة جاز وكان إبراء لذمة المديون عن الخمسمئة . قال العلامة : " القسم الثاني : صلح الحطيطة وهو الجاري على بعض الدين المدعى وهو إبراء عن بعض الدين . ثم لا يخلو إما أن يأتي بلفظ الإبراء وما يشبهه مثل أن يقول : أبرأتك عن خمسمئة من الألف الذي لي عليك وصالحتك على الباقي ، فإنه يصح قطعا ‹ صفحة 165 › ويكون إبراء وتبرأ ذمة المديون عما أبرأه منه ، وهل يشترط القبول ؟ الأقرب عندي عدم الاشتراط . . . وإما ألا يأتي بلفظ الإبراء ، ويقتصر على لفظ الصلح فيقول : صالحتك عن الألف التي في ذمتك على خمسمئة صح عندنا أيضا . . . وهل يشترط القبول ؟ إشكال ينشأ من كونه عقدا مستقلا ، ومن كونه في معنى الإبراء . . . " ( 1 ) . ولعله إلى هذا التفصيل يشير ما جاء في تحرير الوسيلة من أن " الصلح عقد يحتاج إلى الإيجاب والقبول مطلقا حتى فيما أفاد فائدة الإبراء والإسقاط على الأقوى ، فإبراء الدين وإسقاط الحق وإن لم يتوقف على القبول لكن إذا وقعا بعنوان الصلح توقفا عليه " ( 2 ) . وقال في مكان آخر : " نعم ، لو صالح عن الدين ببعضه كما إذا كان له عليه دراهم إلى أجل فصالح عنها بنصفها حالا فلا بأس به إذا كان المقصود إسقاط الزيادة والإبراء عنها والاكتفاء بالناقص كما هو المقصود المتعارف في نحو هذه المصالحة لا المعاوضة بين الزائد والناقص " ( 1 ) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . هامش ص 164 ( 6 ) المبسوط 2 : 288 . ( 1 ) التذكرة 2 : 177 . ‹ هامش ص 165 › ( 1 ) التذكرة 2 : 178 . ( 2 ) تحرير الوسيلة 1 : 561 . |
الإبراء والحوالة
الإبراء والحوالة : بحث الفقهاء في أنه إذا أحال الإنسان ما في ذمته لشخص آخر إلى شخص ثالث هل تبرأ ذمة المحيل بمجرد الحوالة فلا يحق للمحال له الرجوع إلى المحيل حتى لو لم يبرئ ذمته ، أو لا تتحقق البراءة إلا بعد إبراء المحال له المحيل ؟ ذهب الشيخ إلى الثاني كما يظهر من عبارة المفيد - أيضا - ونسب إلى جماعة آخرين كابن الجنيد وأبي الصلاح والقاضي ابن البراج ، والفاضل المقداد . قال الشيخ : " من كان له على غيره مال فأحال به على غيره وكان المحال عليه مليا به في الحال ، وقبل الحوالة وأبرأه منه لم يكن له رجوع عليه . . . ومتى لم يبرئ المحال له بالمال المحيل في حال ما يحيله كان له - أيضا - الرجوع عليه أي وقت شاء " ( 2 ) . وقال الشيخ المفيد : " وإذا كان ‹ صفحة 166 › للإنسان على غيره مال فأحال به على رجل ملي به فقبل الحوالة وأبرأه منه لم يكن له رجوع عليه . . . " ( 1 ) . بينما ذهب ابن إدريس إلى الأول وصار الرأي المشهور من بعده ، قال معلقا على كلام الشيخ الطوسي المتقدم : " قوله رضي الله عنه في آخر الكلام والباب : " ومتى لم يبرئ المحال له بالمال المحيل . . . " لا وجه له ، لأن الحوالة عقد قائم بنفسه عند أصحابنا ، وهي من العقود اللازمة للمتعاقدين ، وينتقل المال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه مع رضى المحال له وهي مشتقة من تحويل الحق فإذا كان كذلك فقد انعقد العقد وتحول الحق ، فسواء أبرأه منه بعد الحوالة أو لم يبرئه ، لأن الذمة قد برئت بعد عقد الحوالة " ( 2 ) . وقال العلامة : " إذا حصلت الحوالة مستجمعة الشرائط تنقل المال إلى ذمة المحال عليه وبرئ المحيل سواء أبرأه المحتال أو لا ، وهو قول عامة الفقهاء . . . " ( 3 ) ثم ذكر خلاف الشيخ . وقال الشهيد : " إن المحيل برئ من حق المحتال بمجرد الحوالة سواء أبرأه المحتال أم لا ؟ لدلالة التحويل عليه ، وهو المشهور ، وخالف فيه الشيخ وجماعة . . . " ( 1 ) . وجاء نحو ذلك في جامع المقاصد ( 2 ) والكفاية ( 3 ) والحدائق ( 4 ) والجواهر ( 5 ) والعروة ( 6 ) وتحرير الوسيلة ( 7 ) . ........................... ‹ هامش ص 166 › ( 1 ) المقنعة : 814 . ( 2 ) السرائر 2 : 80 . ( 3 ) التذكرة 2 : 106 . ( 1 ) المسالك 1 : 205 . ( 2 ) جامع المقاصد 5 : 360 . ( 3 ) كفاية الأحكام : 115 . ( 4 ) الحدائق 21 : 50 . ( 5 ) الجواهر 26 : 163 . ( 6 ) العروة ، كتاب الحوالة . ( 7 ) تحرير الوسيلة 2 : 33 . |
الابراء والضمان
الإبراء والضمان :
إذا قلنا في الضمان بأنه نقل ذمة إلى ذمة - كما هو المعروف - لا ضم ذمة إلى أخرى ، فمعناه انتقال الحق من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ، وبناء على هذا إذا أبرأ المضمون له ذمة المضمون عنه فقط فلا أثر لهذا الإبراء لعدم محل له ، إذ محله - كما تقدم في البحث عن المبرأ - هو ‹ صفحة 167 › الحق الثابت في الذمة ، وهنا لم يكن حق ثابت في ذمة المضمون عنه ، لأن الحق قد انتقل - بسبب الضمان - إلى ذمة الضامن ولذلك يكون إبراؤه لغوا بخلاف ما إذا أبرأ الضامن فإن ذمته تبرأ ، وببراءة ذمة الضامن لا يبقى شئ لا في ذمة الضامن ، لحصول البراءة ، ولا في ذمة المضمون عنه ، لانتقال الحق إلى ذمة الضامن ، وهذا هو القول المشهور ، بل ادعي عليه الإجماع . قال المحقق : " ولو أبرأ المضمون له المضمون عنه لم يبرأ الضامن على قول مشهور لنا " ( 1 ) . وقال صاحب الرياض : " ولو وهبه - أي الضامن المضمون له - أو أبرأه عن المضمون لم يرجع الضامن على المضمون عنه بشئ ، ولو كان الضمان بإذنه . وكذا لم يرجع المضمون له عليه [ أي المضمون عنه ] به عندنا بناء على انتقال الحق من ذمة إلى أخرى خلافا للعامة " ( 2 ) . وقال صاحب الجواهر : " . . . فلو أبرأ المضمون له المضمون عنه لم يبرأ الضامن من هذه الحيثية على قول مشهور لنا ، بل مجمع بيننا ، ضرورة عدم المحل للبراءة المزبورة بعد ما عرفت من براءة ذمته بالضمان عندنا ، وإنما محلها حينئذ ذمة الضامن فإذا أبرأه برئا معا " ( 1 ) . وجاء مثل ذلك في المسالك ( 2 ) والكفاية ( 3 ) والعروة ( 4 ) والمستمسك ( 5 ) وتحرير الوسيلة ( 6 ) ومنهاج الصالحين ( 7 ) . .......................... ‹ هامش ص 167 › ( 1 ) الشرائع 2 : 108 . ( 2 ) الرياض 1 : 595 . ( 1 ) الجواهر 26 : 127 . ( 2 ) المسالك 1 : 201 . ( 3 ) الكفاية : 114 . ( 4 ) العروة ، الضمان ، الأمر العاشر ، المسألة 3 . ( 5 ) المستمسك 13 : 276 . ( 6 ) تحرير الوسيلة 2 : 26 . ( 7 ) منهاج الصالحين 2 : 182 . |
الساعة الآن 12:06 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010