![]() |
دعوى البوطي ان الشيعة نزلوا لمستوى متدن في الكذب
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 176 -------------------------------------------------------------------------------- المسألة السابعة عشرة قوله: الجريمة كل الجريمة هو أن نجد من ينزل بهذا المستوى الباسق، الباسق إلى الحضيض بأكاذيبه وإجرامه القولي. قال الدكتور البوطي في محاضرته (1): الجريمة كل الجريمة هو أن نجد من ينزل بهذا المستوى الباسق الباسق إلى حضيض بأكاذيبه وإجرامه القولي. طيب. بعد هذا القول: فكر الشيعة لمع في داخل سقيفة بني ساعدة، لكن ما كان اسمهم شيعة طبعا اسمهم ناس إن وجدوا وقالوا: ليكن سيدنا علي خليفة للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وطبعا في وجهة نظر، " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " لما هاجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتركه في بيته وكلفه أن يعطي الأمانات للناس وأيضا " راية خيبر " عندما قال: سأعطي الراية لرجل يحبه الله ورسوله في طبعا وجهة نظر ولها أدلة، والذين قالوا أبا بكر أيضا لهم وجهة نظر ولهم أدلة. هذه أدلة ذكرت من منطلق أن أناسا مذهبهم مذهب أهل البيت وأناس مذهبهم ليس مع أهل آل البيت هذه ما كانت موجودة أبدا. وإنما هنالك دلائل تلمع هنا ودلائل تلمع هنا وجمعت هذه الدلائل وقورن بعضها ببعض وكانت الحصيلة لأبي بكر " أي في الخلافة ". ____________ (1) محاضرة ألقيت في جامعة دمشق بتاريخ 31 / 2 / 1995. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 177 -------------------------------------------------------------------------------- أقول: إن المتأمل لنص كلام حضرة الدكتور في هذه المحاضرة وفي سياق حديثه عن عقيدة الإمامية، ولمخالفة الشيعة في عقيدتهم لعقيدة أهل السنة والجماعة والذي ما سل سيف عبر التاريخ أشد من سيف الحديث عن مسألة الخلافة والإمامة ومن هو أحق بها، وكل يجر النار إلى قرصه. لكني لا أرى الخوض في هذه المسائل الخلافية والبحث عن الحقيقة فيها والمحاورة والموضوعية والانفتاح الفكري الهادف والنقد البناء جريمة على حد زعم الدكتور. وقاله: (الجريمة كل الجريمة هو أن نجد من ينزل بهذا المستوى الباسق الباسق " مكررا كلمة الباسق للتأكيد على قوله " إلى حضيض بأكاذيبه وإجرامه القولي. إنا لنستشف من كلام حضرة الدكتور شيئا من التعصب المقيت بالمحاورة والمناقشة في محاضرته ومن خلال كلماته وألفاظه فعندما نتحاور في مسألة عقائدية يجب أن نتحاور بقلب مفتوح لا يحمل الحقد حتى نستطيع أن نتوقف على الحقائق ونبثها ما دام هدفنا جميعا إقامة الحق القائم على الدليل والبرهان. وإنا لنجد فكر الشيعة الإمامية لم يلمع فقط داخل السقيفة على حد قول الدكتور لكني سأستعرض نماذج من الآراء في ذلك، وأترك ما أريد توضيحه وتبيانه في آخر الصفحات. متى بدأ التشيع؟ أولا: رأي يرى أنهم تكونوا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وممن يذهب لهذا ابن خلدون: فقد قال: إن الشيعة ظهرت لما توفي الرسول وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر وأن الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش ولما كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعلي ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك (1) إلخ... ____________ (1) تاريخ ابن خلدون: ج 3 ص 364. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 178 -------------------------------------------------------------------------------- ثانيا: الدكتور حسن إبراهيم فقد قال: ولا غرو فقد اختلف المسلمون أثر وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيمن يولونه الخلافة وانتهى الأمر بتولية أبي بكر وأدى ذلك إلى انقسام الأمة العربية إلى فريقين سنية وشيعية (1). ثالثا: الدكتور أحمد أمين فقد قال: وكانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه (2). رابعا: المستشرق جولد تسهير قال: إن التشيع نشأ بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالضبط بعد حادثة السقيفة (3). خامسا: اليعقوبي قال: ويعد جماعة من المتخلفين عن بيعة أبي بكر هم النواة الأولى للتشيع ومن أشهرهم سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود والعباس بن عبد المطلب (4). وتعقيبا على ذكر المتخلفين كما أتى بذكرهم الدكتور الشيخ الوائلي في كتابه هوية التشيع (5). إن المتخلفين عن بيعة الخليفة أبي بكر قال الدكتور أحمد محمود صبحي: إن بواعث هؤلاء مختلفة في التخلف فلا يستدل منها على أنهم كلهم من الشيعة. وقد يكون ما قاله صحيحا غير أن المتخلفين الذين ذكرهم المؤرخون أكدت كتب التراجم على أنهم شيعة (6). سادسا: الرأي الذي يذهب إلى أن التشيع نشأ أيام عثمان ومن الذاهبين لذلك: جماعة من المؤرخين والباحثين منهم: ابن حزم وجماعة آخرون ذكرهم بالتفصيل يحيى بن هاشم فرغل في كتابه (7) وقد استند إلى مبررات شرحها. ____________ (1) تاريخ الإسلام: ج 1 ص 371. (2) فجر الإسلام: ص 266. (3) العقيدة والشريعة: ص 174. (4) تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 104. (5) هوية التشيع للدكتور الوائلي: ص 24. (6) نظرية الإمامة: ص 33. (7) عوامل من أهداف نشأة علم الكلام: ج 1 ص 105. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 179 -------------------------------------------------------------------------------- سابعا: الرأي الذي يذهب إلى تكون الشيعة أيام خلافة الإمام علي (عليه السلام) ومن الذاهبين إلى هذا الرأي النوبختي في كتابه فرق الشيعة (1) وابن النديم في الفهرست حيث حدده بفترة واقعة البصرة وما سبقها من مقدمات كان لها الأثر المباشر في تبلور فرقة الشيعة وتكوينها (2). ثامنا: الرأي الذي يذهب إلى أن ظهور التشيع كان بعد واقعة الطف على اختلاف في الكيفية بين الذاهبين لهذا الرأي حيث يرى بعضهم أن بوارد التشيع التي سبقت واقعة الطف لم تصل إلى حد تكوين مذهب متميز له طابعه وخواصه وإنما حدث ذلك بعد واقعة الطف بينما بينما يذهب (3). ولكن بعد واقعة الطف أخذ طابعا سياسيا وعمق جذوره في النفوس وتحددت أبعاده إلى كثير من المضامين، وكثير من المستشرقين يذهبون لهذا الرأي وأغلب المحدثين من الكتاب. يقول الدكتور كامل مصطفى إن استقلال الاصطلاح الدال على التشيع إنما كان بعد مقتل الحسين (عليه السلام) حيث أصبح التشيع كيانا مميزا له طابعه الخاص. في حين يذهب الدكتور عبد العزيز الدوري إلى أن التشيع تميز سياسيا ابتداء من مقتل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ويتضمن ذلك فترة قتل الحسين (عليه السلام) حيث يعتبرها امتدادا للفترة السابقة (4). وإلى هذا الرأي يذهب المستشرق بروكلمان في تاريخ الشعوب الإسلامية حيث يقول: والحق أن ميتة الشهداء الذي ماتها الحسين ولم يكن لها أي أثر سياسي هذا على زعمه - قد عملت في التطور الديني للشيعة حزب علي الذي أصبح بعد ملتقى جميع النزاعات المناوئة للعرب - وهو زعم باطل - واليوم لا يزال ضريح الحسين (عليه السلام) في كربلاء أقدس حجة عند الشيعة وبخاصة الفرس الذين ما فتئوا يعتبرون الثواء الأخير في جواره ____________ (1) فرق الشيعة: ص 16. (2) الفهرست لابن النديم ص 175. (3) الصلة بين التصوف والتشيع: ص 23. (4) مقدمة في تاريخ صدر الإسلام: ص 72. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 180 -------------------------------------------------------------------------------- غاية ما يطمعون فيه (1). إن رأي بروكلمان كما يذكر لنا الدكتور الوائلي في كتابه (2) لا يصمد أمام المناقشة، كونه يرى أن لا أثر سياسي للواقعة أي واقعة الطف فهو من قبيل إنكار البديهيات وإنما يقصر أثر الواقعة على تعميق المذهب دينيا فقط وقد شايع بركلمان في هذا الرأي جماعة آخرون ذكرهم يحيى فرغل مفصلا في كتابه (3). وأقول: إن هذه الآراء الثمانية في نشأة التشيع لا تصمد أمام المناقشة والدليل لأن هذه الآراء أومض فيها التشيع نتيجة احتكاكه بمؤثر من المؤثرات في تلك الفترة التي أرخت بها تلك الآراء ظهور التشيع فظنوه ولد آنذاك بينما التشيع موجود بكيانه الكامل منذ الصدر الأول وقد آن الأوان لأعرض لحضرة الدكتور البوطي رأي جمهور الشيعة وخاصة المحققين منهم، |
الأدلة على تكون التشيع أيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
ويعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واضع حجر الأساس للتشيع. رأي الشيعة وغيرهم من المحققين من المذاهب الأخرى حيث ذهب هؤلاء إلى أن التشيع ولد أيام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأن النبي نفسه هو الذي غرسه في النفوس عن طريق الأحاديث التي وردت على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكشفت عما لعلي (عليه السلام) من مكانة في مواقع متعددة رواها إضافة إلى أن الشيعة ثقاة أهل السنة والجماعة. منها: ما رواه السيوطي عن ابن عساكر عند تفسير الآيتين السادسة والسابعة من سورة البينة بسنده عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأقبل علي (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، فنزل قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية). ____________ (1) تاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان: ص 128. (2) هوية التشيع: ص 26. (3) عوامل وأهداف نشأة علم الكلام: ج 1 ص 106. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 181 -------------------------------------------------------------------------------- وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال لما نزل قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): هم أنت وشيعتك. وأخرج ابن مردويه عن علي (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألم تسمع قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) إلخ هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين (1). ومن هنا ذهب أبو حاتم الرازي إلى أن أول اسم لمذهب ظهر في الإسلام هو مذهب الشيعة وكان هذا لقب أربعة من الصحابة هم: أبو ذر الغفاري، عمار بن ياسر، المقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي. وبعد صفين أشهر موالي علي (عليه السلام) بهذا اللقب (2). والأدلة التي يعتمد عليها الشيعة بخلافة وإمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) أدلة كثيرة ومحكمة بينما الأدلة التي يعتمد عليها إخواننا أهل السنة والجماعة في خلافة أبي بكر كما زعم الدكتور البوطي وبينها. كحديث الصلاة، وحديث كتابة الكتاب، وحديث الخلة، فقد ناقشتها في بداية الكتاب وأنها موضوعة ولا تصمد أمام الدليل والبرهان. وأما الأدلة التي يعتمد عليها الشيعة بالنسبة لنشوء التشيع فبينا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي وضع اللبنة الأولى للتشيع ونشأته. وهناك عدة مواقف نستعرض منها نماذج ليرى حضرة الدكتور: الموقف الأول: عندما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (3) قال المؤرخون: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا عليا (عليه السلام) وأمره أن يصنع طعاما ويدعو آل عبد المطلب ____________ (1) الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي: ج 6 ص 376. (2) روضات الجنات للخونساري: ص 88. (3) سورة الشعراء: الآية 214. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 182 -------------------------------------------------------------------------------- وعددهم يومئذ أربعون رجلا وبعد أن أكلوا وشربوا من لبن أعد لهم قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأحجم القوم عنهما جميعا - يقول علي - وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (1). الموقف الثاني: يقول أبو رافع القبطي مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يوحى إليه فرأيت حية فنمت بينها وبين النبي لئلا يصل إليه أذى منها حتى انتهى عنه الوحي فأمرني بقتلها وسمعته يقول: الحمد لله الذي أكمل لعلي منته وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه... بعد أن قرأ قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (2) وقد أجمع أعلام أهل السنة والشيعة على نزول هذه الآية في علي (عليه السلام) ومنهم السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية المذكورة، وكذلك الرازي في مفاتيح الغيب والبيضاوي في تفسيره والزمخشري في كشافه. والثعلبي في تفسيره والطبرسي في مجمع البيان وغيرهم من أعلام المفسرين والمحدثين. الموقف الثالث: موقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم وذلك عند نزول الآية: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله ____________ (1) تاريخ الطبري: ج 2 ص 216، تاريخ الكامل لابن الأثير: ج 2 ص 28. (2) سورة المائدة: الآية 55. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 183 -------------------------------------------------------------------------------- يعصمك من الناس) (1) وعندما أوقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الركب وصنعوا له منبرا من أحداج الإبل خطب عليهم خطبته المعروفة ثم أخذ بيد علي وقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، فكررها ثلاثا ثم قال: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " فلقيه الخليفة الثاني فقال: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره سبب نزول هذه الآية عشرة وجوه ومنها أنها نزلت في علي (عليه السلام) ثم عقب بعد ذلك بقوله: وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي - يريد الباقر (2) إن حديث الغدير أخرجه جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر في صواعقه عن ثلاثين صحابيا ونص على أن طرقه صحيحة وبعضها حسن (3). وفي النص الأخير لكلام الدكتور الذي قال فيه: " وإنما هنالك دلائل تلمع هنا ودلائل تلمع هنا، وجمعت هذه الدلائل وقورن بعضها ببعض وكانت الحصيلة لأبي بكر " أي في مسألة الخلافة ". أقول: إن أهل السنة والجماعة اختلفوا في خلافة الخليفة أبي بكر (رض) هل كانت بالنص؟... أم أنها كانت بالاختيار؟... فذهب الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث إلى أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة. وذهب بعضهم إلى أنها ثبتت بالنص الجلي. وذهب جماعة من أهل الحديث والمعتزلة والأشاعرة إلى أنها ثبتت بالاختيار (4)... ____________ (1) سورة المائدة: الآية 69. (2) تفسير الرازي: ج 3 ص 431. (3) الصواعق المحرقة: الباب الثاني من الفصل التاسع. (4) رياض العبد الله - أهل الشورى الستة الذين اختارهم عمر (رض) ص 6 - الطبعة الأولى - دار الرشيد - 1992 بيروت. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 184 -------------------------------------------------------------------------------- وهنا أقول لحضرة الدكتور بما أنه أشعري المذهب فأنتم وأستاذكم أبو الحسن الأشعري ممن تقولون بأن خلافة الصديق قد تمت بالاختيار وليس هناك دلائل تثبت خلافة الصديق وأرى في هذا خروجا عن الرأي الذي أنت تلتزم وتعتقد به هذا من جهة. ومن جهة أخرى.. هل تستطيع حضرة الدكتور أن تحدد الفترة التي تمت بها مقارنة الأدلة ببعضها البعض وكانت الحصيلة لأبي بكر بالخلافة. وهل هذا رأي حسي أم حدسي؟ وأيهما أنت تتبناه وأطلب منك تحديد الحقبة الزمنية التي تمت فيها مقارنة الأدلة ببعضها البعض. ولكني أرد بالنقض على أصحاب الرأي القائل بأن هناك أدلة وردت في خلافة الصديق وهذا ما أوضحناه في المسألة الرابعة من هذا الكتاب. وإليكم الأدلة من القرآن والحديث في إثبات خلافة علي بن أبي طالب (عليه السلام) للقارئ الكريم حتى يتبين له الحق وينكشف عنه ذلك الضباب الوهمي فإليك أيها القارئ دراسة مفصلة في بيان الأدلة من الصحاح الستة والكتب المعتبرة لدى أهل السنة والجماعة في بيان خلافة علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة ونشكر حضرة الدكتور محمد بيومي مهران ومركز الغدير للدراسات الإسلامية في تحقيق تلك المصادر من الصحاح والكتب المعتبرة فإليك أخي القارئ الكريم هذه الدراسة. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 185 -------------------------------------------------------------------------------- دراسة في الآيات والأحاديث الدالة على خلافة علي (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصحاح الستة والكتب المعتبرة عند أهل السنة والجماعة (1) آية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا): [ الفخر الرازي في تفسيره الكبير ]: في سورة المائدة / 55، في ذيل تفسير قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). قال: وروي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد لم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فما أعطاني أحد شيئا وعلي (عليه السلام) كان راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى - وكان فيها خاتم - فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: اللهم إن أخي موسى (عليه السلام) سألك فقال: رب اشرح لي صدري (إلى قوله) وأشركه في أمري فأنزلت قرآنا ناطقا، سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا، اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري، قال أبو ذر: فوالله ما أتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الكلمة حتى نزل جبريل فقال، يا محمد اقرأ: إنما وليكم الله ورسوله إلى آخرها. ____________ (1) الدر المنثور: 7 / 504 ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق: 2 / 421. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 186 -------------------------------------------------------------------------------- وذكره الشبلنجي في نور الأبصار: ص 170 وقال: نقله أبو إسحاق أحمد الثعلبي في تفسيره: وانظر أيضا في مضمون هذه الأحاديث: تفسير الطبري: 6 / 186، الدر المنثور للسيوطي، والكشاف للزمخشري - ذيل تفسير الآية -، كنز العمال: 6 / 319 و 7 / 305، أسباب النزول للواحدي: ص 148، ذخائر العقبى: ص 88، 102، مجمع الزوائد: 7 / 17 (1). إن الآية الشريفة - بعد الأخبار المتقدمة في الباب السابق الواردة كلها في نزول الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام) - تكون ظاهرة في إمامته (عليه السلام) فإن مفادها - بعد ورود تلك الأخبار - يكون هكذا: إنما وليكم الله ورسوله وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقوله تعالى: (والذين آمنوا) (إلخ) وإن كان لفظ جمع ولكنه قد أريد منه شخص واحد وحمل لفظ الجمع على الواحد جائز إذا كان على سبيل التعظيم، ولفظ الوالي وإن كان له معان متعددة كالمحب والصديق والناصر والجار والحليف ومالك الأمر أو الأولى بالتصرف أو المتصرف وغير ذلك، ولكن الظاهر من الولي هنا - بعد وضوح تبادر الحصر من إنما - هو مالك الأمر أو الأولى بالتصرف أو المتصرف، فإنه المعنى الذي يلائم الحصر في الله عز وعلا وفي رسوله وفي علي بن أبي طالب (عليه السلام) لا المحب أو الصديق أو الناصر وما أشبه ذلك، إذ من الواضح المعلوم أن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض - كما في القرآن الكريم - من دون اختصاص بالثلاثة المذكورين، وبعض الروايات المتقدمة وإن فسر الولي فيها بمعنى المحب أو الصديق أو الناصر، ولكن ظهور كلمة إنما في الحصر - بل وضعها له لغة بمقتضى تبادره منها عرفا والتبادر علامة الحقيقة كما حقق في الأصول - مما يعني تفسير الولي بمعنى مالك الأمر ونحوه مما يناسب الاختصاص بالله ورسوله وأمير المؤمنين علي (عليه السلام)، فتأمل جيدا. ____________ (1) التفسير الكبير: 12 / 26، الدر المنثور: 3 / 104، أسباب النزول للواحدي: ص 133، الرياض النضرة: 3 / 182، ذخائر العقبى: ص 102، تهذيب التهذيب: 11 / 386. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 187 -------------------------------------------------------------------------------- حديث ((علي وليكم من بعدي)): [ سنن الترمذي: 2 / 297 ]: روى بسنده عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله جيشا واستعمل عليهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا عليه وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: إذا لقينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدؤوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسلموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله أم تر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) صنع كذا وكذا؟ فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قام الثاني فقال مثل مقالته، فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي. ورواه أحمد بن حنبل أيضا في مسنده 4 / 437 باختلاف يسير في اللفظ، وقال فيه: فقال: دعوا عليا دعوا عليا إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي، ورواه أبو داود الطيالسي أيضا في مسنده (3 / 111) باختلاف يسير في اللفظ، وقال فيه: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما لهم ولعلي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي، ورواه أبو نعيم أيضا في حليته (6 / 294) والنسائي أيضا في خصائصه مختصرا (ص 19 و 23) وقال فيه: والغضب يبصر في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن من بعدي، وذكره المحب الطبري أيضا في الرياض النضرة (2 / 171) وقال: أخرجه الترمذي وأبو حاتم وخرجه أحمد وأورده المتقي أيضا في كنز العمال (6 / 154) بطريقين وقال: أخرجه ابن أبي شيبة (وفي ص 399) وقال: أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وصححه (1). ____________ (1) سنن الترمذي: 5 / 590 ح 3712، مسند أحمد: 5 / 606 ح 19426، مسند أبي داود الطيالسي: ص 111 ح 829، خصائص النسائي - ضمن السنن -: 5 / 132 ح 8474، الرياض -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 188 -------------------------------------------------------------------------------- [ مسند أحمد بن حنبل: 5 / 356 ]: روى بسنده عن بريدة قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا التقيتم فعلي على الناس، وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده، قال: فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي (عليه السلام) امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخبره بذلك، فلما أتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دفعت الكتاب فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت: يا رسول الله هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أتبعه ففعلت ما أرسلت به فقال: لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي، وإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي. ورواه النسائي أيضا في خصائصه باختلاف يسير ص 24 والهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 127) وقال: رواه أحمد والبزار باختصار، والمتقي أيضا في كنز العمال (6 / 154) مختصرا وقال: أخرجه ابن أبي شيبة وص 155 وقال: أخرجه الديلمي عن علي (عليه السلام) وأورده المناوي أيضا في كنوز الحقائق ص 186 وقال: أخرجه الديلمي ولفظه: إن عليا وليكم من بعدي (1). قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " علي وليكم من بعدي " الذي قد عرفت جملة من طرقه في الباب السابق هو من الأدلة القوية والنصوص الجليلة على خلافة علي (عليه السلام) من بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل، والاستدلال به يتوقف على بيان السند والدلالة جميعا. أما السند، فقد رواه جمع من أعاظم الصحابة كعلي (عليه السلام) وابن عباس، وعمران بن حصين ووهب بن حمزة، وبريدة الأسلمي، وأنه قد خرجه كما تقدم وعرفت جمع من أئمة الحديث كالترمذي في سننه والنسائي ____________ النضرة: 3 / 115، كنز العمال: 11 / 599 ح 32883 و 13 / 142 ح 36444، المستدرك على الصحيحين: 3 / 119 ح 4579، نزل الأبرار: ص 55. (1) مسند أحمد: 6 / 489 ح 22503، خصائص النسائي: 5 / 133 ح 8475، كنز العمال: 11 / 608 ح 32942، البداية والنهاية: 7 / 379. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 189 -------------------------------------------------------------------------------- صاحب الصحيح في خصائصه، والإمام أحمد بن حنبل في مسنده وأبي داود الطيالسي في مسنده وهو من مشايخ البخاري، وأبي نعيم في حليته والخطيب البغدادي في تاريخه، وأبي حاتم، وابن أبي شيبة، وابن جرير الطبري، والبزار، والطبراني، وابن الجوزي، والرافعي، وابن مردويه والحافظ أبي القاسم الدمشقي في الموافقات وفي الأربعين الطوال، ويوسف بن صهيب، والديلمي وغيرهم ممن لم أظفر به في هذه العجالة. وأما الدلالة، فهي ظاهرة جدا بعد ملاحظة القرينة اللفظية المتصلة بالحديث الشريف وهي كلمة من بعدي، وتوضيحه: إن للفظ الوالي في اللغة معاني متعددة كالمحب والصديق والناصر والجار والحليف وغير ذلك، ومن أظهر معانيه وأشهرها هو مالك الأمر فكل من ملك أمر غيره بحيث كان له التصرف في أموره وشؤونه فهو وليه، فالسلطان ولي الرعية أي يملك أمرهم وله التصرف في أمورهم وشؤونهم والأب أو الجد ولي الصبي أو المجنون أي يملك أمره وله التصرف في أموره وشؤونه، وهكذا ولي المرأة في نكاحها أو ولي الدم أو الميت، (وقد يقال) إن الولي قد جاء بمعنى الأولى بالتصرف فالسلطان ولي الرعية والأب أو الجد ولي الصبي أو المجنون، وهكذا إلى غيرها من الأمثلة يكون بهذا المعنى أي أولى بالتصرف، ويؤيده في المقام ورود بعض أخبار الباب كما تقدم بلفظ قوله: فهو أولى الناس بكم بعدي. (كما قد يقال) إن الولي قد جاء بمعنى المتصرف فالسلطان مثلا ولي الرعية يكون بهذا المعنى أي هو المتصرف في أمورهم وهكذا ولي الصبي وغيره، وعلى كل حال إن الولي بما له من المعنى المعروف الظاهر المشهور - سواء عبرنا عنه بمالك الأمر أو بالأولى بالتصرف أو بالمتصرف - لا يكاد يطلق إلا على كل من له تسلط وتفوق على غيره وكان له التصرف في أموره وشؤونه، ثم من المعلوم أن إرادة الجار أو الحليف أو ما أشبه ذلك من لفظ الولي في الحديث الشريف مما لا يناسب المقام، بل مما لا محصل له أصلا - كما قدمنا - فيبقى المحب والصديق والناصر ومالك الأمر أو الأولى بالتصرف أو المتصرف على اختلاف التعابير في المعنى الأخير، كما أن من المعلوم أن لفظة (من بعدي) مما ينافي إرادة المحب أو الصديق أو الناصر، إذ كونه (عليه السلام) محبا للمسلمين أو صديقا أو ناصرا لهم مما لا ينحصر بما بعد زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 190 -------------------------------------------------------------------------------- هو كان كذلك في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا ينحصر المراد من الولي في الحديث الشريف بالمعنى الأخير وهو مالك الأمر والأولى بالتصرف أو المتصرف في أمور المسلمين وفي شؤونهم، وذلك لما فيه من المناسبة الشديدة مع كلمة من بعدي فيتعين هو من بين سائر المعاني وهو معنى الإمام والخليفة كما هو واضح لمن أنصف. |
حديث يوم الدار:
[ تاريخ الطبري: 62 ]: روى بسنده عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وأنذر عشيرتك الأقربين) [ الشعراء / 114 ] دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لي: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره فصمت عليه (أي سكت) حتى جاءني جبرئيل فقال: يا محمد إنك إن لا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حذية (أي قطعة) من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألقاها في نواحي الصفحة، ثم قال: خذوا بسم الله فأكل القوم حتى ما لهم بشئ من حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ثم قال: اسق القوم فجئتهم بذاك العس فشربوا منه حتى رووا منه جميعا، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقدما سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: الغد يا علي إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ثم اجمعهم إلي، قال: ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 191 -------------------------------------------------------------------------------- لهم ففعل كما فعل بالأمس فأكلوا حتى ما لهم بشئ حاجة، ثم قال: اسقهم فجئتهم بذاك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا، ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا وقلت - وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا - أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. وذكره المتقي أيضا في كنز العمال (6 / 392) مختصرا وقال: أخرجه ابن جرير، وذكره أيضا في (6 / 397) باختلاف يسير وقال: أخرجه ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل (1). |
حديث " يكون بعدي اثنا عشر خليفة ":
[ صحيح البخاري في كتاب الأحكام ]: روى بسنده عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: أنه قال: كلهم من قريش (أقول ورواه أحمد بن حنبل أيضا في مسنده بطريقين: (5 / 90، 92) (2). [ صحيح مسلم في كتاب الإمارة ]: في باب الناس تبع لقريش، روى بسندين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع أبي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسمعته يقول: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى ____________ (1) تاريخ الطبري: 2 / 319، الكامل في التاريخ: 1 / 487 - 488، كنز العمال: 13 / 131 ح 36419، وص 149 ح 36465، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 13 / 210، شواهد التنزيل: 1 / 542. (2) صحيح البخاري: 6 / 2640 ح 6796، مسند أحمد: 6 / 94 ح 20325 وص 97 ح 20349. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 192 -------------------------------------------------------------------------------- يمضي فيهم اثنا عشر خليفة (قال) ثم تكلم بكلام خفي علي (قال) فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش (1). [ صحيح مسلم في كتاب الإمارة ]: في باب الناس تبع لقريش بسندين عن عامر بن سعد عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - يوم جمعة عشية رجم الأسلمي - يقول: لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، الحديث. ورواه أحمد بن حنبل أيضا في مسنده (5 / 89) (2). [ سنن الترمذي: 2 / 35 ]: روى بسندين عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يكون من بعدي اثنا عشر أميرا (قال) ثم تكلم بشئ لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال: قال: كلهم من قريش. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده في (5 / 92، 94، 99، 108) وذكره ابن حجر أيضا في صواعقه ص 113 وقال: أخرجه الطبراني (3). والأخبار المتقدمة كما عرفت هي من الأدلة القاطعة والنصوص الجلية الواضحة على حقية مذهب الشيعة الاثني عشرية وعلى بطلان سائر المذاهب طرا، وذلك لعدم انطباقها على ما يعتقده العامة من خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة أو الخمسة بانضمام الحسن بن علي (عليه السلام) إليهم لكونهم أقل عددا أو خلافة من سواهم من بني أمية أو بني العباس لكونهم أكثر عددا، مضافا إلى أن بني أمية وبني العباس أغلبهم من أهل الفسق والفجور قد قضوا أعمارهم بشرب الخمور بالملاهي والملاعب واستماع الغناء وشرب الدفوف وبسفك الدماء المحرمة وغير ذلك من المحرمات فكيف يجوز أن يكونوا خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا تنطبق الأخبار أيضا على ما تعتقد سائر فرق الشيعة من الزيدية والإسماعيلية والفطحية وغيرهم لكون أئمتهم أقل، ____________ (1) صحيح مسلم: 4 / 100 ح 5، فتح الباري: 13 / 180. (1) صحيح مسلم: 4 / 101 ح 10، مسند أحمد: 6 / 93 ح 20319. (3) سنن الترمذي: 4 / 434 ح 2223، مسند أحمد: 6 / 97 ح 20349، الصواعق المحرقة: ص 189. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 193 -------------------------------------------------------------------------------- فينحصر انطباقها على ما يعتقد الشيعة الاثنا عشرية من إمامة الأئمة الاثني عشر الذين هم عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته، أولهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم المهدي الحجة ابن الحسن العسكري (عليه السلام) الذي ستأتي الأخبار الواردة فيه مفصلا في خاتمة الكتاب إن شاء الله تعالى، وقد ذكر القندوزي في ينابيع المودة في الباب السابع والسبعين عن بعض علماء العامة أنه قد روى حديث جابر بن سمرة وقال في آخره: كلهم من بني هاشم، وقد روي الحافظ أبو نعيم في حليته (1 / 86) بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي رزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي. |
حديث " علي وصيي ":
[ مستدرك الصحيحين: 3 / 172 ]: روى بسنده عن علي بن الحسين قال: خطب الحسن بن علي (عليه السلام) على الناس - حين قتل علي (عليه السلام) - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون بعمل، ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله (ثم قال) أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن النبي وأنا ابن الوصي (إلى آخر الحديث). وذكره المحب الطبري أيضا في ذخائره ص 138 وقال: أخرجه الدولابي (1). [ مجمع الزوائد: 9 / 113 ]: قال: وعن سلمان قال: قلت: يا رسول الله إن لكل نبي وصيا فمن ____________ (1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 188 ح 4802، ذخائر العقبى: ص 138، مجمع الزوائد: 9 / 146. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 194 -------------------------------------------------------------------------------- وصيك؟ فسكت عني فلما كان بعد رآني فقال: يا سلمان فأسرعت إليه قلت: لبيك، قال: تعلم من وصي موسى (عليه السلام)؟ قال: نعم يوشع بن نون، قال: لم؟ قلت: لأنه كان أعلمهم يومئذ (قال) فإن وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب (قال) رواه الطبراني. وذكره ابن حجر أيضا في تهذيب التهذيب (3 / 106) قال: عن أنس عن سلمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): هذا وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي. وذكره المتقي أيضا في كنز العمال (6 / 154) ولفظه: إن وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب. (قال): أخرجه الطبراني عن أبي سعيد عن سلمان (1). [ كنز العمال: 6 / 153 ]: قال: أما علمت أن الله عز وجل اطلع على أهل الأرض فاختار منهم أباك فبعثه نبيا؟ ثم اطلع الثانية فاختار بعلك فأوحى إلي فأنكحتكه واتخذته وصيا، قاله لفاطمة (عليها السلام)، ثم قال: أخرجه الطبراني عن أبي أيوب، (قال) وذكره الهيثمي أيضا في مجمعه (8 / 253) وقال: رواه الطبراني (2). [ كنز العمال: 6 / 392 ]: قال: عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا، قلت: يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ برقبتي ثم قال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا (قال) أخرجه ابن جرير (3). ____________ (1) المعجم الكبير للطبراني: 6 / 221 ح 6063، الرياض النضرة: 3 / 123. (2) كنز العمال: 11 / 604 ح 32923، المعجم الكبير للطبراني: 4 / 171 ح 4046. (3) كنز العمال: 13 / 11 ح 36371، تاريخ الطبري: 2 / 321، الكامل في التاريخ: 1 / 487 - 488، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 1 / 102 ح 138. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 195 -------------------------------------------------------------------------------- وهذه الأخبار التي دلت على أن عليا (عليه السلام) وصي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هي من الأدلة القوية والحجج الجلية على إمامة علي (عليه السلام) وخلافته من بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (وتوضيح ذلك) مما يحتاج إلى ذكر مقدمة وهي أن الوصية (قيل) هي من أوصاه أو وصاه توصية أي عهد إليه كما في القاموس وغيره (وقيل) هي من وصي يصي إذا وصل الشئ بغيره لأن الموصي يوصل تصرفه بعد الموت بما قبله، والظاهر أن الأول أقرب، وعلى كل حال لا كلام في أن الوصي - سواء كان مأخوذا من العهد أو وصي يصي بمعنى الوصل - هو متصرف فيما كان الموصي متصرفا فيه، ولذا قيل: إن الوصاية هي استنابة الموصي غيره بعد موته في التصرف فيما كان له التصرف فيه من إخراج حق واستيفائه أو ولاية على طفل أو مجنون يملك الولاية عليه إلى آخره، (ومن هنا) يتضح لك أن الوصي مما يختلف ولايته سعة وضيقا بحسب اختلاف ولاية الموصي سعة وضيقا، فأوصياء سائر الناس تكون ولايتهم مقصورة على الأموال من الدور والعقار ونحوهما أو على الأطفال والمجانين ومن بحكمهم من السفهاء الذين كان للموصي ولاية عليهم، وأما أوصياء الأنبياء فتكون ولايتهم عامة على جميع الأمة ذكرها وأنثاها حرها وعبدها كبيرها وصغيرها، وعلى جميع ما في أيديهم من الأموال منقولها وغير منقولها، إذ كل نبي أولى بأمته من أنفسهم فيكون أولى بأموالهم بالأولوية القطعية، فإذا كان النبي أولى بهم وبأموالهم كان الوصي كذلك، فشيث (عليه السلام) مثلا وصي آدم (عليه السلام) أو سام (عليه السلام) وصي نوح (عليه السلام) أو يوشع (عليه السلام) وصي موسى (عليه السلام) أو شمعون (عليه السلام) وصي عيسى (عليه السلام) ونحو ذلك من أوصياء الأنبياء، كل واحد منهم يكون بهذا المعنى وصيا للنبي، فإذا عرفت معنى الوصي وأن أوصياء الأنبياء ليسوا كأوصياء سائر الناس بأن تكون ولايتهم مقصورة على أموال الموصي وأطفاله بل لهم ولاية عامة على ما كان الموصي وليا عليه ومتصرفا فيه من الأموال والأنفس، كانت الأخبار التي دلت على أن عليا (عليه السلام) وصي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو هو خاتم الأوصياء وخيرهم هي من الأدلة القوية والحجج الجلية على أن لعلي (عليه السلام) ما كان ثابتا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الولاية العامة على المؤمنين أنفسهم وأموالهم جميعا، وهذا هو معنى الإمام والخليفة. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 196 -------------------------------------------------------------------------------- حديث " علي وارثي ": ذكرنا في الموضوع المتقدم " علي وصي النبي " أحاديث متفرقة تتضمن أيضا أن عليا (عليه السلام) وارث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحاديث أخرى كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث بريدة (الرياض النضرة: 2 / 17): لكل نبي وصي ووارث وأن عليا وصيي ووارثي، ذكره المناوي أيضا في كنوز الحقائق ص 121، قال: أخرجه الديلمي، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث سلمان: فإن وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز عدتي علي بن أبي طالب. وإذ نذكر هنا ما يخص هذا الموضوع. [ مستدرك الصحيحين: 3 / 125 ]: روى بسندين عن أبي إسحاق قال: سألت قثم بن العباس كيف ورث علي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دونكم؟ قال: لأنه كان أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا (قال): حديث صحيح الإسناد وذكره المتقي أيضا في كنز العمال (6 / 400) وقال: أخرجه ابن أبي شيبة، ورواه النسائي أيضا في خصائصه ص 28 بطريقين مختلفين في اللفظ (1). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 126 ]: روى بسنده عن ابن عباس قال: كان علي (عليه السلام) يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله يقول: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) [ آل عمران / 144 ] والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه فمن أحق به مني؟ وذكره الهيثمي أيضا في معجمه (9 / 134) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة (2 / 226) وقال: أخرجه أحمد في المناقب، والنسائي أيضا في خصائصه ص 18 والذهبي أيضا مختصرا في ميزان الاعتدال 2 / 285 (2). ____________ (1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 136 ح 4633، كنز العمال: 13 / 143 ح 36447، خصائص النسائي - ضمن السنن -: 5 / 139 ح 8493، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 2 / 14 ح 1034. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 136 ح 3635، المعجم الكبير للطبراني: 1 / 107 ح 176، الرياض النضرة: 3 / 181، خصائص النسائي - ضمن السنن -: 5 / 125 ح 8450. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 197 -------------------------------------------------------------------------------- وهذه الأخبار التي دلت على أن عليا (عليه السلام) وارث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مما يمكن الاستدلال بها على إمامة علي (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتوضيح ذلك مما يحتاج إلى ذكر مقدمة مختصرة، وهي بيان معنى التعصيب والعول بنحو الاختصار فنقول: إن وارث الميت إذا كان منحصرا بمن له الفرض في الكتاب العزيز كالنصف أو الثلث أو الربع ونحو ذلك (فتارة) تزيد التركة على الفريضة فحينئذ تقول العامة بالتعصيب، أي رد الزائد على العصبة وهم أقارب الميت من أبيه وابنه دون أمه وبنته، فإذا كان الوارث منحصرا بالبنت فالنصف يعطى للبنت لأنه فرضها ويعطى النصف الآخر للعصبة (وأخرى) تنقص التركة عن الفريضة وحينئذ تقول العامة بالعول أي بورود النقص على الجميع فإذا خلف الميت بنتين وأبوين وزوجين فللبنتين ثلثان ولأبويه لكل واحد منهما السدس وللزوج الربع فتنقص التركة عن الفريضة بمقدار الربع فيوزع النقص على الكل، وكل من التعصيب والعول عند الإمامية باطل نصا وفتوى فعند زيادة التركة يرد الزائد على ذوي الفروض دون العصبة، ففي المثال الأول تعطى البنت جميع المال نصفه فرضا ونصفه ردا، وعند نقصان التركة عن الفريضة يرد النقص على البنتين خاصة دون الجميع للنص (إذا عرفت) هذا كله فاعلم أن عليا (عليه السلام) ليس هو ممن يرث المال من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بإجماع المسلمين العامة والخاصة جميعا، أما عند العامة فلأنهم وإن قالوا بالتعصيب ولكنهم يقدمون العم مطلقا ولو كان من الأب كالعباس بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ابن العم مطلقا ولو كان من الأبوين كعلي (عليه السلام) بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لم يخلف إلا بنتا واحدة نصف أمواله بمذهب العامة لفاطمة سلام الله عليها ونصفه الآخر لعمه العباس، وأما عند الخاصة فأنهم لا يقولون بالتعصيب فالمال كله لفاطمة سلام الله عليها فرضا وردا (وعليه) فعلي (عليه السلام) بإجماع المسلمين ممن لا نصيب له من أموال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إرثا فلا بد من حمل تلك الأخبار الواردة كلها في أن عليا (عليه السلام) وارث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على كونه وارثا لعلمه، كما في رواية ابن عباس: والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه إلخ، وفي رواية معاذ يا رسول الله ما أرث منك؟ قال: ما يرث النبيون بعضهم من بعض كتاب الله وسنة نبيه وفي حديث المؤاخاة قال: وما أرث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي، قال: وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 198 -------------------------------------------------------------------------------- (إلخ) فإذا ثبت أن عليا (عليه السلام) هو الوارث لعلم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه الذي ورث من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علم الكتاب والسنة وثبت أنه الإمام بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما هو الشأن في الأنبياء السابقين، فإن وارث علمهم والعارف بسنتهم على النحو الكامل التام هو الإمام من بعده والعلماء وإن كانوا أيضا ورثة الأنبياء في العلم ولكن ليس علمهم كعلم الإمام، فوارث الكتاب والسنة بنحو الإطلاق لا يكون إلا الإمام، وسائر العلماء من الأمة يعلمون شيئا من علوم الأنبياء كما لا يخفى. |
حديث الثقلين:
[ صحيح مسلم ]: في كتاب فضائل الصحابة في باب فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، روى بسنده عن يزيد بن حيان قال انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: يا بن أخي والله لقد كبر سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فما حدثتكم فاقبلوه وما لا أحدثكم فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد ألا يا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي (عليه السلام) وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم. ورواه مسلم بأسانيد أخر أيضا عن زيد بن أرقم قال في بعضها: فقلنا: -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 199 -------------------------------------------------------------------------------- من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا، وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده، (ورواه) أحمد بن حنبل أيضا في مسنده (4 / 366). (ورواه) البيهقي أيضا في سننه (2 / 148) و (7 / 30) باختلاف يسير في اللفظ (ورواه) الدارمي أيضا في سننه مختصرا (2 / 431)، والمتقي في كنز العمال (1 / 45) مختصرا قال: لعبد بن حميد في مسنده عن زيد بن أرقم (وفي 7 / 102) بطريقين وقال في كل منهما: أخرجه ابن جرير، (ورواه) الطحاوي أيضا في مشكل الآثار (4 / 368) (1). [ سنن الترمذي: 2 / 308 ]: روى بسنده عن أبي سعيد والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد ابن أرقم قالا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. ورواه ابن الأثير الجزري أيضا في أسد الغابة (2 / 12) والسيوطي أيضا في الدر المنثور في ذيل تفسير آية المودة في سورة الشورى وقال: أخرجه ابن الأنباري في المصاحف (2). إن حديث الثقلين - الذي تقدم ذكره - هو من الأدلة القوية والحجج الجلية على خلافة علي (عليه السلام) وإمامته من بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل، بل لو لم يكن للشيعة دليل على خلافة علي (عليه السلام) سوى حديث الثقلين لكفاهم ذلك حجة على المخالف، والاستدلال به يتوقف على بيان سنده ودلالته. أما السند، فهو قوي جدا فإنه حديث صحيح مستفيض بل متواتر قد رواه أجلاء الصحابة ومشاهيرهم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كعلي (عليه السلام)، وأبي ذر، ____________ (1) صحيح مسلم: 5 / 22 - 26 ح 2408، مسند أحمد: 5 / 492 ح 18780، كنز العمال: 1 / 178 ح 898 و 13 / 640 - 641 ح 37619 - 37620. (2) سنن الترمذي: 5 / 622 ح 3788 وص 621 ح 3786، أسد الغابة: 2 / 13، الدر المنثور: 7 / 349، المعجم الكبير للطبراني: 5 / 170 ح 4981. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 200 -------------------------------------------------------------------------------- وجابر بن عبد الله الأنصاري، وزيد بن الأرقم وأبي سعيد الخدري، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وعبد الله بن حنطب، وأبي هريرة، وغيرهم كثير، وقد سمعت كلام المناوي في فيض القدير (3 / 14) حيث قال: قال السمهودي: وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة، بل وكلام ابن حجر في صواعقه ص 136 حيث قال: ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع وعشرين صحابيا لا حاجة لنا ببسطها. وأما الدلالة، فهي قوية أيضا بل في أعلى مراتب القوة بعد رعاية القرائن القطعية والشواهد الجلية المحفوفة به، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) أني مقبوض - أو إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب أو أني لا أجد لنبي إلا نصف عمر الذي قبله وإني أوشك أن أدعى فأجيب أو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): وأنا تارك فيكم الثقلين، أو إني تارك فيكم الثقلين أو خليفتين، أو فانظروا كيف تخلفوني فيهما، أو كيف تخلفوني في الثقلين، أو قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ولا تقدموهما فتهلكوا لا تعلموهما فإنهم أعلم منكم. فإن جميع ذلك قرائن قطعية وشواهد جلية على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد دنا أجله وقربت وفاته فصار في مقام الاستخلاف وتعيين الخليفة من بعده، فعين الكتاب وأهل بيته وبين للناس أنهما أعلم منهم ونهاهم عن تقدمهما وعن التقصير عنهما، وإذا ثبت من مجموع تلك القرائن والشواهد أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد استخلف الكتاب وأهل بيته وترك في الأمة هذين الثقلين، ثبتت خلافة علي (عليه السلام) من بين أهل البيت الطاهرين بالخصوص، فإنه أعلمهم وأفضلهم ولم يدع منهم أحد منصب الخلافة والإمام ما دام علي (عليه السلام) كان حيا موجودا في دار الدنيا (هذا كله) مع قطع النظر عن الأحاديث التي كان فيها تصريح باسم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - بعدما قال: إني قد تركت فيكم الثقلين، أو أني تارك فيكم أمرين كتاب الله وأهل بيتي - قد أخذ بيد علي (عليه السلام) وقال: من كنت مولاه - أو أولى به من نفسه - فعلي مولاه، أو وليه. ومما يزيدك في المقام توضيحا وأن المتعين من بين أهل البيت (عليهم السلام) - الذين استخلفهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعلهم عدلا للقرآن المجيد وشريكا له - هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) خاصة، ما أفاده ابن حجر الهيثمي في صواعقه -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 201 -------------------------------------------------------------------------------- فإنه - مع شدة تعصبه على الشيعة حتى سمي كتابه بالصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة - يعني بهم الشيعة - له كلام في المقام قد أدى به حقه، وها نحن نذكره بعينه لترى كيف قد أجرى الله تعالى الحق على لسانه. قال في صواعقه ص 90: تنبيه، سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن وعترته - وهي بالمثناة الفوقية الأهل والنسل والرهط الأدنون - ثقلي لأن الثقل كل نفيس خطير مصون، وهذان كذلك إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية، والأسرار والحكم العلية، والأحكام الشرعية ولذا حث (صلى الله عليه وآله وسلم) على الاقتداء والتمسك بهم، والتعلم منهم وقال: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت (وقيل) سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما، ثم الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض، ويؤيده الخبر السابق " ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم " وتميزوا بذلك عن بقية العلماء لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة، وقد مر بعضها، وسيأتي الخبر الذي في قريش (وتعلموا منهم فإنهم أعلم منكم) فإذا ثبت هذا لعموم قريش فأهل البيت أولى منهم بذلك لأنهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا يشاركهم فيها بقية قريش، وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض، ويشهد لذلك الخبر: " في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي " (إلى آخره)، ثم أحق من يتمسك به منهم أمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما قدمنا من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته ومن ثم قال أبو بكر: علي عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أي الذين حث على التمسك بهم فخصه لما قلنا، وكذلك خصه (صلى الله عليه وآله وسلم) بما مر يوم غدير خم (1) (انتهى) موضع الحاجة من كلام ابن حجر، فراجعه. ____________ (1) الصواعق المحرقة: ص 151. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 202 -------------------------------------------------------------------------------- حديث الغدير: 1 - أبو بكر وعمر يقولان لعلي يوم الغدير " أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة ": [ سنن الترمذي: 2 / 298 ]: عن سلمة بن كهل، قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة - أو زيد بن أرقم - عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وذكره علي بن سلطان في مرقاته: 5 / 568، في الشرح عن الجامع أنه روى الترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من كنت مولاه فعلي مولاه (1). [ سنن ابن ماجة: ص 2 ]: عن البراء بن عازب، قال: أقبلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجته التي حج، فنزل في بعض الطريق فأمر الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال ة ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فهذا ولي من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، اللهم عاد من عاداه. ورواه أحمد بن حنبل في مسند: 4 / 281، قال البراء:... فلقيه عمر بعد ذلك فقال له: هنيئا يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة... وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 397، والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 169 (2). [ مستدرك الصحيحين 3 / 109، 533 ]: عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن، فقال: كأني دعيت فأجبت، إني قد تركت ____________ (1) سنن الترمذي: 5 / 591 ح 3713، المرقاة في شرح المشكاة: 10 / 463 ح 6091، سنن النسائي: / 130 ح 8464. سنن ابن ماجة: 1 / 43 ح 116، مسند أحمد: 5 / 355 ح 18011، الرياض النضرة: 3 / 114، مصنف ابن أبي شيبة: 7 / 503 ح 55، ذخائر العقبى: ص 67. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 203 -------------------------------------------------------------------------------- فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله تعالى، وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال: إن الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد كل من عاداه. وذكره المتقي في كنز العمال: 1 / 48 (1). [ مسند أحمد بن حنبل: 1 / 118 ]: عن سعيد بن وهب، وعن زيد بن يثيع، قالا: نشد علي (عليه السلام) الناس في الرحبة من سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم إلا قام، قال: فقام من قبل سعيد ستة ومن قبل زيد ستة، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي (عليه السلام) يوم غدير خم: أليس الله أولى بالمؤمنين؟ قالوا: بلى، قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاده. ورواه النسائي في خصائصه: ص 22، 40 (2). [ مسند أحمد بن حنبل: 4 / 270 ]: عن أبي الطفيل، قال: جمع علي (عليه السلام) الناس في الرحبة ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس، وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فخرجت وكان في نفسي شئ فلقيت ____________ (1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 118 ح 4576 وص 613 ح 6272، مسند أحمد: 5 / 501 ح 18838، خصائص النسائي (ضمن السنن): 5 / 130 ح 8464، المعجم الكبير للطبراني: 5 / 166 رقم 4969، مجمع الزوائد: 9 / 104، تاريخ اليعقوبي: 2 / 112. مسند أحمد: 1 / 189 ح 953 - 955، ص 191 ح 964، ص 142 ح 672، ص 135 ح 642، خصائص النسائي (ضمن السنن): 5 / 131 - 132 ح 8472 - 8473، مجمع الزوائد: 9 / 107، الرياض النضرة: 3 / 114 أسد الغابة: 4 / 108، تاريخ بغداد: 14 / 236 رقم 7545، مشكل الآثار: 2 / 308. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 204 -------------------------------------------------------------------------------- زيد بن أرقم، فقلت له: إني سمعت عليا (عليه السلام) يقول: كذا وكذا، قال: فما تنكر؟ قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ذلك. ورواه النسائي في خصائصه: ص 24 بطريقين، وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 169 (1). [ الفخر الرازي في تفسيره الكبير ]: في ذيل تفسير قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) [ المائدة / 67 ] - قال: العاشر - أي من وجوه نزول الآية -: نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولما نزلت هذه الآية أخذ بيده وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر فقال: هنيئا لك أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (2). [ الرياض النضرة: 2 / 169 - 170 ]: قال: وخرج ابن السمان عن عمر " من كنت مولاه فعلي مولاه "، وقال: وعن عمر، أنه قال: علي مولى من كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مولاه، ثم قال: وعن سالم، قيل لعمر: إنك تصنع بعلي شيئا ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنه مولاي. وذكر هذا الأخير ابن حجر في صواعقه: ص 26 وقال أخرجه الدارقطني (3). [ الإمامة والسياسة لابن قتيبة: ص 93 ]: قال: وذكروا أن رجلا من همدان يقال له برد قدم على معاوية، فسمع ____________ (1) مسند أحمد: 5 / 498 ح 18815، خصائص النسائي (ضمن السنن): 5 / 14 ح 8478، الرياض النضرة: 3 / 114، مجمع الزوائد: 9 / 104، البداية والنهاية: 5 / 231، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر: 2 / 7 ح 505، كفاية الطالب: ص 56، نزل الأبرار للبدخشي: ص 55. (2) التفسير الكبير للفخر الرازي: 12 / 49، الدر المنثور: 3 / 117، تاريخ بغداد: 8 / 290 رقم 4392 و (3) الرياض النضرة: 3 / 114 و 115، الصواعق المحرقة: ص 44، مناقب الخوارزمي: ص 150 ح 196. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 205 -------------------------------------------------------------------------------- عمرا يقع في علي (عليه السلام) فقال له: يا عمرو إن أشياخنا سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، فحق ذلك أم باطل؟ فقال عمرو: حق وأنا أزيدك: إنه ليس أحد من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) له مناقب مثل مناقب علي، ففزع الفتى (1)... [ ذخائر العقبى: ص 68 ]: قال: وعن عمر وقد جاءه أعرابيان يختصمان، فقال لعلي (عليه السلام): اقض بينهما يا أبا الحسن، فقضى علي (عليه السلام) بينهما، فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا، فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه، وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لم يك مولاه فليس بمؤمن. وذكره ابن حجر في صواعقه: ص 107 وقال: أخرجه الدارقطني (2). [ تاريخ بغداد: 8 / 290 ]: عن أبي هريرة، قال: من صام يوم ثماني عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: ألست ولي المؤمنين؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم، فأنزل الله: (اليوم أكملت لكم دينكم) [ المائدة / 3 ] (3). 2 - النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعمم عليا (عليه السلام) يوم الغدير بما تعتم به الملائكة: [ مسند أبي داود الطيالسي: 1 / 23 ]: عن علي (عليه السلام)، قال: عممني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم بعمامة يسدلها خلفي ثم قال: إن الله عز وجل أمدني يوم بدر وحنين بملائكة يعتمون هذه العمة. وفي لفظ آخر: إن العمامة حاجة بين الكفر والإيمان. ____________ (1) الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 97. (2) ذخائر العقبى: ص 179، الصواعق المحرقة: ص 179، الرياض النضرة: 3 / 115، مناقب الخوارزمي: ص 160 ح 191. (3) تاريخ بغداد: 8 / 290 رقم 4392. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 206 -------------------------------------------------------------------------------- ورواه البيهقي في سننه: 10 / 14، وذكره ابن حجر في إصابته: 4 / القسم 1 / 41، وقال فيه: بعمامة سوداء طرفها على منكبي. (قال) أخرجه البغوي (1). [ أسد الغابة: 3 / 114 ]: عن عبد الأعلى بن عدي، إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم غدير خم فعممه وأرخى عذبة العمامة من خلفه، ثم قال: هكذا فاعتموا فإن العمائم سيماء الإسلام وهي حاجزة بين المسلمين والمشركين. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 217 (2). 3 - نزول آية (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) يوم الغدير: [ أسباب النزول: ص 150 ]: عن أبي سعيد الخدري، قال: نزلت هذه الآية: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) [ المائدة / 67 ]، يوم غدير خم في علي بن أبي طالب (عليه السلام) (3). 4 - نزول آية (اليوم أكملت لكم دينكم) يوم الغدير: [ السيوطي في الدر المنثور ]: في ذيل تفسير قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) [ المائدة / 3 ]، عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا يوم غدير خم، فنادى له بالولاية هبط جبريل عليه بهذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم) (4). ____________ (1) مسند أبي داود: ص 23 ح 154، كنز العمال: 15 / 482 ح 41909 و 41911، فرائد السمطين: 1 / 75 ح 41، 42. (2) أسد الغابة: 3 / 171 ح 2804، الرياض النضرة: 3 / 170. (3) أسباب النزول للواحدي: ص 135، التفسير الكبير للرازي: 12 / 49، الدر المنثور: 3 / 117، فتح القدير: 2 / 65. (4) الدر المنثور: 3 / 19، تاريخ بغداد: 8 / 290 رقم 4392، شواهد التنزيل للحسكاني: 1 / 200 ح 210 وص 203 ح 213، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر: 2 / 85 ح 588. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 207 -------------------------------------------------------------------------------- علم علي (عليه السلام) علم علي (عليه السلام) بالقرآن وما في الصحف الأولى: [ الفخر الرازي في تفسيره الكبير ]: في ذيل تفسير قوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) [ آل عمران / 33 ]، قال: قال على (عليه السلام): علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف باب من العلم واستنبطت من كل باب ألف باب، قال: فإذا كان حال المولى هكذا فكيف حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1). [ الإستيعاب: 2 / 462 ]: عن عبد الله بن عباس، قال: والله لقد أعطي علي بن أبي طالب (عليه السلام) تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر. وذكره ابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 22 (2). [ الإستيعاب: 2 / 462 ]: عن سعيد بن المسيب، قال: ما كان أحد من الناس يقول: سلوني غير علي بن أبي طالب (عليه السلام). وذكره ابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 22، وابن حجر في صواعقه: ص 76 وقال أخرجه ابن سعد، والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 198 (3). [ طبقات ابن سعد: 2 / القسم 2 / 101 ]: عن ابن عباس، قال: إذا حدثنا ثقة عن علي (عليه السلام) بفتيا لا نعدوها. ____________ (1) التفسير الكبير للفخر الرازي: 8 / 21، كنز العمال 13 / 114 ح 36372، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 2 / 85 خ 1512. (2) الإستيعاب: 3 / 40، أسد الغابة ج 4 / 100 رقم 3783، الرياض النضرة: 3 / 141. (3) الإستيعاب: 3 / 40، أسد الغابة: 4 / 100 رقم 3783، الصواعق المحرقة: ص 127، الرياض النضرة: 3 / 146، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 3 / 31 ح 1054. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 208 -------------------------------------------------------------------------------- وذكره ابن حجر في إصابته: 4 / 1 / 270، وابن عبد البر في استيعابه: 2 / 462، وابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 23 باختلاف في اللفظ (1). [ حلية الأولياء: 1 / 65 ]: عن عبد الله بن مسعود، قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب (عليه السلام) عنده علم الظاهر والباطن (2). [ حلية الأولياء: 1 / 67 ]: عن علي (عليه السلام) قال: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا، ولسانا مسؤولا. ورواه ابن سعد في طبقاته: 2 / 101 وقال فيه: لسانا طلقا، وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 396 وقال: أخرجه ابن سعد وابن عساكر وقال: طلقا سؤولا (3). [ طبقات ابن سعد: 2 / القسم 2 / 101 ]: عن أبي الطفيل، قال: قال علي (عليه السلام): سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، قي سهل أم في جبل. وذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب: 7 / 337، والإصابة: 4 / القسم 1 / 270، وابن عبد البر في استيعابه. 2 / 463 (4). علي (عليه السلام) أعلم الناس وأحلمهم وأفضلهم: [ مسند أحمد بن حنبل: 5 / 26 ]: عن معقل بن يسار، قال: وضأت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم، فقال: هل لك ____________ (1) طبقات ابن سعد: 2 / 338، الإصابة: 2 / 509، الإستيعاب: 3 / 40، أسد الغابة: 4 / 100 رقم 3783. (2) ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 3 / 32 ح 1057، فيض القدير: 3 / 46. (3) طبقات ابن سعد: 2 / 338، كفاية الطالب: ص 207 - 208، إسعاف الراغبين: ص 162. (4) طبقات ابن سعد: 2 / 338، تهذيب التهذيب: 7 / 297، الإصابة لابن حجر: 2 / 509، الإستيعاب: 3 / 43. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 209 -------------------------------------------------------------------------------- في فاطمة تعودها؟ فقلت: نعم، فقام متوكئا علي فقال: أما إنه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك، قال: فكأنه لم يكن علي شئ حتى دخلنا على فاطمة سلام الله عليها، فقال لها: كيف تجدينك؟ قالت: والله لقد اشتد حزني وطال سقمي، قال أبو عبد الرحمن - وهو عبد الله بن أحمد بن حنبل -: وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث، قال: أوما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما. وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 153 (1). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 499 ]. عن قيس بن أبي حازم: قال: كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب (عليه السلام) والناس وقوف حواليه، إذ أقبل سعد بن أبي وقاص فوقف عليهم، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل يشتم علي بن أبي طالب، فتقدم سعد، فأفرجوا له حتى وقف علجه فقال: يا هذا علام تشتم علي بن أبي طالب؟ ألم يكن أول من أسلم؟ ألم يكن أول من صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ألم يكن أعلم الناس؟ وذكر حتى قال: ألم يكن ختن رسول الله على ابنته؟ ألم يكن صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزواته؟ ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك، قال قيس: فوالله ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه فمات (2). [ طبقات ابن سعد: 6 / 167 ]: عن جبلة بنت المصفح، عن أبيها: قال: قال لي علي (عليه السلام): يا أخا بني عامر سلني عما قال الله ورسوله فإنا نحن أهل البيت أعلم بما قال الله ورسوله، قال: والحديث طويل (3). ____________ (1) مسند أحمد: 5 / 662 ح 19796، كنز العمال: 13 / 114 ح 36370، المعجم الكبير للطبراني: 20 / 229 538، أسد الغابة: 7 / 221، مجمع الزوائد: 9 / 101 و 114. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 571 ح 6121. (3) الطبقات الكبرى لابن سعد: 6 / 240. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 210 -------------------------------------------------------------------------------- [ الإستيعاب: 2 / 462 ]: عن جبير، قال: قالت عائشة: من أفتاكم بصوم عاشوراء؟ قالوا، علي (عليه السلام)، قالت: أما إنه لأعلم الناس بالسنة. وذكره المتقي في كنز العمال: 4 / 343 وقال أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار (1). [ أسد الغابة: 6 / 22 ]: عن عبد الملك بن سليمان، قال: قلت لعطاء: أكان في أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم من علي (عليه السلام)؟ قال: لا والله لا أعلم. وذكره ابن عبد البر في استيعابه: 2 / 462، والمناوي في فيض القدير: 3 / 46 في الشرح، والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 194 (2). [ الإستيعاب: 2 / 462 ]: عن سعيد بن وهب، قال: قال عبد الله: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب (عليه السلام). وروي بطريق آخر عن المغيرة، قال: ليس أحد منهم أقوى قولا في الفرائض من علي (عليه السلام)، قال: وكان المغيرة صاحب الفرائض. وذكرهما المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 194 (3). [ سنن البيهقي: 5 / 59 ]: عن أبي جعفر، قال: أبصر عمر بن الخطاب على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم، فقال: ما هذه الثياب؟ فقال علي بن أبي طالب: ما أخال أحدا يعلمنا السنة، فسكت عمر (4). ____________ (1) الإستيعاب: 3 / 40، الرياض النضرة: 3 / 141. (2) أسد الغابة: 4 / 100، رقم 3783، الإستيعاب: 3 / 40، فيض القدير: 3 / 47، الرياض النضرة: 3 / 141. (3) الإستيعاب: 3 / 4، الرياض النضرة: 3 / 141. (4) المحلى لابن حزم: 7 / 260 مسألة 896. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 211 -------------------------------------------------------------------------------- وقول علي (عليه السلام) ذلك لعمر هو دليل على رضائه بما فعل عبد الله ابن جعفر وإن ذلك جائز شرعا، كما أن سكوت عمر بعد قول علي (عليه السلام) هو دليل واضح على تسليمه أن عليا (عليه السلام) هو أعلم الناس بالسنة ولا ينبغي أن يعلمه أحد. علي (عليه السلام) لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون: [ مسند أحمد بن حنبل: 1 / 199 ]: عن هبيرة، قال: خطبنا الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبعثه بالراية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له. ثم رواه ثانيا - باختلاف يسير سندا ومتنا - فقال: عن عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي (عليه السلام) بعد قتل علي (عليه السلام)، فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم، ولا أدركه الآخرون إن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله. وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 412 (1). [ سنن الترمذي: 2 / 299 ]: عن الصنابجي: عن علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا دار الحكمة وعلي بابها. قال الترمذي: وفي الباب عن ابن عباس (2). [ تاريخ بغداد: 11 / 204 ]: ____________ (1) مسند أحمد: 1 / 328 ح 1624 - 1725، حلية الأولياء: 1 / 65، تاريخ ابن كثير: / 368، صفة الصفوة: 1 / 313. (2) سنن الترمذي: 5 / 596 ح 3723، حلية الأولياء: 1 / 64، مصابيح السنة: 4 / 174. ح 4772، تاريخ ابن كثير: 7 / 395، المرقاة في شرح المشكاة: 10 / 469 ح 6096، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 2 / 459 ح 990، الرياض النضرة: 3 / 140، فيض القدير: 3 / 47 رقم 2704. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 212 -------------------------------------------------------------------------------- عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب (1). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 126 ]: عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب. ورواه بطريق آخر: ص 27 1، وابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 22، وابن حجر في تهذيب التهذيب: 6 / 320، 7 / 427، والمتقي في كنز العمال: 6 / 152، 156 (2). إخباره بالغيب: [ مستدرك الصحيحين: 2 / 358 ]: عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، قال: لما كان حجر بن قيس المدري من المختصين بخدمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له علي (عليه السلام) يوما. يا حجر إنك تقام بعدي فتؤمر بلعني فالعني ولا تبرأ مني. قال طاووس: فرأيت حجر المدري وقد أقامه أحمد بن إبراهيم خليفة بني أمية في الجامع ووكل به ليلعن عليا (عليه السلام) أو يقتل، فقال حجر. أما إن الأمير أحمد بن إبراهيم أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله، فقال طاووس: فلقد أعمى الله قلوبهم حتى لم يقف أحد منهم على ما قال. وذكره ابن حجر في صواعقه: ص 77 (3). ____________ (1) تاريخ بغداد: 11 / 204 رقم 5908، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 2 / 476 ح 1003. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 137 ح 4637 و 4638، أسد الغابة: 4 / 100 رقم 3783، تهذيب التهذيب: 7 / 296، تاريخ بغداد: 4 / 348 رقم 2186، و 7 / 182 رقم 3613، و 11 / 48 و 49 رقم 5728، الرياض النصرة: 3 / 140، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 2 / 466 ح 993، الصواعق المحرقة: ص 122، مجمع الزوائد: 9 / 114، فيض القدير: 3 / 46 رقم 2705، لسان الميزان: 1 / 191 رقم 575 وص 483 رقم 1347. (3) المستدرك على الصحيحين: 2 / 390 ح 3366، الصواعق المحرقة: ص 128. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 213 -------------------------------------------------------------------------------- [ طبقات ابن سعد: 5 / 30 ]: في ترجمة مروان، قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) له يوما ونظر إليه ليحملن راية ضلالة بعدما يشيب صدغاه وله إمرة كلحسة الكلب أنفه (1). [ تهذيب التهذيب: 7 / 358 ]: في ترجمة علي بن عبد الله بن العباس، قال: وقد حكى المبرد وغيره أنه لما ولد جاء به أبوه إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ما سميته؟ فقال: أو يجوز لي أن أسميه قبلك، فقال: قد سميته باسمي وكنيته بكنيتي، وهو أو الأملاك (2). [ مجمع الزوائد: 6 / 341 ]: عن جندب، قال: لما فارقت الخوارج عليا (عليه السلام) خرج في طلبهم وخرجنا معه فانتهينا إلى عسكر القوم وإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن، وإذا فيهم أصحاب الثفنات وأصحاب البرانس، فلما رأيتهم دخلني من ذلك شدة فتنحيت، فركزت رمحي ونزلت عن فرسي فنثرت عليه درعي وأخذت بمقود فرسي، فقمت أصلي إلى رمحي وأنا أقول في صلاتي: اللهم إن كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فأذن لي فيه، وإن كان معصية فأرني براءتك. قال: فأنا كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) على بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما حاذاني قال: تعوذ بالله تعوذ بالله يا جندب من شر الشك، فجئت أسعى إليه، ونزل فقام يصلي إذ أقبل رجل على برذون يقرب به، فقال: يا أمير المؤمنين، قال: ما شأنك؟ قال: لك حاجة في القوم؟ قال: وما ذاك؟ قال: قد قطعوا النهر، قال: ما قطعوه، وساق الحديث إلى أن قال: ولا يقطعوه وليقتلن دونه عهد من الله ورسوله، قلت: الله أكبر، ثم قمت فأمسكت له بالركاب، فركب فرسه ثم رجعت إلى درع فلبستها وإلى قوسي فعلقتها وخرجت أسايره، فقال لي: يا جندب، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: أما أنا فأبعث إليهم رجلا يقرأ المصحف يدعو إلى كتاب الله ____________ (1) الطبقات الكبرى لابن سعد: 5 / 43. تهذيب التهذيب: / 313 رقم 575. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 214 -------------------------------------------------------------------------------- وسنة نبيهم فلا يقبل علينا بوجهه حتى يرشقوه بالنبل، يا جندب أما إنه لا يقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة، فانتهينا إلى القوم وهم في معسكرهم، إلى أن قال: فقتلت بكفي هذه - بعدما دخلني ما كان دخلني - ثمانية قبل أن أصلي الظهر، وما قتل منا عشرة ولا نجا منهم عشرة كما قال، قال: رواه الطبراني (1). دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين بعثه إلى اليمن قاضيا: [ سنن ابن ماجة: ص 168 ]: - باب ذكر القضاء - عن أبي البختري، عن علي (عليه السلام)، قال: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله تبعثني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري بالقضاء، قال: فضرب بيده في صدري ثم قال: اللهم أهد قلبه وثبت لسانه، قال: فما شككت بعد في قضاء بين اثنين. ورواه أبو داود في سننه في كتاب الأقضية - باب كيف القضاء - والحاكم في مستدرك الصحيحين: 3 / 135، 4 / 88، والنسائي في خصائصه: ص 11 بطرق سبعة، وأحمد بن حنبل في مسنده: 1 / 83 - 88، 111، 136، 149 بطريقين وص 156، وأبو داود الطيالسي في مسنده: 1 / 16، 19، وأبو نعيم في حليته: 4 / 381 والخطيب البغدادي في تاريخه: 12 / 443، وابن سعد في طبقاته: 2 / القسم 2 / 100 - 101، وابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 22، وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 158، 302، 394، 395، والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 198 (2). ____________ (1) 6 / 241 - 242. (2) ورد الحديث بطرق متعددة في: سنن ابن ماجة: 2 / 774 ح 2310، سنن أبي داود: 3 / 301 ح 3582، المستدرك على الصحيحين: 3 / 146 ح 4658، مسند أحمد: 1 / 135 ح 637 وص 220 ح 1149، مسند أبي داود الطيالسي: ص 16 ح 98، حلية الأولياء: 4 / 381، تاريخ بغداد: 12 / 444 رقم 6916، طبقات ابن سعد: 2 / 337، أسد الغابة: 4 / 99 ح 3783، الرياض النضرة: 3 / 147، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 116 ح 8417، السنن الكبرى للبيهقي: 10 / 86، دلائل النبوة للبيهقي: 5 / 397، فتح الباري: 8 / 53، مصنف ابن أبي شيبة: 7 / 495 خ 5. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 215 -------------------------------------------------------------------------------- علي (عليه السلام) أقضى الناس: [ الرياض النضرة: 2 / 198 - ذخائر العقبى: ص 83 ]: قالا فيهما عن أنس، عن النبي (عليه السلام) إنه قال: أقضى أمتي علي، قال: أخرجه في المصابيح في الحسان (1). [ الرياض النضرة: 2 / 198 ]: عن عمر بن الخطاب، قال: أقضانا علي بن أبي طالب. قال: أخرجه السلفي (2). رجوع أبي بكر إلى علي (عليه السلام): [ كنز العمال: 3 / 99 ]: عن محمد بن المنكدر، إن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر أنه وجد رجل في بعض ضواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة وأن أبا بكر جمع لذلك ناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) أشدهم يومئذ قولا، فقال: إن هذا ذنب لم تعمل به أمة من الأمم إلا أمة واحدة فصنع بها ما قد علمتم، أرى أن تحرقوه بالنار، فكتب إليه أبو بكر أن يحرق بالنار (3). [ الرياض النضرة: 2 / 195 ]: عن ابن عمر، إن اليهود جاؤوا إلى أبي بكر فقالوا: صف لنا صاحبك، فقال: معشر اليهود لقد كنت معه في الغار كإصبعي هاتين، ولقد صعدت معه جبل حراء وإن خنصري لفي خنصره، ولكن الحديث عنه (عليه السلام) شديد، وهذا علي بن أبي طالب، فأتوا عليا (عليه السلام) فقالوا: يا أبا الحسن صف لنا ابن عمك، فقال: لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالطويل الذاهب طولا، ولا بالقصير المتردد، كان فوق الربعة، أبيض اللون مشربا حمرة، ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 14، المناقب للخوارزمي: ص 81. (2) الرياض النضرة: 3 / 147، ذخائر العقبى: ص 83، فتح الباري: 6 / 60. (3) كنز العمال: 5 / 469 ح 13643. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 216 -------------------------------------------------------------------------------- جعد الشعر ليس القطط يضرب شعره إلى أرنبة؟؟؟، صلت الجبين، أدعج العينين، دقيق المسربة، براق الثنايا، أقنى الأنف، كأن عنقه إبريق فضة، له شعرات من لبته إلى سرته كأنهن قضيب مسك أسود، ليس في جسده ولا في صدره شعرات غيرهن، شثن الكف والقدم، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا التفت التفت بمجامع بدنه، وإذا قام غمر الناس، وإذا قعد علا الناس وإذا تكلم أنصت الناس، وإذا خطب أبكى الناس، وكان أرحم الناس بالناس لليتيم كالأب الرحيم، وللأرملة كالريم الكريم، أشجع الناس وأذلهم كفا وأصبحهم وجها، لباسه العباء، وطعامه خبز الشعير، وأدامه اللبن، ووساده الأدم محشو بليف النخل، سريره أم غيلان مرمل بالشريط، كان له عمامتان إحداهما تدعى السحاب، والأخرى العقاب، وكان سيفه ذا الفقار، ورايته الغراء، وناقته العضباء، وبغلته دلدل، وحماره يعفور، وفرسه مرتجز، وشاته بركة، وقضيبه الممشوق، ولواؤه الحمد وكان يعقل البعير، ويعلف الناضح ويرقع الثوب، ويخصف النعل (1). رجوع عمر إلى علي (عليه السلام): [ سنن أبي داود: 28 / 147 ]: عن ابن عباس، قال: أتى عمر بمجنونة قد زنت فاستشار فيها أناسا، فأمر بها عمر أن ترجم، فمر بها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت، فأمر بها عمر أن ترجم، قال: فقال: ارجعوا بها، ثم أتاه فقال: يا عمر أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل؟ قال: بلى، قال: فما بال هذه ترجم؟ قال: لا شئ، قال: فأرسلها، قال: فجعل يكبر. ورواه في الباب بطرق أخر، قال في بعضها فجعل عمر يكبر (2). ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 143، دلائل النبوة للبيهقي: 1 / 201 - 206. (2) سنن أبي داود: 4 / 140 ح 4399، صحيح البخاري: 6 / 299 باب 7، سنن الدارقطني ج 3 / 139 ح 173، مسند أحمد: 1 / 226 ح 1187، وص 249 ح 1330، فيض القدير: 4 / 357، فتح الباري: 12 / 101. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 217 -------------------------------------------------------------------------------- [ موطأ الإمام مالك بن أنس: ص 186 ]: - كتاب الأشربة - عن ثور بن زيد الديلمي إن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي بن أبي طالب (عليه السلام): نرى أن يجلد ثمانين فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذي، وإذا هذى أفترى، (أو كما قال)، فجلد عمر في الخمر ثمانين، (أقول): ورواه الشافعي في مسنده في كتاب الأشربة: ص 166، والحاكم في مستدرك الصحيحين: 4 / 375، وذكره السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر) [ المائدة / 90 ]، وروى الدارقطني في سننه: ص 346 كتاب الحدود، حديثا قال في آخره: قال علي (عليه السلام): إنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون جلدة، فأمر به عمر فجلد ثمانين، وذكره المتقي في كنز العمال: 3 / 101 (1). [ مستدرك الصحيحين: 1 / 400 ]: عن حارثة بن مضرب، قال: جاء ناس من أهل الشام إلى عمر فقالوا: إنا قد أصبنا أموالا وخيلا، ورقيقا نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور، قال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعله، فاستشار عمر عليا (عليه السلام) في جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال علي (عليه السلام): هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها راتبة. ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار في كتاب الزكاة باب الخيل السائبة (2). [ مستدرك الصحيحين: 1 / 457 ]: عن أبي سعيد الخدري، قال: حججنا مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبلك ما قبلتك، ثم قبله، فقال له علي (عليه السلام): ____________ (1) موطأ مالك: 2 / 842 ح 2، المستدرك على الصحيحين: 4 / 417 ح 8132 و 8131، الدر المنثور: 3 / 162، سنن الدارقطني: 3 / 157، فتح الباري 12 / 57. (2) المستدرك على الصحيحين: 1 / 557 ح 1456. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 218 -------------------------------------------------------------------------------- بلى يا عمر إنه يضر وينفع، قال: بم؟ قال: بكتاب الله تبارك وتعالى، قال: وأين ذلك من كتاب الله؟ قال: قال الله عز وجل: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) [ الأعراف / 172 ]، خلق الله آدم ومسح على ظهره فقررهم بأنه الرب وأنهم العبيد وأخذ عهودهم ومواثيقهم، وكتب ذلك في رق، وكان لهذا الحجر عينان ولسان فقال له: افتح فاك، قال: ففتح فاه، فألقمه ذلك الرق وقال: أشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، وإني أشهد لسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود له لسان ذلق يشهد لمن استلمه بالتوحيد، فهو يا عمر يضر وينفع. فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن (1). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 14 ]: عن سعيد بن المسيب يقول: جمع عمر الناس فسألهم من أي يوم يكتب التاريخ؟ فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام) من يوم هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وترك أرض الشرك، ففعله عمر. ورواه ابن جرير في تاريخه: 2 / 112، وذكره المتقي في كنز العمال: 5 / 244 مرتين قال: في إحداهما: أخرجه البخاري في تاريخه الصغير والحاكم في مستدركه، وقال في ثانيهما: عن ابن المسيب قال: أول من كتب التاريخ عمر لسنتين ونصف من خلافته فكتب لست عشرة من الهجرة بمشورة علي بن أبي طالب (عليه السلام) (2). [ سنن البيهقي: 6 / 123 ]: عن الحسن، يقول: إن عمر بلغه أن امرأة بغية يدخل عليها الرجال، فبعث إليها رسولا فأتاها الرسول فقال: أجيبي أمير المؤمنين، ففزعت فزعا ____________ (1) المستدرك على الصحيحين: 1 / 628 ح 1682، صحيح البخاري: 2 / 579 ح 1520، التفسير الكبير للرازي: 32 / 10، الدر المنثور: 3 / 605، شعب الإيمان: 3 / 451 ح 4040، إرشاد الساري للقسطلاني: 4 / 135 1597، عمدة القاري: 9 / 240، تاريخ عمر ابن الخطاب لابن الجرزي: ص 115. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 15 ح 4287، تاريخ الطبري: 2 / 391. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 219 -------------------------------------------------------------------------------- فوقعت الفزعة في رحمها فتحرك ولدها، فخرجت فأخذها المخاض فألقت غلاما جنينا، فأتى عمر بذلك فأرسل إلى المهاجرين فقص عليهم أمرها، فقال: ما ترون؟ فقالوا: ما نرى عليك شيئا يا أمير المؤمنين إنما أنت معلم ومؤدب، وفي القوم علي (عليه السلام) وعلي ساكت، قال: فما تقول أنت يا أبا الحسن؟ قال: أقول: إن كانوا قاربوك في الهوى فقد أثموا وإن كان جهد رأيهم فقد أخطأوا وأرى عليك الدية. إلى أن قال: قال - يعني عمر -: صدقت (1). [ سنن البيهقي: 7 / 343 ]: عن أبي الحلال العتكي، قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: أنه قال لامرأته: حبلك على غاربك، فقال له عمر: واف معنا الموسم، فأتاه الرجل في المسجد الحرم فقص عليه القصة، فقال: ترى ذلك الأصلع يطوف بالبيت، اذهب إليه فسله ثم ارجع فأخبرني بما رجع إليك، قال: فذهب إليه فإذا هو علي (عليه السلام) فقال: من بعثك إلي؟ فقال: أمير المؤمنين: قال: إنه قال لامرأته. حبلك على غاربك، فقال: استقبل البيت واحلف بالله ما أردت طلاقا، فقال الرجل. وأنا أحلف بالله ما أردت إلا الطلاق بانت منك امرأتك. [ سنن البيهقي: 7 خ 442 ]: عن الشعبي، قال: أتى عمر بن الخطاب بامرأة تزوجت في عدتها فأخذ مهرها فجعله في بيت المال وفرق بينهما وقال: لا يجتمعان وعاقبهما، قال: فقال علي (عليه السلام): ليس هكذا ولكن هذه الجهالة من الناس، ولكن يفرق بينهما ثم تستكمل بقية العدة من الأول ثم تستقبل عدة أخرى وجعل لها على المهر بما استحل من فرجها، قال: فحمد الله عمر وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس ردوا الجهالات إلى السنة. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 196 (2). ____________ (1) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجرزي: ص 125، شرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 17. (2) الرياض النضرة: 3 / 144، أحكام القرآن للجصاص: 1 / 425. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 220 -------------------------------------------------------------------------------- [ سنن البيهقي: 7 / 442 ]: عن أبي الأسود الدئلي، إن عمر أتى بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها، فبلغ ذلك عليا (عليه السلام) فقال: ليس عليها رجم، فبلغ ذلك عمر، إلى أن قال: فسأله، فقال: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) [ البقرة / 233 ]، وقال: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) [ الأحقاف / 15 ]، فستة أشهر حمله وحولان تمام رضاعته لا حد عليها (أو قال: لا رجم عليها)، قال: فجلى عنها. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 194 وقال فيه: فترك عمر رجمها وقال: لولا علي لهلك عمر، قال: أخرجه العقيلي وأخرجه ابن السمان، وذكره المتقي أيضا في كنز العمال: 3 / 96، 228، وابن عبد البر في استيعابه: 2 / 461 (1). [ طبقات ابن سعد: 2 / القسم 2 / 102 ]: عن سعيد بن المسيب، قال: خرج عمر بن الخطاب على أصحابه يوما فقال: أفتوني في شئ صنعته اليوم، فقالوا: ما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: مرت بي جارية لي فأعجبتني فوقعت عليها وأنا صائم، قال: فعظم عليه القوم وعلي (عليه السلام) ساكت، فقال: ما تقول يا بن أبي طالب؟ فقال: جئت حلالا ويوما مكان يوم، فقال: أنت خيرهم فتوى (2). [ طبقات ابن سعد: 3 / القسم 1 / 221 ]: عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: مكث عمر زمانا لا يأكل من المال شيئا حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة وأرسل إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاستشارهم فقال: قد شغلت نفسي في هذا الأمر فما يصلح لي منه؟ فقال عثمان بن عفان: كل وأطعم، قال: وقال ذلك سعيد بن زيد بن ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 142، الإستيعاب: 3 / 39، التفسير الكبير للرازي: 28 / 15، الدر المنثور: 7 / 441 - 442، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي: ص 148، مناقب الخوارزمي: ص 95 ح 94، ذخائر العقبى: ص 82، كفاية الطالب للكنجي: ص 226. (2) سنن الدارقطني: 2 / 181 ح 4، طبقات ابن سعد: 2 / 339. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 221 -------------------------------------------------------------------------------- عمرو بن نفيل وقال لعلي (عليه السلام): ما تقول أنت في ذلك؟ قال: غداء وعشاء، قال: فأخذ عمر بذلك (1). [ طبقات ابن سعد: 2 / القسم 2 / 102 ]: عن سعيد بن المسيب، قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو حسن. وذكره ابن الأثير في أسد الغابة: 4 / 22، وابن حجر في إصابته: 4 / القسم 1 / 270، وفي تهذيب التهذيب: 7 / 327، وذكره ابن عبد البر في استيعابه: 2 / 461، والمتقي في كنز العمال: 5 / 241 (2). [ شرح معاني الآثار للطحاوي: 2 / 88 ]: عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي (عليه السلام)، قال: شرب نفر من أهل الشام الخمر وعليهم يومئذ يزيد بن أبي سفيان وقالوا: هي حلال وتأولوا: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) [ المائدة / 93 ]، فكتب فيهم إلى عمر، فكتب عمر أن ابعث بهم إلي قبل أن يفسدوا من قبلك، فلما قدموا على عمر استشار فيهم الناس، فقالوا: يا أمير المؤمنين نرى أنهم قد كذبوا على الله وشرعوا في دينهم ما لم يأذن به الله فاضرب أعناقهم، وعلي (عليه السلام) ساكت، فقال: ما تقول يا أبا الحسن فيهم؟ قال: أرى أن تستتيبهم فإن تابوا ضربتهم ثمانين لشربهم الخمر، وإن لم يتوبوا ضربت أعناقهم فإنهم قد كذبوا على الله وشرعوا في دينهم ما لم يأذن به الله فاستتابهم، فتابوا فضربهم ثمانين ثمانين. وذكره العسقلاني في فتح الباري: 15 / 73 وقال أخرجه ابن أبي شيبة، وذكره السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: (إنما الخمر والميسر) [ المائدة / 90 ] (3). ____________ (1) الطبقات الكبرى لابن سعد: 3 / 307. (2) طبقات ابن سعد: 2 / 339، أسد الغابة: 4 / 100 رقم 3683، الإصابة: 2 / 559، تهذيب التهذيب: 7 / 296، الإستيعاب 3 / 39. (3) شرح معاني الآثار للطحاوي: 2 / 88 (من المصنف)، فتح الباري للعسقلاني: 12 / 57، مصنف ابن أبي شيبة: 6 / 503 ح 3، الدر المنثور: 3 / 174. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 222 -------------------------------------------------------------------------------- [ الإستيعاب: 2 / 463 ]: عن عبد الرحمن بن أذينة العبدي، عن أبيه أذينة بن سلمة العبدي، قال: أتيت عمر بن الخطاب فسألته من أين اعتمر؟ فقال: ائت عليا فاسأله. قال ابن عبد البر (إلى آخر الحديث) وفي قال عمر: ما أجد لك إلا ما قال علي. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 195 (1). [ كنز العمال: 6 / 456 ]: عن ابن عمر، قال: قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): يا أبا الحسن ربما شهدت وغبنا، ثلاث أسألك عنهن هل عندك منهن علم؟ قال علي (عليه السلام): وما هن؟ قال الرجل يحب الرجل ولم ير منه خيرا، والرجل يبغض الرجل ولم ير منه شرا، قال علي (عليه السلام): نعم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الأرواح في الهواء جنود مجندة تلتقي فتشام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، قال: واحدة، والرجل يتحدث بالحديث نسيه وذكره، قال علي (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينا القمر يضئ إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت، قال عمر: اثنتان، والرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق ومنها ما يكذب، قال: نعم سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ما من عبد ولا أمة ينام فيستثقل نوما إلا يعرج بروحه في العرش، فالتي لا تستيقظ إلا عند العرش فتلك الرؤيا التي تصدق، والتي تستيقظ دون العرش فهي الرؤيا التي تكذب، فقال عمر: ثلاث كنت في طلبهن فالحمد لله الذي أصبتهن قبل الموت (2). [ الرياض النضرة: 2 / 170 ]: عن عمر وقد نازعه رجل في مسألة، فقال: بيني وبينك هذا الجالس - وأشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال الرجل: هذا الأبطن! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض، ثم قال: أتدري من ____________ (1) الإستيعاب: 3 / 43، الرياض النضرة: 3 / 142. (2) كنز العمال: 13 / 169 ح 36512، مجمع الزوائد: 1 / 161 - 162، فردوس الأخبار: 14 / 17 خ 6050. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 223 -------------------------------------------------------------------------------- صغرت؟ مولاي ومولى كل مسلم (1). [ الرياض النضرة: 2 / 195 ]: عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، قال أتي عمر بامرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها، فتلقاها علي (عليه السلام) فقال: ما بال هذه؟ فقالوا: أمر عمر برجمها، فردها علي (عليه السلام) وقال: هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟ ولعلك انتهرتها أو أخفتها، قال: قد كان ذلك، قال: أو ما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال: لا حد على معترف بعد بلاء؟ إنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له، فخلى سبيلها (2). [ الرياض النضرة: 2 / 196 ]: عن عبد الرحمن السلمي، قال: أتى عمر بامرأة أجهدها العطش، فمرت على راع فاستسقته، فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت. فشاور الناس في رجمها، فقال له علي (عليه السلام): هذه مضطرة إلى ذلك فخل سبيلها، ففعل (3). [ الرياض النضرة: 2 / 197 ]: عن أبي سعيد الخدري، سمع عمر يقول لعلي (عليه السلام): - وقد سأله عن شئ فأجابه -: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن، وفي رواية: لا أبقاني الله بعدك يا علي (4). [ الرياض النضرة: 2 / 197 ]: عن يحيى بن عقيل قال: كان عمر يقول لعلي (عليه السلام) - إذا سأله ففرج عنه -: لا أبقاني الله بعدك يا علي (5). ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 115، الصواعق المحرقة: ص 179. (2) الرياض النضرة: 3 / 143، مناقب الخوارزمي: ص 81، ذخائر العقبى: ص 80. (3) الرياض النضرة: 3 / 144، السنن الكبرى للبيهقي: 8 / 236، ذخائر العقبى: ص 81. (4) المستدرك على الصحيحين: 1 / 628 ص 1682، الرياض النضرة: 3 / 146، الصواعق المحرقة: ص 179، إرشاد الساري للقسطلاني: 4 / 136، عمدة القاري للعيني: 9 / 240، فيض القدير: 4 / 357، تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي: ص 115. (5) الرياض النضرة: 3 / 146، المناقب للخوارزمي: ص 801 ح 104، تذكرة الخواص لابن الجوزي: ص 148. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 224 -------------------------------------------------------------------------------- [ نور الأبصار: ص 171 ]: روي أن رجالا أتي به. إلى عمر بن الخطاب وكان صدر منه أنه قال لجماعة من الناس - وقد سألوه كيف أصبحت - قال: أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق، وأصدق اليهود والنصارى، وأؤمن بما لم أره، وأقر بما لم يخلق، فأرسل عمر إلى علي (عليه السلام)، فلما جاءه أخبره بمقالة الرجل فقال: صدق يحب الفتنة قال الله تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) [ التغابن / 15 ]، ويكره الحق، يعني الموت، قال الله تعالى: (وجاءت سكرة الموت بالحق) [ ق / 19 ]، ويصدق اليهود والنصارى، قال الله تعالى: (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ) [ البقرة / 113 ]، ويؤمن بما لم يره، يؤمن بالله عز وجل ويقر بما لم يخلق، يعني الساعة، فقال عمر: أعوذ بالله من معضلة لا علي بها (فتح الباري) في شرح البخاري: 17 / 105. (قال): وفي كتاب النوادر للحميدي والطبقات لابن سعد من رواية سعيد بن المسيب قال كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام) (1). رجوع عثمان إلى علي (عليه السلام): [ موطأ الإمام مالك بن أنس. ص 36 ]: - في طلاق المريض - عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: كانت عند جدي حبان امرأتان هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع، فمرت بها سنة ثم هلك عنها ولم تحض، فقالت: أنا أرثه لم أحض، فاختصمتا إلى عثمان بن عفان، فقضى لها بالميراث فلامت الهاشمية عثمان، فقال: هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا بهذا - يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام) -. ورواه الشافعي في مسنده في كتاب العدد ص 171، وذكره ابن حجر في إصابته: 8 / القسم 1 / 204، وابن عبد البر في استيعابه: 2 / 764 ____________ (1) كفاية الطالب: ص 218، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: ص 34، نور الأبصار للشبلنجي: ص 79. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 225 -------------------------------------------------------------------------------- والمحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 297 (1). [ موطأ الإمام مالك بن أنس: ص 176 ]: - في كتاب الحدود - قال: إن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر فأمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب (عليه السلام): ليس ذلك عليها إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: (وحملة وفصاله ثلاثون شهرا) [ الأحقاف / 15 ]، وقال: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) [ البقرة / 233 ]، فالحمل يكون ستة أشهر فلا رجم عليها، فبعث عثمان في أثرها فوجدت قد رجمت (3). [ مسند أحمد بن حنبل: 1 / 104 ]: عن الحسن بن سعد، عن أبيه، أن يحنس وصفية كانا من سبي الخمس، فزنت صفية برجل من الخمس فولدت غلاما فادعاه الزاني ويحنس، فاختصما إلى عثمان فرفعها إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال علي (عليه السلام): أقضي فيهما بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الولد للفراش وللعاهر الحجر "، وجلدهما خمسين خمسين. وذكره المتقي في كنز العمال: 3 / 227 قال: أخرجه الدورقي (3). رجوع معاوية إلى علي (عليه السلام): [ موطأ الإمام مالك بن أنس: ص 126 ]: - في كتاب الأقضية - عن سعيد بن المسيب، أن رجلا من أهل الشام يقال له ابن خيبري وجد مع امرأته رجلا فقتله أو قتلهما معا، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له ____________ (1) موطأ مالك: 2 / 572 ح 43، سنن البيهقي: 7 / 419، الإصابة: 4 / 424 رقم 1095، الإستيعاب: 4 / 428، الرياض النضرة: 3 / 146. (2) موطأ مالك: 2 / 825 ح 11، سنن البيهقي: 7 / 442، الدر المنثور: 7 / 441، تفسير ابن كثير: 4 / 158، عمدة القاري للعيني. 21 / 18. (3) مسند أحمد: 1 / 167 ح 822، كنز العمال: 6 / 198، ح 15340، تفسير ابن كثير: 1 / 479، مجمع الزوائد: 5 / 13. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 226 -------------------------------------------------------------------------------- علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن ذلك، فسأل أبو موسى عن ذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له علي (عليه السلام): إن هذا الشئ ما هو بأرضي، عزمت عليك لتخبرني، فقال له أبو موسى: كتب إلي معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال علي (عليه السلام): أنا أبو حسن إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته. ورواه البيهقي في سننه بطرق متعددة ة 8 / 237، 10 / 147، والشافعي في مسنده - كتاب الجائز والحدود - ص 204، وذكره المتقي في كنز العمال: 7 / 300 (1). [ الإستيعاب: 2 / 473 ]: قال: وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن ذلك، فلما بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعلم بموت ابن أبي طالب فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام، فقال له: دعني عنك (2). [ كنز العمال: 6 / 21 ]: عن الشعبي، عن علي (عليه السلام) أنه قال: الحمد لله الذي جعل عدونا يسألنا عما نزل به من أمر دينه، إن معاوية كتب إلي يسألني عن الخنثى، فكتبت إليه أن ورثه من قبل مباله. وقال المناوي في فيض القدير في الشرح ما هذا لفظه: وفي شرح الهمزية إن معاوية كان يرسل يسأل عليا (عليه السلام) عن المشكلات فيجيبه، فقال أحد بنيه: تجيب عدوك، قال: أما يكفينا أن احتاجنا وسألنا (3). [ الرياض النضرة: 2 / 195 ]: عن أبي حازم، قال: جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة، فقال: ____________ (1) موطأ مالك: 2 / 737 ح 18، السنن الكبرى للبيهقي: 8 / 230. (2) الإستيعاب: 3 / 45. (3) كنز العمال: 11 / 82 ح 30701، فيض القدير: 4 / 356، سنن سعيد بن منصور: 1 / 62 ح 12. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 227 -------------------------------------------------------------------------------- سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم، قال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب إلي من جواب علي، قال: بئس ما قلت، لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغزره العلم غزرا، ولقد قال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وكان عمر إذا أشكل عليه شئ أخذه منه. وذكره ابن حجر في صواعقه: ص 107، وفي فتح الباري في شرح البخاري: 17 / 105 قال: عن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال سل عنها عليا (عليه السلام) قال (يعني معاوية) ولقد شهدت عمر أشكل عليه شئ فقال هاهنا علي (عليه السلام) (1). رجوع عائشة وابن عمر إلى علي (عليه السلام) في المسائل المشكلة: قد ثبت من الصحاح وغيرها من الكتب المعتبرة عند إخواننا السنة رجوع عائشة وابن عمر إلى علي (عليه السلام) في الوقائع المشكلة، وفيما يلي جملة منها: [ صحيح مسلم: في كتاب الطهارة ]: - باب التوقيت في المسح على الخفين -: عن شريح بن هاني، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فاسأله (2). [ صحيح مسلم: في كتاب الطهارة ]: - باب التوقيت في المسح على الخفين - عن شريح بن هاني، قال: سألت عائشة عن المسح على الخفين، فقالت: ائت عليا فإنه أعلم بذلك مني. وفي فتح الباري في شرح البخاري: 16 / 168 قال: وأخرج ابن أبي شيبة بسند جيد، عن عبد الرحمن بن أبزي، قال: انتهى عبد الله بن بديل ابن ورقاء الخزاعي إلى عائشة يوم الجمل وهي في الهودج، فقال: يا أم المؤمنين أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان فقلت: ما تأمريني، فقلت: ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 142، الصواعق المحرقة: ص 179، فيض القدير: 3 / 46. (2) صحيح مسلم: 1 / 293 ح 276. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 228 -------------------------------------------------------------------------------- الزم عليا (عليه السلام) فسكتت، فقال: اعقروا الجمل، فعقروه، فنزلت أنا وأخوها محمد فاحتملنا هودجها فوضعناه بين يدي علي (عليه السلام)، فأمر بها فأدخلت بيتا. ورواه النسائي في سننه: 1 / 32، وابن ماجة في سننه: ص 42 وأحمد ابن حنبل في مسنده: 1 / 96، 100، 113، 117، 210، 133، 146، 149، 6 / 110، والطحاوي في شرح معاني الآثار في كتاب الطهارة: ص 49 - 50، وأبو حنيفة في مسنده: ص 129، وذكره المتقي في كنز العمال: 5 / 147 (1). [ سنن البيهقي: 5 / 149 ]: عن أبي مجلز، إن رجلا سأل ابن عمر فقال: إني رميت الجملة ولم أدر رميت ستا أو سبعا؟ قال: ائت ذلك الرجل - يريد عليا (عليه السلام) - فذهب فسأله. |
جهاد علي (عليه السلام) وبلاؤه في الإسلام
مبيته في فراش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الهجرة: [ الفخر الرازي في تفسيره الكبير ]: في ذيل تفسير قوله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) [ البقرة / 207 ]، قال: نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بات على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة خروجه إلى الغار. (وقال): ويروى أنه لما نام على فراشه قام جبريل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي بخ بخ، من مثلك يا بن أبي طالب ____________ (1) صحيح مسلم: 1 / 294 ح 276، سنن النسائي. 1 / 92 ح 131، سنن ابن ماجة: 1 / 183 ح 552، مسند أحمد بن حنبل: 1 / 155 ح 750 وص 160 ح 782 وص 182 ح 908، كنز العمال: 9 / 606 ح 27610، سنن البيهقي: 1 / 272 و 277، مسند أبي داود الطيالسي: 1 / 15، تاريخ بغداد: 11 / 246، حلية الأولياء: 1 / 83 مصنف ابن أبي شيبة: 8 / 720 ح 75. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 229 -------------------------------------------------------------------------------- يباهي الله بك الملائكة، ونزلت الآية (1). [ أسد الغابة: 4 / 25 ]: عن الثعلبي، قال: رأيت في عض الكتب أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره - ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار - أن ينام على فراشه، وقال له: اتشح ببردي الحضرمي الأخضر فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى، ففعل ذلك، فأوحى الله إلى جبريل وميكائيل (عليهما السلام): إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة، فاختار كلاهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين نبيي محمد، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فنزلا فكان جبريل عند رأس علي (عليه السلام)، وميكائيل عند رجليه، وجبريل ينادي بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب يباهي الله عز وجل بك الملائكة، فأنزل الله عز وجل على رسوله - وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي (عليه السلام) -: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) [ البقرة / 207 ] (2). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 4 ]: عن علي بن الحسين (عليه السلام)، قال: إن أول من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقال علي (عليه السلام) عند مبيته على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وقيت بنفسي خير من وطأ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر رسول إله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الإله من المكر ____________ (1) التفسير الكبير للفخر الرازي: 5 / 204، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 1 / 153 ح 18، كفاية الطالب للكنجي: ص 239. (2) أسد الغابة: 4 / 103، مسند أحمد: 1 / 572 ح 3241، تاريخ بغداد: 13 / 191، الدر المنثور: 4 / 50، الفصول المهمة: ص 47، تذكرة الخواص: ص 35، السيرة الحلبية: 2 / 27، نور الأبصار للشبلنجي: ص 86، إحياء العلوم للغزالي: 3 / 244. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 230 -------------------------------------------------------------------------------- وبات رسول الله في الغار آمنا * موقى وفي حفظ الإله وفي ستر وبت أراعيهم ولم يتهمونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر (1) وانظر أيضا في مضمون هذه الأحاديث: خصائص النسائي: ص 8، مسند أحمد: 1 / 348، طبقات ابن سعد: 8 / 35، 162، كنز العمال: 3 / 155. يوم بدر: لا فتى إلا علي، لا سيف إلا ذو الفقار: [ صحيح البخاري ]: في كتاب بدء الخلق - باب قتال أبي جهل -: عن علي (عليه السلام)، أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، قال: وقال قيس بن عباد: وفيهم أنزلت: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) [ الحج / 19 ]، قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر: حمزة وعلي (عليه السلام) وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة والوليد بن عتبة (2). [ سنن البيهقي: 3 / 276 ]: عن علي (عليه السلام) - في قصة بدر -، قال: فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد، فقالوا: من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار شببة، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بني أعمامنا بني عبد المطلب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قم يا حمزة قم يا عبيدة قم يا علي، فبرز حمزة لعتبة، وعبيدة لشيبة، وعلي (عليه السلام) للوليد، فقتل حمزة عتبة، وقتل علي (عليه السلام) الوليد، وقتل عبيدة شيبة، وضرب شيبة رجل عبيدة فقطها فاستنقذه حمزة وعلي (عليه السلام) حتى توفي بالصفراء. وذكر الشبلنجي في نور الأبصار: ص 78 قصة مبارزة علي (عليه السلام) يوم ____________ (1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 5 ح 4264، تذكرة الخواص: ص 35، الفصول المهمة: ص 47، المناقب للخوارزمي: ص 127، نور الأبصار: ص 86. (2) صحيح البخاري: 4 / 1768 ح 4466، صحيح مسلم: 5 / 528 ح 3033، سنن ابن ماجة: 2 / 946 ح 2835، المستدرك على الصحيحين: 2 / 419 ح 3456، البداية والنهاية: 3 / 333. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 231 -------------------------------------------------------------------------------- بدر بمثل ما ذكره البيهقي بنحو أبسط (1). [ حلية الأولياء: 9 / 145 ]: عن محمد بن إدريس الشافعي، قال: دخل رجل من بني كنانة على معاوية بن أبي سفيان، فقال له: هل شهدت بدرا؟ قال: نعم، قال: مثل من كنت؟ قال: غلام قمدود، مثل عطباء الجلمود، قال: فحدثني ما رأيت وحضرت، قال: ما كنا شهودا إلا كأغياب وما رأينا ظفرا أوشك منه، قال: فصف لي ما رأيت، قال: رأيت في سرعان الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام) غلاما شابا ليثا عبقريا يفري الفري لا يثبت له أحد إلا قتله، ولا يضرب شيئا إلا هتكه لم أر من الناس أحدا قط أنفق يحمل حملة ويلتفت التفاته، إلى أن قال: وكان له عينان في قفاه وكان وثوبه وثوب وحش. [ كنز العمال: 3 / 154 ]: عن أبي ذر قال: لما كان أول يوم البيعة لعثمان اجتمع المهاجرون، والأنصار في المسجد وجاء علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأنشأ يقول: إن أحق ما ابتدى به المبتدأون، ونطق به الناطقون، حمد الله والثناء عليه بما هو أهله، والصلاة على النبي محمد، فقال: الحمد لله المتفرد بدوام البقاء (وساق الخطبة إلى أن قال) ثم قال علي (عليه السلام): أناشدكم الله إن جبرئيل نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي فهل تعلمون هذا كان لغيري (2)؟ [ ذخائر العقبى: ص 74 - الرياض النضرة: 2 / 190 ]: عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال: نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان أن لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. (قال) خرجه الحسن بن عرفة العبدي (3). ____________ (1) تاريخ الطبري: 2 / 426، البداية والنهاية: 3 / 332، كتاب المغازي للواقدي: 1 / 68، نور الأبصار للشبلنجي: 86. (2) كنز العمال: 5 / 717 ح 14242. (3) ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر: 1 / 158 ح 197، الرياض النضرة: 3 / 137. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 232 -------------------------------------------------------------------------------- وانظر أيضا في مضمون هذه الأحاديث: الرياض النضرة: 2 / 225، تاريخ الطبري: 2 / 197، كنز العمال: 5 / 273، الدر المنثور: ذيل تفسير قوله تعالى: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض) [ ص 28 ]. يوم أحد يوم المواساة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): [ الرياض النضرة: 2 / 172 - مرقاة المفاتيح: 5 / 568 (في الشرح) ]: قالا: عن أبي رافع قال: لما قتل علي (عليه السلام) أصحاب الألوية يوم أحد قال جبريل: يا رسول الله إن هذه لهي المواساة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنه مني وأنا منه فقال جبريل وأنا منكما يا رسول الله. قالا أخرجه أحمد في المناقب. وذكره الهيثمي في مجمعه: 6 / 114 وقال رواه الطبراني، وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 400 وقال أيضا رواه الطبراني (1). يوم الخندق يوم كفى الله المؤمنين القتال فيه بعلي (عليه السلام): [ مستدرك الصحيحين: 2 / 32 ]: عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لمبارزة علي بن أبي طالب (عليه السلام) لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة. ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 13 / 19 وذكره الفخر الرازي في تفسيره الكبير في ذيل تفسير سورة القدر (2). ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 117، مرقاة المفاتيح: 10 / 463 ح 6090، المعجم الكبي للطبراني. 1 / 318 ح 941، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 1 / 167، كنز العمال: 13 / 143 ح 36449. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 3 ح 4327، تاريخ بغداد: 13 / 19 رقم 6978، التفسير الكبير للفخر الرازي: 32 / 31، كنز العمال 11 / 623 ح 33035. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 233 -------------------------------------------------------------------------------- [ مستدرك الصحيحين: 3 / 32 ]: عن ابن إسحاق، قال: كان عمرو بن ود ثالث قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبته الجراحة ولم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده، فلما وقف هو وخيله قال له علي (عليه السلام): يا عمرو قد كنت تعاهد الله لقريش أن لا يدعوك رجل إلى خلتين إلا قبلت منه إحداهما، فقال عمرو: أجل، فقال له علي (عليه السلام): فإني أدعوك إلى الله عز وجل وإلى رسوله وإلى الإسلام، فقال: لا حاجة لي في ذلك، قال: فإني أدعوك إلى البراز، قال: يا بن أخي لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك، فقال علي (عليه السلام): لكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو فاقتحم عن فرسه فعقره ثم أقبل، فجاء إلى علي (عليه السلام)، وقال: من يبارز؟ فقام علي (عليه السلام) وهو مقنع في الحديد، فقال: أنا له يا نبي الله، فقال: إنه عمرو بن عبد ود اجلس، فنادى عمرو: ألا رجل، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمشى إليه علي (عليه السلام) وهو يقول: لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز * ذو نبهة وبصيرة والصدق منجا كل فائز إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز * من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي، قال: ابن من؟ قال: ابن عبد مناف، أنا علي بن أبي طالب، فقال: ما عندك يا بن أخي من أعمامك من هو أسن منك فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك، فقال علي (عليه السلام): لكني والله ما أكره أن أهريق دمك، فغضب، فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ثم أقبل: نحو علي مغضبا واستقبله علي (عليه السلام) بدرقته، فضربه عمرو في الدرقة فقدها، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي (عليه السلام) على حبل العاتق فسقط وثار العجاج، فسمع رسول الله التكبير فعرف أن عليا قتله. إلى أن قال: أقبل علي (عليه السلام) نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ووجهه يتهلل، فقال عمر بن الخطاب: هلا استلبت درعه فليس للعرب درع خير منها؟ فقال: ضربته فاتقاني بسوءته واستحييت ابن عمي أن أستلبه وخرجت خيله منهزمة حتى أقحمت من الخندق. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 234 -------------------------------------------------------------------------------- وذكره الشبلنجي في نور الأبصار - وزاد أبياتا لعمرو -: ص 79 (1). [ الفخر الرازي في تفسيره الكبير ]: في ذيل تفسير قوله تعالى: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) [ البقرة / 253 ]، روى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد محاربة علي (عليه السلام) لعمرو بن ود: كيف وجدت نفسك يا علي؟ قال: وجدتها لو كان كل أهل المدينة في جانب لقدرت عليهم... إلى آخر الحديث (2). [ السيوطي في الدر المنثور ]: - في ذيل تفسير قوله تعالى -: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ([ الأحزاب / 25 ]، عن ابن مسعود، أنه كان يقرأ هذا الحرف: وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب (3). يوم خيبر يوم مرحب والباب: [ مسند أحمد بن حنبل: 6 / 8 ]: عن أبي رافع، مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: خرجنا مع علي (عليه السلام) حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده، وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر مع سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فيما نقلبه. يوم حنين يوم ضاقت الأرض بما رحبت: [ مجمع الزوائد: 6 / 180 ]: قال: وعن أنس، قال: لما كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول ____________ (1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 34 4329، نور الأبصار: ص 8، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق: 1 / 170 - 173. (2) التفسير الكبير للفخر الرازي: 6 / 197. (3) الدر المنثور: 6 / 590، ميزان الاعتدال: 2 / 380. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 235 -------------------------------------------------------------------------------- الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث - يعني ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) -، إلى أن قال: وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يومئذ أشد الناس قتالا بين يديه. (قال): رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط (1). علي (عليه السلام) أسد الله وسيفه في أرضه: [ ذخائر العقبى: ص 92 ]: عن أنس بن مالك قال: صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر فذكر قولا كثيرا، ثم قال: أين علي بن أبي طالب؟ فوثب إليه فقال: ها أنا ذا يا رسول الله فضمه إلى صدره وقبل بين عينيه، وقال بأعلى صوته: معاشر المسلمين هذا أخي وابن عمي وختني، هذا لحمي ودمي وشعري، هذا أبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، هذا مفرج الكروب عني، هذا أسد الله وسيفه في أرضه على أعدائه، على مبغضه لعنة الله ولعنة اللاعنين، والله منه برئ وأنا منه برئ، فمن أحب أن يبرأ من الله ومني فليبرأ من علي، وليبلغ الشاهد الغائب، ثم قال: اجلس يا علي قد عرف الله لك ذلك، قال: أخرجه أبو سعيد في شرف النبوة. [ الإستيعاب: 2 / 457 ]: عن ابن عباس، قال لعلي (عليه السلام): أربع خصال ليست لأحد غيره، هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف، وهو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره، وهو الذي غسله وأدخله قبره (2). وانظر في مضمون هذين الحديثين: الرياض النضرة: 2 / 225، الإمامة ____________ (1) مسند أحمد: / 16 ح 23346، تاريخ الطبري: 3 / 13، المرقاة في شرح المشكاة: 10 / 460 - 461، الرياض النضرة: 3 / 134، تاريخ بغداد: 11 / 324 رقم 6142، فتح الباري: 7 / 385، ميزان الاعتدال: 3 / 112 رقم 5776. (2) مسند أبي يعلى: 6 / 289 - 290 ح 3606، تاريخ اليعقوبي: 2 / 63. (3) الإستيعاب: 3 / 27، المستدرك على الصحيحين: 3 / 120 ح 4582. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 236 -------------------------------------------------------------------------------- والسياسة لابن قتيبة: ص 97، الإصابة: 5 / القسم 3 / 287. لواء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع علي (عليه السلام) في كل زحف: [ مستدرك الصحيحين: 3 / 137 ]: عن مالك بن دينار، قال: سألت سعيد بن جبير، فقلت: يا أبا عبد الله من كان حامل راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: فنظر إلي وقال: إنك لرخي البال، فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القراء فقلت: ألا تعجبون من سعيد أني سألته من كان حامل راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ فنظر إلي وقال: إنك لرخي البال، قالوا: إنك سألته وهو خائف من الحجاج وقد لاذ بالبيت فسله الآن، فسألته، فقال: كان حاملها علي (عليه السلام) هكذا سمعته من عبد الله بن عباس. ورواه ابن سعد في طبقاته: 3 / 15 باختلاف في اللفظ (1). [ الرياض النضرة: 2 / 191 ]: عن ابن عباس، قال: كان علي (عليه السلام) آخذا راية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر. قال الحاكم: يوم بدر والمشاهد كلها، قال: أخرجه أحمد في المناقب (2). [ أسد الغابة: 4 / 21 ]: عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: لما كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء، فلما كان من الغد أخذه عمر، وقيل: محمد بن مسلمة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لأدفعن لوائي إلى رجل لم يرجع حتى يفتح الله عليه، فصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة الغداة، ثم دعا باللواء فدعا عليا (عليه السلام) وهو يشتكي عينيه فمسحهما ثم دفع إليه اللواء ففتح، قال: فسمعت عبد الله بن بريدة يقول: ____________ (1) المستدرك على الصحيحين 3 / 147 ح 4665، طبقات ابن سعد: 3 / 25، ذخائر العقبى: ص 75. (2) الرياض النضرة: 3 / 137، طبقات ابن سعد: 3 / 23. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 237 -------------------------------------------------------------------------------- حدثني أبي إنه كان صاحب مرحب - يعني عليا (عليه السلام) (1). علي (عليه السلام) يكتب الصلح يوم الحديبية: [ الرياض النضرة: 2 / 191 ]: عن ابن عباس، قال: كان كاتب الصلح يوم الحديبية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال معمر: فسألت عنه الزهري فضحك أو تبسم وقال: هو علي (عليه السلام)، ولو سألت هؤلاء لقالوا هو عثمان - يعني بني أمية (2). علي (عليه السلام) يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على تنزيله: [ خصائص النسائي: ص 40 ]: عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا جلوسا ننظر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخرج إلينا قد انقطع شسع نعله، فرمى به إلى علي (عليه السلام) فقال: إن منكم رجلا يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، قال أبو بكر: أنا؟ قال: لا، قال عمر: أنا؟ قال: لا، ولكن خاصف النعل (3). علي (عليه السلام) يقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره: [ مسند أحمد بن حنبل: 1 / 199 ]: عن هبيرة، قال: خطبنا الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبعثه بالراية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له. ____________ (1) أسد الغابة: 4 / 98، البداية والنهاية: 4 / 212، دلائل النبوة للبيهقي: 4 / 210. (2) الرياض النضرة: 3 / 138، مصنف عبد الرزاق: 5 / 342 ح 9721 - 9722. (3) خصائص النسائي (ضمن السنن): 5 / 154 ح 8541. المستدرك على الصحيحين: 3 / 132 ح 4621، مسند أحمد: 3 / 420 ح 10896 وص 501 و ح 11364، أسد الغابة: 3 / 429 رقم 3271، الإصابة: 1 / 25 رقم 59، حلية الأولياء: 1 / 67. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 238 -------------------------------------------------------------------------------- وذكره المحب الطبري في ذخائره: ص 76 (1). النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر عليا (عليه السلام) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين: [ ميزان الاعتدال للذهبي: 2 / 263 ]: عن عامر بن سعد، أن عمارا قال لسعد: ألا تخرج مع علي، أما سمعت رسول الله يقول ما قال فيه؟ قال: تخرج طائفة من أمتي يمرقون من الدين يقتلهم علي بن أبي طالب ثلاث مرات، قال: صدقت والله لقد سمعته ولكن أحببت العزلة (2). [ مجمع الزوائد: 6 / 239 ]: عن عائشة، أنها ذكرت الخوارج وسألت من قتلهم؟ تعني أصحاب النهر، فقالوا: علي (عليه السلام)، فقالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يقتلهم خيار أمتي وهم شرار أمتي، قال: رواه البزار والطبراني في الأوسط بنحوه. [ مستدرك الصحيحين: 3 / 139 ]: عن عقاب بن ثعلبة، قال: حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر ابن الخطاب، قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (3). [ تاريخ بغداد: 8 / 340 ]: عن خليد العصري، قال: سمعت أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) يقول ____________ (1) مسند أحمد: 1 / 328 ح 1721، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 112 ح 8408، المستدرك على الصحيحين: 3 / 188 ح 4802، طبقات ابن سعد: 3 / 38، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق: 3 / 399 ح 1397، البداية والنهاية: 7 / 368، صفة الصفوة: 1 / 313، حلية الأولياء: 1 / 65. (2) ميزان الاعتدال: 3 / 210 رقم 6154، لسان الميزان: 4 / 362 رقم 6101. (3) المستدرك على الصحيحين: 3 / 150 ح 4674 و 4675، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 3 / 212 ح 1216، أسد الغابة: 4 / 114، تاريخ بغداد: 8 / 340 رقم 4447 و 13 / 186 رقم 7165، فرائد السمطين: 1 / 284 ح 224، كفاية الطالب: ص 169. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 239 -------------------------------------------------------------------------------- يوم النهروان: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين (1). النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول للزبير ستقاتل عليا وأنت له ظالم: [ مستدرك الصحيحين: 3 / 366 ]: عن إسماعيل بن أبي حازم، قال: قال علي (عليه السلام) للزبير: أما تذكر يوم كنت أنت وأنت في سقيفة قوم من الأنصار فقال لك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أتحبه؟ فقلت: وما يمنعني؟ قال: أما إنك ستخرج عليه وتقاتله وأنت ظالم. قال: فرجع الزبير (2). [ أسد الغابة: 2 / 199 ]: في ترجمة الزبير بن العوام، قال: وشهد الزبير الجمل مقاتلا لعلي (عليه السلام): فناداه علي (عليه السلام) ودعاه فانفرد به، وقال له: أتذكر إذ كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظر إلي وضحك وضحكت فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال: ليس بمزه، ولتقاتلنه وأنت له ظالم؟ فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال. وذكره ابن عبد البر في استيعابه: 1 / 203 باختلاف يسير في اللفظ (3). وانظر أيضا في مضمون هذه الأحاديث: الإصابة: 3 / 6، تهذيب التهذيب: 6 / 325، كنز العمال: 6 / 82، 83، 85، الإمامة والسياسة: ص 63. ____________ (1) كنز العمال: 11 / 292 ح 1552 و 13 / 112 ح 36367، البداية والنهاية: 7 / 338. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 412 ح 5573، 574 5، 575 5، الرياض النضرة: 4 / 249، مروج الذهب: 2 / 380، دلائل النبوة للبيهقي: 6 / 415، السيرة الحلبية: 3 / 287. (3) أسد الغابة: 2 / 252 رقم 1732، الكامل في التاريخ 2 / 335، تاريخ الطبري: 4 / 502، الإستيعاب: 1 / 584. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 240 |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 240 -------------------------------------------------------------------------------- النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينهى عائشة عن قتال علي (عليه السلام) ويخبرها أنها تنبحها كلاب الحوأب: [ تاريخ الطبري: 3 / 485 ]: عن الزهري، قال: بلغني أنه لما بلغ طلحة والزبير منزل علي (عليه السلام) ذي قار انصرفوا إلى البصرة فأخذوا على المنكدر، فسمعت عائشة نباح الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ فقالوا: الحوأب (1)، فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون إني لهية قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول - وعنده نساؤه -: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب لا؟ أرادت الرجوع فأتاها عبد الله بن الزبير فزعم أنه قال: كذب من قال إن هذا الحوأب، ولم يزل حتى مضت، فقدموا البصر ة (2). [ مجمع الزوائد: 7 / 234 ]: عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لنسائه: ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فتنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير ثم تنجو بعدما كادت؟ وذكره العسقلاني في فتح الباري: 16 / 165 وقال ورواه البزار ورجاله ثقاة (3). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 120 ]: عن قيس بن أبي حازم، قال: لما لغت عائشة بعض ديار بني عامر نبحت عليها الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: الحوأب، قالت ما أظنني إلا راجعة، فقال الزبير: لا بعد تقدمي ويراك الناس ويصلح الله ذات بينهم، قالت: ما أظنني إلا راجعة، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب. ____________ (1) الحوأب: منزل بين البصرة ومكة. (2) تاريخ الطبري: 4 / 469، معجم البلدان: 3 / 314. (3) الإستيعاب: 4 / 361، فتح الباري: 13 / 45، كفاية الطالب: ص 171، السيرة الحلبية: 3 / 285، المواهب اللدنية: 3 / 566 - 567. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 241 -------------------------------------------------------------------------------- (قال العسقلاني) في فتح الباري: 16 / 165 أخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار وصححه ابن حبان والحاكم وسنده على شرط الصحيح (1). [ طبقات ابن سعد: 8 / 57 ]: عن عمارة بن عمير، قال: حدثني من سمع عائشة إذا قرأت هذه الآية: (وقرن في بيوتكن) [ الأحزاب / 33 ] بكت حتى تبل خمارها (2). [ مجمع الزوائد: 9 / 112 ]: عن جميع بن عمير، إن أمه وخالته دخلتا على عائشة، قال: فذكر الحديث... إلى أن قالتا: فأخبرينا عن علي (عليه السلام)، قالت: عن أي شئ تسألن؟ عن رجل وضع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) موضعا فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه واختلفوا في دفنه، فقال: إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه، قالتا: فلم خرجت عليه؟ قالت: أمر قضي ووددت أن أفديه ما على الأرض من شئ. [ تاريخ الطبري: 3 / 548 ]: عن أبي يزيد المديني، يقول: قال عمار بن ياسر لعائشة - حين فر القوم -: يا أم المؤمنين ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليك؟ قالت: أبو اليقظان؟ قال: نعم، قالت: والله إنك ما علمت قوال بالحق، قال: الحمد لله الذي قضى لي على لسانك (3). وانظر أيضا في مضمون هذه الأحاديث: كنز العمال: 6 / 83، 84، مسند أحمد: 6 / 97، الإصابة: 8 / القسم 1 / 111، الإمامة والسياسة: ص 55، نور الأبصار للشبلنجي: ص 81، حلية الأولياء: 2 / 48، تاريخ بغداد: 9 / 185. ____________ (1) المستدرك على الصحيحين: 3 / 129 ح 4613، فتح الباري: 13 / 45، مسند أحمد: 7 / 23733، وص 140 ح 24133. (2) طبقات ابن سعد: 8 / 81، حلية الأولياء: 2 / 48. (3) تاريخ الطبري: 4 / 545. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 242 -------------------------------------------------------------------------------- شهود البدريين وأهل بيعة الشجرة مع علي (عليه السلام) بصفين: [ الإستيعاب: 2 / 413 ]: عن عبد الرحمن بن أبزي، قال: شهدنا مع علي (عليه السلام) صفين في ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان قتل منهم ثلاثة وستون منهم عمار بن ياسر (1). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 104 ]: روى بطريقين عن الحكم قال: شهد مع علي (عليه السلام) صفين ثمانون بدريا وخمسون ومائتان ممن بايع تحت الشجرة (2). قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " عمار تقتله الفئة الباغية "، ومن لحق بعلي بصفين لأجل هذا الحديث: [ صحيح البخاري: كتاب الصلاة باب التعاون في بناء المسجد ]: عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار (قال) يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن. ورواه في كتاب الجهاد والسير في باب مسح الغبار عن الناس باختلاف يسير في اللفظ (3). [ صحيح مسلم ]: كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر ____________ (1) الإستيعاب: 2 / 478، الإصابة: 2 / 389 رقم 5075، تاريخ اليعقوبي: 2 / 188. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 112 4559. (3) صحيح البخاري: 1 / 172 ح 436، مسند أحمد: 3 / 516 ح 11451، كنز العمال: 13 / 538 ح 37410، البداية والنهاية: 3 / 263. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 243 -------------------------------------------------------------------------------- الرجل فيتمنى أن يكون مكانه - روى طرق عديدة عن أم سلمة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية (1). [ سنن الترمذي: 2 / في مناقب عمار ]: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أبشر يا عمار تقتلك الفئة الباغية، قال: وفي الباب عن أم سلمة وعبد الله بن عمر وأبي اليسر وحذيفة (2). [ أسد الغابة: 4 / 47 ]: روى عمارة بن خزيمة بن ثابت، قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفا وشهد صفين ولم يقاتل وقال: لا أقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: تقتله الفئة الباغية، فلما قتل عمار قال خزيمة: ظهرت لي الضلالة، ثم تقدم فقاتل حتى قتل. وذكره ابن حجر في إصابته: 2 / 111، وفي تهذيب التهذيب: 3 / 140 مختصرا (3). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 402 ]: عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: لما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي (عليه السلام): أفيكم أويس القرني؟ قالوا: نعم، فضرب دابته حتى دخل معهم ثم قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: خير التابعين أويس القرني، ورواه أبو نعيم في حليته: 2 / 896، وابن سعد في طبقاته: 6 / 112 (4). ____________ (1) صحيح مسلم: 5 / 431 ح 72، 73، حلية الأولياء: 4 / 172، كنز العمال: 11 / 725 ح 33549. (2) سنن الترمذي: 5 / 627 - 628 ح 3800، كنز العمال: 11 / 367 31762. (3) أسد الغابة: 4 / 135 رقم 3798، الإصابة: 1 / 426 رقم 2251، تهذيب التهذيب: 3 / 121 رقم 267. (4) المستدرك على الصحيحين: 3 / 455 ح 5717، حلية الأولياء: 2 / 86، طبقات ابن سعد: 6 / 163. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 244 -------------------------------------------------------------------------------- وانظر أيضا في مضمون هذه الأحاديث: مستدرك الصحيحين: 2 / 148، 3 / 385، 386، 387، مسند أحمد: 2 / 161، 16، و 4 / 197، و 6 / 289، مسند أبي داود الطيالسي: 3 / 90، حلية الأولياء: 4 / 172، تاريخ بغداد: 5 / 315، 7 / 414، 13 / 186، طبقات ابن سعد: 3 / القسم 1 / 117، 179، 181، أسد الغابة: 2 / 143، 217، الإمامة والسياسة: ص 106، الإصابة: 1 / القسم 4 / 125، الرياض النضرة: 1 / 14، نور الأبصار: ص 89، كنز العمال: 7 / 72، 73، 74، مجمع الزوائد: 9 / 297. عبد الله بن عمر يتأسف لخذلانه عليا (عليه السلام): [ الرياض النضرة: 2 / 242 ]: عن ابن عمر، أنه قال: ما آسي على شئ إلا أني لم أقاتل مع علي (عليه السلام) الفئة الباغية وعلى صوم الهواجر (1). عبد الله بن عمرو بن العاص يتأسف لكونه مع الفئة الباغية: [ طبقات ابن سعد: 4 / القسم 2 / 12 ]: عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو: ما لي ولصفين، ما لي ولقتال المسلمين، لوددت أني مت قبله بعشر سنين، أما والله على ذلك ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، وما رجل أجهد مني من رجل لم يفعل شيئا من ذلك، قال: قال نافع: حسبته ذكر أنه كان بيده الراية فقدم الناس منزلة أو منزلتين (2). ____________ (1) الرياض النضرة: 4 / 201، طبقات ابن سعد 4 / 185، مجمع الزوائد: 3 / 182، الإستيعاب: 2 / 345، أسد الغابة: 3 / 342 رقم 3080. (2) طبقات ابن سعد: 4 / 266، أسد الغابة: 3 / 350 رقم 3090، سير أعلام النبلاء: 3 / 92 رقم 17. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 245 -------------------------------------------------------------------------------- أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بملازمة علي (عليه السلام) وعمار عند الفتنة: [ أسد الغابة: 5 / 28 ]: عن أبي ليلى الغفاري، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فإنه أول من يراني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الأكبر، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين. وذكره ابن حجر في إصابته: 7 / 16، وابن عبد البر في استيعابه: 2 / 657، والمتقي في كنز العمال: 6 / 155 (1). [ مجمع الزوائد: / 236 ]: عن زيد بن وهب، عن حذيفة في الفتنة، قال فيه زيد لحذيفة: فقلنا: يا أبا عبد الله وإن ذلك لكائن؟ فقال بعض أصحابه: يا أبا عبد الله فكيف نصنع إن أدركنا ذلك؟ قال: فانظروا الفرقة التي تدعو إلى أمر علي (عليه السلام) فالزموها فإنها على الهدى. قال: وذكره العسقلاني في فتح الباري: 16 / 165 (2). [ مستدرك الصحيحين: 2 / 148 ]: عن خالد العرني، قال: دخلت أنا وأبو سعيد الخدري على حذيفة، فقلنا: يا أبا عبد الله حدثنا ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الفتنة؟ قال حذيفة: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): دوروا مع كتاب الله حيثما دار، فقلنا: فإذا اختلف الناس فمع من نكون؟ فقال: انظروا الفئة التي فيها ابن سمية فالزموها فإنه يدور مع كتاب الله، قلت: ومن ابن سمية؟ قال: أوما تعرفه؟ قلت: بينه لي، قال: عمار بن ياسر، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعمار: يا أبا اليقظان لن تموت حتى تقتلك الفئة الباغية عن الطريق (3). ____________ (1) أسد الغابة: 6 / 270 رقم 6207، الإصابة: 4 / 171 رقم 994، الإستيعاب: 4 / 170، كنز العمال: 11 / 612 ح 32964. (2) فتح الباري: 13 / 45. (3) المستدرك على الصحيحين: 2 / 162 ح 2652، كنز العمال: 11 / 726 ح 33556، الإستيعاب: 2 / 480. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 246 -------------------------------------------------------------------------------- [ مجمع الزوائد: 7 / 243 ]: عن سيار أبي الحكم: قال: قالت بنو عبس لحذيفة: إن أمير المؤمنين عثمان قد قتل فما تأمرنا؟ قال: آمركم أن تلزموا عمارا، قالوا: إن عمارا لا يفارق عليا (عليه السلام)، قال: إن الحسد هو أهلك الجسد، وإنما ينفركم من عمار قربه من علي (عليه السلام) فوالله لعلي (عليه السلام) أفضل من عمار أبعد ما بين التراب والسحاب، وإن عمارا لمن الأحباب وهو يعلم أنهم إن لزموا عمارا كانوا مع علي (عليه السلام). (قال): رواه الطبراني ورجاله ثقاة. أخبار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر الخوارج، والآيات النازلة في ذمهم: [ ميزان الاعتدال للذهبي: 2 / 263 ]: عن عامر بن سعد، إن عمارا قال لسعد: ألا تخرج مع علي (عليه السلام)؟ أما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ما قاله فيه؟ قال: تخرج طائفة من أمتي يمرقون من الدين يقتلهم علي بن أبي طالب ثلاث مرات، قال: صدقت والله لقد سمعته ولكن أحببت العزلة (1)، [ صحيح مسلم ]: كتاب الزكاة - باب التحريض على قتل الخوارج - عن عبيدة، عن علي (عليه السلام)، قال: ذكر الخوارج فقال: فيهم رجل مخدج اليد، أو مؤدن اليد، أو مثدون اليد (2) لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: قلت: أنت سمعته من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: إي، ورب الكعبة، إي، ورب الكعبة، إي، ورب الكعبة!. ورواه ابن ماجة في سننه في باب ذكر الخوارج، وأبو داود في سننه، 30 / باب قال الخوارج، وأحمد بن حنبل في مسنده: 1 / 78 وفي غير هذه الصفحة بطرق عديدة (3). ____________ (1) ميزان الاعتدال: 3 / 210 رقم 6154، لسان الميزان: 4 / 362 رقم 6101. (2) مخدج اليد، مردن اليد: أي ناقص اليد، ومثدون اليد: صغير اليد مجتمعها. (3) صحيح مسلم: 2 / 442 ح 1066، سنن ابن ماجة: 1 / 59 ح 167، سنن أبي داود: 3 / 242 ح 4763، مسند أحمد: 1 / 152 ح 737، سنن البيهقي: 8 / 170. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 247 -------------------------------------------------------------------------------- [ صحيح مسلم ]: كتاب الزكاة - باب التحريض على قتل الخوارج - عن زيد بن وهب الجهني؟ إنه كان في الجيش الذي كانوا مع علي (عليه السلام) الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي (عليه السلام): أيها الناس إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشئ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشئ، ولا صيامكم إلى صيامهم بشئ، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم، لا تكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليس له في ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض، (إلى أن قال) وقتل بعضهم على بعض، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان، فقال علي (عليه السلام): التمسوا فيهم المخدج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام علي (عليه السلام) بنفسه حتى أتى ناسا قد قبل بعضهم على بعض، قال: أخرجوهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله، قال: فقال إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلفه ثلاثا. وهو يحلف له (1). [ مجمع الزوائد: 6 / 239 ]: عن عائشة: أنها ذكرت الخوارج وسألت من قتلهم؟ - تعني أصحاب النهر -، فقالوا: علي (عليه السلام)، فقالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يقتلهم خيار أمتي وهم شرار أمتي، قال: رواه البزار والطبراني في الأوسط بنحوه. [ الإصابة: 6 / 348 ]: أخرج الخطيب في تاريخه من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حاتم بن إسماعيل المدني، قال: كان أول قتيل قتل من أصحاب علي (عليه السلام) يوم ____________ (1) صحيح مسلم: 2 / 443 ح 1066، مسند أحمد: 1 / 147 ح 708، سنن أبي داود: 4 / 244 ح 4768. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 248 -------------------------------------------------------------------------------- النهروان رجل من الأنصار يقال له يزيد بن نويرة، شهد له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالجنة مرتين (1). |
مختصات علي (عليه السلام) وكراماته:
سد أبواب المسجد إلا باب علي (عليه السلام): [ السيوطي في الدر المنثور ]: في ذيل تفسير قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى) [ النجم / 3 ] عن أبي الحمراء وحبة العرني قالا: أمر رسول الله أن تسد الأبواب التي في المسجد، فشق عليهم، قال حبة، إني لأنظر إلى حمزة بن عبد المطلب وهو تحت قطيفة حمراء وعيناه تذرفان وهو يقول: أخرجت عمك وأبا بكر وعمر والعباس وأسكنت ابن عمك، فقال رجل: ما يألو برفع ابن عمه، قال: فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قد شق عليهم فدعا الصلاة جامعة فلما اجتمعوا صعد المنبر فلم يسمع لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خطبة قط كان أبلغ منها تمجيدا وتوحيد، فلما فرغ قال: يا أيها الناس ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها ولا أنا أخرجتكم وأسكنته، ثم قرأ: (والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) [ النجم / 1 - 4 ] (2). [ سنن الترمذي: 2 / 301 ]: عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بسد الأبواب إلا باب علي (عليه السلام) (3). [ مسند أحمد بن حنبل: 26 / 2 ]: عن ابن عمر قال: كنا نقول في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): رسول الله خير الناس ____________ (1) الإصابة: 3 / 664 رقم 9320، تاريخ بغداد - 1 / 204 رقم 44. (2) الدر المنثور: 7 / 642. (3) سنن الترمذي: 5 / 599 ح 3732، خصائص النسائي - ضمن السنن -: 5 / 119 ح 8427، حلية الأولياء: 4 / 153، الرياض النضرة: 3 / 139، كفاية الطالب: ص 202، تذكرة السبط: ص 41. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 249 -------------------------------------------------------------------------------- - إلى أن قال -: ولقد أوتي ابن أبي طالب (عليه السلام) ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، زوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر. وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 319 وقال: أخرجه ابن أبي شيبة، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة: 3 / 214 (1). [ مستدرك الصحيحين: 3 / 125 ]: عن زيد بن أرقم قال: كانت لنفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبواب شارعة في المسجد، فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي قال: فتكلم في ذلك ناس، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشئ فاتبعته. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده والضياء عن زيد بن أرقم، وذكره ثانيا في - 6 / 157 - وقال: أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده وسعيد بن منصور في سننه (2). [ مجمع الزوائد: 9 / 115 ]: عن جابر بن سمرة قال: أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بسد الأبواب كلها إلا باب علي رضي الله عنه فقال العباس: يا رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج قال: ما أمرت بشئ من ذلك، فسدها كلها غير باب علي، قال: ربما مر وهو جنب، قال: رواه الطبراني. وذكره العسقلاني في فتح الباري: 8 / 15 وقال أيضا: أخرجه الطبراني (3). ____________ (1) مسند أحمد: 2 / 104 ح 4781، أسد الغابة: 3 / 321 رقم 3064، كنز العمال: 13 / 110 ح 36359. (2) المستدرك على الصحيحين: 3 / 135 ح 4631، مسند أحمد: 5 / 496 ح 18801، كنز العمال: 11 / 598 ح 32877. (3) فتح الباري: 7 / 11 - 12، المعجم الكبير للطبراني: 2 / 246 ح 2031. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 250 -------------------------------------------------------------------------------- اختصاص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) بجواز الجنابة لهما في المسجد: [ سنن الترمذي: 2 / 300 ]: عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك. ورواه البيهقي في سننه: 7 / 66، وذكره المتقي في كنز العمال: 6 / 159، وابن حجر في تهذيب التهذيب: 9 / 387 (1). [ سنن البيهقي: 7 / 65 ]: عن أم سلمة قالت: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجه هذا المسجد فقال: ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بينت لكم الأسماء أن لا تضلوا. ورواه بطريق آخر عن أم سلمة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا إن مسجدي حرام على كل حائض من النساء وكل جنب من الرجال إلا على محمد وأهل بيته علي وفاطمة والحسين والحسين. ذكرهما المتقي في كنز العمال: 6 / 217 قال في أولهما: أخرجه البيهقي وابن عساكر، وقال في ثانيهما: أخرجه البيهقي (2). [ فتح الباري: 8 / 16 ]: أخرج إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأذن لأحد أن يمر في المسجد وهو جنب إلا لعلي بن أبي طالب لأن بيته كان في المسجد (3). ____________ (1) سنن الترمذي: 5 / 598 ح 3727، سنن البيهقي: 7 / 66 كنز العمال: 11 / 599 ح 32885، تهذيب التهذيب: 9 / 344 رقم 638، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 1 / 192 ح 332، مصابيح السنة للبغوي: 4 / 175 رقم 4774. (2) كنز العمال: 12 / 101 ح 34182، ترجمة الإمام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق: 1 / 293 ح 333، السيرة الحلبية: 3 / 347. (3) فتح الباري: 7 / 12، أحكام القرآن للجصاص: 2 / 204. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 251 -------------------------------------------------------------------------------- ترخيص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له بالجمع بين اسمه وكنيته في ولده محمد بن الحنفية: [ سنن الترمذي: 2 / 137 ]: عن محمد بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) إنه قال: يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أسميته محمدا وأكنيته بكنيتك؟ قال: نعم، قال: فكانت رخصة لي. ورواه البخاري في الأدب المفرد: ص 123، وأبو داود في سننه: 31 / في باب الرخصة في الجمع بينهما، والحاكم في مستدركه: 4 / 278، وأحمد بن حنبل في مسنده: 1 / 95، وابن سعد في طبقاته: 5 / 66 وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 179 (1). [ طبقات ابن سعد: 5 / 66 ]: عن المنذر الثوري، قال: وقع بين علي (عليه السلام) وطلحة كلام، فقال له طلحة: لا كجرأتك على سميت باسمه وكنيت بكنيته وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يجمعهما أحد من أمته، فقال علي (عليه السلام): إن الجرئ من اجترأ على الله ورسوله، اذهب يا فلان فادع لي فلانا وفلانا - لنفر من قريش - قال: فجاؤوا، فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنه سيولد لك من بعدي غلام فقد نحلته اسمه وكنيتي ولا تحل لأحد من أمتي بعده. ورواه ابن الأثير الجزري في أسد الغابة مختصرا: 5 / 361 (2). جعل الله ذرية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلب علي (عليه السلام): [ تاريخ بغداد: 1 / 3316 ]: روى بسنده إلى المنصور العباسي ابن عبد الله بن العباس، قال: كنت ____________ (1) سنن أبي داود: 4 / 292 ح 4967، مستدرك الحاكم: 4 / 309 ح 7737، مسند أحمد: 1 / 153 ح 732، طبقات ابن سعد: 5 / 91، الرياض النضرة: 3 / 125، سنن البيهقي: 9 / 309. (2) طبقات ابن سعد: 5 / 91 - 92، أسد الغابة: 6 / 400 - 401 رقم 6530. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 252 -------------------------------------------------------------------------------- أنا وأبي العباس بن عبد المطلب جالسين عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فسلم فرد عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبش به وقام إليه واعتنقه وقبل بين عينيه وأجلسه عن يمينه فقال العباس: يا رسول الله أتحب هذا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عم رسول الله والله لله أشد حبا له مني، إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب هذا. وذكره المحب الطبري في الرياض النضرة: 2 / 168، 213، وابن حجر في صواعقه: ص 93 وقال: أخرجه أبو الخير الحاكمي وصاحب كنوز المطالب في بني أبي طالب، ثم قال: زاد الثاني في روايته: أنه إذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسماء أمهاتهم سترا عليهم إلا هذا وذريته فإنهم يدعون بأسمائهم لصة ولادتهم (1). [ كنز العمال: 6 / 152 - فيض القدير: 2 / 223 - الصواعق المحرقة: ص 74 ]: قالوا: أخرج الطبراني عن جابر والخطيب عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب (2). اختصاص علي بالعمل بآية النجوى: [ تفسير الطبري: 28 / 1 ]: عن مجاهد، قال: قال علي (عليه السلام): إن في كتاب الله عزو جل لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) [ المجادلة / 12 ]، قال: فرضت ثم نسخت، وذكره الزمخشري في الكشاف في تفسير الآية، وقال في آخره: كان لي دينار فصرفته فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم، ثم قال: قال الكلبي تصدق في عشر كلمات سألهن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكره الواحدي أيضا ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 113، 165، الصواعق المحرقة: 156، مجمع الزوائد: 9 / 172. (2) كنز العمال: 11 / 600 ح 32892، الصواعق المحرقة: ص 124. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 253 -------------------------------------------------------------------------------- في أسباب النزول (ص 308) وقال فيه: كان لي دينار فبعته وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد فنسخت بالآية: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) [ المجادلة / 13 ] وذكره الفخر الرازي في تفسيره وقال في آخر: وروى ابن جريج والكلبي وعطا عن ابن عباس أنهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه أحد إلا علي (عليه السلام)، تصدق بدينار ثم نزلت الرخصة (1). [ كنز العمال: 3 / 155 ]: قال عن عامر بن واثلة، قال: كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليا (عليه السلام) يقول: بايع الناس لأبي بكر وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق به منه.. إلى أن قال: ثم قال: نشدتكم بالله أيها النفر جميعا أفيكم أحد أخر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غيري؟ قالوا: اللهم لا... إلى أن قال: أفيكم أحد ناجاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنتي عشرة مرة غيري حين قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) [ المجادلة / 12 ]، قالوا: اللهم لا (2). [ الزمخشري في الكشاف ]: في تفسير آية النجوى في سورة المجادلة، قال: عن ابن عمر، كان لعلي (عليه السلام) ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم، تزويجه فاطمة، وإعطاؤه الراية يوم خيبر، وآية النجوى (3). [ سنن الترمذي: 2 / 227 - في أبواب تفسير القرآن - ]: عن علي (عليه السلام) قال: لما نزلت: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة)، قال لي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ترى دينارا، قلت: لا يطيقونه، قال: فنصف دينار، قلت: لا يطيقونه، قال: فكم؟ قلت. شعيرة، قال: إنك لزهيد، قال: فنزلت: (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي ____________ (1) تفسير الطبري: 14 / 20، أسباب النزول للواحدي: ص 276. (2) كنز العمال: 5 / 726 ح 14243. (3) تفسير الكشاف للزمخشري: 4 / 76، كفاية الطالب: ص 136. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 254 -------------------------------------------------------------------------------- نجواكم صدقات) [ المجادلة / 13 ]، قال: في خفف الله عن هذه الأمة. وذكره الفخر الرازي في تفسيره الكبير في ذيل تفسير الآية، ورواه ابن جرير الطبري في تفسير: 28 / 15 وذكره المتقي في كنز العمال: 1 / 268، والسيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية (1). الله أدخل عليا (عليه السلام) وأخرجكم: [ خصائص النسائي: ص 3 ]: عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده قوم جلوس فدخل علي كرم الله وجهه، فلما دخل خرجوا فلما خرجوا تلاوموا فقالوا: والله ما خرجنا إذ أدخله، فرجعوا فدخلوا، فقال: والله ما أنا أدخلته وأخرجتكم بل الله أدخله وأخرجكم. (أقول): وذكره الهيثمي في مجمعه: 9 / 115 (2). رد الشمس لعلي (عليه السلام) وبعض كراماته ودعواته المستجابة: [ الفخر الرازي في تفسيره الكبير ]: في ذيل تفسير سورة الكوثر قال: وأما سليمان فإن الله تعالى رد له الشمس مرة وفعل ذلك أيضا للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حين نام ورأسه في حجر علي (عليه السلام) فانتبه وقد غربت الشمس فردها حتى صلى، قال: وردها مرة أخرى لعلي (عليه السلام) فصلى العصر لوقته (3). [ مجمع الزوائد: 8 / 297 ]: عن أسماء بنت عميس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى الظهر بالصهباء ثم ____________ (1) سنن الترمذي: 5 / 379 ح 3300، تفسير الطبري: 14 / 20، الدر المنثور: 8 / 83، السنن الكبرى للنسائي: 5 / 152 ح 8537، تفسير الكشاف للزمخشري: 4 / 76، أسباب النزول للواحدي: ص 276، ذخائر العقبى: ص 109. (2) خصائص النسائي - ضمن السنن - 5 / 118 ح 8424. (3) التفسير الكبير: 32 / 126، قصص الأنبياء للثعلبي: ص 248 - 249، الرياض النضرة: 3 / 125. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 255 -------------------------------------------------------------------------------- أرسل عليا (عليه السلام) في حاجة فرجع وقد صلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) العصر فوضع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رأسه في حجر علي (عليه السلام) فنام فلم يحركه حتى غابت الشمس، فقال: اللهم إن عبدك عليا احتبس بنفسه على نبيه فرد عليه الشمس، قالت أسماء: فطلعت عليه الشمس حتى وقفت على الجبال وعلى الأرض وقام علي (عليه السلام) فتوضأ وصلى العصر ثم غابت في ذلك بالصهباء (أقول) ورواه الطحاوي في مشكل الآثار: 8 / 2 بسنده عن أسماء بنت عميس (1). [ الصواعق المحرقة: ص 76 ]: قال: ومن كراماته الباهرة أن الشمس ردت عليه لما كان رأس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجره والوحي ينزل عليه وعلي (عليه السلام) لم يصل العصر، فما سرى عنه (عليه السلام) إلا وقد غربت الشمس، فشال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فأردد عليه الشمس فطلعت بعدما غربت (قال) وحديث ردها صححه الطحاوي والقاضي في الشفاء وحسنه شيخ الإسلام أبو زرعة وتبعه غيره - إلى أن قال - قال سبط ابن الجوزي: وفي الباب حكاية عجيبة حدثني بها جماعة من مشايخنا بالعراق إنهم شاهدوا أبا منصور المظفر ابن أردشير القباوي الواعظ ذكر بعد العصر هذا الحديث ونمقه بألفاظه، وذكر فضائل أهل البيت فغطت سحابة الشمس حتى ظن الناس أنها قد غابت فقام على المنبر وأومأ إلى الشمس وأنشدها: لا تغربي يا شمس حتى ينتهي * مدحي لآل المصطفى ولنجله واثني عنانك إن أردت ثناءهم * أنسيت إذ كان الوقوف لأجله إن كان للمولى وقوفك فليكن * هذا الوقوف لخيله ولرجله قالوا: فانجاب السحاب عن الشمس وطلعت، (أقول) وذكر الشبلنجي في نور الأبصار هذه القصة باختلاف في الجملة - قال في ص 104 - ما لفظه: وحكي أن بعض الوعاظ أطنب في مدح آل البيت الشريف وذكر فضائلهم حتى كادت الشمس أن تغرب فالتفت إلى الشمس وقال مخاطبا لها: ____________ (1) كشف الخفاء للعجلوني: 1 / 220 ح 670، الرياض النضرة: 3 / 125. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 256 -------------------------------------------------------------------------------- لا تغربي يا شمس حتى ينقضي * مدحي لآل محمد ولنسله واثني عنانك إن أردت ثناءهم * أنسيت إذ كان الوقوف لأجله إن كان للمولى وقوفك فليكن * هذا الوقوف لفرعه ولنجله فطلعت الشمس وحصل في ذلك المجلس أنس كثير وسرور عظيم، قال انتهى من درر الأصداف (1). [ الفخر الرازي في تفسيره الكبير ]: في ذيل تفسير قوله تعالى: (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) [ الكهف / 9 ]. (قال) وأما علي كرم الله وجهه فيروى أن واحدا من محبيه سرق وكان عبدا أسود، فأتي به إلى علي (عليه السلام) فقال له: أسرقت؟ قال: نعم، فقطع يده فانصرف من عند علي (عليه السلام) فلقيه سلمان الفارسي وابن الكرا (2)، فقال ابن الكرا: من قطع يدك؟ فقال: أمير المؤمنين، ويعسوب المسلمين، وختن الرسول وزوج البتول، فقال: قطع يدك وتمدحه، فقال: ولم لا أمدحه وقد قطع يدي بحق وخلصني من النار، فسمع سلمان ذلك فأخبر به عليا (عليه السلام) فدعا الأسود ووضع يده على ساعده وغطاه بمنديل ودعا بدعوات فسمعنا صوتا من السماء: ارفع الرداء عن اليد فرفعناه فإذا اليد قد برئت بإذن الله تعالى وجميل صنعه (3). [ الرياض النضرة: 2 / 222 ]: عن علي بن زاذان أن عليا (عليه السلام) حدث حديثا فكذبه رجل فقال علي (عليه السلام): ادعوا عليك إن كنت صادقا، قال: نعم فدعا عليه فلم ينصرف حتى ذهب بصره (قال) أخرجه الملا في سيرته وأحمد في المناقب، وذكره الهيثمي في مجمعه: 9 / 116، وابن حجر في صواعقه: ص 77، وفي 1 / 350، 363 باب من كنت مولاه فعلي مولاه إن عليا (عليه السلام) قد استشهد الناس وقال، أنشد الله رجلا سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول - يعني يوم غدير خم - ____________ (1) الصواعق المحرقة: ص 128، نور الأبصار للشبلنجي، ص 116. (2) ولعل الصحيح ابن الكوا وعلى كل حال القصة على الظاهر في غير أيام خلافة علي (عليه السلام) وذلك بشهادة حياة سلمان الفارسي، والله العالم " المؤلف - ره - ". (3) التفسير الكبير: 21 / 88. -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 257 -------------------------------------------------------------------------------- فقام ستة عشر فشهدوا، وقال الراوي في آخره: وكنت فيمن كتم فذهب بصري، (وفي رواية أخرى) أنهم قاموا كلهم فقالوا: اللهم نعم، قعد رجل فقال ما منعك أن تقوم؟ قال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت، فقال: اللهم إن كان كاذبا فاضربه ببلاء حسن، قال: فما مات حتى رأينا عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة (1). ____________ (1) الرياض النضرة: 3 / 177، مجمع الزوائد 9 / 116، الصواعق المحرقة: 129. |
--------------------------------------------------------------------------------
الصفحة 259 -------------------------------------------------------------------------------- الخاتمة لاحظ أخي القارئ الكريم إن نفس المواضيع والشبهات تتكرر وتعاد منذ العصور المنسحقة وحتى عصرنا الحاضر، كلما حاولنا إخمادها التهبت لتحرق ما حولها وكلما حاولنا التقارب والتوحد في الصف الإسلامي، تثار شبهات ومواضيع متكررة أكل الزمان عليها وشرب، يجعلون منها البعض حواجز مصطنعة للتباعد والتفرقة ولقد عمد الكثير منهم لتكرار هذا الشبه والتركيز عليها بشكل مقصود ومتعمد ليثيروا النزاعات والصراعات بين أبناء الأمة الإسلامية. وسوف يبقى هذا الصراع متأججا ومحتدما في أمتنا الإسلامية ما دامت هناك أقلام مأجورة وعقول غير مسؤولة وواعية لما يحيط بنا في هذه المرحلة الصعبة والحرجة والمستفيد الأول منها هو الإستعمار الذي يصرف بلايين الدولارات لخلق هكذا أجواء مشحونة بالنزاعات والصراعات والعصبيات. فنحن بأشد الحاجة إلى لم شعث الأمة، ونحن بحاجة إلى عقد مؤتمرات إسلامية تأخذ على عاتقها العمل من أجل الوحدة الإسلامية وتقف وقفة واعية ومسؤولة من قبل أصحاب العقول المفكرة العاملة وأصحاب الأقلام الشريفة لتعمل دون كلل من أجل أن نتوحد ونرفع أصواتنا عالية في وجه كل من يحاول أن يزرع الحقد والمعرفة ويؤجج النار كلما حاولنا إطفاءها. فإني أدعوا جميع أعلام المسلمين ومفكريهم في العالم أن يعملوا وبجد لعقد مؤتمرات إسلامية تكافح الفرقة والبغضاء والشحناء وتعمل على -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة 260 -------------------------------------------------------------------------------- تأليف قلوب المسلمين آخذة على عاتقها ومتمسكة بقوله تعالى في كتابه الكريم: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) فلماذا كل هذه الحملات المسعورة..؟ لماذا كل هذه الأقاويل.. والنزاعات.. والصراعات.. والعصبيات..؟ لماذا..؟ ألأن هناك فرقة إسلامية كبيرة اعتنقوا مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هذا هو الذنب العظيم... هذا هو الذي أقام الدنيا وأقعدها... حق معكم..... لأنها الفرقة المحقة... والحق كما يقال مر وكما قال الإمام علي (عليه السلام) إن الحق لم يترك لي صاحب فلذلك نحن هكذا... ونسأل الله أن يأخذ بيد العلماء العاملين للإسلام من كل المذاهب ما يحقق لنا الأصحاب العاملين من أجل الحق والوحدة الإسلامية والله من وراء القصد. المذنب الراجي رحمة ربه وشفاعة رسوله هشام عبد الله آل قطيط |
الساعة الآن 07:11 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010