![]() |
التوحيد وعقيدة الشيعة الامامية
عقيدتنا في التوحيد
ونعتقد بأنه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات ، فكما يجب توحيده في الذات ونعتقد بأنه واحد في ذاته ووجوب وجوده ، كذلك يجب - ثانيا - توحيده في الصفات ، وذلك بالاعتقاد بأن صفاته عين ذاته كما سيأتي بيان ذلك ، وبالاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية ، فهو في العلم والقدرة لا نظير له وفي الخلق والرزق لا شريك له وفي كل كمال لا ند له . وكذلك يجب - ثالثا - توحيده في العبادة فلا تجوز عبادة غيره بوجه من الوجوه ، وكذا إشراكه في العبادة في أي نوع من أنواع العبادة ، واجبة أو غير واجبة ، في الصلاة وغيرها من العبادات . ومن أشرك في العبادة غيره فهو مشرك كمن يرائي في عبادته ويتقرب إلى غير الله تعالى ، وحكمه حكم من يعبد الأصنام والأوثان ، لا فرق بينهما . أما زيارة القبور وإقامة المآتم فليست هي من نوع التقرب إلى غير الله تعالى في العبادة ، كما توهمه بعض من يريد الطعن في طريقة الإمامية ، غفلة عن حقيقة الحال فيها ، بل هي من نوع التقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة كالتقرب إليه بعيادة المريض وتشييع الجنائز وزيارة الأخوان في الدين ومواساة الفقير ، فإن عيادة المريض - مثلا - في نفسها عمل صالح يتقرب به العبد إلى الله تعالى . وليس هو تقربا إلى المريض يوجب أن يجعل عمله عبادة لغير الله تعالى أو الشرك في عبادته . وكذلك باقي أمثال هذه الأعمال الصالحة التي منها زيارة القبور ، وإقامة المآتم ، وتشييع الجنائز ، وزيارة الأخوان . أما كون زيارة القبور وإقامة المآتم من الأعمال الصالحة الشرعية فذلك يثبت في علم الفقه وليس هنا موضع إثباته . والغرض أن إقامة هذه الأعمال ليست من نوع الشرك في العبادة كما يتوهمه البعض . وليس المقصود منها عبادة الأئمة ، وإنما المقصود منها إحياء أمرهم ، وتجديد ذكرهم ، وتعظيم شعائر الله فيهم ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) . فكل هذه أعمال صالحة ثبت من الشرع استحبابها ، فإذا جاء الانسان متقربا بها إلى الله تعالى طالبا مرضاته ، استحق الثواب منه ونال جزاءه . |
رد القران على نظرية الثالوث المسيحية
( احتجاج القرآن على مذهب التثليث )
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 3 - ص 287 - 291 يرد القرآن في الاحتجاج ويرد قول المثلثة من طريقين أحدهما الطريق العام وهو بيان استحالة الابن عليه تعالى في نفسه أي سواء كان عيسى هو الابن أو غيره الثاني الطريق الخاص وهو بيان أن عيسى بن مريم ليس ابنا إلها بل عبد مخلوق . أما الطريق الأول فتوضيحه أن حقيقة البنوة والتولد هو أن يجزء واحد من هذه الموجودات الحية المادية كالانسان والحيوان بل النبات أيضا شيئا من مادة نفسه ثم يجعله بالتربية التدريجية فردا آخر من نوعه مماثلا لنفسه يترتب عليه من الخواص والآثار ما كان يترتب على المجزى منه كالحيوان يفصل من نفسه النطفة والنبات يفصل من نفسه اللقاح ثم يأخذ في تربيته تدريجا حتى يصيره حيوانا أو نباتا آخر مماثلا لنفسه ومن المعلوم أن الله سبحانه يمتنع عليه ذلك أما اولا فلاستلزامه الجسمية المادية والله سبحانه منزه من المادة ولوازمها الافتقارية كالحركة والزمان والمكان وغير ذلك وأما ثانيا فلان الله سبحانه لاطلاق ألوهيته وربوبيته له القيومية المطلقة على ما سواه فكل شئ سواه مفتقر الوجود إليه قائم الوجود به فكيف يمكن فرض شئ غيره يماثله في النوعية يستقل عنه بنفسه ويكون له من الذات والأوصاف والاحكام ما له من غير افتقار إليه وأما ثالثا فلأن جواز الايلاد والاستيلاد عليه تعالى يستلزم جواز الفعل التدريجي عليه تعالى وهو يستلزم دخوله تحت ناموس المادة والحركة وهو خلف بل ما يقع بإرادته ومشيته تعالى إنما يقع من غير مهلة وتدريج . وهذا البيان هو الذي يفيده قوله تعالى وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون : البقرة - 117 وعلى ما قربناه فقوله سبحانه برهان وقوله له ما في السماوات والأرض كل له قانتون برهان آخر وقوله بديع ‹ صفحة 288 › السماوات والأرض إذا قضى إلخ برهان ثالث . ويمكن أن يجعل قوله بديع السماوات والأرض من قبيل إضافة الصفة إلى فاعلها ويستفاد منه أن خلقه تعالى على غير مثال سابق فلا يمكن منه الايلاد لأنه خلق على مثال نفسه لان مفروضهم العينية فيكون هذه الفقرة وحدها برهانا آخر . ولو فرض قولهم اتخذ الله ولدا كلاما ملقى لا على وجه الحقيقة بل على وجه التوسع في معنى الابن والولد بأن يراد به انفصال شئ عن شئ يماثله في الحقيقة من غير تجز مادي أو تدريج زماني وهذا هو الذي يرومه النصارى بقولهم المسيح ابن الله بعد تنقيحه ليتخلص بذلك عن إشكال الجسمية والمادية والتدريج بقي إشكال المماثلة . توضيحه أن إثبات الابن والأب إثبات للعدد بالضرورة وهو إثبات للكثرة الحقيقية وإن فرضت الوحدة النوعية بين الأب والابن كالأب والابن من الانسان هما واحد في الحقيقة الانسانية وكثير من حيث إنهما فردان من الانسان وعلى هذا فلو فرض وحدة الاله كان كل ما سواه ومن جملتها الابن غيرا له مملوكا مفتقرا إليه فلا يكون الابن المفروض إلها مثله ولو فرض ابن مماثل له غير مفتقر إليه بل مستقل مثله بطل التوحيد في الاله عز اسمه . وهذا البيان هو المدلول عليه بقوله تعالى ولا تقولوا ثلثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا : النساء - 171 . وأما الطريق الثاني وهو بيان أن شخص عيسى بن مريم عليه السلام ليس ابنا لله مشاركا له في الحقيقة الإلهية فلما كان فيه من البشرية ولوازمها وتوضيحه أن المسيح عليه السلام حملت به مريم وربته جنينا في رحمها ثم وضعته وضع المرأة ولدها ثم ربته كما يتربى الولد في حضانة امه ثم أخذ في النشوء وقطع مراحل الحياة والارتقاء في مدارج العمر من الصبا والشباب والكهولة وفي جميع ذلك كان حاله حال إنسان طبيعي في حياته يعرضه من العوارض والحالات ما يعرض الانسان من جوع وشبع وسرور ومسائة ولذة وألم وأكل وشرب ونوم ويقظة وتعب وراحة وغير ذلك . ‹ صفحة 289 › فهذا ما شوهد من حال المسيح عليه السلام حين مكثه بين الناس ولا يرتاب ذو عقل أن من كان هذا شأنه فهو إنسان كسائر الاناسي من نوعه وإذا كان كذلك فهو مخلوق مصنوع كسائر أفراد نوعه وأما صدور الخوارق وتحقق المعجزات بيده كإحياء الأموات وخلق الطير وإبراء الاكمه والأبرص وكذا تحقق الخوارق من الآيات في وجوده كتكونه من غير أب فإنما هي أمور خارقة للعادة المألوفة والسنة الجارية في الطبيعة فإنها نادرة الوجود لا مستحيلته فهذا آدم تذكر الكتب السماوية أنه خلق من تراب ولا أب له وهؤلاء أنبياء الله كصالح وإبراهيم وموسى عليهم السلام جرت بأيديهم آيات معجزة كثيرة مذكورة في مسفورات الوحي من غير أن تقتضي فيهم ألوهية ولا خروجا عن طور الانسانية . وهذه الطريقة هي المسلوكة في قوله تعالى لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد إلى أن قال ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وامه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون : المائدة - 75 وقد خص أكل الطعام من بين جميع الأفعال بالذكر لكونه من أحسنها دلالة على المادية واستلزاما للحاجة والفاقة المنافية للألوهية فمن المعلوم أن من يجوع ويظمأ بطبعه ثم يشبع بأكله أو يرتوى بشربه ليس عنده غير الحاجة والفاقة التي لا يرفعها إلا غيره وما معنى ألوهية من هذا شأنه فإن الذي قد أحاطت به الحاجة واحتاج في رفعها إلى الخارج من نفسه فهو ناقص في نفسه مدبر بغيره وليس بإله غني بذاته بل هو مخلوق مدبر بربوبية من ينتهي إليه تدبيره . وإلى هذا يمكن أن يرجع قوله تعالى لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وامه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير : المائدة - 17 . وكذا قوله تعالى في ذيل الآية المنقولة سابقا آية 75 خطابا للنصارى قل أ تعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم : المائدة - 76 . فإن الملاك في هذا النوع من الاحتجاجات هو أن الذي شوهد من أمر المسيح ‹ صفحة 290 › أنه كان يعيش على الناموس الجاري في حياة الانسان متصفا بجميع صفاته وأفعاله وأحواله النوعية كالاكل والشرب وسائر الاحتياجات الانسانية والخواص البشرية ولم يكن هذا التلبس والاتصاف بحسب ظاهر الحس أو تسويل الخيال فحسب بل كان على الحقيقة وكان المسيح عليه السلام إنسانا ذا هذه الأوصاف والأحوال والافعال والأناجيل مشحونة بتسميته نفسه إنسانا وابن الانسان مملوءة بالقصص الناطقة بأكله وشربه ونومه ومشيه ومسافرته وتعبه وتكلمه ونحو ذلك بحيث لا يقبل شئ منها صرفا ولا تأويلا ومع تسليم هذه الأمور يجري على المسيح ما يجري على غيره فهو لا يملك من غيره شيئا كغيره ويمكن أن يهلك كغيره . وكذا حديث عبادته ودعائه بحيث لا يرتاب في أن ما كان يأتيه من عبادة فإنما للتقرب من الله والخضوع لقدس ساحته لا لتعليم الناس أو لأغراض اخر تشابه ذلك . وإلى حديث العبادة والاحتجاج به يؤمي قوله تعالى لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا : النساء - 172 فعبادة المسيح أول دليل على أنه ليس بإله وأن الألوهية لغيره لا نصيب له فيها فأي معنى لنصب الشئ نفسه في مقام العبودية والمملوكية لنفسه وكون الشئ قائما بنفسه من عين الجهة التي بها يقوم نفسه والامر ظاهر وكذا عبادة الملائكة كاشفة عن أنها ليست ببنات الله سبحانه ولا أن روح القدس إله بعد ما كانوا بأجمعهم عابدين لله طائعين له كما قال تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون : الأنبياء - 28 . على أن الأناجيل مشحونة بأن الروح طائع لله ورسله مؤتمر للامر محكوم بالحكم ولا معنى لأمر الشئ نفسه ولا لطاعته لذاته ولا لانقياده وائتماره لمخلوق نفسه . ونظير عبادة المسيح لله سبحانه في الدلالة على المغايرة دعوته الناس إلى عبادة الله كما يشير إليه قوله تعالى لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار : المائدة - 72 وسبيل الآية واحتجاجها ظاهر . ‹ صفحة 291 › والأناجيل أيضا مشحونة في دعوته إلى الله سبحانه وهي وإن لم تشتمل على هذا اللفظ الجامع اعبدوا الله ربي وربكم لكنها مشتملة على الدعوة إلى عبادة الله وعلى اعترافه بأنه ربه الذي بيده زمام أمره وعلى اعترافه بأنه رب الناس ولا تتضمن دعوته إلى عبادة د نفسه صريحا ولا مرة مع ما فيها من قوله أنا وأبي واحد نحن إنجيل يوحنا الأصحاح العاشر فمن الواجب أن يحمل على تقدير صحته على أن المراد أن إطاعتي إطاعة الله كما قال تعالى في كتابه الكريم من يطع الرسول فقد أطاع الله : النساء - 80 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . |
الساعة الآن 01:03 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010