:: منتديات ثار الله الإسلامي ::

:: منتديات ثار الله الإسلامي :: (http://www.tharollah.com/vb/index.php)
-   منتدى حلية التوسل ورد الشبهات عليه (http://www.tharollah.com/vb/forumdisplay.php?f=93)
-   -   لتوسّل لغة واصطلاحاً (http://www.tharollah.com/vb/showthread.php?t=1921)

الفاروق الاعظم 01-24-2011 12:16 AM

لتوسّل لغة واصطلاحاً
 
التوسّل لغة واصطلاحاً

التوسّل من وسلت إلى ربّي وسيلة: عملتُ عملا أتقرّبُ به إليه، وتوسّلت إلى فلان بكتاب أو قرابة، أي تقربتُ به إليه(1).

وقال الجوهري في الصحاح: الوسيلة ما يتقرّب به إلى الغير والجمع: الوُسُل والوسائل(2).

ونحن في غنى عن تحقيق معنى الوسيلة في اللغة، لأنّها من المفاهيم الواضحة لدينا وحقيقتها لا تتجاوز عن اتّخاذ شيء ذريعة إلى أمر آخر يكون هو المقصود والمبتغى، وهي تختلف حسب اختلاف المقاصد.

فمن ابتغى رضى الله تبارك وتعالى يتوسّل بالأعمال الصالحة التي بها يكتسب رضاه، ومن طلب استجابة دعائه يتوسّل بشيء جُعِل

____________

1- الخليل: ترتيب المعين، مادة "وسل".

2- الجوهري: الصحاح، ج 5، مادة "وسل".


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 18
--------------------------------------------------------------------------------

في الشريعة وسيلة لها، ومن أراد زيارة بيت الله الحرام يتوسّل بما يوصله إليها، فوضوح معناه يبعثنا إلى أن نترك نقل أقوال اللغويين في ذلك المضمار وإن كانت أكثر كلماتهم في المقام متماثلة.

والمقصود منه في المقام، هو أن يقدِّم العبدُ إلى ربّه شيئاً، ليكون وسيلةً إلى الله تعالى لأن يتقبّل دعاءه ويجيبه إلى ما دعا، وينالَ مطلوبه، مثلا إذا ذكر الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ومجّده وقدّسه وعظّمه، ثم دعا بما بدا له، فقد اتّخذ أسماءه وسيلة لاستجابة دعائه ونيل مطلوبه، ومثله سائر التوسّلات، والتوسّل بالأسباب في الحياة، أمر فطري للإنسان، فهو لم يزل يدق بابها ليصلَ إلى مسبباتها، وقال الإمام الصادق (عليه السلام): " أبى الله أن تجري الأشياء إلاّ بأسباب فجعل لكل شيء سبباً "(1).

إنّ الوسيلة إذا كانت وسيلة عادية للشيء وسبباً طبيعياً له، فلا يشترط فيها إلاّ وجود الصلة العادية بين الوسيلة والمتوسّل إليه، فمن يريد الشبع فعليه الأكل فلا يُريحه شربُ الماء، إذ لا صلة بين شرب الماء، وسدِّ الجوع، فالعقلاء في حياتهم الدنيوية ينتهجون ذلك المنهج بوازع فطري، أو بعامل تجريبي، نرى أنّ ذا القرنين عندما دُعي إلى دفع شرّ يأجوج ومأجوج الّذين كانوا يأتون من وراء الجبل ويفسدون ويقتلون ويغيرون، لبّى دعوتهم وتمسك بالسبب الطبيعي القويم الذي يدفع به شرّهم فخاطبهم بقوله: { آتوني زُبرَ الحديد حتى إذا ساوى بين الصَّدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أُفرغ عليهم قِطراً * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا } (الكهف/96 ـ 97).


____________

1- الكليني: الكافي: 1/183.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 19
--------------------------------------------------------------------------------

ففي هذا الموقف العصيب توسّل ذوالقرنين ـ ذلك الإنسان الإلهي ـ بسبب طبيعي إذ أنّه وقف على الصلة بين الوسيلة وما يهدف إليها، وهو سدّ الوديان بِقِطَعِ الحديد حتى إذا سوى بين الجبلين أمر الحدّادين أن ينفخوا في نار الحديد التي أُوقدت فيه حتى جعله ناراً، وعند ذلك قال: ائتوني نحاساً مذاباً أو صفراً مذاباً، حتى أصبَّه على السد بين الجبلين وينسد بذلك النقب ويصير جداراً مصمتاً، فكانت حجارته الحديد وطينه النحاس الذائب.

ففي المورد وأضرابه التي بنيت عليها الحياة الإنسانية في هذا الكوكب، لا يشترط بين الوسيلة والهدف سوى الرابطة الطبيعية أو العادية التي كشف عنها العلم والتجربة وأمّا التوسّل في الأُمور الخارجة عن نطاق الأُمور العادية، فبما أنّ التعرّف على أسبابه خارج عن إطار العلم والتجربة بل يُعدّ من المكنونات الغيبية، فلا يقف عليها الإنسان إلاّ عن طريق الشرع وتنبيه الوحي، وبيان الأنبياء والرسل وما ذاك إلاّ لأنّهم هم الذين يرفعون الستار عن وجه الحقيقة ويصرّحون بالوسيلة ويبيّنوه بأنّ هناك صلة بينها وبين ما يبغيه الإنسان المتوسّل.

وهذا الأصل يبعثنا إلى أن لا نتوسل بشيء فيما نبتغيه من رضى الربّ، وغفران الذنوب واستجابة الدعاء ونيل المنى، إلاّ عن طريق ما عيّنه الشارع وصرّح بأنّه وسيلة لذلك الأمر، فالخروج عن ذلك الإطار يسقطنا في مهاوي التشريع ومهالك البِدع التي تعرّفتَ على مضاعفاتها.

فالمسلمون سلفُهم وخلفهم، صحابيّهم وتابعيّهم، والتابعون لهؤلاء بإحسان في جميع الأعصار ما كانوا يخرجون عن ذلك الخط الذي رسمناه، فما نَدَب إليه الشرع في مجال التوسّل يأخذون به، وما لم
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 20
--------------------------------------------------------------------------------

يذكر، أو نهى عنه يتركونه، ولا اعتبار بالبدَعِ المحدثة التي ما أنزل الله بها من سلطان.

وها نحن نذكر عليك التوسّلات المشروعة التي ندب إليها الشرع، وحثّ عليها النبي الأكرم وخلفاؤه مجتنبين عن الإسهاب في الكلام، مقتصرين على اللبّ تاركين القشر.


الساعة الآن 12:47 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010

Security team