:: منتديات ثار الله الإسلامي ::

:: منتديات ثار الله الإسلامي :: (http://www.tharollah.com/vb/index.php)
-   منتدى الغدير (http://www.tharollah.com/vb/forumdisplay.php?f=101)
-   -   المسالة الثانية (http://www.tharollah.com/vb/showthread.php?t=1399)

الشيخ محمد العبدالله 11-24-2010 11:36 AM

المسالة الثانية
 
المسألة الثانية: الرد بالآية على من زعم أن النبي صلى الله عليه وآله قد سُحِر:

فقد استدل عددٌ من علماء الفريقين بالآية على كذب الروايات التي تزعم أن يهودياً قد سحر النبي صلى الله عليه وآله فأخذ مشطه صلى الله عليه وآله وبعض شعره، وجعل فيه سحراً ودفنه


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 216
--------------------------------------------------------------------------------

في بئر.. وزعموا أن ذلك السحر أثَّر في النبي صلى الله عليه وآله فصار يتخيل أنه فعل الأمر ولم يفعله!! وأنه بقي مدةً على تلك الحالة رجلاً مسحوراً! حتى دله رجل أو ملك أو جبرئيل، على الذي سحره وعلى البئر التي أودع المشط والمشاطة، فذهب النبي صلى الله عليه وآله الى البئر، ولكنه لم يستخرج المشط منها، لأنه كان شفي من السحر، ولم يرد أن يثير فتنة، فأمر بدفن البئر!!

فقد روى البخاري هذه التهمة عن عائشة في خمس مواضع من صحيحه، ففي: 4|91:

عن عائشة قالت: سُحِرَ النبى صلى الله عليه وسلم، وقال الليث كتب الى هشام أنه سمعه ووعاه عن أبيه عن عائشة قالت سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل اليه أنه يفعل الشىَ وما يفعله، حتى كان ذات يوم دعا ودعا، ثم قال: أشعرت أن الله أفتاني فيما فيه شفائي ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما للآخر:

ما وجع الرجل ؟

قال: مطبوب!

قال: ومن طَبَّهُ ؟

قال: لبيد بن الأعصم ؟

قال: في ماذا ؟

قال: في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر!

قال: فأين هو ؟

قال: في بئر ذروان!

فخرج اليها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع فقال لعائشة حين رجع: نخلها كأنها روس الشياطين!

فقلت: استخرجته ؟

فقال: لا، أما أنا فقد شفاني الله، وخشيت أن يثير ذلك على الناس شراً، ثم
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 217
--------------------------------------------------------------------------------

دفنت البئر!! انتهى. ورواه في: 4|68، و: 4|28 ـ 29 و164، ورواه مسلم في: 7|14، وغيره.. وغيره.

وقد رد هذه التهمة علماء الشيعة قاطبةً، وقد تجرأ قليل من العلماء السنيين على ردها! ومما استدلوا به آية (والله يعصمك من الناس).

ـ قال الطوسي في تفسير التبيان: 1|384

ماروي من أن النبي صلى الله عليه وآله سحر ـ وكان يرى أنه يفعل مالم يفعله ـ فأخبار آحادٍ لايلتفت اليها، وحاشا النبي صلى الله عليه وآله من كل صفة نقصٍ، إذ تنفر من قبول قوله، لأنه حجة الله على خلقه، وصفيه من عباده، واختاره الله على علمٍ منه، فكيف يجوز ذلك مع ما جنبه الله من الفظاظة والغلظة وغير ذلك من الأخلاق الدنيئة والخلق المشينة، ولا يجوِّز ذلك على الأنبياء إلا من لم يعرف مقدارهم، ولا يعرفهم حقيقة معرفتهم. وقد قال الله تعالى: والله يعصمك من الناس، وقد أكذب الله من قال: إن يتبعون إلا رجلاً مسحوراً فقال: وقال الظالمون إن يتبعون إلا رجلاً مسحورا. فنعوذ بالله من الخذلان.

ـ وقال ابن إدريس العجلي في السرائر: 3|534

والرسول عليه السلام ما سُحِر عندنا بلا خلاف، لقوله تعالى: والله يعصمك من الناس. وعند بعض المخالفين أنه سُحر، وذلك بخلاف التنزيل المجيد!

ـ وقال المجلسي في بحار الأنوار: 60|38

ومنها سورة الفلق، فقد اتفق جمهور المسلمين على أنها نزلت فيما كان من سحر لبيد بن أعصم اليهودي لرسول الله صلى الله عليه وآله حتى مرض ثلاث ليال.

ومنها ما روي أن جارية سحرت عايشة، وأنه سحر ابن عمر حتى تكوعت يده!

فإن قيل: لو صح السحر لأضرت السحرة بجميع الأنبياء والصالحين، ولحصلوا لأنفسهم (على) الملك العظيم، وكيف يصح أن يسحر النبي صلى الله عليه وآله وقد قال الله: والله يعصمك من الناس، ولا يفلح الساحر حيث أتى! وكانت الكفرة يعيبون النبي صلى الله عليه وآله بأنه مسحور، مع القطع بأنهم كاذبون. انتهى.


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 218
--------------------------------------------------------------------------------

وممن رد هذه التهمة من السنيين: النووي في المجموع: 19|243، قال:

قلت: وأكتفي بهذا القدر من أحاديث سحر الرسول صلى الله عليه وآله... تنبيه: قال الشهاب بعد نقل في التأويلات: عن أبي بكر الأصم أنه قال: إن حديث سحره صلى الله عليه وسلم المروي هنا متروكٌ لما يلزمه من صدق قول الكفرة أنه مسحور، وهو مخالف لنص القرآن حيث أكذبهم الله فيه.

ونقل الرازي عن القاضي أنه قال: هذه الرواية باطلةٌ، وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول: والله يعصمك من الناس، وقال: ولا يفلح الساحر حيث أتى، ولأن تجويزه يفضي الى القدح في النبوة، ولأنه لو صح ذلك لكان من الواجب أن يصلوا الى ضرر جميع الأنبياء والصالحين. انتهى.

ـ والرازي في تفسيره: 16 جزء 32|187 قال: قول جمهور المسلمين أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر النبى صلى الله عليه وآله فى إحدى عشرة عقدة... فاعلم أن المعتزلة أنكروا ذلك بأسرهم. وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول: والله يعصمك من الناس... قال الأصحاب: هذه القصة قد صحت عند جمهور أهل النقل... الخ. انتهى.

ولكن هؤلاء قلة من علماء السنة، فأكثرهم يقبلون أحاديث سحر نبيهم!!

وأصل المشكلة عندهم أنهم يقبلون كلام عائشة وكلام البخاري مهما كان، ولا يسمحون لأنفسهم ولا لأحدٍ أن يبحثه وينقده.. وقد أوقعهم هذا المنهج في مشكلات عقائدية عديدة، في التوحيد والنبوة والشفاعة.. ومنها أحاديث بدء الوحي وورقة بن نوفل، وحديث الغرانيق الذي أخذه المرتد سلمان رشدي وحرفه وسماه الآيات الشيطانية.. ومنها أحاديث أن اليهود سحروا النبي صلى الله عليه وآله التي رواها البخاري عن عائشة!

وقد تحيروا فيها كما رأيت، ولم يجرأ أحد منهم على القول إنها من المكذوبات على عائشة، أو من خيالات النساء..


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 219
--------------------------------------------------------------------------------

والرد الصحيح أن تهمة السحر تتنافى مع أصل النبوة، وأنها تهمة الكفار التي برأ الله نبيه صلى الله عليه وآله، منها بنص القرآن، كما تقدم.

أما ردها بآية العصمة فهو ضعيف، لأنه قد يجاب عنه بأن آية العصمة نزلت في آخر عمره صلى الله عليه وآله، وقصة السحر المزعومة كانت قبلها.

وأما على تفسيرنا للآية، فقد عرفت أن القدر المتيقن من العصمة فيها عصمته صلى الله عليه وآله من ارتداد قريش والمسلمين في حياته، بسبب تبليغه ولاية عترته من بعده.. فيقتصر فيها على هذا القدر المتيقن، ما لم يقم دليل على شمولها لغيره.

وقد أكثر المفسرون والشراح السنييون من الكلام في هذا الموضوع، وتجشموا احتمالات كثيرة.. كل ذلك بسبب تفسيرهم الخاطىَ للآية وتصورهم أنها تفيد عصمته صلى الله عليه وآله من القتل والسم والجرح والأذى.

ومن ذلك أنهم تصوروا أن الآية تعارض الرواية القائلة إن موته صلى الله عليه وآله استند الى اللقمة التي أكلها من الشاة المسمومة التي قدمتها اليه اليهودية، ثم أتاه جبريل عليه السلام فأخبره فامتنع عن الأكل، فانتقض عليه سم تلك اللقمة بعد سنة فتوفي بسببه..

ـ قال في هامش الشفا 1|317:

فإن قيل: ما الجمع بين قوله تعالى (والله يعصمك من الناس) وبين هذا الحديث المقتضي لعدم العصمة، لأن موته عليه السلام بالسم الصادر من اليهودية ؟

والجواب: أن الآية نزلت عام تبوك، والسم كان بخيبر قبل ذلك.


***
ومن ذلك ما تحيروا فيه من أن النبي صلى الله عليه وآله قد تمنى القتل في سبيل الله تعالى، مع أنه الآية تدل على عصمته من القتل، فهل يجوز أن يتمنى النبي شيئاً وهو يعلم أنه لا يكون ؟! قال في فتح الباري في شرح البخاري: 8|2644: عن أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول.. والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله....


--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 220
--------------------------------------------------------------------------------

استشكل بعض الشراح صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يقتل، وأجاب بن التين بأن ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى: والله يعصمك من الناس، وهو متعقب فإن نزولها كان في أوائل ما قدم المدينة، وهذا الحديث صرح أبو هريرة بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قدم أبو هريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة.

والذي يظهر في الجواب: أن تمنى الفضل والخير لا يستلزم الوقوع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: وددت لو أن موسى صبر، كما سيأتي في مكانه، وسيأتي في كتاب التمني نظائر لذلك، وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه، قال بن التين: وهذا أشبه.

وحكى شيخنا بن الملقن أن بعض الناس زعم أن قوله (ولوددت) مدرج من كلام أبي هريرة، قال: وهو بعيد. ونحوه في عمدة القاري: 7 جزء 14|95

. ونقول: لو ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وآله لكان تمنياً حقيقياً، لأن الآية إنما تضمن عدم ردة الناس في حياته صلى الله عليه وآله، ولا ربط لها بضمان عدم القتل والجرح والأذى.


الساعة الآن 02:50 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010

Security team