:: منتديات ثار الله الإسلامي ::

:: منتديات ثار الله الإسلامي :: (http://www.tharollah.com/vb/index.php)
-   منتدى الرد على شبهة عبد الله ابن سبا (http://www.tharollah.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   عبدالله بن سبا (http://www.tharollah.com/vb/showthread.php?t=700)

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 10:54 PM

عبدالله بن سبا
 
العنوان:
[عبدالله بن سبا ]
عبد الله بن سبا - السيد مرتضى العسكري - ج 2 - ص 166 - 178
عبد الله بن سبأ في كتب أهل الحديث ‹ صفحة 169 ›
روايات الكشي في ابن سبأ :
ابن سبأ يزعم أن الامام هو الله فيحرقه الامام .
مشابهة روايات الكشي لأقوال أهل الملل والنحل في عصره وقبله . من أخذها عن الكشي .
روايتان تناقضان روايات الكشي :
1 - ابن سبأ اعترض على الامام رفع اليدين إلى السماء في الدعاء .
2 - الامام يصحح تكهن ابن سبأ .
روايات في غلاة أحرقهم الامام :
تناقض الروايات بعضها مع بعض .
مخالفتها روايات تعين القتل حدا للمرتد .
عدم توافقها مع الحالة الاجتماعية يومذاك .
إهمال المؤرخين لها وعدم نقلها .
الروايات غير مدروسة من قبل العلماء .
‹ صفحة 170 ›
إهمال العلماء روايات غير الاحكام .
ضياع التراث العلمي بسبب الاهمال والفتن .
تسرب روايات غير صحيحة إلى الكتب بسبب التسامح .

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 10:56 PM

ورد ذكر ابن سبأ في عدة روايات بكتب الحديث ومعرفة الرجال
 
الخلاصة :
لم يكن يومذاك غلاة ولا عباد صنم في الجزيرة العربية ولم يحرق الامام أحدا ، ويجوز وجودزنادقة أو من ارتد إلى النصرانية قتلهم الامام ثم أحرق جثثهم خشية أن يتخذ قبورهم أوثانا .

‹ صفحة 171 ›
أشرنا إلى موجز أسطورة ابن سبأ عند المؤرخين في فصل ( منشأ الأسطورة ) في الجزء الأول من هذا الكتاب .

وفى ما يأتي نناقش أخبارا وردت في كتب أهل المقالات عن ابن سبأ وما يتصل به ونبين زيفها إن شاء الله تعالى .

وندرس في هذا الفصل روايات وردت في كتب الحديث عن ابن سبأ ونقول :

ورد ذكر ابن سبأ في عدة روايات بكتب الحديث ومعرفة الرجال ومنها الروايات الآتية :

1 - روى الكشي : " عن أبي جعفر : إن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ، ويزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الله ( تعالى الله عن ذلك ) فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه وسأله ، فأقر بذلك وقال : نعم أنت هو !
وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي " .
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام :
" ويلك ! قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ، ثكلتك أمك ، ‹ صفحة 172 › وتب ! " .

فأبى ، فحبسه واستتابه ثلاثة أيام ، فلم يتب ، فأحرقه بالنار وقال : " إن الشيطان استهواه فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك " ( أ ) .

2 - وروى - أيضا - عن هشام بن سالم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وهو يحدث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ وما ادعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فقال : " إنه لما ادعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين فأبى أن يتوب فأحرقه بالنار " .

3 - وروى - أيضا - عن أبان بن عثمان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
" لعن الله عبد الله بن سبأ ! إنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبدا لله طائعا ، الويل لمن كذب علينا ، وإن قوما يقولون فينا مالا نقوله في أنفسنا ، نبرأ إلى الله منهم ، نبرأ إلى الله منهم ! " .

4 - وروى - أيضا - عن علي بن الحسين ( ع ) أنه قال : " لعن الله من كذب علينا ، إني ذكرت عبد الله بن سبأ ، فقامت كل شعرة في جسدي ، لقد ادعى أمرا عظيما ! ماله لعنه ‹ صفحة 173 › الله ؟ !
كان علي عليه السلام والله عبدا لله صالحا ، أخو رسول الله ، ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله ، وما نال رسول الله ( ص ) الكرامة من الله إلا بطاعته لله " ( ب ) .

5 - وروى - أيضا - عن أبي عبد الله أنه قال : " إنا أهل بيت صديقون لا نخل من كذاب يكذب علينا ، ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس !
كان رسول الله ( ص ) أصدق الناس لهجة ، وأصدق البرية كلها ، وكان مسيلمة يكذب عليه ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام أصدق من برأ الله بعد رسول الله وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفتري على الله عبد الله بن سبأ " .

( وكان أبو عبد الله الحسين أبتلي بالمختار . . . ) الحديث ( ج ) .

ثم قال الكشي بعدها :
" ذكر بعض أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا ( ع ) وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله ( ص ) في علي عليه السلام مثل ذلك ( * ) ، وكان أول من شهر بالقول بفرض إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأكفرهم .

‹ صفحة 174 ›

فمن هاهنا قال من خالف الشيعة : أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية " ( 1 ) .

يحوي القسم الأخير من هذه الأخبار موجز روايات سيف عن ابن سبأ الواردة في تاريخ الطبري .

أما الروايات الخمس التي قبله فقد وجدنا مضامينها في كتب أهل الملل والنحل ممن سبق عصر الشيخ الكشي أو عاصره ، فقد كان الكشي معاصرا لابن قولويه المتوفى ( 369 ه‍ ) ( 2 ) ، ووردت مضامين رواياته في :

كتاب المقالات : لسعد بن عبد الله الأشعري المتوفى ( 301 ه‍ ) .
وفرق الشيعة ، للنوبختي المتوفى ( 310 ه‍ ) .

ومقالات الاسلاميين ، لعلي بن إسماعيل المتوفى 330 ه‍ ) ( د ) .

غير أن هؤلاء أوردوها بسياق واحد وبلا سند ، ووردت في رجال الكشي موزعة على روايات مسندة .

ومن رجال الكشي المسمى بمعرفة الناقلين انتشرت هذه الروايات في كتب الشيعة ، فقد لخص الشيخ الطوسي المتوفى ( 460 ه‍ ) رجال الكشي وسماه ( اختيار معرفة الرجال ) وهو المتداول بأيدينا اليوم .

‹ صفحة 175 ›
وألف أحمد بن طاووس المتوفى ( 673 ه‍ ) كتابه : ( حل الاشكال ) سنة ( 644 ه‍ ) وجمع فيه عبارات الكتب الرجالية الخمسة ، وهي : ( رجال الشيخ الطوسي ) و ( فهرسته ) و ( اختيار رجال الكشي ) له ، و ( رجال النجاشي ) المتوفى ( 450 ه‍ ) وكتاب ( الضعفاء ) المنسوب لابن الغضائري المتوفى بعد الأربعمائة .

وتبع ابن طاووس تلميذاه العلامة الحلي المتوفى ( 726 ه‍ ) في كتابه : ( الخلاصة ) وابن داود في ( رجاله ) المؤلف في سنة ( 707 ه‍ ) وأوردا في كتابيهما عين ما أدرجه أستاذهما في كتابه ( 3 ) .

واستخرج الشيخ حسن بن زين الدين العاملي المتوفى ( 1011 ه‍ ) اختيار رجال الكشي من كتاب ( حل الاشكال ) لابن طاووس وسماه ( التحرير الطاووسي ) ( 4 ) .

وجمع القهبائي الكتب الخمسة مع الاحتفاظ بعباراتها عينها في كتابه ( مجمع الرجال ) الذي ألفه سنة ( 1016 ه‍ ) .

هكذا أصبحت الكتب الخمسة مصادر للدراسات الرجالية عند الشيعة ، وإليها ينتهون في بحوثهم الرجالية ، وإن أخذ بعضهم من بعض .

ومن ثم انتشرت روايات رجال الكشي عن ابن سبأ في كتب الرجال ، ورمزوا إليه ب ( كش ) ( ه‍ ) ، ومنه أخذ ترجمة ابن سبأ كل من جاء بعده من علماء الرجال ، مثل :

‹ صفحة 176 ›

1 - التفرشي الذي نقل إحدى رواياته بترجمة عبد الله بن سبأ من كتابه ( نقد الرجال ) الذي ألفه سنة ( 1015 ه‍ ) ورمز إليه ب ( كش ) .

2 - والأردبيلي الذي نقل عنه ، وعمن أخذ عنه في ترجمة عبد الله بن سبأ من كتابه ( جامع الرواة ) الذي تم تأليفه سنة ( 1100 ه‍ ) وسجل رموزهم ، وكذلك فعل غيرهما من المصنفين في علم الرجال .

من أهل الحديث ، أخرج المجلسي المتوفى ( 1110 أو 1111 ه‍ ) الروايات الخمس ، والخبر الأخير عن الكشي في موسوعته الحديثية ( البحار ) ( 5 ) .

وأخرج الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى ( 1104 ه‍ ) في كتابه ( تفصيل الوسائل ) المشهور بالوسائل الرواية الأولى والثانية عن الكشي ( 6 ) .

وأورد ابن شهرآشوب المتوفى ( 588 ه‍ ) الرواية الأولى في كتابه ( المناقب ) دونما إشارة إلى مصدرها ( 7 ) ( و ) .

وعلى ما ذكرنا رجع الجميع في نقل هذه الرواية إلى الكشي كما يلاحظ في الجدول التالي : ‹ صفحة 177 ›

" المناقب " لابن شهرآشوب ( ت : 588 ) .

" حل الاشكال " لأحمد بن طاووس ( ت : 673 ه‍ ) .

" الرجال " لابن داود ( ت : 707 ه‍ ) .

" الخلاصة " للعلامة الحلي ( ت : 726 ) .

" التحرير الطاووسي " للشيخ حسن العاملي ( ت : 1011 ه‍ ) . "

نقد الرجال " للتفرشي ( ت : 1015 ه‍ ) .

" مجمع الرجال " للقهبائي ( ت : 1016 ه‍ ) .

" جامع الرواة " للأردبيلي ( ت : 1100 ه‍ ) .

" الوسائل " للشيخ الحر العاملي ( ت : 1104 ه‍ ) .

" بحار الأنوار " للعلامة المجلسي ( ت : 1110 أو 1111 ه‍ ) . "

معرفة الناقلين " المشهور ب‍ " رجال الكشي " للكشي ( ت حدود : 340 ه‍ ) .

" اختيار رجال الكشي " للشيخ الطوسي ( ت : 460 ه‍ ) .

هكذا لم نجد في كتب الشيعة غير رجال الكشي طريقا لهذه الروايات .

ومن الغريب أن أصحاب المجاميع الحديثية المعتبرة عند الشيعة لم يخرجوا الروايات الخمس المذكورة ، فلا نجدها في الكافي للكليني المتوفى ( 329 ه‍ ) ، وكتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق المتوفى ( 381 ه‍ ) ، والتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي .

ويدل هذا على أنهم لم يعتمدوا تلك الروايات مع شهرة رجال الكشي عندهم .
كانت الروايات الخمس السابقة مصدر تأليه ابن سبأ للإمام علي في كتب رجال الشيعة وكتب حديثهم ، وكان ذلك مبلغ الاعتماد على الخبر مدى القرون لدى العلماء خريتي الفن .

أضف إلى ذلك تصريح العلماء مدى القرون بعدم اعتمادهم على ‹ صفحة 178 › رجال الكشي وتضعيفهم لهذا الكتاب كما يأتي :

عدم اعتماد العلماء على رجال الكشي وتضعيفهم لهذا الكتاب : قال النجاشي بترجمة الكشي من رجاله ( 8 ) .

" الكشي أبو عمرو كان ثقة عينا .

وروى عن الضعفاء كثيرا ، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه ، له كتاب الرجال كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة " .

وقال الشيخ أبو علي الحائري المتوفى ( 1216 ه‍ ) في منتهى المقال : " محمد بن عمر أقول : ذكر جملة من مشايخنا أن كتاب رجاله المذكور كان جامعا لرواة العامة والخاصة ، خالطا بعضهم ببعض ، فعمد إليه شيخ الطائفة طاب مضجعه فلخصه ، وأسقط منه الفضلات . . . " ( 9 ) .


وقال النجاشي في ترجمة أستاذه العياشي : " كان يروي عن الضعفاء كثيرا : وكان في أول أمره عامي المذهب ، وسمع حديث العامة فأكثر منه . . . " ( 10 ) .

وقال النوري في الفائدة الثالثة من خاتمة المستدرك ، عن اختيار رجال الكشي : " قد ظهر لنا من بعض القرائن أنه قد وقع في اختيار الشيخ - أيضا - تصرف من بعض العلماء أو النساخ " ( * ) . وقال صاحب قاموس الرجال :


وأما رجال الكشي فلم تصل نسخته صحيحة إلى أحد حتى الشيخ
‹ صفحة 179 › والنجاشي ، وقال فيه النجاشي : . . . فيه أغلاط كثيرة " .

وتصحيفاته أكثر من أن تحصى وإنما السالم منه معدود ، كأحمد بن عائذ ، وأحمد بن الفضل ، وأسامة بن حفص ، وإسماعيل بن الفضل ، والأشاعثة ، والحسين بن منذر ، ودرست بن أبي منصور ، وأبي جرير القمي ، وعبد الواحد بن المختار ، وعلي بن حديد ، وعلي بن وهبان ، وعمر بن عبد العزيز زحل ، وعنبسة بن بجاد ، ومنذر بن قابوس . فإني لم أقف فيها على تحريف وإن كان محتملا ، وقد تصدينا في سوى ذلك في كل ترجمة على تحريفاته ، وقل ما سلمت رواية من رواياته عن التصحيف بل وقع في كثير من عناوينه ، بل وقع فيه خلط أخبار ترجمة بأخبار ترجمة أخرى . وخلط طبقة بأخرى .

فخلط فيه أخبار أبي بصير ليث المرادي بأخبار أبي بصير الأسدي ، وحرف عنوان أبي بصير ( أبي يحيى ) مع علباء الأسدي بأبي بصير عبد الله بن محمد الأسدي . وخلط الخبر الأول من عنوان عبد الله بن عباس بعنوان خزيمة قبله . وخلط في علي بن يقطين بين خبرين بإسقاط ذيل أحدهما وصدر الآخر .

ونقل في محمد بن أبي زينب وهو أبو الخطاب ثلاثة وعشرين خبرا غير مرتبطة به ، ولذا نقلها القهبائي في ترتيبه بترجمته كما وجدها ، ثم ضرب بالخط عليها . ‹ صفحة 180 ›

ونقل الحميري الذي من أصحاب العسكري ، في أصحاب الرضا . وعد لوط بن يحيى في أصحاب علي بن أبي طالب مع أنه من أصحاب الباقر أو الصادق ، وإنما جد أبيه مخنف بن سليم من أصحاب علي ابن أبي طالب .

ثم إن الشيخ اختار مقدارا من رجال الكشي مع ما فيه من الخلط والتصحيف وأسقط منه أبوابه .

والقهبائي الذي رتب الاخبار أراد إصلاح بعض ما فيه فزاد في إفساده وتحكم بتحكمات باطلة .

وبعد كل ما قلنا من وقوع التحريفات في أصل الكشي بتلك المرتبة لا يمكن الاعتماد على ما فيه إذا لم تقم قرينة على صحته ، فإن اتفاق المتأخرين - مثلا - على كون أبان بن عثمان ناوسيا - كما في نسخة رجال الكشي أنه ( كان من الناوسية ) - في غير محله ، إذ من المحتمل أن يكون محرفا من ( كان من القادسية ) .

ثم إنه حدث في اختيار الشيخ لرجال الكشي أيضا تحريفات إضافة إلى ما كان في أصله ، ولهذا نرى نسخ الاختيار أيضا مختلفة ، لا سيما نسخة القهبائي فإنها تختلف عن النسخة المطبوعة ، والظاهر أن نسخته كانت مخلطة الحواشي بالمتن .

ثم إن الخلاصة وإن كان وقع فيه أيضا تحريفات ، إلا أنها قليلة مع أنه يمكن أن يقال : ليس ما فيها من تصحيف النساخ بل من أوهام المصنف .

وأما كتاب ابن داود فتحريفاته أكثر من أن تحصى ، وهو في كتب المتأخرين ككتاب الكشي في كتب المتقدمين . ‹ صفحة 181 ›

كما أن السبب في كثرة تحريفات نسخة رجال الكشي أيضا رداءة خطه ، وعدم إقبال معاصريه على كتابه . . . " ( * ) .

روايتان تناقضان الروايات الخمس السابقة :
كان هذا شأن الروايات الخمس في كتب رجال الشيعة وكتب حديثهم ، ومنها انتشر خبر تأليه ابن سبأ للإمام علي وغلوه فيه في كتب الشيعة .

وفي كتب الشيعة روايتان أخريان تناقضان هذه الروايات وردت الأولى منهما في ( من لا يحضره الفقيه ) و ( الخصال ) و ( التهذيب ) و ( الحدائق ) و ( الوسائل ) و ( الوافي ) وهي : ( 11 ) .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 172 › ( أ ) الروع بضم الراء القلب .

‹ هامش ص 173 ›

( ب ) لفظة ( الله ) في آخر الحديث لم ترد في اختيار رجال الكشي ووردت في نسخة مجمع الرجال للقهبائي . ( ج ) هذه الزيادة جاءت في الرواية نفسها بترجمة مقلاص بن أبي الخطاب من اختيار رجال الكشي ص 305 . * إنما عنى الكشي بقوله : " ذكر بعض أهل العلم . . . " الطبري الذي نقل الأسطورة السبئية عن سيف بن عمر الزنديق والتي بينا زيفها في فصل : " عبد الله بن سبأ والأسطورة السبئية " في الجزء الأول من هذا الكتاب .

‹ هامش ص 174 ›
( د ) درسنا أقوالهم في فصل : " عبد الله بن سبأ في كتب أهل المقالات " .

‹ هامش ص 175 ›
( ه‍ ) وضع رموز كتب الرجال الأربعة ابن داود وهو من علماء القرن السابع . راجع ترجمته في الذريعة .

‹ هامش ص 176 ›
( و ) وأسقط من آخر الرواية : " وقال : إن الشيطان استهواه . . . " .

‹ هامش ص 178 ›
* المستدرك ( 3/ 530 ) وأورد بعد هذا أدلته على ما قال .

‹ هامش ص 181 ›
* أوردتها ملخصة من قاموس الرجال طبعة المصطفوي بطهران عام 1379 ه‍ ( 1 / 42 - 48 ) .


تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 11:03 PM

باقي الروايات التي ذكر فيها ابن سبأ
 
6 - عن أبي عبد الله ( ع ) عن آبائه ( ع ) أن أمير المؤمنين ( ع ) قال : " إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء " . فقال ابن سبأ : " يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان " فقال : " بلى " قال : " فلم يرفع يديه إلى السماء ؟ "
قال : ‹ صفحة 182 › أما تقرأ في القرآن " وفي السماء رزقكم وما توعدون " فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه ، وموضع الرزق وما وعد الله السماء ( و ) .

7 - والرواية الثانية في أمالي ابن الشيخ الطوسي : أن المسيب بن نجبة ( ز ) جاء إلى أمير المؤمنين متلببا ( ح ) بعبد الله بن سبأ ، فقال : " ما شأنك ؟ "
فقال : " يكذب على الله وعلى رسوله " فقال : " ما يقول ؟ "
قال الراوي : فلم أسمع مقالة المسيب ، وسمعت أمير المؤمنين يقول : " هيهات ! هيهات ! العصب ، ولكن يأتيكم راكب الذعلبة يشد حقوها بوضينها لم يقض تفثا من حج ولا عمرة فيقتلوه " . يريد بذلك الحسين بن علي ( 12 ) ( ط ) .
‹ صفحة 183 › انتهى .

ووردت الرواية في غيبة النعماني هكذا :
عن المسيب بن نجبة قال : قد جاء رجل إلى أمير المؤمنين ( ع ) ومعه رجل ، يقال له : ( ابن السوداء ) فقال : " إن هذا يكذب على الله وعلى رسوله ويستشهدك ! " .
فقال ( ع ) : " لقد أعرض وأطول ، يقول ماذا ؟ "
فقال : " يذكر جيش الغضب " فقال : " خل سبيل الرجل ، أولئك قوم يأتون في آخر الزمان . . . " الحديث ( 13 ) .

تناقض هاتان الروايتان الروايات الخمس السابقة والتي كانت تدل على تأليه ابن سبأ لبشر له جسد يمشي أمامه ويغيب عنه ، بينما تدل الرواية السادسة على أن ابن سبأ كان ينزه الله عن أن يكون في مكان دون مكان كسائر الأجسام .

وتدل الرواية السابعة على أن ابن سبأ أو ابن السوداء قد تكهن بالغيب فاستعظم المسيب - أو رجل آخر - ذلك منه وعده كذبا على الله وعلى رسوله وجلبه إلى الامام ، فصحح الامام تكهنه ، وأمر بإخلاء سبيله ، وليس ‹ صفحة 184 › إنسان كهذا من قبيل من يؤله بشرا ويكابر عليه حتى يحرق عليه ! !

تناقض روايات الاحراق :

8 - وفي كتب الحديث والرجال روايات أخرى تحكي عن غلاة ألهوا الامام فأحرقهم الامام ، أو أحرق أجسامهم - وليس فيها اسم ابن سبأ - مثل الروايات الآتية : روى الكشي أنه : بينا علي ( ع ) عند امرأة له من عنزة ، وهي أم عمرو ، إذ أتاه قنبر ، فقال : إن عشرة بالباب يزعمون أنك ربهم ، فقال : " أدخلهم " قال : فدخلوا عليه ، فقال : " ما تقولون ؟ "

فقالوا : " إنك ربنا ! وأنت الذي خلقتنا ، وأنت الذي ترزقنا " فقال لهم : " ويلكم ! لا تفعلوا ، إنما أنا مخلوق مثلكم " فأبوا أن يقلعوا ، فقال لهم : " ويلكم !
ربي وربكم الله ! ويلكم ! توبوا وارجعوا " فقالوا : " لا نرجع عن مقالتنا ، وأنت ربنا ! وترزقنا ، وأنت خلقتنا " فقال : " يا قنبر ! آتني بالفعلة " فخرج قنبر فأتاه بعشرة رجال مع الزبل والمرور ، فأمرهم أن يحفروا لهم في الأرض ، فلما حفروا خدا ، أمر بالحطب والنار فطرح فيه حتى صارا نارا تتوقد ، قال لهم : " ويلكم ! توبوا وارجعوا ! " فأبوا وقالوا : " لا نرجع " .

فقذف علي ( ع ) بعضهم ، ثم قذف بقيتهم في النار ثم قال علي : ‹ صفحة 185 › " إني إذا أبصرت أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا " ( ي ) أخرج الكشي هذه الرواية مفصلة بترجمة المقلاص وبترجمة قنبر باختصار ، ونقلها عنه المجلسي في البحار ( 14 ) .

9 - وأخرج الكشي - أيضا - والكليني والصدوق والفيض والشيخ الحر العاملي والمجلسي الرواية الآتية :
عن رجل عن أبي جعفر وأبي عبد الله : أن أمير المؤمنين لما فرغ من [ قتال ] أهل البصرة أتاه سبعون من الزط فسلموا عليه ، وكلموه بلسانهم ، فرد عليهم بلسانهم ، ثم قال لهم : " إني لست كما قلتم ! أنا عبد الله ، مخلوق " فأبوا عليه ، وقالوا : " أنت هو " فقال لهم : " لئن لم تنتهوا وترجعوا عما قلتم في ، وتتوبوا إلى الله عز وجل لأقتلنكم " فأبوا أن يرجعوا ويتوبوا ! فأمر أن تحفر لهم آبار فحفرت ، ثم خرق بعضها إلى بعض ! ، ثم قذفهم فيها . ثم خمر رؤوسها ، ثم ألهبت النار في بئر ليس فيها أحد منهم فدخل الدخان عليهم فماتوا ! ! ! ( 15 ) . روى هؤلاء الأجلة من العلماء هذه الرواية عن ( رجل ) ولا ندري من هو الرجل الذي رواها عن الامامين ورووها عنه ؟ ! ! وأوردها ابن شهرآشوب في المناقب كما يلي : " روي أن سبعين رجلا من الزط أتوه بعد قتال أهل البصرة يدعونه ‹ صفحة 186 › إلها بلسانهم وسجدوا له قال لهم : ويلكم لا تفعلوا إنما أنا مخلوق مثلكم . فأبوا عليه فقال : فإن لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله لأقتلنكم ، قال : فأبوا فخد لهم أخاديد وأوقد نارا فكان قنبر يحمل الرجل بعد الرجل على منكبه فيقذفه في النار ثم قال : إني إذا أبصرت أمرا منكرا * أوقدت نارا ودعوت قنبرا ثم احتفرت حفرا فحفرا * وقنبر يحطم حطما منكرا " ورواها عن المناقب كل من المجلسي في البحار والنوري في المستدرك ( 16 ) .

10 - وأخرج الكليني والطوسي الرواية الآتية عن أبي عبد الله قال : أتى قوم أمير المؤمنين ( ع ) فقالوا : " السلام عليك يا ربنا " فاستتابهم فلم يتوبوا ، فحفر لهم حفيرة وأوقد فيها نارا وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها وأفضى بينهما فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة وأوقد في الحفيرة الأخرى نارا حتى ماتوا ( 17 ) .

11 - وروى الصدوق والطوسي : عن أبي عبد الله ( ع ) : أن رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين ( ع ) فشهد أنه رآهما يصليان لصنم فقال له : " ويحك لعله بعض من تشبه عليك " فأرسل رجلا فنظر إليهما وهما يصليان لصنم فأتى بهما فقال لهما : " ارجعا " فأبيا ، فخد لهما في الأرض خدا فأجج نارا فطرحهما فيه ( 18 ) .
‹ صفحة 187 ›

12 - وروى الذهبي ، قال : جاء أناس إلى علي ، فقالوا : " أنت هو ! " . قال : " ويلكم ! من أنا " . قالوا : " أنت ربنا ! " . قال : " ارجعوا " فأبوا ، فضرب أعناقهم ، ثم خد لهم في الأرض ثم قال : " يا قنبر ! ائتني بحزم الحطب " فحرقهم بالنار وقال : لما رأيت الامر أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا ( 19 )

13 - وروى أحمد بن حنبل عن عكرمة : أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الاسلام فبلغ ذلك ابن عباس ، فقال : ( لم أكن لأحرقهم بالنار ، وإن رسول الله ( ص ) قال : " لا تعذبوا بعذاب الله " وكنت قاتلهم لقول رسول الله ( ص ) : " من بدل دينه فاقتلوه " فبلغ ذلك عليا كرم الله وجهه فقال : " ويح ابن أم ابن عباس ( 20 ) إنه لغواص على الهنات " ( 21 ) .

وفي رواية : " فبلغ ذلك عليا ، فقال : صدق ابن عباس " ( 22 ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 182 ›
( و ) لابد للجسد في توجه النفس إلى الله من الاتجاه إلى جهة خاصة بكيفية خاصة يعينهما الله بواسطة أوليائه ، وإلا فما معنى استقبالنا الكعبة في الصلاة بالكيفية الخاصة مع قوله : " فأينما تولوا فثم وجه الله " ، البقرة : 115 .
( ز ) المسيب بن نجبة الفزاري كان من أصحاب علي واحد أمراء التوابين يوم عين الوردة ( جمهرة ابن حزم 258 ) وقتل بها سنة 65 ه‍ سفينة البحار ( 1 / 677 ) روى عنه الترمذي - التقريب ( 2 / 250 ) .
( ح ) لببه : جمع ثيابه عند صدره ونحره في الخصومة ثم جره .
و ( المتلبب ) : المتحزم بالسلاح وغيره ، وكل مجمع بثيابه .
( ط ) ( العصب ) لعلها ( العضب ) : الرجل الحديد الكلام ، والغلام الخفيف الرأس ، والسيف القاطع .
و ( الذعلبة ) : الناقة السريعة ، و ( الحقو ) الخصر و ( الوضين ) : بطان عريض من جلد يشد به الهودج .
و ( لم يقض تفثا ) لم يزل وسخه بعد الحج والعمرة من قوله تعالى : * ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا . . . ثم ليقضوا تفثهم ) * .

‹ هامش ص 185 ›
( ي ) ( الخد ) الحفرة المستطيلة في الأرض و ( الزبل ) ككتب جمع الزبيل كأمير وعاء كالقفة والجراب .
و ( المرور ) جمع المر المسحاة .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 11:36 PM

ونختم هذه الروايات
 
14 - ونختم هذه الروايات برواية واضحة السخف رواها ابن شاذان في الفضائل ، وعنه المجلسي في البحار ، ورواها النوري : في المستدرك عن عيون المعجزات ، موجزها : إن أمير المؤمنين نزل إيوان كسرى ومعه منجم كسرى ، فنظر أمير المؤمنين إلى جمجمة نخرة مطروحة ، فدعا بطست وأمر أن يصبوا فيه الماء ‹ صفحة 188 › ووضع الجمجمة فيه ثم قال : " أقسمت عليك يا جمجمة ! أخبريني من أنا ؟ ومن أنت ؟
" فنطقت الجمجمة بلسان فصيح ، فقالت : " أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين ، وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنو شروان ! " .
فانصرف الذين كانوا معه من أهل ساباط إلى أهاليهم وأخبروهم بما كانوا سمعوه من الجمجمة ، فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين ، وقال بعضهم فيه مثل ما قال النصارى في المسيح ، ومثل قول عبد الله بن سبأ وأصحابه ، فقال له أصحابه : " إن تركتهم على مثل هذا كفر الناس " فلما سمع ذلك منهم قال لهم : " ما تحبون أن أصنع بهم ؟ " قالوا :
" تحرقهم بالنار كما أحرقت عبد الله بن سبأ وأصحابه " فأحضرهم وقال : " ما حملكم على ما قلتم ؟
" قالوا : " سمعنا كلام الجمجمة النخرة ومخاطبتها إياك ولا يجوز ذلك إلا لله تعالى !
فمن ذلك قلنا ما قلنا " .
فقال : " ارجعوا عن ( * ) كلامكم وتوبوا إلى الله " فقالوا : " ما كنا نرجع عن قولنا فاصنع ما أنت صانع " فأمر أن تضرم لهم النار وحرقهم فلما احترقوا ، قال : " اسحقوهم وأذروهم في الريح "

فسحقوهم وذروهم في ‹ صفحة 189 › الريح ، فلما كان اليوم الثالث من إحراقهم دخل إليه أهل ساباط وقالوا :
" الله الله ! في دين محمد ( ص ) ! إن الذين أحرقتهم بالنار قد رجعوا إلى منازلهم أحسن ؟ ؟ كانوا " فقال ( ع ) : "
أليس قد أحرقتموهم بالنار وسحقتموهم وذريتموهم في الريح ؟ " .
قالوا : " بلى " قال : " أحرقتهم أنا ، والله أحياهم " فانصرف أهل ساباط متحيرين ( 23 ) .

وفي رواية أخرى : فأحرقهم بالنار وتفرق قوم منهم في البلاد وقالوا : " لولا أن فيه الربوبية ما كان أحرقنا " ( 24 ) .

وأورد ابن أبي الحديد هذه القصة في شرح النهج كما يلي :
( وروى أبو العباس ، عن محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي ( 1 ) عن علي بن محمد النوفلي ، عن أبيه ومشيخته ، أن عليا مر بهم وهم يأكلون في شهر رمضان نهارا ، فقال :
أسفر أم مرضى ؟
قالوا : ولا واحدة منهما ، قال : أفمن أهل الكتاب أنتم ؟ قالوا : لا ، قال : فما بال الاكل في شهر رمضان نهارا ! قالوا : أنت أنت !
لم يزيدوه على ذلك ، ففهم مرادهم ، فنزل عن فرسه ، فألصق خده بالتراب ، ثم قال : ويلكم !
إنما أنا عبد من عبيد الله ، فاتقوا الله ، وارجعوا إلى الاسلام ، فأبوا ، فدعاهم مرارا ، فأقاموا
‹ صفحة 190 › على أمرهم ، فنهض عنهم ، ثم قال : شدوهم وثاقا ، وعلي بالفعلة والنار والحطب ، ثم أمر بحفر بئرين ، فحفرتا ، فجعل إحداهما سربا ( 1 ) ، والأخرى مكشوفة ، وألقى الحطب في المكشوفة ، وفتح بينهما فتحا ، وألقى النار في الحطب ، فدخن عليهم ، وجعل يهتف بهم ، ويناشدهم :

إرجعوا إلى الاسلام ، فأبوا ، فأمر بالحطب والنار ، وألقى عليهم ، فاحترقوا ، فقال الشاعر :

لترم بي المنية حيث شاءت * إذا لم ترم بي في الحفرتين
إذا ما حشتا حطبا بنار ( 2 ) * فذاك الموت نقدا غير دين

قال :فلم يبرح واقفا عليهم حتى صاروا حمما .

قال أبو العباس : ثم إن جماعة من أصحاب علي ، منهم عبد الله بن عباس ، شفعوا في عبد الله بن سبأ خاصة ، وقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنه قد تاب فاعف عنه ، فأطلقه بعد أن اشترط عليه ألا يقيم بالكوفة ، فقال : أين أذهب ؟
قال : المدائن ، فنفاه إلى المدائن ، فلما قتل أمير المؤمنين عليه السلام أظهر مقالته ، وصارت له طائفة وفرقة يصدقونه ويتبعونه ، وقال لما بلغه قتل علي : والله لو جئتمونا بدماغه في سبعين صرة ، لعلمنا أنه لم يمت ، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه .
فلما بلغ ابن عباس ذلك ، قال : لو علمنا أنه يرجع لما تزوجنا نساءه ، ولا قسمنا ميراثه .
قال أصحاب المقالات : واجتمع إلى عبد الله بن سبأ بالمدائن جماعة ‹ صفحة 191 › على هذا القول ، منهم عبد الله بن صبرة الهمداني ، وعبد الله بن عمرو بن حرب الكندي ، وآخرون غيرهما ، وتفاقم أمرهم .
وشاع بين الناس قولهم ، وصار لهم دعوة يدعون إليها ، وشبهة يرجعون إليها ، وهي ما ظهر وشاع بين الناس ، من إخباره بالمغيبات حالا بعد حال . . . ) ( 1 ) .

ثم استعرض ابن أبي الحديد على زعمه أدلتهم على قولهم .

عدم اعتماد عامة علماء المسلمين على الروايات السابقة :
من الغريب أن أحدا من فقهاء المسلمين لم يعتمد هذه الروايات ويفتي بأن حكم المرتد الحرق .

بل أفتوا جميعا : أن حكم المرتد القتل استنادا إلى الروايات المعارضة لها والمروية عن رسول الله ( ص ) والأئمة من أهل بيته .

أما علماء أهل السنة فقد قال أبو يوسف في فصل حكم المرتد من كتاب الخراج : اختلفوا في المرتد عن الاسلام إلى الكفر ، وكذلك الزنادقة الذين يلحدون بعد أن أظهروا الاسلام ، واليهودي والنصراني والمجوسي أن من أسلم ثم ارتد فمنهم من يرى استتابته ومنهم من لا يرى ذلك .

ثم أورد أدلة الطرفين من حديث رسول الله ، وذكر في أدلة من يرى استتابة المرتدين ما روي عن عمر في فتح تستر أنهم أخبروه أن رجلا من ‹ صفحة 192 › المسلمين لحق بالمشركين فأخذوه فقال لهم : - " فما صنعتم به ؟ "

قالوا : - " قتلناه " قال : - " أفلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه ثلاثا ، فإن تاب وإلا قتلتموه . . . " .

وروى أن معاذا دخل على أبي موسى وعنده يهودي ، فقال : ما هذا ؟ قال : يهودي أسلم ثم ارتد ، وقد استتبناه منذ شهرين فلم يتب .
فقال معاذ : لا أجلس حتى أضرب عنقه ، قضاء الله وقضاء رسوله . وقال أبو يوسف : وأحسن ما سمعناه في ذلك والله أعلم :
أن يستتابوا ، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم على ما جاء في الأحاديث المشهورة وما كان عليه من أدركناه من الفقهاء . قال : فأما المرأة إذا ارتدت عن الاسلام فنأخذ فيها بقول ابن عباس : " لا يقتل النساء إذا هن ارتددن عن الاسلام ، ولكن يحبسن ويدعين إلى الاسلام ويجبرن عليه " .
وجدنا في ما ذكر أبو يوسف اتفاقا من العلماء على أن حد المرتد القتل ، وأوضح أن كيفيته أن يضرب عنقه ، وكان خلافهم في أنه يجري عليه الحد قبل استتابته أم بعدها مع إصراره على الارتداد . وقال ابن رشد في حكم المرتد من كتابه بداية المجتهد : " والمرتد إذا ظفر به قبل أن يحارب ، فاتفقوا على أنه يقتل الرجل لقوله عليه الصلاة والسلام : من بدل دينه فاقتلوه " ( 25 ) .
‹ صفحة 193 ›

وأما علماء الشيعة فقد رووا في ذلك ما رواه الكليني والصدوق والشيخ الطوسي عن أبي عبد الله أن أمير المؤمنين قال : " المرتد تعزل عنه امرأته ، ولا تؤكل ذبيحته ، ويستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل يوم الرابع " ( 26 ) .

وبعده في الفقيه : " إذا كان صحيح العقل " ( 27 ) .

وعن أبي جعفر وأبي عبد الله - أنهما قالا - في المرتد : يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، والمرأة إذا ارتدت عن الاسلام استتيبت فإن تابت ورجعت وإلا خلدت في السجن وضيق عليها في حبسها ( 28 ) .

وعن أبي الحسن الرضا في جواب من سأل عن رجل ولد في الاسلام ثم كفر وأشرك وخرج عن الاسلام ، هل يستتاب ، أو يقتل ولا يستتاب ؟ فكتب : " يقتل " ( 29 ) .

وكتب أمير المؤمنين في جواب عامل له كتب إليه : وإني أصبت قوما من المسلمين زنادقة ، وقوما من النصارى زنادقة . فكتب إليه : " أما من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم تزندق فاضرب عنقه ولا تستتبه .

ومن لم يولد على الفطرة فاستتبه ، فإن تاب وإلا فاضرب عنقه ، وأما النصارى فما هم عليه أعظم من الزندقة " ( 30 ) .

وكتب في جواب محمد بن أبي بكر حين سأله : وعن زنادقة فيهم من يعبد الشمس والقمر ، وفيهم من يعبد غير ذلك وفيهم مرتد عن الاسلام . ‹ صفحة 194 ›

فكتب الامام إليه : " وأمره في الزنادقة أن يقتل من كان يدعي الاسلام ويترك سائرهم يعبدون ما شاءوا " ( 30 ) .
وبالإضافة إلى الروايات التي صرح الأئمة فيها أن حد المرتد القتل نجد رواية بتنفيذ الامام هذا الحد في المرتد .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 188 ›
* في النص " إلى " خطأ .

‹ هامش ص 189 ›
( 1 ) المصيصي ، بكسر الميم والصاد المشددة وسكون الياء : منسوب إلى المصيصة : مدينة على ساحل البحر .

‹ هامش ص 190 ›
( 1 ) السرب ، بفتحتين : الحفير تحت الأرض .
( 2 ) حش النار ، أي أوقدها .

‹ هامش ص 191 ›
( 1 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ( 1 / 425 ) .

‹ هامش ص 194 ›
( ك ) علاوته بالكسر : رأسه .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 11:38 PM

الرواية الرابعة عشر مناقشة
 
روى الكليني عن أبي عبد الله قال : أتي أمير المؤمنين عليه السلام بزنديق فضرب علاوته ( ك ) ، فقيل له : إن له مالا كثيرا ، فلمن تجعل ماله ؟ قال : لولده ولورثته ولزوجته ( 31 ) .

وروى أن شيخا تنصر فقال له علي ( ع ) : ( ارتددت ؟ ) .
فقال : نعم . فقال له : لعلك أردت أن تصيب مالا ثم ترجع .
قال : لا .
قال : لعلك ارتددت بسبب امرأة خطبتها فأبت عليك فأردت أن تتزوج بها . قال : لا . قال : فارجع .
قال : لا حتى ألقى المسيح .
فقتله . ( مبسوط الشيخ ، كتاب المرتد ) .

وهذه الروايات إلى كثير غيرها تعارض الروايات السابقة التي
‹ صفحة 195 › صرحت بأن الامام حرق ناسا من المرتدين لأنها تنص على أن حد المرتد القتل ، وتصرح بأن الامام نفذ حد القتل في المرتد . والقتل إماتة بآلة كالسيف أو الرمح أو الصخر أو الخشب أو بالسم .
في مقابل الاحراق الذي هو إماتة بالنار .
والصلب الذي هو إهلاك الشخصبرفعه على خشبة الصليب . لنقف قليلا عند هذه الروايات ونناقش محتوياتها ، ونر :
هل تثبت للنقد ! ؟

لنتسائل : متى ابتلي الحسين بالمختار وقد استشهد قبل أن يظهر المختار ؟ !
وكيف يكون قتل المختار لقتلة الحسين ، ابتلاء للحسين ! ؟
وكيف يكون ذلك من المختار عملا منه في تكذيب الحسين ؟ !
وهل وضع هذا الحديث انتصارا لقتلة الحسين ؟ !
ثم كيف تكون عقيدة ابن سبأ في علي عملا منه في تكذيب علي ؟ ! وهل روى أحد عنه أنه قال : أمرني على أن أعبده ، ليكون ذلك منه افتراء على علي وعملا في تكذيب صدقه ؟ !
ومن هي أم عمرو العنزية زوجة الامام ؟
وكيف لم يعرفها أحد غير هذا الراوي ؟ !
وفي ما روي عن قتل علي للقائلين بألوهيته ، هل قتلهم موتا بالدخان بإلقائهم في آبار خرق بعضها إلى بعض ثم طم رؤوسها وألقى النار في واحدة ليسوا فيها ، فماتوا جميعا بالدخان ؟ !
أم ضرب أعناقهم ثم حرق أجسادهم بالنار ؟ ؟

صفحة 196 ›

أم خد في الأرض خدا ألقى فيه حطبا ونارا حتى صار نارا تتوقد ثم أمر قنبرا فحملهم رجلا رجلا وألقاهم في النار حتى أحرقهم بالنار جميعا ! !
وهل ألهه ابن سبأ وحده فأحرقه وحده ؟
أم كانوا عشرة فأحرقهم جميعا ؟
أم كانوا سبعين فأحرق السبعين ؟ !
أم أنه أحرق مرة شخصا واحدا وهو ابن سبأ وحده ، وأخرى عشرة ! وأخرى سبعين ! وأخرى اثنين ؟ !
وهل أحرق من قال بألوهيته ! ؟
أم أحرق اثنين سجدا لصنم ! ؟
وهل حرق من حرق عندما كان في البصرة وبعد فراغه من القتال ؟
أم عندما كان في الكوفة عندما أخبر وهو في دار زوجته العنزية ؟ !
وهل صح أن ابن عباس لما بلغه ذلك قال : لم أكن أحرقهم بالنار لقول رسول الله : " لا تعذبوا بعذاب الله " وكنت قتلتهم لقوله ( ص ) :
" من بدل دينه فاقتلوه " فبلغ قوله عليا ، فقال : " ويح ابن أم الفضل !
إنه لغواص على الهنات " ( ل ) !
أكان الامام غافلا عن هذه الهناتحتى عرفه ابن أم الفضل ؟ !
أم إن هذه الروايات وضعت ( م ) لتري فعل الامام في هذه
‹ صفحة 197 ›
الهنات نظير فعل الخليفة أبي بكر حين حرق الفجاءة السلمي وغيره ( ن ) وانتقد عليه ، وكي لا يكون أبو بكر وحيدا في ما انتقد عليه من إحراق الناس ، بل يكون على شريكه في ذلك !

ويكون نظيرا لفعل خالد حين حرق جمعا من مانعي الزكاة ( أأنت ) .

وكيف أحرق الامام المرتدين مع تصريحه بأن حد المرتد القتل وتنفيذه ذلك ؟ !
والشعر الذي ذكروه للامام :

لما رأيت الامر أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا

هل أنشده الامام هكذا وفي هذه الحوادث ؟ !
أم قاله ضمن قصيدة بصفين وأنشده كما يلي : ‹ صفحة 198 ›

يا عجبا لقد سمعت منكرا * كذبا على الله يشيب الشعرا إلى أربعة أبيات ثم قال بعدها :
إني إذا الموت دنا وحضرا * شمرت ثوبي ودعوت قنبرا
لما رأيت الموت موتا أحمرا * عبأت همدان وعبوا حميرا ! ؟
( 32 )
ثم هل كان عبد الله بن سبأ مغاليا في الامام ومؤلها إياه كما قالت الروايات السابقة ؟ !
أم كان مغاليا في تنزيه الباري - إن صح التعبير - ويمتنع من رفع يديه إلى السماء في الدعاء ؟ !
ويخالف أمر الامام لما أرشده إلى ذلك ، لأنه يرى أن الله في كل مكان ، كما ورد في الحديث السادس .

أهو مؤله للبشر ، أم مغال في التوحيد ؟ !
أو إنه كان قد تنبأ بالغيب فجلب إلى الامام فصحح الامام تكهنه ، وأمر بإخلاء سبيله ؟ !
وهل كان عبد الله بن سبأ هذا من الزط أم من العرب ؟
فإن كان من الزط فكيف تكون اسمه واسم أبيه من أربعة ألفاظ عربية : ( عبد ) ( الله ) ( ابن ) ( سبأ ) .

وإن كان من العرب ، فهل سمع في العرب منذ الجاهلية البعيدة في ‹ صفحة 199 › القدم حتى عصر الامام عربيا يؤله بشرا معاصرا له ؟ بل إن عادة تأليه البشر المعاصر تنتشر في الأمم العريقة في التمدن كالروم والفرس والصين واليابان ، أما العربي الذي لم يألف الخضوع والخنوع في شبه الجزيرة العربية ، فإنه كان يسجد للصنم ويؤله الجن والملائكة لكنه يتمرد على الركوع والسجود أمام بشر مثله .

ثم إن هذا المؤله للبشر ، إما أنه يريد من وراء قوله غاية دنيوية ، فكيف يثبت على قوله حين يرى زوال نفسه من الدنيا لهذا القول ! ؟
كيف يصر على رأيه ، ولا يقبل النكول عن قوله حتى يحرق ويخسر الدنيا بما فيها ! ! ؟
وإما أنه يقول به عن عقيدة ، وإذا كان قوله عقيدة بشخص معبوده البشري فكيف يبقى متمسكا بعقيدته بعد قوله لإلهه :
أنت ربي ! وأنت خلقتني ! وأنت ترزقني ! ومجابهة الاله له بالتكذيب والبراءة من قوله ! ؟
كيف يصدق عاقل بهذا ! ومرده أن هذا المؤله يقول لالهه : إنك يا إلهي مخطئ في إنكارك الألوهية لنفسك ! !
فأنت إله ولست تدري ! إنك إله رغم أنفك ! ! !
أي عاقل يصدق هذا ؟ !
وهل سمع في البشر نظيره مدى التاريخ ؟ !
بلى قد يؤله الناس إنسانا لا يرضى بنسبة الألوهية لنفسه غير أن ذلك يكون بعد عصره كما هو الشأن في عيسى بن مريم وعلي بن أبي طالب . أما أن يؤله إنسان ويعبد في عصره وبمحضر منه مع عدم رضاه فلم يكن ذلك ولن يكون ! ! !
‹ صفحة 200 ›

ولست أدري - إن صح ما قالوه - كيف خفيت تلك الحوادث الخطيرة على المؤرخين ؟ !

كيف خفي كل ذلك على مؤرخين أمثال :

1 - ابن خياط المتوفى ( 240 ه‍ ) .
2 - اليعقوبي المتوفى ( 284 ه‍ ) .
3 - الطبري المتوفى ( 310 ه‍ ) .
4 - المسعودي المتوفى ( 346 ه‍ ) .
5 - ابن الأثير المتوفى ( 630 ه‍ ) .
6 - ابن كثير المتوفى ( 774 ه‍ ) .
7 - ابن خلدون المتوفى ( 808 ه‍ ) .

كيف خفي عليهم ذلك ولم يوردوا شيئا منها في تواريخهم ، مع ذكرهم إحراق أبي بكر الفجاءة السلمي بكل تفاصيله بلا خلاف من أحد منهم فيه ! ! !

ولا بد لنا في سبيل معرفة الحقيقة الضائعة خلال الروايات السابقة من بيان شأن الرواية في كتبالشيعة الإمامية في ما يلي : شأن الرواية في كتب الامامية :



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 194 ›
( ك ) علاوته بالكسر : رأسه .

‹ هامش ص 196 ›
( ل ) الهنات : خصلات من الشر .
( م ) قد كان في الزنادقة من يغفل الشيخ فيدس في كتابه ما ليس من حديثه فيرويه ذلك الشيخ ظنا منه أنه من حديثه - راجع آخر فصل الزنادقة من البحوث التمهيدية من كتاب ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) ص 50 - 51 ط . بيروت / 1400 ه‍ . ويأتي - أيضا - بعد هذا مزيد توضيح له .

‹ هامش ص 197 ›
( ن ) الفجاءة السلمي هو إياس بن عبد الله بن عبد يا ليل السلمي ، أخذ من أبي بكر سلاحا وظهر ليحارب المرتدين ، فخرج يستعرض الناس يقتل ويسلب ، فجلبه أبو بكر وأمر فأوقدوا نارا في البقيع فقذفه فيها .
وقال أبو بكر في مرض موته : " إني لا آسي على شئ في الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت أني تركتهن . . . وددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمى ، وأني كنت قتلته سريحا أو خليته نجيحا " - راجع القسم الأول من هذا الكتاب ، فصل التحصن بدار فاطمة .
( أأنت ) وفي الرياض النضرة ( 1 / 110 ) : " كان في بني سلمة ردة فبعث إليهم أبو بكر خالد ابن الوليد ، فجمع رجالا منهم في الحضائر ثم أحرقها عليهم بالنار ، فقال عمر لأبي بكر : تدع رجلا يعذب بعذاب الله . . . " .

وقد أكثروا من القول في ما ذكرنا من إحراق أبي بكر والدفاع عنه كقول القوشجي في شرح التجريد : " إحراقه فجاءة بالنار من غلطة في اجتهاده فكم مثله للمجتهدين " .

وما رووا في الأحاديث السابقة من إحراق الامام لجماعات من الناس أعظم مما روي عن أبي بكر وخير دفاع عنه فإن عليا - أيضا - اجتهد وأخطأ أو قالوا : " كره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقا ) ، ( وأجازه علي وخالد بن الوليد ) راجع : فتح الباري ( 6 / 491 ) باب لا يعذب بعذاب الله من كتاب الجهاد .

تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 11:40 PM

شأن الرواية في كتب الامامية
 
شأن الرواية في كتب الامامية :
دون أصحاب أئمة أهل البيت مؤلفات متنوعة في مختلف العلوم ، منها ما سمي بالأصول ( والأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنف الأحاديث التي رواها عن المعصوم ، أو عن الراوي ‹ صفحة 201 › عنه ) ( 33 ) ، ولا تكون أحاديثه منقولة عن كتاب آخر .

وقد بلغ عدد الأصول أربعمائة أصل أو أكثر ، ووصلت تلك الأصول - يدا بيد - إلى علمائنا في القرن الرابع الهجري ، ونقل منها الكليني في موسوعته الحديثية المسماة بالكافي .
وجمع ما كان منها في الاحكام ، الصدوق في كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) .

والشيخ الطوسي في كل من كتابيه :
الاستبصار في ما اختلف من الاخبار ، وتهذيب الاحكام في شرح المقنعة للشيخ المفيد المتوفى ( 413 ه‍ ) .
كما أخذ منها ابن بابويه المتوفى ( 329 ه‍ ) وابنه الصدوق ( ع ) وغيرهما مواد كتبهم الحديثية .

وبقيت المجاميع الحديثية الأربعة السابقة الذكر مرجعا للعلماء حتى اليوم .

وبقي من عصرهم - أيضا - الكتب الرجالية الأربعة : اختيار رجال الكشي للشيخ الطوسي ، ورجال الشيخ الطوسي وفهرسته ، وفهرست النجاشي .
وكان لأصحاب الأئمة عدا ما ذكرنا من الأصول الأربعمائة آلاف من الكتب في مختلف العلوم .

فقد ألفوا في أخبار الأوائل : كأخبار ولد آدم ، وأصحاب الكهف وتفرق عاد . ‹ صفحة 202 ›

وفي أخبار الجاهلية مثل كتاب الخيل والسيوف والأصنام وأيام العرب وأنسابها ، ونواقل القبائل ( ف ) ومنافراتها .
وفي أخبار البلدان وأسماء الأرضين والجبال والمياه .
وفي أخبار ما قارب الاسلام كأخبار الاحلاف ومناكح العرب . . . إلخ .
وأخبار الاسلام كيوم السقيفة والردة والجمل وصفين ووقعة الطف والمختار والتوابين وما قبلها وما بعدها . آلاف من الكتب في هذه الأخبار وأمثالها وفي أنواع أخرى من العلوم من أصحاب الأئمة ذهبت مع الأيام ، وأصبحنا لا نجد غير أسمائها وأسماء مؤلفيها في كتب الفهارس كفهرست النديم والنجاشي والشيخ الطوسي والذريعة !

وكان سبب هذا الضياع أمرين :
أولهما:
ارهاب الحكام ومن سار في ركابهم مدى العصور لاتباع مدرسة أئمة أهل البيت - علماء الشيعة - إلى حد قتل النفوس وإحراق المكتبات بما فيها من آلاف الكتب مثل خزانة كتب ( بين السورين ) ببغداد ، قال الحموي : " لم يكن في الدنيا أحسن كتبا منها كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة وأصولهم المحررة واحترقت في ما أحرق من محال الكرخ عند ورود طغرل بك أول ملوك السلجوقية إلى بغداد سنة 447 " ( 34 ) .
ذهبت من كتب الشيعة في أمثال هذه الفتن ما لا يحصيها إلا الله .

‹ صفحة 203 ›

والامر الثاني :
نصراف علماء الشيعة في جانب التخصص العلمي إلى تحصيل العلوم الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية ، ومن ثم عنوا بتدارس آيات الاحكام ، وروايات الاحكام دراسة وافية مستوعبة جيلا بعد جيل حتى عصرنا الحاضر ، إلى حد يحصل معه الاطمئنان عند الباحث المتتبع أن الاحكام الاسلامية - مع كل تلك العناية الشديدة على مر العصور في المحافظة عليها وتدارس رواياتها - وصلت إلينا سليمة في هذا العصر .

وفي مقابل هذه العناية الشديدة بروايات الاحكام ورواتها وكتبها جيلا بعد جيل ، نجد تقصيرا معيبا في تدارس روايات السيرة والتاريخ والتفسير والآداب الاسلامية ، وغيرها من صنوف العلوم الاسلامية .




كان نتيجة ذلك :

أولا - ضياع مصادر الدراسات الاسلامية من مصنفات أصحاب أئمة أهل البيت كما ذكرناه .

ثانيا - تسامح علماء الشيعة لدى رجوعهم إلى روايات التواريخ والسير والتفسير ومعرفة البلاد وفنون أخرى ، واعتمادهم - أحيانا - على كتب مثل تاريخ الطبري ( ص ) وروايات كعب الأحبار ، ووهب بن منبه ( ق ) ونظائرهما في التفسير .

‹ صفحة 204 ›

ومتابعة أهل كتب الملل والنحل في رجوعهم إلى ما يتقوله الناس في ما ألفوا في هذا الباب !

وهكذا تسربت بعض أخبار الزنادقة المنتشرة في أمثال تاريخ الطبري إلى كتب تاريخهم ( ر ) .

وتسربت بعض الإسرائيليات عن طريق بعض التفاسير التي أخذت من كعب الأحبار ونظائره إلى تفاسيرهم .

وتسربت أساطير الخرافة إلى تآليفهم في الملل والنحل .

منوا بكل ذلك بسبب تسامحهم في ما يرجعون إليه من أخبار هذه العلوم خلاف دأبهم في ما يرجعون إليه من روايات الاحكام لشدة تثبتهم وفحصهم صحيحها من سقيمها ، وتدارس ما يعمل لدى تعارض بعضها مع بعض ، أو مع آي من القرآن ، وتوضيحهم قواعد العمل في عامها وخاصها ، ومجملها ومبينها إلى غير ذلك من بحوث واسعة في هذا الفن .
وكان من نتيجة هذا التسامح انتشار روايات غير صحيحة في بعض كتب التراجم مثل رجال الكشي ، والمقالات للأشعري .

فقد روى الكشي في ترجمة المغيرة بن سعيد عن يونس ، عن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله يقول :
( كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي ، ويأخذ كتب أصحابه ، ‹ صفحة 205 › وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة ، فكان يدس فيها الكفر والزندقة ، ويسندها إلى أبي !
ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم بأن يبثوها في الشيعة . . . " الحديث .

وقال يونس : ( وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين فسمعت منهم ، وأخذت كتبهم ، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام وقال لي : لعن الله أبا الخطاب !

وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله . . . " الحديث ( 35 ) .

أمثال هذه الروايات سواء أصحت وثبت أن الزنادقة دسوها في أمثال كتب الكشي ، أو أن الكشي وهم في إيراد أمثال هذه الروايات الكاذبة في كتابه - على كلا التقديرين - تثبت انتشار روايات غير صحيحة في أمثال كتاب رجال الكشي ( ش ) .

هذا وبالإضافة إلى ما ذكرنا فإن أخبار غير الاحكام مثل أخبار السيرة والتاريخ ، لم تدرس دراسة وافية ليعرف صحيحها من سقيمها .

وأخبار إحراق أمير المؤمنين الغلاة من ضمن الاخبار التي لم تدرس ، وهي معارضة بالاخبار التي تصرح بأنهم كانوا زنادقة كما وردت في رواية عن ‹ صفحة 206 › الإمام الصادق : ( أنه أتي بالزنادقة من البصرة فعرض عليهم الاسلام فأبوا . . . ) الحديث ( 36 ) .

وفي صحيح البخاري : ( أتي علي ( رض ) بزنادقة فأحرقهم ( 37 ) . . . ) الحديث .

وفي فتح الباري : " إن عليا أحرق المرتدين يعني الزنادقة " ( 38 ) .

وعن أحمد : أن عليا أتي بقوم من هؤلاء الزنادقة ومعهم كتب فأمر بنار فأججت ثم أحرقهم وكتبهم ( 39 ) .

وكذلك نرى أن روايات الاحراق - أيضا - جانبت الصواب ، والصواب ما ذكرته أمثال الرواية الآتية : عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين : أن عليا عليه السلام رفع إليه رجل نصراني أسلم ، ثم تنصر ، فقال علي ( ع ) :
" اعرضوا عليه الهوان ثلاثة أيام ، وفي كل ذلك [ يطعمه ] من طعامه ، ويسقيه من شرابه " فأخرجه يوم الرابع فأبى أن يسلم فأخرجه إلى رحبة المسجد فقتله ، وطلب النصارى جثته بمائة ألف فيه فأبى ( ع ) فأمر به فأحرق بالنار ، وقال : " لا أكون عونا للشيطان عليهم " ( 40 ) .

وفي رواية أخرى بعده : " ولا ممن يبيع جثة كافر " ( 41 ) .

وفي بعض أحاديث الاحراق غير هذا - أيضا - أن الامام أحرق أجسادهم بعد القتل ، والحديث الأخير يبين حكمة فعل الامام وهي خشية أن يتخذ قبره وثنا . ويبدو أن الوضاعين حرفوا هذه الأخبار حتى انقلبت ‹ صفحة 207 › إلى أساطير لا يتقبلها العقل .

.................................................. ....
‹ هامش ص 201 ›
( ع ) صنف ابن بابويه مئتي كتاب - الفهرست للنديم ص 277 ، والصدوق ثلاثمائة مصنف - معاني الأخبار 72 .

‹ هامش ص 202 ›
( ف ) النواقل : هي الجماعة التي تنتقل من قبيلة عربية إلى أخرى وتلتحق بالثانية وتنسب إليها وقد كتب فيهم علماء الأنساب وأحصوهم في كتب سميت باسم النواقل .

‹ هامش ص 203 ›
( ص ) مر علينا في قسمي هذا الكتاب قيمة روايات الطبري . ( ق ) تفاصيله في كتابنا من تاريخ الحديث .

‹ هامش ص 204 ›
( ر ) نقل الشيخ المفيد في كتابه : ( الجمل ) ص 47 عن كتاب أبي مخنف في حرب البصرة انه روى عن سيف بن عمر قال : " بقيت المدينة بعد قتل عثمان خمسة أيام وأميرها الغافقي يلتمسون من يجيبهم . . . " والرواية بسندها ومتنها نقلها الطبري في تاريخه ( 1 / 3073 ) .

‹ هامش ص 205 ›
( ش ) لا نقصد من هذا القول ترك روايات كتب أمثال كتاب رجال الكشي ، بل نقول بلزوم الفحص عن هذه الروايات والبحث فيها ونقدها ومقارنتها بغيرها .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 11:45 PM

خلاصة البحث
 
خلاصة البحث :

إن أحاديث عبد الله بن سبأ في كتب الشيعة تنقسم إلى قسمين ، وعبد الله بن سبأ فيهما ذو شخصيتين متغايرتين :

في إحداهما مغال في حق الامام وتأليهه .

وفي ثانيتهما مغال في ما زعم من تنزيه الباري ونفي ما لا يليق به عنه ، مثل الخوارج .

والقسمان يناقض أحدهما الآخر .

وتنحصر أحاديث الشخصية الأولى برجال الكشي ومن أخذ عنه من علماء الرجال والحديث ، وقد مر علينا رأي العلماء في كتاب رجال الكشي .

وخلاصة رأينا في الشخصية الأولى أنها لم توجد بتاتا !

وإنما اختلقتها جناية الزنادقة على التاريخ الاسلامي أولا ، وتقولات العامة ثانيا .

ومن هذين المعنيين أخذ من ذكر خبره في تأليفه !

أما الشخصية الثانية فسنكشف عن حقيقتها مع مزيد البيان عن الشخصية الأولى في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى .

أما أحاديث الغلاة - ولا تصريح فيها باسم ابن سبأ - فمنها ما وردت - أيضا - في رجال الكشي ، وفيها :

إن الامام كان في دار زوجته العنزية حين جئ بالغلاة عنده ! ولم ‹ صفحة 208 › يعرف أحد للامام زوجة عنزية ليجيئوا بالغلاة عنده وهو في دارها .

وأخرى مروية عن رجل لم يذكر اسمه ، ومن هو الراوي لهذه الرواية . وهذه الأحاديث - أيضا - يناقض بعضها بعضا إلى حد ينكشف زيفها وبطلانها بأدنى تنبه ونظر !

وبالإضافة إلى ذلك فهي بمجموعها - أيضا - تخالف الروايات التي عينت القتل حدا للمرتد .

ولست أدري كيف خفيت تلك الحوادث الجسام على المؤرخين فلم يشيروا إليها مع ذكرهم إحراق الخليفة أبي بكر للفجاءة السلمي ؟ !

وأخيرا فإنا نرى أن تلك الأحاديث مدسوسة في كتبنا ، وقد مر علينا أن الزنادقة كانت تدس في كتب الشيوخ روايات تبثها بواسطتها بين المسلمين ، ولم يعن العلماء بتحقيق غير روايات الاحكام والمحافظة عليها ، وذهب بسبب الفتن والاهمال كثير من تراثنا العلمي في السير والتواريخ والتراجم ونظائرها ، وحل محلها الزائف من غيرها .
ولنا أن نقول - بكل تأكيد - إن الذي يدرس حالة المجتمع المسلم العربي في بلاد شبه الجزيرة يومذاك ، يدرك بوضوح أن امتداد التيار القوي الذي أولده الاسلام ضد الوثنية وتأليه المخلوقين ، كان يمنع يومذاك أن يعبد إنسان ما صنما أو يؤله بشرا ، ووقوعه من قبيل اجتماع النقيضين الذي لا يصدقه عاقل .

وجائز أن يكون المبحوث عنه زنديقا جلب من البصرة - كما نصت عليه بعض الروايات - لان الزندقة وجدت قبل الاسلام وكانت موجودة في ‹ صفحة 209 › البلاد التي احتلها المسلمون في المناطق المجاورة للبصرة ( 42 ) ، فلا يستبعد أن ينزح بعضهم إلى البصرة على عهد الامام ثم يفتضح أمرهم ويجلبوا إليه ويجري عليهم حكم الاسلام ، كما يجوز الارتداد من إنسان كان نصرانيا ثم أسلم ثم ارتد إلى النصرانية كما تشير إليه بعض الروايات .

والاحراق - أيضا - لا يناسب عصر الامام بعد أن أحرق الخليفة أبو بكر الفجاءة واستنكر عليه ، وأظهر هو ندمه عليه . ومن الجائز أن يحرق الامام جثة مرتد أقيم عليه حد القتل خشية أن يتخذ قبره وثنا يعبد من دون الله ، كما أشارت إليه بعض الروايات .

هذا ما نجوز وقوعه ، وهذا ما نراه ، وإن بقي بعد كل ما ذكرناه من لم يكتف به فإلى جولة أخرى بعد إيراد أقوال العلماء في ابن سبأ والسبئية من كتب أهل الملل والنحل في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشيخ محمد العبدالله 08-02-2010 11:48 PM

مصادر عبد الله بن سبأ في كتب أهل الحديث
 
مصادر عبد الله بن سبأ في كتب أهل الحديث :

1 - الروايات الخمس في اختيار رجال الكشي ص ( 106 - 108 ) .

2 - ترجمة الكشي بمصفى المقال عامود ( 375 ) .

3 - راجع هامش الذريعة ( 4 / 288 ) .

4 - الذريعة ( 3 / 385 ) .

5 - راجع البحار ط . الكمباني ( 7 / 249 - 251 ) باب نفي الغلو في النبي والأئمة .

6 - راجع الوسائل ( 3 / 456 ) باب حكم الغلاة والقدرية .
‹ صفحة 210 ›

7 - راجع المناقب ( 1 / 264 ) باب الرد على الغلاة والقدرية .

8 - رجال النجاشي هو فهرسته ، وترجمة الكشي في ص 288 منه .

9 - راجع ترجمة الحائري في مصفى المقال ( 394 ) وقوله في الكشي بمقدمة اختيار الرجال ص 18 .

10 - رجال النجاشي ص 270 .

11 - أورد الرواية السادسة الصدوق مرسلة عن أمير المؤمنين في : من لا يحضره الفقيه ( 1 / 213 ) الحديث الثامن من باب التعقيب ، وفي حديث الأربعمائة من الخصال ص 628 ، وأخرجها الطوسي بسنده في التهذيب ( 2 / 322 ) الحديث 171 من ( باب كيفية الصلاة وصفتها .
. . ) .
ونقلها صاحب الوسائل عنهما ، وعن العلل في باب 28 من أبواب التعقيب ( 1 / 408 ) وفي الوافي باب فضل التعقيب ( 5 / 118 ) وفي الحدائق ( 8 / 511 ) .

12 - في البحار ط . الكمباني ( 9 / 635 ) عن أمالي الشيخ أبي علي ابن الشيخ الطوسي . وأورده ابن حجر بترجمة عبد الله بن سبأ من اللسان إلى قول المسيب : " يكذب على الله وعلى رسوله " وبتر باقي الحديث . وأشار إليه القمي في سفينة البحار .

13 - غيبة النعماني ( باب ذكر جيش الغضب ) ص 167 - 168 .

14 - اختيار معرفة الرجال ص 307 - 308 الحديث 556 ومختصرا في ص 72 الحديث 127 . والبحار ط . الكمباني 7 / 253 و 21 / 23 .
‹ صفحة 211 ›

15 - اختيار معرفة الرجال ص 109 والكافي ( 7 / 259 - 260 ) الحديث 23 من باب حد المرتد ، وكتاب من لا يحضره الفقيه ( 3 / 90 ) والوافي ( 9 / 70 ) في باب حد المرتد ، والبحار ( 7 / 250 ) في باب نفي الغلو ولفظة قتال في الكشي .

16 - الكافي باب حد المرتد ( 7 / 257 ) الحديث 8 وص 259 منه الحديث 18 ، والتهذيب ( 1 / 138 ) والاستبصار ( 4 / 254 ) .

17 - المناقب لابن شهرآشوب ( 1 / 265 ) والبحار ط . الكمباني ( 7 / 249 ) ومستدرك الوسائل ( 3 / 244 ) .

18 - الفقيه ( 3 / 91 ) والطوسي في التهذيب ( 10 / 140 ) الحديث 13 من باب حد المرتد . وفي أماليه ( 2 / 275 ) وفي البحار 79 / 226 .


19 - تاريخ الاسلام للذهبي ( 2 / 202 ) .

20 - مسند أحمد ( 1 / 217 ) و ( 282 ) الحديث 2552 ، وسنن أبي داود ( 2 / 221 ) الحديث الأول من باب ( الحكم في من ارتد ) من كتاب الحدود .

21 - بترجمة ابن عباس من سير النبلاء للذهبي ( 3 / 232 ) .

22 - صحيح الترمذي ( 6 / 242 ) باب ( ما جاء في المرتد من كتاب الحدود ) ، ومبسوط الشيخ ، كتاب المرتد .

23 - مستدرك الوسائل ، باب حكم الغلاة والقدرية ، عن كتاب عيون المعجزات ( 3 / 243 ) . والفضائل لابن شاذان ص 74 و 75 والبحار 41 / 215 .

24 - مستدرك الوسائل ( 3 / 244 ) عن كتاب الفضائل لابن ‹ صفحة 212 › شاذان .

25 - بداية المجتهد ( 2 / 295 ) ، والرواية في صحيح البخاري ( 2 / 115 ) باب : لا يعذب بعذاب الله من كتاب الجهاد ، و ( 4 / 130 ) منه ، باب حكم المرتد ، من كتاب استتابة المرتدين ، وابن ماجة ( 2 / 848 ) الحديث 2535 من باب : المرتد عن دينه من كتاب الحدود ، والترمذي ( 6 / 242 ) .

26 - الكافي ( 7 / 258 ) الحديث 17 من باب حد المرتد ، والتهذيب ( 10 / 138 ) الحديث 7 من باب حد المرتد ، والاستبصار ( 4 / 255 ) الحديث 6 .

27 - الفقيه ( 3 / 548 ) .

28 - الكافي ( 7 / 256 ) الحديث 3 من باب حد المرتد والتهذيب ( 10 / 137 ) الحديث 4 من باب حد المرتد ، والاستبصار ( 4 / 253 ) الحديث 4 من باب حد المرتد ، والوافي ( 9 / 70 ) أبواب حد المرتد .

29 - الكافي ( 7 / 256 ) باب حد المرتد ، والتهذيب ( 10 / 139 ) الحديث 10 ، والاستبصار ( 4 / 254 ) والوافي ( 9 / 70 ) .

30 - الفقيه ( 3 / 91 ) والتهذيب ( 10 / 139 ) الحديث 11 من باب حد المرتد ، والوافي ( 9 / 70 ) . 30 / 1 - الغارات للثقفي ( 1 / 230 - 231 ) والوسائل ( 18 / 415 - 416 ) .

31 - الكافي ( 7 / 258 ) الحديث 5 من باب حد المرتد ، وفي ص 257 الحديث 6 باختصار ، والوافي ( 9 / 70 ) . ‹ صفحة 213 ›

32 - راجع صفين ص 43 ط . مصر . 33 - التعريف ، للوحيد البهبهاني المتوفى 1205 نقلا عن كتاب الذريعة ( 2 / 126 ) .

34 - معجم البلدان بلغة ( بين السورين ) كانت هذه المكتبة تحت تصرف الشيخ الطوسي وبعد هذه الفتنة هاجر الشيخ إلى النجف وأسس فيها الحوزة العلمية التي استمرت حتى اليوم .

35 - الروايتان في اختيار معرفة الرجال 224 - 225 برقم 401 و 402 .

36 - مستدرك الوسائل ( 3 / 243 ) عن دعائم الاسلام والجعفريات .

37 - صحيح البخاري 4 / 130 باب حكم المرتد ، من كتاب استتابة المرتدين .

38 - فتح الباري ( 6 / 491 ) شرح ( باب لا يعذب بعذاب الله ) من كتاب الجهاد .

39 - فتح الباري ( 6 / 492 ) والحديث في مسند أحمد ( 1 / 282 ) برقم 2551 ، وفي مسند أحمد ( 1 / 322 ) : أتي بأناس من الزط يعبدون وثنا فأحرقهم .

40 - مستدرك الوسائل ( 4 / 243 ) الحديث الثاني من باب ( إن المرتد يستتاب ثلاثة أيام ) عن الجعفريات .

41 - مستدرك الوسائل ( 3 / 243 ) الحديث الرابع من باب ( حكم الزنديق والناصب ) عن دعائم الاسلام . ‹ صفحة 214 ›

42 - راجع فصل الزندقة من البحوث التمهيدية لكتابنا ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) .

الفاروق الاعظم 08-03-2010 12:14 AM

عبد الله بن سبأ في كتب أهل المقالات 1
 
عبد الله بن سبأ في كتب أهل المقالات

‹ صفحة 217 ›
قال أهل المقالات : إن ابن سبأ والسبئية قالوا للامام : أنت الله ، فألقاهم في النار ، فقالوا : الآن صح أنك أنت الله .

وإنه نفاه إلى المدائن لطعنه على الصحابة .

وإنه قال : لا يموت الامام ، والمقتول شيطان ، والامام في السحاب ، وأعانه ابن السوداء على قوله . وقالوا : إن السبئية قالت بالرجعة ، وغيبة الامام ، ونبوة الامام ، وإنه المهدي ، وقالت بالتناسخ ، وحلول الله في الأئمة ، و . . . إلخ .

وقالوا : إن من فرق السبئية : الحارثية ، والناووسية ، والممطورة ، والطيارة ، والمعلومية ، والمجهولية ، و . . . إلخ . مؤلفو الفرق يأخذون من أفواه الناس بلا سند ، تشابه أسطورة ابن سبأ وأسطورة النسناس ! مصادر .

‹ صفحة 219 ›

أوردنا في صدر الجزء الأول من هذا الكتاب موجز أسطورة ابن سبأ المختلق الذي زعم مختلقه سيف :
أنه كان يهوديا من اليمن ، وأنه أظهر الاسلام رياء لالقاء الفتنة بين المسلمين ، وجاء بعقيدة الوصاية والرجعة ، وأثار الفتن في البلاد الاسلامية ، وسبب مقتل عثمان ، وحرب الجمل !

وأرجأنا إيراد تفاصيل الأسطورة ومناقشتها إلى الانتهاء من بحوثنا عن سائر مختلقات سيف ، كما أرجأنا البحث عن ابن سبأ الوارد ذكره في كتب أهل المقالات وكتب الحديث - أيضا - إلى هناك ، غير أن الأسئلة الكثيرة التي وجهت إلينا عن رأينا في ابن سبأ المذكور في تلكم الكتب ألجأتنا إلى الخوض في هذا البحث قبل أوانه ، وبدأنا في هذا الفصل بإيراد خلاصات عما ورد في كتب أهل الملل والنحل عن

1 - عبد الله بن سبأ ،
2 - ابن السوداء ،
3 - السبئية ،

ثم مقارنة ورود تلك الأخبار في الكتب بورود أساطير فيها مشابهة لها خلال أربعة عشر قرنا ، ثم الختام بتحقيق عن تطور مدلولات الألفاظ الثلاثة على مدى القرون . ‹ صفحة 220 ›

عبد الله بن سبأ أو ابن السوداء في كتب أهل المقالات قال سعد بن عبد الله الأشعري القمي المتوفى ( 301 ه‍ ) في كتابه :
( المقالات والفرق ) عن عبد الله بن سبأ : " . . . كان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم ، وادعى أن عليا ( ع ) أمره بذلك ، وأن التقية لا تجوز ولا تحل ، فأخذه علي فسأله عن ذلك فأقر به ، فأمر بقتله ، فصاح الناس إليه من كل ناحية : يا أمير المؤمنين ! أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك ؟ !
فسيره علي إلى المدائن .

وحكى جماعة من أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بعد موسى .

( أ ) ولما بلغ ابن سبأ وأصحابه نعي علي وهو بالمدائن قالوا للذي نعاه :
كذبت يا عدو الله !
لو جئتنا والله بدماغه في صرة فأقمت على قتله سبعين عدلا ما صدقناك ، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل ، وأنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض ، ثم مضوا من ‹ صفحة 221 › يومهم حتى أناخوا بباب علي ، فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته الطامع في الوصول إليه ، فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه : سبحان الله !
أما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد !

قالوا : إنا نعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفه وسوطه كما قادهم بحجته ، وأنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الديار المغفل ، ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام ، وهذا مذهب السبئية ومذهب الحربية وهم أصحاب عبد الله ابن عمر بن الحرب الكندي في علي ( ع ) ، وقالوا بعد ذلك في علي :
إنه إله العالمين ، وإنه توارى عن خلقه سخطا منه عليهم وسيظهر . . . " ( 1 ) .

وإلى هذا أشار ابن أبي الحديد في شرح النهج ( 1 / 425 ) حيث قال : " قال أصحاب المقالات . . . " .

هكذا سرد الأشعري في كتابه عن السبائية دون أن يذكر سند ما أورده ولا مصدر ما نقله !
وقد قال النجاشي في ترجمته : " وقد سمع من حديث العامة شيئا كثيرا ، وسافر في طلب الحديث ولقي من وجوههم . . . " .

ولم يذكر الأشعري سند ما ذكره عن ابن سبأ في كتاب المقالات ، وكذلك دأب المؤلفين في أخبار أهل الملل والنحل ، يرسلون الكلام على عواهنه ، وليسوا مسؤولين بعد ذلك عن سند أقوالهم !

وزاد الأشعري على الفرقة السبئية : الحربية أو الحرثية نسبة إلى عبد الله بن الحرث الكندي الذي قال عنه ابن حزم : " وإليه ينسب الحارثية ( 2 ) من الروافض .

وكان غاليا كافرا ، أوجب على أصحابه سبع عشرة صلاة كل يوم وليلة ، في كل صلاة خمس عشره ‹ صفحة 222 › ركعة ، ثم تاب باختياره ورجع إلى قول الصفرية من الخوارج . . . "

( ب ) وأورد النوبختي المتوفى ( 310 ه‍ ) في كتابه : ( فرق الشيعة ) أقوال الأشعري السابقة ، غير أنه لم يذكر مسير السبئيين إلى دار الامام للتحقيق عن خبر وفاته ، كما لم يذكر من أين أخذ ما أورده ( 2 ) .

وقال علي بن إسماعيل المتوفى ( 330 ه‍ ) في كتابه ( مقالات الاسلاميين ) : " السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن عليا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، وذكروا عنه أنه قال لعلي : أنت أنت ، والسبئية يقولون بالرجعة " .

ونقل عن السيد الحميري أنه في ذلك يقول :

إلى يوم يؤوب الناس فيه * إلى دنياهم قبل الحساب

ثم قال : " وهؤلاء يقولون عند سماع الرعد : السلام عليك يا أمير المؤمنين " ( 3 ) .

وقال أبو الحسين الملطي ( 377 ه‍ ) في باب ذكر الرافضة وأصناف اعتقادهم من كتابه : ( التنبيه والرد ) : فأولهم الفرقة الغالية من السبئية وغيرهم :
وهم أصحاب عبد الله بن سبأ ، قالوا لعلي ( ع ) : أنت . أنت .
قال : ومن ‹ صفحة 223 › أنا ؟ قالوا : الخالق البارئ .
فاستتابهم فلم يرجعوا ، فأوقد لهم نارا ضخما وأحرقهم ، وقال مرتجزا .
لما رأيت الامر أمرا منكرا * أججت ناري ودعوت قنبرا

في أبيات له ( ع ) .

وقد بقي منهم إلى اليوم طوائف يقول ولن ذلك ويتلون من القرآن : " إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " ( ج ) وهم يقولون : إن عليا ما مات ولا يجوز عليه الموت وهو حي لا يموت ، ويقال : لما جاءهم نعي علي إلى الكوفة رحمه الله قالوا : لو أتيتمونا بدماغه في سبعين قارورة لم نصدق بموته .

فبلغ ذلك الحسن بن علي ( رضي الله عنهما ) فقال : فلم ورثنا ماله وتزوج نساؤه ؟

والفرقة الثانية من السبئية :

يقولون : إن عليا لم يمت وإنه في السحاب .
وإذا نشأت سحابة بيضاء صافية منيرة ( د ) مبرقة مرعدة قاموا إليها يبتهلون ويتضرعون ويقولون : قد مر بنا في السحاب .

والفرقة الثالثة من السبئية :

هم الذين يقولون : إن عليا قد مات ، ولكن يبعث قبل يوم القيامة ‹ صفحة 224 › ويبعث معه أهل القبور حتى يقاتل الدجال ، ويقيم العدل والقسط في العباد والبلاد ، وهؤلاء يقولون : إن عليا هو الله ولكن يقولون بالرجعة .



والفرقة الرابعة من السبئية :
يقولون بإمامة محمد بن علي ، ويقولون هو في جبال رضوى حي لم يمت ، ويحرسه على باب الغار الذي هو فيه تنين وأسد ، وإنه صاحب الزمان يخرج ويقتل الدجال ويهدي الناس من الضلالة ويصلح الأرض بعد فسادها .
وهؤلاء الفرق كلهم يقولون بالبداء ، وبأن الله تبدو له البداوات ، وكلاما لا أستجيز شرحه في كتاب ، ولا أقدر على النطق به ، وهؤلاء كلهم أحزاب الكفر .
وعاد إلى القول عنهم في ( باب ذكر الروافض وأجناسهم ومذاهبهم ) ونقل عن أبي عاصم أنه قال : الرافضة خمسة عشر صنفا ، ثم تفترق على ما يمقتهم الله فروعا كثيرة ، فمنهم صنفا زعموا أن عليا إله من دون الله تعالى - إلى قوله - : فمنهم عبد الله بن سبأ من بلاد صنعاء نفاه إلى ساباط .
والصنف الذي يقال لهم السبائية يزعمون أن عليا شريك النبي ( ص ) في النبوة وأن النبي ( ص ) مقدم عليه إذا كان حيا فلما مات ورث النبوة فكان نبيا يوحى إليه ويأتيه جبريل ( ع ) بالرسالة ، كذب أعداء الله ، محمد ( ص ) خاتم النبيين . والصنف الذي يقال لهم المنصورية يزعمون : أن عليا في السحاب ‹ صفحة 225 › وأنه لم يمت . . . " ( 4 ) انتهى .

وقال عبد القاهر البغدادي المتوفى ( 429 ه‍ ) في كتابه ( الفرق بين الفرق ) : ( ه‍ ) .
" الفصل الأول في ذكر قول السبئية وبيان خروجها عن ملة الاسلام " السبائية أتباع عبد الله بن سبأ الذي غلا في علي بن أبي طالب ، وزعم أنه كان نبيا ثم غلا فزعم أنه إله ، ودعى إلى ذلك قوما من غواة الكوفة ، ورفع خبرهم إلى علي ( رض ) وأمر علي بإحراق قوم منهم في حفرتين حتى قال بعض الشعراء في ذلك :

لترم بي الحوادث حيث شاءت * إذا لم ترم بي في الحفرتين

ثم إن عليا ( رض ) خاف من إحراق الباقين منهم اختلاف أصحابه عليه ، فنفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن ، فلما قتل علي زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن عليا بل كان شيطانا تصور للناس في صورة علي ، وأن عليا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليه السلام .

" وكما كذبت اليهود والنصارى في دعواهما قتل عيسى كذلك كذبت النواصب ( و ) والخوارج في دعواهما قتل علي ( ع ) وإنما رأت اليهود والنصارى شخصا مصلوبا شبهوه بعيسى ، وكذلك القائلون بقتل علي ( رض ) رأوا قتيلا ‹ صفحة 226 › يشبه عليا فظنوا أنه علي ، وعلي قد صعد إلى السماء وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه " .

قال : " وزعم بعض السبئية أن عليا في السحاب وأن الرعد صوته والبرق سوطه " ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال :
" عليك السلام يا أمير المؤمنين " .
قال : " وقد وري عن عامر بن الشراحيل الشعبي ( ز ) أن ابن سبأ قيل له : إن عليا قد قتل ، فقال :
إن جئتمونا بدماغه في صرة لم نصدق بموته ، لا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الأرض بحذافيرها " .

قال : " وهذه الطائفة تزعم أن المهدي المنتظر هو علي دون غيره " .

قال : وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سويد العدوي ( ح ) :

برئت من الخوارج لست منهم * من الغزال منهم وابن باب

‹ صفحة 227 ›


ومن قوم إذا ذكروا عليا * يردون السلام على السحاب
ولكني أحب بكل قلبي * وأعلم أن ذاك من الصواب
رسول الله والصديق حقا * به أرجو غدا حسن الثواب

إلى هنا كان البغدادي يتحدث عن عبد الله بن سبأ والسبئيين ثم تحدث بعد ذلك عن عبد الله بن السوداء وقال :
" إن عبد الله بن السوداء كان يعين السبئية على قولها ، وكان أصله من يهود الحيرة فأظهر الاسلام "
وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق ورياسة فذكر لهم : " إنه وجد في التوراة أن لكل نبي وصيا وأن عليا وصي محمد . . . " ( ط ) ( 5 ) .

ثم قال البغدادي : " فلما سمع منه ذلك شيعة علي قالوا لعلي : " إنه من محبيك " فرفع قدره وأجلسه تحت درجة منبره ، ثم بلغه عنه غلوه فيه فهم بقتله ، فنهاه ابن عباس عن ذلك ، وقال : إن قتلته اختلف عليك أصحابك وأنت عازم على قتال أهل الشام وتحتاج إلى مداراة أصحابك ، فلما خشي من قتله وقتل عبد الله بن ‹ صفحة 228 › سبأ الفتنة التي خافها ابن عباس نفاهما إلى المدائن . فافتتن بهما رعاع الناس بعد قتل علي ( رض ) وقال لهم ابن السوداء : والله لينبعن لعلي ( ع ) في مسجد الكوفة عينان تفيض إحداهما عسلا والأخرى سمنا يغترف منهما شيعته " .

وقال : " قال المحققون من أهل السنة :
إن ابن السوداء كان على هوى دين اليهود وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدت النصارى في عيسى ، فانتسب إلى الرافضة السبئية حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر " .
وقال في المختار : " خدعته السبئية الغلاة من الرافضة ، فقالوا له : أنت حجة هذا الزمان وحملوه على ادعاء النبوة فادعاها عند خواصه . . . " . وقال في الناووسية : " وانظم إلى هذه الفرقة قوم من السبئية ، فزعموا جميعا أن جعفرا ( ي ) كان عالما بجميع معالم الدين في العقليات والشرعيات . . . " .

كانت هذه أقوال البغدادي في كتابه الفرق عن السبئية ( 6 ) وآرائها ‹ صفحة 229 ›

وانبرى بعد إيرادها لتفنيد الآراء التي نسبها إلى السبئية وأطنب القول في ردهم !
وكان مثله في ذلك مثل من تخيل شبحا في الظلام فجرد سيفه ليضربه به ويقطعه إربا إربا !

! ! ومن أهل الملل والنحل ابن حزم المتوفى ( 456 ه‍ ) قال في كتابه ( الفصل في الملل والأهواء والنحل ) : " من الفرق الغالية الذين يقولون بالإلهية لغير الله عز وجل أولهم فرقة من أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري لعنه الله أتوا إلى علي بن أبي طالب فقالوا مشافهة : " أنت هو " فقال : " ومن هو ! " قالوا : " أنت الله " فاستعظم الامر ، وأمر بنار فأججت ، وأحرقهم بالنار ، فجعلهم يقولون وهم يرمون في النار : " الآن صح عندنا أنه الله تعالى ، لأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار " وفي ذلك يقول :

لما رأيت الامر أمرا منكرا * أججت ناري ودعوت قنبرا " ( 7 )


وقال في بيان الفرقة الكيسانية : "

وقال بعض الروافض الامامية - وهي الفرقة التي تدعى ( الممطورة ) - أن موسى بن جعفر حي لم يمت ، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا " .

قال : " وقال طائفة منهم - الناووسية أصحاب ناووس المصري - مثل ذلك في أبيه جعفر بن محمد " قال : " وقالت طائفة منهم مثل ذلك في أخيه إسماعيل بن جعفر " . ‹ صفحة 230 ›

قال : " وقالت السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ الحميري اليهودي مثل ذلك في علي وزادوا أنه في السحاب - إلى قوله - : وقال عبد الله بن سبأ لما بلغه قتل علي : لو جئتمونا بدماغه . . . " .

وجاء بعد عبد القاهر البغدادي ، أبو المظفر الأسفرائيني المتوفى سنة ( 471 ه‍ ) وأورد في ( التبصير ) مختصر ما ذكره البغدادي في تعريف ( السبئية أتباع عبد الله بن سبأ ) .

وأوردها - أيضا - بإيجاز السيد الشريف الجرجاني المتوفى سنة ( 816 ه‍ ) في كتابه ( التعريفات ) .

وأوردها بنصها فريد وجدي المتوفى سنة ( 1373 ه‍ ) في لغة عبد الله ابن سبأ من دائرة معارفه .

وقال أبو سعيد نشوان الحميري المتوفى سنة ( 573 ه‍ ) في الحور العين ص 154 : " السبئية : عبد الله بن سبأ ، ومن قال بقوله . . . " ثم ذكر خبر إنكارهم موت الامام ، ثم قال : " فقال ابن عباس - وقد ذكر له قول ابن سبأ - : لو علمنا ذلك ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ميراثه ! " .

وقال الشهرستاني المتوفى سنة ( 548 ه‍ ) في الملل والنحل بعد إيراده ‹ صفحة 231 › موجز روايات المحدثين والمؤرخين في ابن سبأ والسبئية : " وهو - أي عبد الله بن سبأ - أول من فرض القول بإمامة علي ، ومنه انشعبت أصناف الغلاة ، زعموا أن عليا حي لم يقتل وفيه الجزء الآلهي ولا يجوز أن يستولي عليه ، وهو الذي يجئ في السحاب - إلى قوله - :
وإنما أظهر ابن سبأ هذه المقالة بعد انتقال علي ( رض ) واجتمعت عليه جماعة وهم أول فرقة قالت بالتوقف ، والغيبة ، والرجعة ، وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي ، وقالت هذا المعنى مما كان يعرفه الصحابة ، وإن كانوا على خلاف مراده ، هذا عمر كان يقول فيه حين فقأ عين واحد ألحد في الحرم ، فرفعت القصة إليه : " ماذا أقول في يد الله فقأت عينا في حرم الله تعالى " . فأطلق عمر اسم الإلهية عليه لما عرف منه ذلك " ( ك ) .

كانت تلك أقوال أهل الملل والنحل ، ونسج على منوالهم في الهذر آخرون مثل صاحب البدء والتاريخ ( 8 ) فقد قال فيهم : " وأما السبئية فإنهم يقال لهم الطيارة يزعمون أنهم لا يموتون ، وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس ، وأن عليا لم يمت ، وأنه في السحاب وإذا ‹ صفحة 232 › سمعوا صوت الرعد ، قالوا غضب علي . . . " .

قال : " ومن الطيارة من يزعمون أن روح القدس كانت في النبي كما كانت في عيسى ، ثم انتقلت إلى علي ، ثم إلى الحسن ، ثم إلى الحسين ، ثم الأئمة من ولده ، وعامة هؤلاء يقولون بالتناسخ والرجعة ، ومنهم من يزعم أن الأئمة أنوار من نور الله ، وأبعاض من بعضه ، وهذا مذهب الحلاجية .

وأنشدني أبو طالب الصوفي لنفسه :

كادوا يكونون . . . * لولا ربوبية لم تكن فيالها
أعينا بالغيب ناظرة * ليست كأعين ذات المأق والجفن
أنوار قدس لها بالله متصل * كما شاء بلا وهم ولا فطن
هم الأظلة والأشباح إن بعثوا * لا ظل كالظل من فئ ولا سكن " ( ل )

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 220 ›
( أ ) يقصد قول المؤرخين الذين أخذوه من سيف بن عمر ( المتوفى 170 ه‍ ) والذي أوردناه في صدر الجزء الأول من كتابنا عبد الله بن سبأ . وهذه أسطورة ابن سبأ الأول .

‹ هامش ص 222 ›
( ب ) جمهرة أنساب ابن حزم ص ( 247 ) .
وقال عبد السلام في تعليقه عليه " في نسخة مكتبة الشنقيطية : " الحرثية " .

‹ هامش ص 223 ›
( ج ) سورة القيامة : 17 - 18 .
( د ) السحابة البيضاء الصافية المنيرة . لا تكون مبرقة مرعدة وإنما السحابة السوداء هي التي تبرق وترعد .


‹ هامش ص 225 ›
( ه‍ ) قد أوردنا أقواله بإيجاز . ( و ) من المفروض أن هذا الكلام قاله ابن سبأ زمان وفاة الامام في حين أن إطلاق ( النواصب ) على أعداء الامام متأخر عن عصره بدهر .

‹ هامش ص 226 ›
( ز ) أبو عمرو عامر بن الشراحيل الشعبي - من شعب همدان - الحميري الكوفي ولد في النصف الثاني من خلافة عمر وتوفي بعد المائة . روى عن جماعة من الصحابة مثل الإمام علي في حين أنهم صرحوا بأنه لم يسمعهم وإنما رآهم رؤية - راجع ترجمته في التهذيب ( 5 / 65 - 69 ) .

ومما يضعف الرواية أن الشعبي هذا كان قد توفي على أكثر تقدير في السنة التاسعة بعد المائة من الهجرة ، والبغدادي توفي سنة ( 429 ه‍ ) وبينهما ثلاثمائة سنة فكيف روى البغدادي عنه ؟ وإن كان البغدادي قد رواه عن الشعبي بوسائط فمن هم الوسائط ؟ ! . ( ح ) إسحاق بن سويد بن هبيرة العدوي التميمي البصري ، مات بالطاعون سنة ( 131 ه‍ ) كان يتحامل على علي تحاملا شديدا . وقال : لا أحب عليا - التهذيب ( 1 / 236 ) والعدوي نسبة إلى بني العدوية وهي أمهم وكانت من بني عدي الرباب وأبوهم تميمي - راجع لغة العدوي من أنساب السمعاني .

‹ هامش ص 227 ›
( ط ) هذا مفاد رواية سيف عن عبد الله بن سبأ أورده البغدادي محرفا مشوشا ، وزعم أن ابن سبأ غير ابن السوداء وأنهما اثنان وأن ابن السوداء كان من يهود الحيرة بينما ذكر سيف أن ابن سبأ كان من صنعاء اليمن ونعته بابن السوداء ! وقد علق فيليب حتى المسيحي - ناشر مختصر الفرق - على هذا الخبر هنا وقال : " وهذا يدل على تأثير اليهودية في نشوء الفرق الاسلامية " وقال : " وربما كان بحث البغدادي في السبئية أو في بحث وأدقه في الكتب العربية " !

‹ هامش ص 228 ›
( ي ) يقصد به سادس أئمة أهل البيت أبا عبد الله جعفر الصادق المتوفى ( 148 ه‍ ) .

‹ هامش ص 231 ›
( ك ) بناء على هذه الرواية كان الخليفة عمر أول من أسس عقيدة المغالاة في الإمام علي كما كان أول من أظهر القول بالرجعة عندما قال يوم وفاة الرسول : " والله ليرجعن رسول الله " - راجع فصل السقيفة في القسم الأول من هذا الكتاب .
والحق أن الشهرستاني - أيضا - شأنه في ما روى شأن غيره من أهل الملل يأخذ من أفواه الناس من معاصريه ما يتقولونه دونما بحث عن سند ما ينقل ! ! !

‹ هامش ص 232 ›
( ل ) الحلاجية : نسبة إلى أبي عبد الله الحسين بن منصور الحلاج تجول في البلاد وقيل إنه أظهر أنواعا من السحر والشعبذة وإذا علم أن أهل بلد يرون الاعتزال صار معتزليا أو يرون التشيع تشيع أو التسنن تسنن ودعا الناس إلى نفسه فأخذ وقتل ببغداد سنة تسع وثلاثمائة - ترجمته بالعبر ( 2 / 138 ) - والشطر الأول من الأبيات ورد كما سجلناه . ( م ) وأورد رواية أخرى عن سيف ينبغي ذكرها عندما نناقش الأسطورة السبئية إن شاء الله تعالى .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الفاروق الاعظم 08-03-2010 12:35 AM

ابن سبأ في كتب اهل المقالات 2
 
وأورد ابن عساكر المتوفى سنة ( 571 ه‍ ) في ترجمة عبد الله بن سبأ من تاريخه رواية سيف فيه والتي أوردنا محتواها في فصل منشأ الأسطورة السبئية من الجزء الأول منه ( م ) وبعضا من الروايات التي أوردناها في ما سبق ،


وأضاف إليها الروايات التالية : ‹ صفحة 233 ›

1 - عن أبي الطفيل قال : رأيت المسيب بن نجبة أتى به - ابن السوداء - متلببا وعلي على المنبر ، فقال علي : " ما شأنه ؟ " . فقال : " يكذب على الله وعلى رسوله " .

2 - وفي رواية قال علي بن أبي طالب : " مالي ولهذا الحميت ( ن ) الأسود " يغني : عبد الله بن سبأ ، وكان يقع في أبي بكر وعمر .

3 - وفي رواية : رأيت عليا وهو على المنبر يقول : " من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله وعلى رسوله ؟ - يعني ابن السوداء - لولا أن لا يخرج علي عصابة تنعى دمه كما ادعت علي دماء أهل النهر لجعلت منه ركاما " .

4 - وفي رواية : سمعت عليا يقول لعبد الله السبائي ( أأنت ) : " ويلك ! والله ما أفضى رسول الله ( ع ) إلي بشئ كتمه أحدا من الناس " .

5 - وفي رواية : بلغ عليا أن ابن السوداء انتقص أبا بكر وعمر فدعا به وبالسيف ، أو قال ، فهم بقتله فكلم فيه ، فقال : " لا يساكنني ببلد أنا فيه " قال : فسيره إلى المدائن .

6 - وفي رواية : عن الصادق عن آبائه الطاهرين عن جابر ، قال : لما بويع علي خطب الناس ، فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له : " أنت دابة الأرض " قال : فقال له :

‹ صفحة 234 ›

" أتق الله " فقال : " أنت خلقت الخلق وبسطت الرزق " فأمر بقتله ، فاجتمعت الرافضة فقالت : " دعه وانفه إلى ساباط المدائن ، فإنك إن قتلته بالمدينة خرجت أصحابه علينا وشيعته " فنفاه إلى ساباط المدائن فثم القرامطة والرافضة ، قال : ثم قامت إليه طائفة وهم السبئية وكانوا أحد عشر رجلا ، فقال : " ارجعوا ، فإني علي بن أبي طالب ، أبي مشهور ، وأمي مشهورة ، وأنا ابن عم محمد ( ص ) . فقالوا : " لا نرجع ، دع داعيك " فأحرقهم بالنار وقبورهم في صحراء ، أحد عشر مشهورة .
فقال من بقي ممن لم يكشف رأسه منهم علينا : " إنه إله " واحتجوا بقول ابن عباس : " لا يعذب بالنار إلا خالقها " قال : فقال ابن عباس : " قد عذب أبو بكر بالنار فاعبدوه أيضا " . وقال الذهبي المتوفى ( 748 ه‍ ) في ترجمة عبد الله بن سبأ من ميزان الاعتدال : " عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة .
ضال مضل ، أحسب أن عليا حرقه بالنار .

وقد قال الجوزجاني : زعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي ، فنهاه علي بعد ما هم به " ( ف ) ( 9 ) .

‹ صفحة 235 ›

أورد ابن حجر المتوفى ( 852 ه‍ ) في لسان الميزان كلام الذهبي السابق وبعض روايات ابن عساكر ثم روى أن الإمام قال لعبد الله بن سبأ : " والله ما أفضى - رسول الله - بشئ أكتمه أحدا من الناس " .

ولقد سمعته يقول : إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وإنك لأحدهم .

وقال : " إن سويد بن غفلة دخل على علي في إمارته فقال : إني مررت بنفر يذكرون أبا بكر وعمر يرون أنك تضمر لهما مثل ذلك ، منهم عبد الله بن سبأ " .

وكان عبد الله بن سبأ أول من أظهر ذلك ، فقال علي : " مالي ولهذا الخبيث الأسود " ثم قال : " معاذ الله أن أضمر لهما إلا الحسن الجميل ، ثم أرسل إلى عبد الله بن سبأ فسيره إلى المدائن وقال : لا يساكنني في بلدة أبدا " ثم نهض إلى المنبر حتى اجتمع الناس ، فذكر القصة في ثنائه عليهما بطولها وفي آخرها : " ألا ، ولا يبلغني عن أحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري " ( ص ) .

‹ صفحة 236 ›

قال وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ ، وليست له رواية ولله الحمد ، وله أتباع يقال لهم : السبائية ، معتقدون الإلهية لعلي بن أبي طالب وقد أحرقهم علي بالنار ( 10 ) . وقال المقريزي المتوفى ( 848 ه‍ ) في ( ذكر الحال في عقائد أهل الاسلام ) من خططه عن ابن سبأ : إنه قام في زمان الإمام علي ، وإنه أحدث القول بوصية رسول الله ( ص ) لعلي بالإمامة من بعده فهو وصي رسول الله ( ص ) وخليفته على أمته من بعده بالنص ، وأحدث القول برجعة علي بعد موته إلى الدنيا ( ق ) وبرجعة رسول الله ( ص ) - أيضا - وزعم أن عليا لم يقتل ، وأنه حي ( ق ) ، وأن فيه الجزء الإلهي ، وأنه الذي يجئ في ‹ صفحة 237 › السحاب - إلى قوله - : ومن ابن سبأ هذا تشعبت أصناف الغلاة من الرافضة وصاروا يقولون بالوقف بعنوان أن الإمامة موقوفة على أناس معينين - إلى قوله - : وعنه - أيضا - أخذوا القول بفيئة الامام ، والقول برجعته بعد الموت إلى الدنيا - كما تعتقده الامامية إلى اليوم في صاحب السرداب - وهو القول بتناسخ الأرواح .

وعنه أخذوا - أيضا - القول بأن الجزء الإلهي يحل في الأئمة بعد علي ابن أبي طالب ، وأنهم بذلك استحقوا الإمامة بطريق الوجوب كما استحق آدم ( ع ) سجود الملائكة ، وعلى هذا الرأي كان اعتقاد دعاة الخلفاء الفاطميين ببلاد مصر . وابن سبأ هذا هو الذي أثار فتنة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ( رض ) حتى قتل ، كما ذكر في ترجمة ابن سبأ من كتاب التاريخ الكبير المقفى ، وقال في تعريف السبئية : " والفرقة الخامسة : السبئية أتباع عبد الله بن سبأ الذي قال شفاها لعلي بن أبي طالب : أنت الاله . . . " ( 11 ) .

أوردنا في ما سبق أقوال العلماء في ابن سبأ والسبائية جاهدين في إيصال الأقوال إلى أوائل القائلين بها ، وردد - أيضا - تلكم الأقوال غير أولئك كل من :

1 - ابن أبي الحديد المتوفى سنة 655 ه‍ في شرح الخطبة المرقمة ‹ صفحة 238 › 27 من شرح النهج ( 8 / 120 ) .

2 - ابن كثير المتوفى سنة 774 ه‍ في تاريخه .

3 - البستاني المتوفى ( 1300 ه‍ ) أخذ من المقريزي وابن كثير ما أورده في لغة عبد الله بن سبأ من دائرة معارفه . وكذلك فعل غيرهم - أيضا - مثل ابن خلدون في مقدمته ( 11 / 2 ) .

نهل هؤلاء وغير هؤلاء من معين سيف تارة ( ر ) ومن معين مؤلفي الفرق والملل والنحل تارة أخرى ، وقد بينا شأن سيف وأحاديثه في الجزء الأول من هذا الكتاب وفي كتاب ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) .

أما مؤلفو كتب الملل والفرق فإنهم تنافسوا في تكثير عدد الفرق في الاسلام ، مثل فرقة الناووسية ، والطيارة ، والممطورة ، والسبائية ، والغرابية ، والمعلومية ، والمجهولية ( * ) وأمثالها ، ويبدو أنهم كتبوا من عند أنفسهم شروحا عن تلك الفرق توضح عقائدها وأراد كل مؤلف أن يبز الآخرين في غريب ما يورد ويشرح ، وبذلك جنوا على الاسلام جناية لا تغتفر في نسبتهم إلى المسلمين ما لم يكن فيهم ! !

ولو قدر لنا أن نكتب في الفرق لأضفنا إلى ما ذكروا : ( فرقة المبتكرية في الاسلام ) ثم نشرح هذا القول ونقول : إنهم أصحاب كتب الفرق والملل والنحل الذين يخترعون الفرق للمسلمين ، ويبتكرون لهم من عند أنفسهم أخبارا ، وكان يكفينا دليلا على ذلك إيراد بعض الفصول من المعلومية والمجهولية ذكرهما المقريزي في خططه 4 / 179 . ( * ) ‹ صفحة 239 › الملل والنحل للشهرستاني ، والفرق بين الفرق للبغدادي ، والفصل لابن حزم ، ثم البحث عن أسانيد ما أوردوا ، ليثبت أن أكثر ما ذكروا لم يوجد بتاتا ، ولنا أن نقول بعد ذلك - إن أحسنا الظن بمؤلفي كتب الملل والنحل أجمعين - : إنهم كانوا يدونون كل ما يدور على ألسنة أهل عصرهم من خرافة ، وكنا نرى في مؤلفاتهم مرآة صادقة تعكس أفكار أهل عصرهم ، وآراءهم عن تلكم الفرق - فإنه يدور على ألسنة أفراد من العامة في كل عصر وأحيانا على ألسنة الكثير منهم أساطير لا تمت إلى الواقع بصلة ، كما شاهدنا مثال ذلك في عصرنا : أن بعض العوام من الشيعة ، ومن السنة يعتقدون أن للطائفة الأخرى ذنبا يوارونه تحت الثياب ، وعلى هذا جاز لنا ، لو رمنا مجاراة أهل المقالات في أسلوبهم ، أن نستدرك عليهم - أيضا - ما فاتهم من ذكر هذه الفرقة ونقول : الفرقة الذنبية في الاسلام : فرقة لها ذنب كذنب بعض الحيوان يوارونه تحت الثياب ( ش ) .

يورد أهل المقالات والملل والنحل في تآليفهم كل هذر من القول - نظير ما ذكرنا - دونما حاجة إلى بيان السند ، على أن إيراد السند في كثير من تلكم الكتب إنما هو إضافة ابتكار على ابتكار ، وإذا كان إيراد الروايات السابقة بأسانيدها من كتب أهل الفرق - مع ما في متونها من تناقض وتهافت وسخف - لا يكفي دليلا على ما نقول ، فلنستشهد بروايات أخرى ‹ صفحة 240 › نظيرها وهي معنعنة موصولة الاسناد إلى صاحب الخبر لترى - أيضا - قيمة الاسناد في نظائر تلكم الأساطير .

روى المسعودي ( 12 ) عن عبد الله بن سعد بن كثير بن عفير المصري ، عن أبيه ، عن يعقوب بن الحارث بن نجيم ، عن شبيب بن شيبة التميمي ، قال : قدمت الشحر ( ت ) ، فنزلت على رأسها ، فتذاكرنا النسناس ، فقال : " صيدوا لنا منها " فلما أن رجعت إليه مع بعض أعوانه المهريين ( ث ) إذ أنا بنسناس منها ، فقال لي النسناس : " أنا بالله وبك " فقلت لهم : خلوه ، فخلوه ، فلما حضر الغداء قال : هل اصطدتم منها شيئا ؟ قالوا : نعم ، ولكن خلاه ضيفك ! قال : استعدوا فإنا خارجون في قنصه ، فلما خرجنا إلى ذلك في السحر ، خرج واحد منها يعدو وله وجه كوجه الانسان ، وشعرات في ذقنه ومثل الثدي في صدره ، ومثل رجلي الانسان رجلاه ، وقد ألظ به كلبان وهو يقول :

الويل لي مما به دهاني * دهري من الهموم والأحزان

قفا قليلا أيها الكلبان * واستمعا قولي وصدقاني
‹ صفحة 241 ›
إنكما حين تحارباني * ألفيتماني حضرا عناني ( خ )
لولا سباتي ما ملكتماني * حتى تموتا أو تفارقاني
لست بخوار ولا جبان * ولا بنكس رعش الجنان
لكن قضاء الملك الرحمان * يذل ذا القوة والسلطان

قال : فالتقيا به فأخذاه .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 232 › ( ل ) الحلاجية : نسبة إلى أبي عبد الله الحسين بن منصور الحلاج تجول في البلاد وقيل إنه أظهر أنواعا من السحر والشعبذة وإذا علم أن أهل بلد يرون الاعتزال صار معتزليا أو يرون التشيع تشيع أو التسنن تسنن ودعا الناس إلى نفسه فأخذ وقتل ببغداد سنة تسع وثلاثمائة - ترجمته بالعبر ( 2 / 138 ) - والشطر الأول من الأبيات ورد كما سجلناه . ( م ) وأورد رواية أخرى عن سيف ينبغي ذكرها عندما نناقش الأسطورة السبئية إن شاء الله تعالى . ‹ هامش ص 233 › ( ن ) الحميت : الزق الذي لا شعر فيه أو المشعر ، وفي رواية : الخبيث الأسود بدل الحميت الأسود . ( أأنت ) في الرواية ( الشيباني ) بدل السبائي ونراه من غلط الناسخ . ( ع ) ( رسول الله ) ساقط من الرواية ويقتضيه السياق . ‹ هامش ص 234 › ( ف ) الجوزجاني هو أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي ، ولد بجوزجان من كور بلخ خراسان ورحل إلى عدة بلاد ثم نزل دمشق الشام وحدث بها ، من مؤلفاته ( الجرح والتعديل ) و ( الضعفاء ) و ( المترجم ) قال الذهبي بترجمته من تذكرة الحفاظ : " وفيه انحراف عن علي " وقال : " كان يتحامل على علي ( رض ) " ، وفي لغة الجوزجان من معجم البلدان : التمس من يذبح له دجاجة فتعذر عليه فقال : يا قوم ! يتعذر علي من يذبح لي دجاجة وعلي بن أبي طالب قتل سبعين ألفا في وقت واحد ! توفي سنة 259 . تذكرة الحفاظ الترجمة ( 569 ) وتاريخ ابن عساكر وابن كثير ( 11 / 31 ) . ‹ هامش ص 235 › ( ص ) لقد نسي واضع هذا الخبر شكاوى الامام في خطبه منهم مثل قوله في الشقشقية الخطبة الثالثة في النهج : " أما والله لقد تقمصها فلان - ابن أبي قحافة - وانه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير - إلى قوله - : فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ، حتى إذا مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده . . . فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لاخر بعد وفاته ، لشد ما تشطرا ضرعيها . . . الخ " . وقوله في ما أجاب به بعض أصحابه لما سأله : " كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به " : " أما الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا والأشدون برسول الله ( ص ) نوطا فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين والحكم الله والمعود إليه القيامة ، ودع عنك نهبا صيح في حجراته . . . الخ " الخطبة 157 من النهج ج 2 . ‹ هامش ص 236 › ( ق ) لم ينتبه المقريزي إلى التناقض بين قوله برجعة علي بعد موته " وقوله : " إن عليا لم يقتل وإنه حي . . . " . ‹ هامش ص 238 › ( ر ) كما فعل المقريزي فإنه أخذ من أحاديث سيف ، ومن أصحاب الفرق ، وأخذ البستاني أقوال أهل الفرق من المقريزي وقول سيف من ابن كثير وكذلك فعل غيرهم . ‹ هامش ص 239 › ( ش ) لم يكن لنا بد من الاسفاف في القول إلى هذا الحد لان البحث كان يدور حول هذر من القول وهراء لم نجد سبيلا إلى كشفه دونما تمثيل له . ‹ هامش ص 240 › ( ت ) الشحر : صقع على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن - معجم البلدان . ( ث ) والمهريون : نسبة إلى مهرة بن حيدان بن عمرو تنسب إليهم الإبل المهرية ، لهم مخلاف باليمن بينه وبين عمان نحو شهر - معجم البلدان . والمخلاف - واحد المخاليف كور اليمن وكل مخلاف يعرف باسم القبيلة التي أقامت به - معجم البدان ( 1 / 39 ) . ‹ هامش ص 241 › ( خ ) حضرا : الذي لا يريد السفر . ورعش : الجبان . وفي رواية الحموي الآتية ( واسمعا ) بدل ( واستمعا ) و ( خضلا ) بدل ( خضرا ) و ( لوبي شبابي ) بدل ( لولا سباتي ) و ( تخلياني ) بدل ( تفارقاني ) .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الفاروق الاعظم 08-03-2010 12:37 AM

ابن سبا في كتب اهل المقالات 3
 
وأورد الحموي هذا الخبر في معجم البلدان بتفصيل أوفى ، قال : قدمت الشحر ، فنزلت على رجل من مهرة له رياسة وخطر ، فأقمت عنده أياما ، فذكرت عنده النسناس ، فقال :
إنا لنصيده ونأكله ، وهو دابة له يد واحدة ، ورجل واحدة ، وكذلك جميع ما فيه من الأعضاء ، فقلت له : أنا والله أحب أن أراه ، فقال لغلمانه : صيدوا لنا شيئا منه ، فلما كان من الغد إذا هم قد جاءوا بشئ له وجه كوجه الانسان إلا أنه نصف الوجه ، وله يد واحدة في صدره ، وكذلك رجل واحدة ، فلما نظر إلي ، قال : " أنا بالله وبك " فقلت للغلمان :
خلوا عنه ، فقالوا : يا هذا ! لا تغتر بكلامه فهو أكلنا ! فلم أزل بهم حتى أطلقوه ، فمر مسرعا كالريح ، فلما حضر غداء الرجل الذي كنت عنده قال لغلمانه :
أما كنت قد تقدمت إليكم أن تصيدوا لنا شيئا ؟ ! فقالوا :
قد فعلنا ولكن ضيفك قد خلا عنه ، فضحك وقال : خدعك والله ، ثم أمرهم بالغد إلى الصيد ، فقلت :
وأنا معهم ! فقال :
إفعل ! ثم غدونا بالكلاب ، فصرنا إلى غيضة عظيمة وذلك ‹ صفحة 242 › في آخر الليل ، فإذا واحد يقول :
" يا أبا مجمر ! إن الصبح قد أسفر ، والليل قد أدبر ، والقنيص قد حضر ، فعليك بالوزر ! " فقال الآخر : " كلي ولا تراعي " قال : فأرسلوا الكلاب عليهم ، فرأيت أبا مجمر وقد اعتوره كلبان وهو يقول : " الويل لي مما به دهاني . . . " الأبيات ( ذ ) .
قال : فالتقيا عليه وأخذاه فلما حضر غداء الرجل أتوا بأبي مجمر بعد الطعام مشويا ( 13 ) .

وروى الحموي ( 14 ) - أيضا - عن الحسام بن قدامة ، عن أبيه ، عن جده قال :
كان لي أخ فقل ما بيده وانقضى حتى لم يبق له شئ ، فكان لنا بنو عم بالشحر ، فخرج إليهم يلتمس برهم ، فأحسنوا قراه ، وأكثروا بره ، وقالوا له يوما : لو خرجت معنا إلى متصيد لنا لتفرجت ، قال : ذاك إليكم .
وخرج معهم ، فلما أصحروا ساروا إلى غيضة عظيمة ، فأوقفوه على موضع منها ودخلوها يطلبون الصيد ، قال :
فبينا أنا واقف إذ خرج من الغيضة شخص في صورة الانسان ، له يد واحدة ، ورجل واحدة ونصف لحية ، وفرد عين وهو يقول :
" الغوث ! الغوث ! الطريق الطريق ! عافاك الله ! "
ففزعت منه ووليت هاربا ، ولم أدر أنه الصيد الذي يذكرونه ، فلما جازني سمعته يقول وهو يعدو :

غدا القنيص فابتكر * بكلب وقت السحر
لك النجا وقت الذكر * ووزر ولا وزر
أين من الموت المفر ؟ * حذرت لو يغني الحذر
‹ صفحة 243 ›
هيهات لن يخطي القدر ! *من القضا أين المفر !

فلما مضى إذا أنا بأصحابي قد جاءوا فقالوا : ما فعل الصيد الذي أحتشناه إليك ؟ فقلت لهم :
أما الصيد فلم أره !
ووصفت لهم صفة الآدمي الذي مر بي فضحكوا ، وقالوا : ذهبت بصيدنا ، فقلت : يا سبحان الله !
أتأكلون الناس ؟ ! هذا إنسان ينطق ويقول الشعر !
فقالوا : وهل أطعمناك منذ جئتنا إلا من لحمه قديدا وشواء ، فقلت : ويحكم ! أيحل هذا ؟ !
قالوا : نعم ! أن له كرشا وهو يجتر ، فلهذا يحل لنا .

وروى - أيضا - الحموي ( 15 ) عن دغفل ( ض ) أنه قال : أخبرني بعض العرب أنه كان في رفقة يسير في رمل عالج ( ظ ) ، قال : فأضللنا الطريق ، ووقفنا إلى غيضة عظيمة على شاطئ البحر ، فإذا نحن بشيخ طويل له نصف رأس ، وعين واحدة ، وكذلك جميع أعضائه ، فلما نظر إلينا مر بحضر الفرس الجواد ، وهو يقول :

فررت من جور الشراة شدا * إذ لم أجد من الفرار بدا

‹ صفحة 244 ›

قد كنت دهرا في شبابي جلدا * فها أنا اليوم ضعيف جدا

وروى - أيضا - من أحاديث أهل اليمن : إن قوما خرجوا لاقتناص النسناس ، فرأوا ثلاثة منهم ، فأدركوا واحدا فأخذوه وذبحوه ، وتوارى اثنان في الشجر ، فلم يقفوا لهما على خبر ، فقال الذي ذبحه : " والله إن هذا لسمين أحمر الدم " فقال أحد المستترين في الشجر : " إنه قد أكل حب الصرو - وهو البطم ( غ ) - وسمن " فلما سمعوا صوته تبادروا إليه ، وأخذوه ، فقال الذي ذبح الأول : " والله ما أحسن الصمت ! هذا لو لم يتكلم ما عرفنا مكانه " ، فقال الثالث : " فها أنا صامت لم أتكلم " فلما سمعوا صوته أخذوه وذبحوه وأكلوا لحومهم ( 16 ) .
وروى - أيضا - عن كتاب أحمد بن محمد الهمداني ( آ ) أن وبار بنت أرم كانت تنزل ما بين الشجر إلى تخوم صنعاء ، وكانت أرض وبار أكثر الأرضين خيرا وأخصبها ضياعا ، وأكثرها مياها وشجرا وثمرا ، فكثرت فيها القبائل حتى شحنت بها أرضهم وعظمت أموالهم ، فأشروا وبطروا وطغوا وكانوا قوما جبابرة ذوي أجسام فلم يعرفوا حق نعم الله تعالى . فبدل الله خلقهم ، وجعلهم نسناسا : للرجل والمرأة منهم نصف رأس ، ونصف وجه ، وعين واحدة ، ويد واحدة ، ورجل واحدة ، فخرجوا على وجوههم يهيمون في تلك ‹ صفحة 245 › الغياظ إلى شاطئ البحر يرعون كما ترعى البهائم ( 17 ) .

وروى الطبري ( با ) نسبهم عن ابن إسحاق ، قال : كان بنو أميم بن لاوذ بن سام بن نوح أهل وبار بأرض رمل عالج وكانوا قد كثروا بها وربلوا ، فأصابتهم من الله عز وجل نقمة من معصية أصابوها فهلكوا وبقيت منهم بقية وهم الذين يقال لهم النسناس ( 18 ) .

وروى - أيضا - عن ابن الكلبي ( جا ) :
أن الملك عبد بن إبرهة بن الرائش بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب ، غزا ناحية من أقاصي بلاد المغرب فغنم وأصاب مالا وقدم بالنسناس ، لهم خلق كثيرة وحشية منكرة ، فذعر الناس منه فسمي ذا الاذعار ( 19 ) .

وقال كراع ( دا ) : النسناس ، والنسناس في ما يقال : دابة في عداد الوحش تصاد وتؤكل وهي على شكل الانسان بعين واحدة ، ورجل ، ويد ، تتكلم مثل الانسان ( 20 ) .

وعرفه الأزهري ( ها ) وقال : خلق على صورة بني آدم ، أشبهوهم في ‹ صفحة 246 › شئ وخالفوهم في شئ ، وليسوا من بني آدم ( 21 ) .

وعرفه الجوهري ( وا ) في الصحاح وقال : جنس من الخلق يثب أحدهم على رجل واحدة .

وروى الزبيدي في التاج ، عن أبي الدقيش ( زا ) أنه قال : " إنهم من ولد سام بن سام ، إخوة عاد وثمود ، وليس لهم عقول ، يعيشون في الآجام على شاطئ بحر الهند ، والعرب يصطادونهم ويكلمونهم ، وهم يتكلمون بالعربية ويتناسلون ويقولون الاشعار ويتسمون بأسماء العرب " .

وعن المسعودي أنه قال : " له عين واحدة يخرج من الماء ويتكلم ، وإذا ظفر بالانسان قتله " .

وروى أصحاب نهاية اللغة واللسان ، والقاموس ، والتاج في لغة النسناس أن في الحديث : " إن حيا من قوم عاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسا ، لكل ‹ صفحة 247 › إنسان منهم يد ورجل من شق واحد ينقزون كما ينقز الطائر ، ويرعون كما ترعى البهائم " . وفي القاموس وشرحه التاج : " وقيل :
أولئك انقرضوا لان الممسوخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام كما حققه العلماء ، والموجود على تلك الخلقة خلق على حدة ، أو هم ثلاثة أجناس : ناس ، ونسناس ونسانس ( حا ) أو النسانس الإناث منهم .

وروى في التاج عن العباب أن النسانس أرفع قدرا من النسناس .

وروى حديثا عن أبي هريرة : " ذهب الناس وبقي النسناس " ( 22 ) .

ونقل عن السيوطي أنه قال : أما الحيوان الذي يسميه العامة نسناسا فهو نوع من القردة لا يعيش في الماء ويحرم أكله ، وأما الحيوان البحري ففيه وجهان ، واختار الروياني ( طا ) وغيره الحل .

وعن الشيخ أبي حامد ( يا ) أنه لا يحل أكل النسناس وأنه على خلقة ‹ صفحة 248 › بني آدم .
انتهى نقلا عن لغة النسناس في تاج العروس للزبيدي .

وروى المسعودي في مروجه وقال : وقد كان المتوكل ( كا ) في بدء خلافته سأل حنين بن إسحاق أن يتأتى له في حمل أشخاص من النسناس والعربد ، فلم يسلم منهم إلى سر من رأى إلا اثنان من النسناس . وقال : " وقد أتينا على شرح هذا الخبر في من أرسل إلى اليمامة في حمل العربد ، وإلى بلاد الشحر في حمل النسناس في كتابنا أخبار الزمان " ( 23 ) .

هذه الروايات بإسنادها إلى من رأوا النسناس وسمعوا حديثه ، وشعره ويمينه ، وقد رأوه بيد واحدة ، ورجل واحدة ، وعين واحدة ، ونصف وجه ، رأوه يقفز أشد من عدو الفرس الجواد !
وإلى من شارك في اقتناصه وأكل لحمه شواء وقديدا ! ‹ صفحة 249 › وإلى من استشكل من أكل لحمه لأنه إنسان ينطق ، ويقول الشعر فقالوا له : إن له كرشا ويجتر ، فلهذا يحل أكله !

وإلى من روى أن الخليفة المتوكل أرسل من حكماء عصره من أتى بالنسناس والعربد إليه !

وإلى من ذكر نسب النسناس ، وأنه من بني أميم بن لاوذ بن سام بن نوح ، وأن الله مسخهم لما تجبروا ، وطغوا !

هذه الروايات رواها ونقلها كل من :

1 - نسابة العرب الأقدم دغفل ، المتوفى ( 68 ه‍ ) .

2 - إمام أهل المغازي والسير ابن إسحاق ، المتوفى ( 151 ه‍ ) .

3 - إمام النسابين ابن الكلبي ، المتوفى ( 204 ه‍ ) .

4 - إمام المؤرخين الطبري ، المتوفى ( 310 ) .

5 - مقدم البلدانيين ابن الفقيه الهمداني ، المتوفى ( 340 ه‍ .

6 - علامة المؤرخين المسعودي ، المتوفى ( 346 ه‍ ) .

7 - موسوعي البلدانيين الحموي ، المتوفى ( 626 ه‍ ) .

8 - العلامة المشارك في علوم كثيرة علي بن الأثير ، المتوفى ( 630 ه‍ ) . رواها هؤلاء وكثير غير هؤلاء من العلماء الموسوعيين واللغويين في معاجمهم . ورووا غير ما ذكرنا مثل روايتهم في الحديث : " إنهم كانوا من قوم عاد عصوا رسولهم فمسخهم الله نسناسا لكل إنسان منهم يد ورجل من شق واحد ، ينقزون كما ينقز الطائر ، ويرعون كما ‹ صفحة 250 › ترعى البهائم " .

وما رووا بأنهم من إخوة عاد يعيشون في الآجام على شاطئ بحر الهند ، يتكلمون بالعربية ، ويتناسلون ، ويقولون الاشعار ، ويتسمون بأسماء العرب ! ثم اختلف العلماء في أكل لحمهم فأحله قوم وحرمه آخرون ، وفصل السيوطي القول فحرم البري منه وأحل البحري - على قول - .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 241 ›
( خ ) حضرا : الذي لا يريد السفر . ورعش : الجبان . وفي رواية الحموي الآتية ( واسمعا ) بدل ( واستمعا ) و ( خضلا ) بدل ( خضرا ) و ( لوبي شبابي ) بدل ( لولا سباتي ) و ( تخلياني ) بدل ( تفارقاني ) .

‹ هامش ص 242 ›
( ذ ) الأبيات المذكورة في رواية المسعودي السابقة .
‹ هامش ص 243 ›
( ض ) دغفل بن حنظلة بن زيد ، قال النديم : اسمه حجر ودغفل لقبه . أدرك الرسول ، واختلفوا في إدراكه صحبة الرسول ، والأصح أنه لم يدرك صحبته . وفد على معاوية أيام خلافته ، فسأله عن العربية وعن أنساب الناس ، وعن النجوم فأعجبه علمه ، فقال له : انطلق إلى يزيد فعلمه أنساب الناس والنجوم والعربية . غرق دغفل يوم دولاب بفارس في وقعة الأزارقة قبل سنة ستين هجرية - راجع فهرست النديم ص 131 ، والمحبر ص 478 ، وأسد الغابة ( 2 / 132 ) ، والإصابة ( 1 / 464 ) الترجمة المرقمة ( 2399 ) وتقريب التهذيب ( 1 / 236 ) .
( ظ ) رمل عالج متصل بوبار - معجم البلدان .

‹ هامش ص 244 ›
( غ ) والبطم بضمتين شجر سبط الأوراق له حب مفرطح في عناقيد كالفلفل . ( آ ) أحمد بن محمد بن إسحاق المعروف بابن الفقيه الهمداني له كتاب البلدان نحو ألف ورقة . توفي سنة ( 340 ه‍ ) - فهرست النديم ص 219 وهدية العارفين .

‹ هامش ص 245 ›
( با ) ورواه عن أهل اليمن - أيضا - محمد بن إسحاق إمام أهل المغازي المتوفى ( 151 ه‍ ) كما في ترجمة وبار من معجم البلدان ( 4 / 899 ) .
( جا ) ابن الكلبي هو هشام بن محمد الكلبي النسابة المتوفى ( 204 أو 206 ه‍ ) .
( دا ) كراع النمل هو أبو الحسن علي بن الحسن الهنائي الأزدي المصري . ولقب " كراع النمل " لقصره ، عالم بالعربية ، له عدة مؤلفات . توفى بعد سنة 309 ه‍ . راجع ترجمته بإرشاد الأريب للحموي ( 5 / 112 ) وإنباه الرواة للقفطي ( 2 / 240 ) .
( ها ) الأزهري هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر اللغوي ، طاف أرض العرب في طلب اللغة . توفي سنة ( 370 ه‍ ) ترجمته في اللباب ( 1 / 38 ) .

‹ هامش ص 246 ›
( وا ) الجوهري : أبو نصر إسماعيل بن حماد أصله من فاراب من بلاد الترك ، ارتحل إلى العراق والحجاز وطاف البادية ثم رجع وأقام بنيسابور ، صنع جناحين من خشب وربطهما بحبل وصعد سطحا ونادى في الناس : لقد صنعت ما لم أسبق إليه وسأطير الساعة . فازدحم أهل نيسابور ينظرون إليه فتأبط الجناحين ونهض بهما ، فخانه اختراعه وسقط قتيلا سنة 343 ه‍ . راجع - معجم الأدباء ( 2 / 269 ) ، ولسان الميزان ( 1 / 400 ) .
( زا ) أبو الدقيش القناني الغنوي ، ذكره النديم في الفهرست ( ص 70 ط . مصر ص 47 ط . ليبسك ) : في الاعراب الفصحاء الذين روى عنهم العلماء . وينظر من هامش الاشتقاق لابن دريد ، أنه كان معاصرا للخليل الفراهيدي .

‹ هامش ص 247 ›
( حا ) يشبه مثلث السبئية وابن سبأ وابن السوداء .
( طا ) الروياني نسبة إلى رويان أكبر مدينة بجبال طبرستان وكورة واسعة قال الحموي في ترجمة رويان : نسب إليها طائفة من العلماء منهم أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل ابن محمد الروياني الطبري القاضي أحد أئمة الشافعية صنف كتبا كثيرة وصنف في الفقه كتابا كبيرا سماه البحر ، قتل بسبب التعصب في مسجد الجامع بآمل سنة ( 501 أو 502 ه‍ ) .
( يا ) أبو حامد - محمد بن محمد الغزالي نسبة إلى قرية كانت تسمى غزالة أو نسبة إلى الغزل ، لقب بحجة الاسلام ، فيلسوف متصوف ، له نحو مائتي مصنف . رحل إلى نيسابور وبغداد والحجاز والشام ومصر ثم عاد إلى بلدته طابران وتوفي بها سنة 505 ه‍ .

‹ هامش ص 248 ›
( كا ) المتوكل على الله : جعفر بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد ، عاشر الخلفاء العباسيين . اغتيل عام 247 ه‍ . وحنين بن إسحاق أبو زيد العبادي ، كان أبوه من أهل الحيرة بالعراق : انتهت إليه رياسة العلماء ببغداد . توفي سنة 260
ه‍ - وفيات الأعيان لابن خلكان . والعربد قال المسعودي في ( 1 / 222 ) : نوع كالحيات تكون ببلاد حجر اليمامة . وسر من رأى تسمى سامراء كانت عاصمة المتوكل في العراق .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الفاروق الاعظم 08-03-2010 12:42 AM

علماء ومصادر حول ما مر
 
هذه الروايات والآراء وردت من علماء كبار أمثال من ذكرناهم ومثل :

1 - كراع ، المتوفى بعد سنة ( 309 ه‍ ) ، حسب نقل صاحب التاج عنه .

2 - الأزهري ، المتوفى ( 370 ه‍ ) ، في التهذيب . 3 - الجوهري ، المتوفى ( 393 ه‍ ) ، في الصحاح .

4 - الروياني ، المتوفى ( 502 ه‍ ) ، حسب نقل التاج عنه .

5 - الغزالي ، المتوفى ( 505 ه‍ ) ، حسب نقل التاج عنه .

6 - ابن الأثير ، المتوفى ( 606 ه‍ ) ، في نهاية اللغة .

7 - ابن منظور ، المتوفى ( 711 ه‍ ) ، في لسان العرب .

8 - الفيروزآبادي ، المتوفى ( 818 ه‍ ) ، في القاموس .

9 - السيوطي ، المتوفى ( 911 ه‍ ) ، حسب نقل التاج عنه .

10 - الزبيدي ، المتوفى ( 1205 ه‍ ) ، في تاج العروس .

11 - فريد وجدي ، المتوفى ( 1373 ه‍ ) ، في دائرة معارفه .

‹ صفحة 251 ›

وهل يشك أحد في النسناس ( ذكره وأنثاه ) بعد كل ما أورد العلماء فيهم من روايات مرسلة ومسندة ، وبعد كل تلك التحقيقات الرشيقة والتأكيدات البليغة !

هل يشك أحد في النسناس ، وعنقاء المغرب ، وسعلاة البر ، وإنسان البحر مع ورود أسمائها وقصصها مرسلة ومسندة في كتب العلماء ( لا ) .

وبعد كل ما ذكر العلماء عن الناووسية والغرابية والممطورة والطيارة والسبئية هل يشك أحد في وجود تلكم الفرق في الاسلام ؟ إنا نرى أساطير السبائية شبيهة بأساطير النسناس ( ما ) في تناقل ‹ صفحة 252 › العلماء أخبارها مدى القرون ، مسندة تارة ، ومرسلة أخرى .
ونرى أن النظر في ما ذكروا فيهما مجردا عن أي رد ونقض كاف لادراك اللبيب زيفهما وسخفهما ، مضافا إلى ما في أساطير السبئية من تناقض وتهافت مما يسقط بعضه بعضا ويدحضه !

أما إذا كنا بحاجة إلى مزيد من الكشف عن حقيقة السبائية وابن السوداء وابن سبأ وكيف تطورت الأساطير حولها على مر الزمن ، فإلى البحث عنها مفصلا في الفصل الآتي .

مصادر عبد الله بن سبأ في كتب أهل المقالات :

1 - الأشعري سعد بن عبد الله ، في المقالات والفرق ، صفحة ( 20 - 21 ) .
2 - النوبختي ، في فرق الشيعة ، صفحة ( 22 - 23 ) .

3 - الأشعري علي بن إسماعيل ، في مقالات الاسلاميين 1 / 85 .

4 - الملطي ، التنبيه والرد ، ص 25 - 26 وص 148 .

5 - البغدادي ، الفرق ، ص 143 .

6 - البغدادي ، الفرق ، ص 123 ، 138 و 18 و 39 ، واختصار الفرق لعبد الرزاق ، ص 133 و 142 - 144 و 22 و 45 و 57 .

7 - ابن حزم ، الفصل ، ط . محمد علي صبيح ( 4 / 142 وط . التمدن 4 / 186 ) و ( 4 / 138 ) .

8 - البدء والتاريخ ( 5 / 129 - 130 ) . ‹ صفحة 253 ›

9 - الذهبي ، في ميزان الاعتدال ، ترجمة عبد الله بن سبأ المرقمة ( 4342 ) .

10 - ابن حجر ، في لسان الميزان ( 3 / 289 ) الترجمة المرقمة ( 1225 ) .

11 - المقريزي ، في الخطط ( 4 / 182 ) و ( 4 / 175 ) في الفرقة الخامسة من الفرقة التاسعة من الروافض . قال ابن خلدون في مقدمته ص 198 ط . 3 بيروت : ومنهم - الامامية - طوائف يسمون الغلاة تجاوزوا حد العقل والايمان في القول بألوهية هؤلاء الأئمة ، إما على أنهم بشر اتصفوا بصفات الألوهية ، أو أن الاله حل في ذاته البشرية ، وهو قول بالحلول يوافق مذهب النصارى في عيسى ( ع ) ، ولقد حرق علي ( رض ) بالنار من ذهب فيه إلى ذلك منهم .

12 - مروج الذهب 2 / 208 - 210 .

13 - معجم البلدان ( 3 / 263 ) بترجمة شحر .

14 - معجم البلدان ( 4 / 899 - 900 ) بترجمة وبار .

15 - معجم البلدان بترجمة وبار .

16 - معجم البلدان بترجمة وبار ، ورواه المسعودي مع اختلاف يسير في مروجه ( 2 / 208 - 210 ) .

17 - ترجمة وبار من معجم البلدان ، وورد مختصره في مختصر البلدان لابن الفقيه ص 38 .

18 - الطبري ( 1 / 214 ) وابن الأثير ( 1 / 58 ) .

19 - الطبري ( 1 / 441 - 442 ) . ‹ صفحة 254 ›

20 - راجع لغة النسناس من لسان العرب لابن منظور ، وتاج العروس للزبيدي .

21 - راجع لغة النسناس من لسان العرب ، والقاموس المحيط للفيروز آبادي .

22 - راجع ابن الأثير في نهاية اللغة .

23 - مروج الذهب ( 1 / 222 ) .

24 - مروج الذهب ( 2 / 211 ) أورد هنا أخبار النسناس وشك في صحتها .


.................................................. .........
‹ هامش ص 251 ›
( لا ) قالوا عن عنقاء المغرب إنها " كان لها أربعة أجنحة من كل جانب ، ووجه كوجه الانسان وفيها شبه من كل طائر ، وفيها شبه كثير من سائر الحيوانات ، وربما اختطفت بعض أولاد الناس " - ابن كثير ( 13 / 85 ) وروى المسعودي في مروجه ( 2 / 212 ) رواية مسندة فيها تفصيل أكثر عنها . والسعلاة أنثى الغول عند العرب - راجع تاج العروس .
لغة الغول ( 8 / 51 ) وهما عندهم مخلوقان تخيلوا وجودهما في البراري ورووا عنهما أشعارا وقصصا راجع ( مروج الذهب 2 / 134 - 137 باب ذكر أقاويل العرب في الغيلان . . . )
عن عمر بن الخطاب أنه شاهد الغول في بعض أسفاره إلى الشام وكانت تتغول له - أي تتلون وتضلل - فضربها بسيفه . وإنسان البحر ورد ذكره - أيضا - في أساطير العرب وغير العرب .
( ما ) قد ذكرنا أساطير النسناس وبينا كيفية انتشارها في الكتب زهاء أربعة عشر قرنا ، وأوضحنا كيف تناقلها رجال العلم وأساطين الفلسفة ورواد اللغة وأئمة الفقه والتاريخ والسير والأنساب . وإن ذلك التواتر في النقل قد يوجب اليقين عند البعض ، ضربنا بانتشارها مثلا أسطورة ابن سبأ والسبائية عندهم .

الفاروق الاعظم 08-03-2010 12:47 AM

حقيقة ابن سبأ والسبئية
 
حقيقة ابن سبأ والسبئية

‹ صفحة 257 ›

كانت السبئية تدل على الانتساب إلى قبائل اليمن من سلالة سبأ ابن يشجب .
ولقب بالسبئية عدد كبير من رواة الحديث في الصحاح واشتهروا بها في بلاد المغرب واليمن إلى أواسط القرن الثالث ، ثم تطورت وأصبحت نبزا ينبز بها بعض شيعة علي وأصحاب المختار من أفراد القبائل السبائية ، ثم أطلق على عامة شيعة علي من أفراد تلك القبائل .

ثم اختلق سيف الأسطورة السبئية ورواها عنه الطبري ومن الطبري أخذ المؤرخون .
ثم تطورت الأسطورة على أفواه الناس وتكثرت ، ومن أفواه الناس أخذ أصحاب كتب الملل والنحل . وأخيرا اشتهرت السبئية في الفرقة المذهبية ونسيت دلالتها على المنسوبين إلى قبائل سبأ . أما ابن سبأ فهو عبد الله بن وهب السبائي رأس الخوارج في نهروان . وابن السوداء نبز ينبز به من كانت أمه سوداء .




‹ صفحة 259 ›

نسجت تلك الأساطير التي ذكرناها في ما سبق والروايات معها حول ثلاثة أسماء وهي :

أ - عبد الله بن سبأ .
ب - عبد الله بن السوداء .
ج - السبئية والسبائية .

ولابد لنا - لمعرفة الحقيقة - من البحث عن كل واحد من تلكم الأسماء على حدة بما يتسع له المجال .

أولا : السبائية والسبئية : السبائية والسبئية ( أ ) مثل اليمانية واليمنية وزنا ومعنى .

روى الترمذي في تفسير سورة سبأ من سننه ، وأبو داود في كتاب الحروف من سننه واللفظ للأول : " . . . قال رجل : يا رسول الله وما سبأ ؟
أرض أو امرأة ؟
قال : ليس بأرض ولا امرأة ، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستة ، وتشاءم منهم أربعة ، فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة ، وأما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون وحمير ومذحج وإنمار وكندة " . ‹ صفحة 260 ›

وقال ابن حزم ( ت : 456 ه‍ ) في ذكر نسب اليمانية ( جمهرة أنساب العرب ) : " اليمانية كلها راجعة إلى ولد قحطان " ثم عد فروع سبأ وقال عن بعضهم : " هم السبائيون ليس لهم نسب يذكر دون سبأ " . قال ابن مأكولا ( ت : 475 ه‍ ) في الاكمال : " أما السبئي بسين مهملة مفتوحة وباء معجمة مفتوحة وهمزة مكسورة فهو عدد كثير عامتهم بمصر . . . " .

قال السمعاني ( ت : 562 ه‍ ) في مادة ( السبئي ) من أنسابه : " السبئي - هذه النسبة بفتح السين المهملة والباء المنقوطة من تحتها بنقطة واحدة وفتحها إلى سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان " .

وفي مادة السبئي من كتاب عجالة المبتدي ، لأبي بكر الحازمي الهمداني ( ت : 584 ه‍ ) : " السبئي منسوب إلى سبأ واسمه عامر بن يشجب ابن يعرب بن قحطان " .
وفي نسخة منه : قد نظم ذلك من قال :

" لسبأ بن يشجب بن يعرب * سليل قحطان قريع العرب
نسب خير مرسل ، بنينا * عشرة :
الأزد الأشعرينا وحميرا ومذحجا وكندة * أنمار سادسا لهم في العدة وقد تيامنوا ومن أشأم له * غسان لخم وجذام عاملة "

وقال ياقوت الحموي ( ت : 626 ه‍ ) في مادة ( سبأ ) من معجم البلدان : " سبأ بفتح أوله وثانيه وهمز آخره وقصره أرض باليمن مدينتها مأرب " وقال : " وسميت هذه الأرض بهذا الاسم لأنها كانت منازل ولد سبأ ابن يشجب بن يعرب " . ‹ صفحة 261 ›

وقال ابن منظور ( ت : 711 ه‍ ) في مادة ( سبأ ) من لسان العرب : " سبأ اسم رجل يجمع عامة قبائل اليمن يصرف على إرادة الحي ويترك صرفه على إرادة القبيلة . . . وهو سبأ بن يشجب . . . ويمد ولا يمد " .

وقال ابن خلدون ( ت : 808 ه‍ ) في تاريخه : " أما أهل اليمن فإنهم من ولد سبأ " وقال في ذكر الطبقة الثانية من العرب : " واعلم أن أهل هذا الجيل من العرب يعرفون باليمنية والسبئية " .

وقال بعد ذكر من سار من قبائل قحطان إلى الشام والعراق : " هذا شأن من أوطن العراق من قبائل سبأ ، تشاءم منهم أربعة وبقي باليمن ستة ، وهم : مذحج وكندة والأشعريون ، وحمير ، وأنمار وهو أبو خثعم وبجيلة " وقال : " والأنصار من ولد سبأ " " وخزاعة من سبأ ، والأوس والخزرج منهم " .

وقال الذهبي ( ت : 748 ه‍ ) في مادة السبائي من المشتبه : " السبائي - طائفة بمصر منهم : . . . وعبد الله بن هبيرة السبائي وآخرون " . وقال ابن حجر ( ت : 852 ه‍ ) في مادة " سبأ " من تبصير المنتبه : " سبأ والد القبيلة " .

وفي مادة " السبئي " : " السبئي " بالفتح وفتح الموحدة الخفيفة بلا مد ثم همزة مكسورة ، منهم . . . وعبد الله بن هبيرة السبئي وآخرون " .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 259 ›
( أ ) راجع معاجم اللغة .

الفاروق الاعظم 08-03-2010 01:03 AM

رواة الحديث السبائيين :
 
رواة الحديث السبائيين :

وفيما يلي ترجمة رواة الحديث السبائيين .



1 - أبو هبيرة عبد الله بن هبيرة السبائي : وردت ترجمته في الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني ( ت : 507 ه‍ ) قال في باب أفراد مسلم من ترجمة عبد الله : " عبد الله بن هبيرة السبائي المصري سمع أبا تميم " .
وله ترجمة واسعة في تهذيب التهذيب ذكر شيوخه وتلاميذه وإجماع العلماء على توثيقه وقال : ولد سنة الجماعة ( أي عام 40 من الهجرة ) ومات سنة ست وعشرين ومائة ، وقال في تقريب التهذيب : " عبد الله بن هبيرة بن أسعد السبائي الحضرمي أبو هبيرة المصري ، ثقة من الثالثة ، مات وله خمس وثمانون سنة " .
وعد في الكتابين ممن روى عنه من أصحاب الصحاح والسنن كلا من : مسلم في صحيحه ، والترمذي ، وأبي داود والنسائي ، وابن ماجة في سننهم ، وروى عنه أحمد في مسند أبي بصرة الغفاري ( ب ) . وذكره الذهبي في تاريخ الاسلام ممن روى عن عبد الله بن زوير ( ج ) .

2 - عمارة بن شبيب السبائي : ترجم في عداد الصحابة بكل من الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة . ‹ صفحة 263 › قال في الاستيعاب : " عمارة بن شبيب السبائي - مذكور في الصحابة روى عنه أبو عبد الرحمن الحبلي ، يعد في أهل مصر " .
وزاد في أسد الغابة روايته عن رسول الله ( ص ) وختم ترجمته بقوله : " السبائي بالسين المهملة والباء الموحدة نسبة إلى سبأ " .
وروى بترجمته في الإصابة أنه مات سنة خمسين .
وذكره البخاري صاحب الصحيح في تاريخه الكبير وذكر روايته وعلله ، وترجمه ابن حجر في تهذيب التهذيب وتقريبه وذكر أنه قد روى عنه كل من الترمذي والنسائي في سننه .

3 - أبو رشدين حنش السبائي : قال ابن حجر في تهذيب التهذيب وتقريبه : حنش بن عبد الله عمرو بن حنظلة السبائي أبو رشدين الصنعاني من صنعاء دمشق ، ثقة ، روى عنه كل من : مسلم في صحيحه ، والنسائي في المجتبى ، والترمذي وابن ماجة وأبي داود في سننهم .

وزاد عليه الذهبي في تاريخه : غزا المغرب وسكن إفريقية ولهذا عامة الصحابة مصريون وتوفي غازيا إفريقيا سنة مائة . وقال ابن عبد الحكم ( ت : 257 ه‍ ) في كتاب فتوح إفريقيا : إن المسلمين لما فتحوا سردانية ( د ) غلوا يومئذ غلولا ( ه‍ ) كثيرا فلما ‹ صفحة 264 › ركبوا السفن غرقوا جميعا إلا عبد الرحمن الحبلي وحنش بن عبد الله السبائي فإنهما لم يكونا نديا من الغلول بشئ ( ه‍ ) .

4 - أبو عثمان الحبشاني ، مات سنة 261 ه‍ .

5 - أزهر بن عبد الله السبائي ، مصري توفي سنة 205 ه‍ .

6 - أسد بن عبد الرحمن السبائي الأندلسي ، ولي قضاء كورة البيرة ( و ) . كان حيا بعد سنة خمسين ومائة .

7 - سليمان بن بكار السبائي ، من أهل اليمن .

8 - جبلة بن زهير السبائي ، من أهل اليمن . هؤلاء إلى بضعة عشر راويا غيرهم ذكرهم السمعاني وابن مأكولا في مادة السبائي ، وذكرا شيوخهم وتلاميذهم . وقد لقب كل منهم بالسبائي لانتسابه إلى سبأ بن يشجب ، وكان فيهم من عاش بمصر ، ومنهم من كان بالأندلس ، وفي اليمن ومدن أخرى ، واستمر ذلك إلى أواسط القرن الثالث الهجري .
وروى عنهم أصحاب الصحاح والسنن ومسانيد الحديث دونما توقف في أمرهم أو تضعيفهم بل وثقوهم ، في حين كان الانتساب إلى شيعة الإمام علي تضعيف للراوي وموجبا لسقوط روايته عن الاعتبار ، ويدل ذلك على أن الاشتهار بالسبائي لم يكن يدل على غير الانتساب إلى القبيلة السبائية ‹ صفحة 265 › القحطانية عندهم وفي زمانهم .

ولا يقتصر الامر على رواة الحديث الذين وردت أسمائهم عند ابن مأكولا والسمعاني ، بل يجد الباحث المتتبع كثيرا من أعلام السبائيين في كتب تراجم الصحابة ورواة الحديث مثل سعد السبائي ، فقد قال ابن حجر بترجمته في الإصابة : " سعد السبائي - ذكره الواقدي في من أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل سبأ " .
كل ذلك يدل على أن السبائية دلت على الانتساب إلى الفرقة المذهبية بعد القرون الأولى .


.................................................. .........
‹ هامش ص 262 ›
( ب ) رجعنا إلى تهذيب التهذيب وتقريبه لمعرفة من روى من أصحاب الصحاح عن الرواة السبائيين .
( ج ) الذهبي في تاريخ الاسلام ( 3 / 175 ) وأخطأ في تاريخ وفاته وقال : " توفي سنة ثمانين " .

‹ هامش ص 263 ›
( د ) سردانية : مدينة كانت في جزيرة صقلية أو غيرها من جزر البحر الأبيض المتوسط الذي يسميها ياقوت ببحر المغرب قال : فتحت سنة 92 ه‍ - راجع مادة سردانية بمعجم البلدان .

‹ هامش ص 264 ›
( ه‍ ) ماندي بشئ منه أي ما نال منه ، وغل غلولا : أخذ من الغنائم سرا وخيانة .
( و ) البيرة : عدة مواضع في بلاد الشرق والغرب .

.................................................. ......

الفاروق الاعظم 08-03-2010 01:08 AM

منشا تغير مدلول لفظ السبائي
 
منشا تغير مدلول لفظ السبائي

يبقى بعد هذا أن نبحث عن منشأ تغيير مدلول لفظ السبائي في ما يلي : منشأ تغيير مدلول " السبائي " : ولو بحثنا عن منشأ تغيير مدلول لفظ ( السبائي ) من الدلالة على الانتساب إلى قبائل قحطان اليمانية ، إلى المدلول المذهبي الجديد لوجدناه ينتهي إلى زمان تجمع القبائل السبئية ، من شيعة علي في الكوفة بعد نصرتها إياه في الجمل وصفين وغيرهما بقيادة رؤوسهم وأشرافهم أمثال :

1 - عمار بن ياسر العنسي السبائي .
2 - مالك بن الأشتر وكميل بن زياد النخعيين السبائيين وأفراد قبيلتهما . 3 - حجر بن عدي الكندي السبائي وأفراد قبيلته وجماعته وتلاميذه . ( * ) ‹ صفحة 266 › 4 - عدي بن حاتم الطائي السبائي وأفراد قبيلته .

5 - قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي السبائي والخزرجيين من الأنصار معه . 6 - ذي الشهادتين خزيمة بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، وعثمان بن حنيف السبائيين وسائر الأوسيين من الأنصار معهم . 7 - عبد الله بن بديل ، وعمرو بن الحمق ، وسليمان بن صرد الخزاعيين السبائيين وأفراد قبيلتهم . هؤلاء إلى عشرات الألوف من قبائلهم السبائية كانوا من ألد الخصوم للسلطة الأموية القرشية العدنانية منذ عصر عثمان وحتى آخر يوم من عصر الدولة الأموية ، وإلى آخر ساعة من حياة كل فرد من أولئك الشيعة .

كان كل أولئك سبائيين بالنسب ، وقيل لهم : ( السبئيون ) تعييرا ونبزا بالألقاب ابتداء من عصر زياد بن أبيه في الكوفة .
كما ورد في كتاب زياد الآتي إلى معاوية : " بسم الله الرحمن الرحيم : لعبد الله معاوية أمير المؤمنين .

أما بعد ، فإن الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فكاد له عدوه وكفاه مؤونة من بغى عليه ، إن طواغيت من هذه الترابية السبائية رأسهم حجر بن عدي ، خالفوا أمير المؤمنين ، وفارقوا جماعة المسلمين ، ونصبوا لنا الحرب ، فأظهرنا الله عليهم وأمكننا منهم ، وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي السن والدين منهم ، فشهدوا عليهم بما رأوا وعملوا ، وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين ، وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في
‹ صفحة 267 ›
أسفل كتابي هذا " .

لما وصف زياد حجرا وجماعته ب‍ ( الترابية السبائية ) استشهد أهل مصرهم عليهم فشهدوا عليهم بما يلي استجابة لرغبته : روى الطبري قال : " بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع منهم اثني عشر رجلا في السجن ، ثم إنه دعا رؤوس الأرباع فقال : اشهدوا على حجر بما رأيتم منه .

وكان رؤوس الأرباع يومئذ : عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة . وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان .

وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة . وأبو بردة بن أبي موسى - الأشعري - على مذحج وأسد .

فشهد هؤلاء الأربعة بما يلي : إن حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين ، وزعم أن هذا الامر لا يصلح إلا في آل أبي طالب ، ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين ، وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه . وإن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه وعلى مثل رأيه وأمره " .
قال الطبري : " ونظر زياد في شهادة الشهود فقال : ما أظن هذه الشهادة قاطعة ، وإني لأحب أن تكون الشهود أكثر من أربعة " .
ثم روى الطبري الشهادة التي نظمها زياد كما يلي : ‹ صفحة 268 › " بسم الله الرحمن الرحيم : هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين ، شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ولعن الخليفة ودعا إلى الحرب والفتنة وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء " ( و ) . فقال زياد : على مثل هذه الشهادة فاشهدوا .

أما والله لأجهدن على قطع خيط عنق الخائن الأحمق ، فشهد رؤوس الأرباع على مثل شهادته ، وكانوا أربعة . ثم إن زيادا دعا الناس فقال اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الأرباع .

قال الطبري : قال زياد : " ابدأوا بقريش ثم اكتبوا اسم من نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالنصيحة والاستقامة .
فشهد عليه سبعون رجلا ، فقال زياد : القوهم إلا من عرف . . . " .

ثم ذكر الطبري أسماء من أثبت من الشهود وفيهم عمر بن سعد ،
‹ صفحة 269 ›
وشمر بن ذي الجوشن ، وشبث بن ربعي ، وزجر بن قيس ( ز ) .

قال الطبري :
وشهد شداد بن المنذر بن الحارث بن وعلة الذهلي ، وكان يدعى ابن بزيعة ( ح ) .
فقال زياد : أما لهذا أب ينسب إليه ؟ ألغوه من الشهود ، فقيل له : إنه أخو الحصين بن المنذر ، فقال : انسبوه إلى أبيه .

فنسب ، فبلغ ذلك شدادا ، فقال : والهفاه على ابن الزانية !
أو ليست أمه أعرف من أبيه ؟
فهو والله ما ينسب إلا إلى أمه سمية . قال الطبري : وكتب في الشهود شريح بن الحارث ، وشريح بن هاني ( ط ) فأما شريح بن الحارث فقال :
سألني عنه فقلت : أما إنه كان صواما قواما .

وأما شريح بن هانئ فقال : بلغني أن شهادتي كتبت فأكذبته ولمته .
كتب كتابا إلى معاوية وبعث به إليه بيد وائل بن حجر ، وفي الكتاب :
‹ صفحة 270 ›
بلغني أن زيادا كتب شهادتي ، وإن شهادتي على حجر أنه ممن يقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويديم الحج والعمرة ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، حرام الدم والمال ، فإن شئت فاقتله ، وإن شئت فدعه . فلما قرأ معاوية الكتاب ، قال : ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم .
وكتب شهادة السري بن وقاص الحارثي وهو غائب في عمله .

وصف زياد حجرا وجماعته ب‍ ( الترابية السبائية ) واستشهد عليهم من شهد عليه بما مر !


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

‹ هامش ص 268 ›
( و ) الصلعاء كل خطة مشهورة ، والداهية ، ويقصد بكفرة حجر نكثه البيعة وخلعه معاوية على حد زعم أبي موسى الأشعري ربيب نعمة الأمويين . ونظير هذا قول الحجاج في ابن الزبير بعد قتله فإنه قال في خطبته لأهل مكة : " أيها الناس ! أن عبد الله بن الزبير كان من خيار هذه الأمة حتى رغب في الخلافة ونازعها أهلها وألحد في الحرم فأذاقه الله حر الحديد . . . " تاريخ ابن كثير 8 / 331 - وقال لامه : " إن ابنك ألحد في هذا البيت . . " تاريخ الاسلام للذهبي 3 / 136 وكان يقصد من إلحاد ابن الزبير في البيت والحرم منازعته بني أمية الخلافة وهو في البيت والحرم كما هو ظاهر من قوله .

‹ هامش ص 269 ›
( ز ) عمر بن سعد القرشي الزهري قائد الجيش الذي أرسله ابن زياد لقتال الحسين في كربلاء ، قتله المختار . وشبث بن ربعي تأتي ترجمته وزجر بن قيس كلاهما كانا في ذلك الجيش وشمر ابن ذي الجوشن قاتل الإمام الحسين ( ع ) .
( ح ) شداد بن المنذر من بني عامر بن ذهل بن ثعلبة من قبائل بكر بن وائل العدنانية .
( ط ) القاضي شريح بن الحارث الكندي أبو أمية نسبه في جمهرة ابن حزم ( ص 425 ) وترجمته في طبقات ابن سعد .
وشريح بن هانئ بن يزيد من بني الحارث من قبائل مالك بن أدد القحطاني من أصحاب علي . له رواية ( أنساب ابن حزم ص 417 ) .

‹ هامش ص 270 ›
( ي ) القادسية وقعة للمسلمين مع الفرس في العراق في عصر الخليفة عمر بقيادة سعد بن أبي وقاص . ومرج عذراء قرية بغوطة دمشق .
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الساعة الآن 01:52 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010

Security team