![]() |
ما هي منزلة إبراهيم عليه السلام عند الله تعالـى في القران؟
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بقائمهم ما هي منزلة إبراهيم عليه السلام عند الله تعالـى في القران؟ قال في الندوة وقد سئل عن منزلة إبراهيم عليه السلام عند الله في القرآن الكريم ، فأجاب : لقد تحدَّث الله سبحانه في القرآن عن إبراهيم بطريقة متميزة ، إلى أن قال : فلم يذكر القرآن أيَّ شيء سلبي بالمعنى الذي يسيء إلى روحية الإنسان . ولقد ذكر نقطة سلبية واحدة وهي أنه عندما جاءته الملائكة الذين أرسلوا لتعذيب قوم لوط " فما لبث أن جاء بعجل حنيذ" ليأكلوا منه بإعتبار أنهم أضيافه " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة " وهذه الآية تعبير عن الجانب الإنساني وهي لا تنافي العصمة ولا تنافي الكمال . إنَّ الخوف لا يستقر في نفسه من موقع الخوف السلبي بمعنى الهلع أو الجبن أو ماشاكل بل من موقع الغريزية البشرية .[188] أقول : إنَّ التعبير عما انتاب إبراهيم الخليل عليه السلام من الخوف بأنه نقطةٌ سلبيةٌ لا ينسجم مع ثوابت ومسلَّمات المذهب الحقِّ . وإذا كان الخوف يُمثِّل حالةً إنسانيةً متوازنةً وكان مِن موقع الغريزة البشرية وليس مما ينافي العصمة ، فكيف يكون ذكرُ القرآن له ذكراً لنقطةٍ سلبيةٍ ؟! ثم لا أدري هل كان مِن عادة القرآن أنْ يفتري على مثل خليل الرحمن بذكره لشيء سلبي بالمعنى الذي يسيء إلى روحيته ؟!! فهل يُحتَمل في حق الخليل أنَّ فيه شيئاً مِن ذلك القبيل حتى نبادر إلى نفيه بأنه لم يُذكر في القرآن ؟! وهل يلتزم الملتزم بأنَّ مع عدم تعرُّض القرآن يثبت العدم في الواقع ، أو أنه مع ذلك يبقى متردِّداً بحُجَّة أنَّ عدم ذكر القرآن يجتمع مع وجود شيء سلبي لعدم تكفُّل القرآن ببيان جميع الخصوصيات لمن يذكره ؟! ولا أدري هل أنه يتوقف إعتقادنا بذلك على عدم ذكر القرآن ، أو أنَّ الجواب كان بحسب طبيعة السؤال ، مع أنَّه كان على صاحب الندوة التذكير والتنبيه أو الإشارة ؟! ولو تنزلنا فهبْ أنَّ القرآن كان تعرَّض لذكرِ شيءٍ سلبيٍ بالمعنى الذي يسيء إلى روحية الإنسان فيما يتعلق بالخليل عليه السلام – والعياذ بالله فإنَّ المولى سبحانه ما كان ليفتري – فهل يعني ذلك بأننا نلتزم بثبوت ذلك ، أو أنَّ المتعيِّنَ صرفُ الآية عن ظهورها ولزوم تأويلها بما ينسجم مع الأصول القطعية في معتقدات المذهب الحقِّ ؟ هذا ودعوى -- أنَّ الخوف كان مِن موقع الغريزة البشرية لذا تكون الآية في مقام التعبير عن الجانب الإنساني -- دعوى فاسدة . فإنَّ الأنبياء لاسيما مثل إبراهيم الخليل عليه السلام ما كانوا ممن تسيطر عليهم الغرائز البشرية ، فلا بُدَّ وأنْ يكون سببُ الخوف أمراً عقلائيَّاً من جهة ، ويرجع إلى ما يناسب مقامهم من جهة ثانية ، مضافاً إلى أنَّ الحديث عن مثل ذلك لو كان كما ذُكر ليس بذي فائدة 0 فأي غرضٍ يبغيه القرآن مِن وراء ذكر خوف إبراهيم عليه السلام لو كان خوفه ناشئاً من موقع الغريزة البشرية ؟!!! مع أنَّ ما يكون من ذلك الموقع قد يكون لسببٍ راجحٍ وقد يكون مرجعه إلى أمرٍ مذموم مرجوح ! أضف إلى أنَّ أمرَ الغريزة وما ينشأ عنها أو يرجع إليها ولو مِن بعض الجهات مما يتفاوت العقلاء فيما بينهم في شأن تهذيبه وضبطه ، والمقطوع به أنه مقهورٌ للقوى العاقلة في نفوس الأولياء ، فكيف بسادتهم ! وهذا كله مع غضِّ النظر عمَّا حدَّثنا به القرآن عن خصوص الخليل عليه السلام ، عندما واجه ظلمة الليل أو آزر أو قومه أو النمرود 0 فهل كان خاف من موقع الغريزة البشرية لكن القرآن لم يذكر ذلك؟!! فأي فائدة تترتَّب من وراء ذكر خوفه عندما أتاه الضيوف ؟!! أَوَلم يكن هناك لديه خوف ناشئ من الموقع المزبور وكان لديه هنا ؟ مع أنَّ ما ينسجم مع واقع موقع الغريزة البشرية أنْ يتحقق لديه هناك ، لأنَّ العوامل المثيرة للخوف الغرائزي فيها أقوى وآكد ؟! اللهم إلا أنْ يلتزم الملتزم بأنَّ ذكر خوف إبراهيم هنا يثبت بالأولوية تحققه هناك ، لذا لم يكن ثمة ما يدعو للتعرُّض لذكر حصوله هناك ؟ ولا أدري هل لم يتنبَّه إبراهيم عليه السلام لقولهم " سلاماً " وقد أجابهم فقال " سلام " ! أو أنَّ السيِّد فضل الله غفل عن ملاحظة ما يوحيه سلامهم ، وما توحيه كلمة السلام بحسب مذهبه في الإستيحاء ؟!! بلى إنَّ خليل الله الرحمن والذي لا يجهل بالملائكة ، كان قد التفت إلى أنَّ عدم إستجابتهم لما دعاهم إليه بعد أنْ دخلوا عليه بالسلام وأعطوه السلام لم يكن منشاؤه ظنه - والعياذ بالله - إضمارهم نية شرٍّ له ، فإنهم دخلوا عليه بالسلام وأنه ليس له منهم إلا السلام . والذي نراه - والله العالم - أنَّ إبراهيم كان ليروعه لقاء الله تعالى بالموت ، فإنه قدوم على الملك القدوس المهيمن الجبار ، ومثل الخليل عليه السلام يخاف الله تعالى ويهاب ربَّ العالمين ، فإنه ممن يعرف مَنْ يلقى وبين يد مَنْ سيمثل ، وفي أحاديث المعراج كفاية لمتأمل . |
وفي الوسائل نقلاً من كتاب الكافي بإسناد الكليني عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام إلى الصلاة تغير لونه ، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً .[189]
وعن جهم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان أبي عليه السلام يقول : كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شيء إلا ما حرَّكت الريح منه .[190] ونقلاً عن كتاب العلل للصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله عله السلام : إني رأيت علي بن الحسين عله السلام إذا قام في الصلاة غشي لونه لون آخر ، فقال لي : والله إنَّ علي بن الحسين كان يعرف الذي يقوم بين يديه .[191] فما ظنك بلقاء الله تعالى ولهذا بحث طويل ، رزقنا الله الخوف والرجاء بحق محمد وآله صلَّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين . وحيث إنَّ خليل الرحمن عليه السلام خليفةُ الله سبحانه في الأرض ومظهَر رحمته ورأفته ، فكان من الطبيعي أنْ يُوجِس في نفسه خيفةً على الخلق من عذاب الجبار المنتقم ، لذا جادل في قوم لوط . وكأنَّ مجيء الرسل لإبراهيم بالبشرى إشارةٌ إلى أنَّ الخوف الذي خافه يناسب ما ادَّعيناه أولاً ، وكذا الختام بـ" يجادلنا في قوم لوط " يناسب للذي احتملناه ثانياً . ثم إنَّ إبراهيم عليه السلام وهو مظهَر أسمائه تعالى المخلِص المخلَص ، ليس في قلبه إلا مراقبة الله ، فهو لا يحب إلا الله وفي الله ، ولا يخاف إلا الله وفي الله ، وليس للغريزة البشرية في أعماق نفسه أثرٌ إلا ما كان ربانيَّاً ، وخوفه الأول مِن الله والثاني في الله ، وحديثُ الغرائز يُناسِب مَنْ للشيطان فيه حظٌّ ، وليس للشيطان في إبراهيم بأيِّ نحوٍ من الأنحاء مطمعٌ . وصلَّى الله على مولى المتقين وإمام الموحِّدين أميرِ المؤمنين حيثُ أشار إلى القاعدة والأساس في ما ورد في القرآن الكريم من ذكر خوف الأنبياء ، فتكلَّم عن خوفِ موسى على نبينا وآله وعليه السلام تنبيهاً وإرشاداً إلى لزوم حَمْلِ الخوف الواقع منهم على خلاف ما يُحمَل عليه من المعنى فيما لو وقع من غيرهم ، فقال : لم يُوجس موسى عليه السلام خيفةً على نفسه ، أشفق من غلبة الجهَّال ودول الضَّلال .[192] فلم يكن خوفه ناشئاً مِن موقع الغريزة البشرية كما ادَّعاه السيِّد فضل الله ، بل كان خوفاً في الله ، وكذا جميع خوف أولياء الله سبحانه لا يكون إلا منه وفيه تعالى شأنه ، وتقدست أسماؤه . ------------------ [188] الندوة 1ص 254 ط الثانية 1417 – 1997 [189] الوسائل 5 باب 2 من ابواب افعال الصلاة ح 2 ص474 [190] المصدر السابق ح 3 ص 474 [191] المصدر السابق ح 4 ص 474 [192] نهج البلاغة الخطبة 4 من القسم الاول 0 |
الساعة الآن 11:48 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010