![]() |
مصحف فاطمة
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبينالطاهرين محتوى مصحف فاطمة(ع) سلسلة مصحف فاطمة(ع) - الحلقة رقم بينت الروايات محتوى مصحف فاطمة(ع) بنحوين، فمن جهة نفت احتواءه بعض المعارف، ومن جهة ثانية أثبتت احتواءه معارف أخرى، لذا فإننا نعرض محتوى المصحف ضمن عنوانين: المحتوى المنفي والمحتوى المثبت. المحتوى المنفي: نفت روايات أهل البيت(ع) اشتمال مصحف فاطمة(ع) على أمرين هما: الأول: القرآن فقد اقترن اسم مصحف فاطمة في أغلب الروايات مع نفي كونه قرآنًا أو احتوائه على آيات قرآنية، ومن الملفت أن نفي القرآنية عن مصحف فاطمة ورد بتعابير مختلفة، وما ذلك إلا لدفع ما قد يتوهم من لفظ مصحف بأنه قرآن كما مرَّ ذلك. ونعرض هنا جملة من تلك التعابير المختلفة في نفي القرآنية عنه. 1- ما هو قرآن: فعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله: (... وخلفت فاطمة مصحفًا ما هو قرآن)(1) 2- ما أزعم أنه قرآن: فعن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله: (ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنه قرآن) (2). 3- ما هو بالقرآن: فعن محمد بن عبد الملك عن أبي عبد الله: (وعندنا مصحف فاطمة، أما والله ما هو بالقرآن) (3). 4- ما أزعم أن فيه قرآنًا: فعن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله يقول ... (ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنًا) (4). 5- ليس فيه شيء من القرآن: فعن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح(ع)قال: (عندي مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن) (5). 6- ما فيه شيء من كتاب الله: فعن أبي حمزة عن أبي عبد الله(ع)قال: (مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله) (6). 7- ما فيه آية من كتاب الله: فعن علي بن سعيد عن أبي عبد الله(ع): (...وعندنا والله مصحف فاطمة ما فيه آية من كتاب الله) (7). 8- ما فيه حرف من القرآن: فعن علي بن الحسين عن أبي عبد الله(ع): (وعندنا مصحف فاطمة أما والله ما فيه حرف من القرآن) (8). 9- ما فيه من قرآنكم حرف واحد: فعن أبي بصير عن أبي عبد الله(ع): (وإن عندنا لمصحف فاطمة.. (إلى أن قال) والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد) (9). ومع هذا الزخم من الروايات النافية عن مصحف فاطمة القرآنية بأدنى صورها لا يعبأ بالرواية التي أوردها صاحب البحار عن كتاب مخطوط يسمى بكنز جوامع الفوائد وقد وقع في سندها محمد بن سليمان الديلمي الذي ضعفه الشيخ الطوسي –رحمه الله- والشيخ النجاشي – رحمه الله- والشيخ ابن الغضائري(10) بل قال الشيخ النجاشي في رجاله: (ضعيف جدًا لا يعوّل عليه في شيء) (11)، وقال عنه ابن الغضائري: (ضعيف في حديثه مرتفع في مذهبه لا يلتفت إليه)(12)، فقد روى هذا الرجل المطعون في مذهبه وحديثه عن أبي بصير عن أبي عبد الله أنه تلا هذه الآية: (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين (بولاية علي) ليس له دافع) ثم قال: هكذا هي في مصحف فاطمة) (13). فهذه الرواية مرفوضة سندًا ودلالة، أما السند، فلضعفه كما مرَّ. أما الدلالة فلأنها تخالف تلك الروايات الكثيرة النافية عن مصحف فاطمة اشتماله على أي آية من القرآن بل حتى على حرف واحد منه كما مرَّ. وليس سبب رفض الرواية هو أنها تدل على تحريف القرآن بل لا دلالة لها على ذلك لأن اللفظ الزائد –بولاية علي- يحمل على التفسير وبيان مورد النزول كما حملت روايات كثيرة وردت في كتب أهل السنة وهي تزيد على آيات القرآن ألفاظًا،فإنها قد حملت على التفسير أو بيان مورد النزول ... . والنتيجة أنه مما لا شك فيه كون مصحف فاطمة ليس قرآنًا، بل لا يشتمل على أي آية منه. وهذا ما اعترف به الكاتب محمد أبو زهرة في كتابه الإمام الصادق بعدما عرض رواية من الروايات الواردة في مصحف فاطمة(ع) إذ يقول فيه: (وروى الكليني أيضًا عن الصادق أنه قال ...مكثت فاطمة بعد النبي خمسة وسبعين يومًا صبَّت عليها مصائب من الحزن لا يعلمها إلا الله فأرسل الله إليها جبرئيل يسليها ويعزيها ويحدثها عن أبيها وعما يحدث لذريتها وكان علي يستمع ويكتب ما سمع حتى جاء به مصحف قدر القرآن ثلاث مرات ليس فيه شيء من حلال وحرام ولكن فيه علم ما يكون. وظاهر هذا النص أنه ليس من القرآن ما قيل لفاطمة على لسان جبرئيل... ) (14). لماذا الإصرار على التسمية؟ وهنا البعض قائلاً، إن نفي القرآنية في أغلب الروايات التي تتحدث عن هذا المصحف ما كان إلا نتيجة دفع التوهم الذي قد يطرأ على أذهان السامعين بأنه قرآن، وهذا يعني أن المنصرف من لفظ مصحف في عهد الصادقين(ع) ومن بعدهما هو القرآن المكتوب، وعليه فلماذا أصرَّ الأئمة(ع) على تسميته بـ (مصحف فاطمة(ع)) ولم يطلقوا عليه اسم كتاب فاطمة وحينئذ لا يتوهم أنه قرآن فلا يحتاج لنفي القرآنية عنه؟ وفي مقام الجواب قد يقال: 1- إنه ليس من المعلوم أن انصراف معنى القرآن من لفظ المصحف كان في زمن تسمية كتاب فاطمة بـ (مصحف)، إذ يبدو من بعض الروايات أن اطلاق لفظ المصحف على كتاب فاطمة ورد على لسان الإمام علي(ع) ففي رواية أن أمير المؤمنين قال: (... ولقد أعطيت زوجتي مصحفًا فيه من العلم ما لم يسبقها إليه أحد... ) (15) وليس من المعلوم أنه في زمن قول أمير المؤمنين هذا كان الانصراف حاصلاً،وعليه تكون التسمية حصلت قبل وجود الانصراف، ثم استمرت بعد ذلك. 2- وعلى فرض التنزل عما تقدم، والقول بأن التسمية متأخرة قد حدثت في زمن الانصراف يحتمل أن تكون تسميته بالمصحف لغرض التنبيه ولفت النظر إلى التشابه بينه وبين المصحف القرآني لكن لا من ناحية المضمون كما تقدم، بل لكون كل منهما أنزل مضمونه بواسطة الملك جبرئيل. |
المنفي الثاني: الأحكام الشرعية وليس مصحف فاطمة(ع)خاليًا عن القرآن فقط بل ورد أنه خالٍ عن أحكام الحلال والحرام وهذا ما يؤكد أيضًا أنه ليس قرآنًا(16) لأن القرآن مشتمل على المئات من الأحكام الشرعية. والنافي عن هذا المصحف اشتماله على الأحكام الشرعية هو رواية حمَّاد بن عثمان عن الإمام الصادق(ع)أنه قال: (تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة... (إلى أن قال) أما أنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون) (17). المحتوى المثبت: لم تذكر الروايات كل المحتوى التفصيلي لمصحف فاطمة(ع) بالنص،لكنها أشارت إلى عناوين محتواه إضافة إلى بعض التفصيلات التي ذكرت فيه. وقد تفرقت هذه المحتويات في روايات عديدة ولم تجمع في رواية واحدة سوى تلك الرواية التي تفرد بنقلها ابن رستم الطبري في دلائل الإمامة وقد أشرنا إليها سابقًا، ونظرًا لضعف سند هذه الرواية بوقوع من وصف بالضعف الشديد واتهم باختلاق الأحاديث في سندها كما مرَّ، إضافة إلى معارضة بعض مضمونها لأخبار المصحف الصحيحة كما ذكرنا سابقًا فإننا لن نعتمد على هذه الرواية عند الحديث عن محتويات المصحف بل سنقتصر على إيرادها بعد ذكر المحتويات، وعليه نقول: ذكرت الروايات احتواء المصحف على ما يلي: 1- مقام النبي الأعظم محمد(ص): فقد ورد في صحيحة أبي عبيدة عن الصادق(ع): (أن فاطمة مكثت بعد رسول الله خمسة وسبعين يومًا وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه.. وكان علي(ع) يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة) (18). 2- مستقبل ذرية الزهراء(ع): فقد ورد في نفس الصحيحة السابقة بعد قوله (ومكانه): (.. ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها). 3- علم الحوادث: فقد ورد عن الصادق(ع) قوله: (وأما مصحف فاطمة ففيه ما يكون من حادث) (19)، وفي رواية حماد بن عثمان عن الإمام الصادق(ع)وهو يتحدث عن محتوى المصحف: (...أما انه ليس فيه الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون) (20). وقد استند الأئمة(ع) إلى علم الحوادث هذا في بعض إخباراتهم التي أسندوها إلى مصحف فاطمة(ع) من قبيل قول الصادق(ع) في رواية حماد السابقة: (تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة؛ وذلك إني نظرت في مصحف فاطمة...). 4- أسماء الأنبياء والأوصياء: فقد ورد عن الإمام(ع)أنه قال: (ما من نبي ولا وصي... إلا وهو في كتاب عندي –يعني مصحف فاطمة... ) (21). 5- أسماء الملوك وآبائهم: ففي الراوية السابقة عن الصادق(ع): (وأما مصحف فاطمة، ففيه ما يكون من حادث، وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة) (22). وفي رواية فضيل بن سكرة ورد في نفس المضمون لكن بعنوان كتاب فاطمة ففيها أنه قال: دخلت على أبي عبد الله(ع) فقال(ع): (يا فضيل أتدري في أي شيء كنت أنظر قبيل، قال: قلت: لا. قال(ع): كنت أنظر في كتاب فاطمة: ليس من ملك يملك(الأرض) إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئًا) (23). 6- وصية فاطمة(ع): فقد ورد عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله(ع): (وليخرجوا مصحف فاطمة؛ فإن فيه وصية فاطمة) (24). والظاهر أن وصية فاطمة هي التي ذكرناها في الفصل الثاني تحت عنوان كتاب الوصية،وقد مر هناك أنها تحتوي على وصية كانت تتعلق بالبساتين السبعة التي كانت وقفًا على الزهراء(ع)، ووصية سياسية تتعلق بموقف الزهراء(ع) تجاه من ظلمها،فقد أوصت أن لا يحضر جنازتها أولئك الظالمون،ليكون ذلك علامة على ظلمهم لها وغضبها عليهم اللذين يستوجبان باتفاق المسلمين غضب رسول الله(ص)وأذيته،وبالتالي غضب الله سبحانه وتعالى. وفي ذلك روايات كثيرة ملأت كتب السنة والشيعة، منها ما رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله(ص)قال: (فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني)(25) وما رواه مسلم في صحيحه والترمذي في سننه أن رسول الله(ص) قال وهو على المنبر: (فإنما ابنتي بضعة مني،يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها)(26). ولعله لأجل وصية فاطمة السياسية هذه وما تعنيه شدد الأئمة(ع)على وجود وصيتها في مصحف فاطمة(ع). هذا كل ما عثرنا عليه من محتويات مصحف فاطمة(ع). يبقى أن نذكر رواية الطبري حول هذا المصحف وما يحتوي،والتي وعدنا سابقًا بذكرها مستقلة عقيب الحديث عن محتوى مصحف فاطمة،وإليك نص الرواية: فقد روى الطبري بسنده المتصل إلى أبي بصير قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي(ع) عن مصحف فاطمة(ع) فقال: انزل عليها بعد موت أبيها، فقلت:ففيه شيء من القرآن؟ قال(ع): ما فيه شيء من القرآن، قلت: فصفه لي. قال(ع): له دفتان من زبرجدين على طول الورق وعرض حمراوين، قلت: جعلت فداك، فصف لي ورقه،قال(ع): ورقه من درّ أبيض قيل له كن فكان،قلت: جعلت فداك فما فيه؟ قال(ع): وفيه خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة،وفيه خبر سماء سماء،وعدد ما في السماوات من الملائكة وغير ذلك، وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل،وأسمائهم وأسماء من أرسل إليهم، وأسماء من كذب ومن أجاب وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولين والآخرين، وأسماء البلدان، وصفة كل بلد في شرق الأرض وغربها، وعدد ما فيها من المؤمنين،وعدد ما فيها من الكافرين،وصفة كل من كذب، وصفة القرون الأولى وقصصهم،ومن ولي من الطواغيت، ومدة ملكهم وعددهم،وأسماء الأئمة وصفتهم،وما يملك كل واحد واحد،وصفة كبرائهم،وجميع من تردد في الأدوار،قلت: جعلت فداك وكم الأدوار؟ قال(ع): خمسون ألف عام،وهي سبعة أدوار فيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم،وصفة أهل الجنة،وعدد من يدخلها وعدد من يدخل النار،وأسماء هؤلاء وهؤلاء، وفيه علم القرآن كما أنزل،وعلم التوراة كما أنزلت،وعلم الإنجيل كما أنزل،وعلم الزبور،وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد. قال أبو جعفر(ع): ولما أراد الله تعالى أن ينزل عليها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوه فينزل به عليها،وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل،فهبطوا به وهي قائمة تصلي، فما زالوا قيامًا حتى قعدت،ولما فرغت من صلاتها سلَّموا عليها وقالوا: السلام يقرئك السلام وإليه السلام،و وضعوا المصحف في حجرها،فقالت: لله السلام ومنه السلام وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام،ثم عرجوا إلى السماء فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرؤه حتى أتت على آخره،ولقد كانت(ع)مفروضة الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والإنس والطير والوحش والأنبياء والملائكة، قلت:جعلت فداك،فلمن صار ذلك المصحف بعد مضيها؟ قال:دفعته إلى أمير المؤمنين،فلما مضى صار إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر،فقلت: إن هذا العلم كثير. قال:يا أبا محمد، إن هذا الذي وصفته لك لفي ورقتين من أوله،وما وصفت لك بعد ما في الورقة الثانية، ولا تكلمت بحرف منه)(27). المصدر: كتاب حقيقة مصحف فاطمة عند الشيعة، الشيخ أكرم بركات – طبعة دار الصفوة ببيروت عام2004م الطبعة الثانية. وهذا الكتاب نال الجائزة الأولى لأفضل كتاب لعام 2003م. الصفحات: 92- 98 و 102-107 وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآلهالطيبين الطاهرين ولعن الله أعداء الله ظالميهم من الأولين والآخرين آمين ربالعالمين منقووول |
(( مصحف فاطمة ))
لا شك أن أهل البيت عليهم السلام هم ورثة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم والأمناء عليه فقد تواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) (1) وهو كالصريح بكونه عليه السلام عيبة علمه ومستودع المعارف الإلهية ، وقد توارثها منه الأئمة المعصومون المطهّرون من ولده . فقد كانوا يتوارثون ما في القرآن الكريم وكتب الأنبياء السابقين من دقائق المعارف والأحكام الشرعية . ومن جملة التراث العلمي الذي كان يتوارثه أئمة أهل البيت عليهم السلام (( مصحف فاطمة )) الذي دوّن فيه علم ما يكون ، مما سمعته الزهراء عليها السلام من حديث الملائكة بعد وفاة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم كما سنرى من خلال النصوص الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة ، وقد كانوا عليهم السلام يحدثون أصحابهم أحيانا عن تلك العلوم المدوّنة عندهم في هذا الكتاب ويبيّنون حقيقته .لقد أثار مصحف فاطمة حفيظة العديد من الكّتاب ، واتخذوا منه وسيلة للطعن والتشنيع على أتباع أهل البيت عليهم السلام تارة باستغلال اسمه – باعتبار أنه يطلق عليه ( مصحف ) – وجعله باباً لأنهامهم بأنّهم لا يعترفون بالقرآن الموجود بين الدّفتين والمتداول بين المسلمين قاطبة فيوقعون الناس في وهم بأن مصحف فاطمة المذكور هو القرآن الذي يعتقده الشيعة ، وتارةً أخرى بأن الإعتقاد بمصحف فاطمة يعني الإعتقاد بنزول الوحي بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويرتّبون على ذلك نتائج عديدة ، منها : أنّ الشيعة يعتقدون بنبوّة فاطمة وعلي عليهما السلام . وفي هذا الباب نتعرّض للبحث عن حقيقة مصحف فاطمة عليها السلام ونعالج الشبهات التي تثار حوله ، والضّجة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الكتاب الذين ينقصهم الإطلاع الكافي والدّقة العلمية – إن أحسنت الظنّ بهم – أو تنقصهم الأمانة والإنصاف . المصحف في اللغة : المصحف – مثلثة الميم ، من أصحف بالضّم – أي جعلت فيه الصحف (1) وسمي مصحفاً لأنه أصحف أي جعل جامعاً للصحف المكتوبة بين الدّفتين . (1) وبناءً عليه ، فالمصحف ليس اسماً مختصاً بالقرآن الكريم . ويشهد لذلك ما رووه في وجه تسمية المصحف مصحفاً ، فقد روى ابن أشته في كتاب المصاحف أنه لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال أبو بكر : التمسوا له إسماً ، فقال بعضهم السِفر ، وقال بعضهم : المصحف فإنّ الحبشة يسمونه المصحف . قال : وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وسمّاه المصحف . (2) . ونحن لا نوافق على مضمون هذه الرواية لأننا نعتقد أن القرآن جمع في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (3) وكلمة المصحف من أصل عربي فلا معنى للاتيان بها من الحبشة ، لكن أوردناه لإقامة الحجة على من يقبلها . فالمصحف كل كتاب أصحف وجمع بين الدّفتين ، لكن كثرة استعماله في القرآن الكريم أوجبت انصراف الأذهان إليه ، وهو لا يكفي لحمل ما ورد في روايات أهل البيت عليهم السلام التي تتحدّث عن مصحف فاطمة على المصحف المعروف ، خاصة مع وجود التقييد بإضافته إليها عليها السلام . ويؤيد ذلك استعمال كلمة المصحف بمعنى الكتاب من قبل المسلمين في القرن الأول فقد قيل في خالد بن معدان : ( كان علمه في مصحف له أزرار وعري ) (1) . مصحف فاطمة في أخبار أهل البيت عليهم السلام : (1) عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام : (( ... إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وسبعين يوماً ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها السلام )) (2) . (2) عن أبي حمزة أن أبا عبد الله عليه السلام قال : (( مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله وإنّما هو شيء ألقي إليها بعد موت أبيها صلوات الله عليهما )) (3) . |
الساعة الآن 07:49 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010