:: منتديات ثار الله الإسلامي ::

:: منتديات ثار الله الإسلامي :: (http://www.tharollah.com/vb/index.php)
-   منتدى حلية التوسل ورد الشبهات عليه (http://www.tharollah.com/vb/forumdisplay.php?f=93)
-   -   دروس في التوسل منقول (http://www.tharollah.com/vb/showthread.php?t=1348)

الفاروق الاعظم 11-22-2010 09:52 PM

دروس في التوسل منقول
 
الأخوة الأحبة ..

السلام عليكم.

هذه دروس أوردها أحد الأخوة السـنة أنقلها لكم متمنياً أن تستفيدوا منها إن شـاء الله تعالى.

الدرس الاول : مفهوم التوسل

يخطئ كثير من الناس في فهم حقيقة التوسل، ولذا فإننا سنبين مفهوم التوسل الصحيح في نظرنا وقبل ذلك لابد أن نبين هذه الحقائق .
أولا : أن التوسل هو أحد طرق الدعاء وباب من أبواب التوجه إلى الله سبحانه وتعالى ، فالمقصود الاصلي الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى ، والمتوسل به إنما هو واسطة ووسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ومن أعتقد غير ذلك فقد أشرك .
ثانيا : أن المتوسل ماتوسل بهذه الواسطه إلا لمحبته لها وإعتقاده أن الله سبحانه وتعالى يحبها ، ولو ظهر خلاف ذلك لكان أبعد الناس عنها وأشد الناس كراهة لها .
ثالثا : أن المتوسل لو أعتقد أن من توسل به إلى الله ينفع ويضر بنفسه مثل الله أو دونه فقد أشرك .
رابعا : أن التوسل ليس أمرا لازما أو ضروريا ، وليست الاجابة متوقفة عليه بل الاصل دعاء الله تعالى مطلقا ، كما قال تعالى 1-‏البقرة( 186)-{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلّهُمْ يَرْشُدُونَ} ‏
وكما قال تعالى 1-‏الإسراء( 110)-{قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرّحْمَـَنَ أَيّاً مّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسْمَآءَ الْحُسْنَىَ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} ‏

الفاروق الاعظم 11-22-2010 09:58 PM

الدرس الثاني : المتفق عليه من التوسل

يختلف أحد من المسلمين في مشروعية التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالاعمال الصالحة ، فمن صام أو صلى أو قرأ القرآن أو تصدق فإنه يتوسل بصيامه وصلاته وقراءته وصدقته بل هو أرجى في القبول وأعظم في نيل المطلوب لا يختلف في ذلك اثنان والدليل على هذا حديث الثلاثة الذين أنطبق عليهم الغار فتوسل أحدهم إلى الله ببره لوالديه ، وتوسل الثاني بإبتعاده عن الفاحشة بعد تمكنه من أسبابها ، وتوسل الثالث بأمانته وحفظه لمال غيره وأدائه له كاملا ، وفرج الله عزوجل عنهم ماهم فيه ، وهذا النوع من التوسل قد فصله وبين أدلته وحقق مسائله الشيخ ابن تيمية رحمه الله في كتبه وخصوصا في رسالته : قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة.

الفاروق الاعظم 11-22-2010 09:58 PM

الدرس الثالث : محل الخلاف

ومحل الخلاف في مسألة التوسل هو التوسل بغير عمل المتوسل ، كالتوسل بالذوات والاشخاص بأن يقول : اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم أو أتوسل إليك بأبي بكر الصديق أو عمر أو عثمان أو علي رضي الله عنهم ، فهذا هو الممنوع عند بعضهم .
ونحن نرى الخلاف شكلي وليس بجوهري ، لان التوسل بالذات يرجع في الحقيقة إلى توسل الانسان بعمله وهو المتفق على جوازه ، ولو نظر المانع المتعنت في المسأله بعين البصيرة لانجلى له الامر وأنحل الاشكال وزالت الفتنة التي وقع بسببها من وقع فحكم على المسلمين بالشرك والضلال .
وسأبين كيف أن المتوسل بغيره في الحقيقة متوسل بعمله المنسوب إليه والذي هو من كسبه .
فأقول : إعلم أن من توسل بشخص ما فهو لانه يحبه إذ يعتقد صلاحه وولايته وفضله تحسينا للظن به ، أو لانه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى يجاهد في سبيله ، أو لانه يعتقد أن الله تعالى يحبه كما قال تعالى : ( يحبهم ويحبونه ) أو لاعتقاد هذه الامور كلها في شخص المتوسل به .
وإذا تدبرت الامر وجدت أن هذه المحبة وذلك الاعتقاد من عمل المتوسل لانه اعتقاده الذي انعقد عليه قلبه فهو منسوب إليه ومسئول عنه ومثاب عليه ، وكأنه يقول : يارب إني أحب فلانا وأعتقد أنه يحبك وهو مخلص لك ويجاهد في سبيلك ، وأعتقد أنك تحبه وأنت راض عنه فأتوسل إليك بمحبتي له وباعتقادي فيه أن تفعل كذا وكذا ، ولكن أكثر المتوسلين يتسامحون في التصريح بهذا الامر مكتفين بعلم من لاتخفى عليه خافية في الارض ولا السماء يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور.
فمن قال : اللهم إني أتوسل إليك بنبيك ، هو ومن قال : اللهم إني أتوسل إليك بمحبتي لنبيك ، سواء لان الاول ماأقدم على هذا إلا لمحبته وإيمانه بنبيه ، ولولا المحبة له والايمان به ماتوسل به ، وهكذا يقال في حق غيره من أولياء الامة .
وبهذا ظهر أن الخلاف في الحقيقة شكلي ولايقتضي هذا التفرق والعداء بالحكم بالكفر على المتوسلين وإخراجهم عن دائرة الاسلام ( سبحانك هذا بهتان عظيم )

الفاروق الاعظم 11-22-2010 09:58 PM

الدرس الرابع : أدلة ماعليه المسلمون من التوسل

قال الله تعالى : 1-‏المائدة( 35)-{يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُوَاْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ}

والوسيلة : كل ماجعله الله سببا في الزلفى عنده ووصلة إلى قضاء الحوائج منه والمدار فيها على أن يكون للوسيلة قدر وحرمة عند المتوسل إليه .
ولفظ الوسيلة عام في الاية كما ترى فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضلة من الانبياء والصالحين في الحياة وبعد الممات وبالإتيان بالاعمال الصالحة على الوجه المأمور به وللتوسل بها بعد وقوعها .

وفيما ستسمع من الاحاديث والآثار مايجلى لك هذا العموم واضحا ، فألق السمع وأنت شهيد لترى أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وسلم قبل وجوده وبعد وجوده في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات يوم القيامة .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 09:58 PM

الدرس الخامس : التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل وجوده


توسل أدم به صلى الله عليه وسلم : وقد جاء في الحديث ان آدم توسل بالنبي عليه الصلاة والسلام ، قال الحاكم في المستدرك : حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن ابراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر رضي الله عنه قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقترف آدم الخطيئة قال : يارب ! أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال الله ياآدم وكيف عرفت محمد ولم أخلقه ؟ قال ياربي لانك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لاإله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى إسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله : صدقت ياآدم إنه لأحب الخلق إلي ، أدعني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ماخلقتك .

أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ( ج2 ص 615 ) ورواه الحافظ السيوطي في الخصائص النبوية وصححه . ورواه البيهقي في دلائل النبوة وهو لا يروي الموضوعات ، كما صرح بذلك في مقدمة كتابه وصححه أيضا القسطلاني والزرقاني في المواهب اللدنية ( ج 2 ص 62 ) والسبكي في شفاء السقام ، وقال الحافظ الهيثمي : رواه الطبراني في الاوسط وفيه من لم أعرفهم ( مجمع الزوائد ج 8 ص 253 ) .
وجاء من طريق آخر عن أبن عباس : فلولا محمد ماخلقت آدم ولا الجنة ولا النار . رواه الحاكم في المستدرك ( ج 2 ص 651 ) وقال : صحيح الاسناد . وصححه شيخ الاسلام البلقيني في فتاويه . ورواه أيضا الشيخ أبن الجوزي في الوفا في أول كتابه ونقله أبن كثير في البداية ( ج 1 ص 180 ) .


وقد خالف في ذلك بعض العلماء فتكلم في درجة الحديث ورده وحكم بوضعه الذهبي وغيره ، وبعضهم حكم بضعفه ، وبعضهم حكم بنكارته ـ وبهذا يظهر أنه لم تتفق كلمتهم على حكم واحد . وعليه فالمسألة يدور البحث فيها بين الاثبات والنفي والرد والقبول والتوقف بناء على اختلافهم في درجة الحديث . وهذا من ناحية السند وثبوت الحديث . أما من ناحية المعنى فلنترك المجال لشيخ الاسلام أبن تيمية ليحدثنا عنه .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 09:59 PM

الدرس السادس : شواهد لحديث توسل آدم عليه السلام

ذكر ابن تيمية حديثين في هذا الموضوع وأوردهما مستشهد بهما ، فقال روى أبو الفرج ابن الجوزي بسنده إلى ميسرة قال : ( قلت يارسول الله ! متى كنت نبيا ؟ قال لما خلق الله الارض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ، وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الانبياء ، وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الابواب والاوراق والقباب والخيام ، وآدم بين الروح والجسد ، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله إنه سيد ولدك ، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه ) .
وروى أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة ومن طريق الشيخ أبي الفرج حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن رشيد حدثنا أحمد بن سعيد الفهري حدثنا عبدالله بن اسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال يارب ! بحق محمد إلا غفرت لي ، فأوحى إليه : وما محمد ومن محمد ؟ فقال يارب ! إنك لما أتممت خلقي ورفعت رأسي إلى عرشك فإذا عليه مكتوب : لاإله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك ، فقال نعم ، قد غفرت لك ، وهو آخر الانبياء من ذريتك ، ولو لاه ماخلقتك ) .
فهذا الحديث يؤيد الذي قبله ، وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحه ( 1هـ من الفتاوي ج 2 ص 150 ) .
قلت : فهذا يدل على أن الحديث عند ابن تيمية صالح للاستشهاد والاعتبار لان الموضوع أو الباطل لايستشهد به عند المحدثين ، وانت ترى أن الشيخ استشهد به هنا على التفسير (1)

-----------------------------------

(1) يكابر البعض في هذه المسألة وينكر صحة هذا الاستظهار عن ابن تيمية ويقول : إن ابن تيمية يقول : بأن الحديث موضوع - وهذا قد يكون صحيحا - لكن ابن تيمية هنا في هذا الموطن أورد الحديثين وأستشهد بهما وفسر بهما الاحاديث الصحيحة وأيد بهما كلامه وصرح بذلك ، فهل يجهل شيخ الاسلام ، وهو المحدث المتقن العارف باصول الحديث ، أن الحديث الباطل أو الموضوع لا يجوز الاستشهاد به ولا يصلح أن يكون مفسرا ولامتابعا ، ولا شاهدا حتى ولو ساقه بسنده ، سبحانك هذا بهتان عظيم . وراح بعضهم يلتمس التأويلات الباطله لهذا الصنيع ، وهي كلها باردة لا يقولها طالب علم منصف . والحق أن من استشهد بحديث في أي موطن أو أي مناسبة فهو دليل على أنه صالح لذلك ويترتب عليه أنه ليس بمنكر ولا واه بمرة ، فإذا قال : بوضعه في موطن آخر فهو إما تناقض أو تغير في الاجتهاد ، فإن كان التناقض فيسقط القولان ، وإن كان هو التغير في الاجتهاد ، فليس أحد القولين بأولى من الاخر ، إذ لايعلم المتقدم من المتأخر ، والذي يهمنا هنا أن مااستظهره المؤلف من كلام ابن تيمية صحيح لاغبار عليه ، ومابقي بعد ذلك من التناقض فليبحث عن جوابه .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:02 PM

الدرس السابع : تصحيح ابن تيمية لمعنى هذه الخصوصية

الشيخ ابن تيمية عن هذه المسأله كلاما جيدا نفيسا يدل على عقل وبصيرة واتزان كبير ، فهو وإن كان نفى وجود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى ( وهذا حسب علمه في ذلك الوقت ) إلا أنه رجع فأيد المعنى وفسره تفسيرا معقولا وأثبت فيه صحة القول وهو بهذا يرد ردا واضحا على من زعم أن ذلك شرك أو كفر وعلى من زعم أن المعنى فاسد وباطل وعلى من زعم أن فيه قدحا في مقام التوحيد والتنزيه ، وماهو إلا الهوى والعمى وسوء الفهم وضيق العقل فالله ينور بصائرنا ويرشدنا إلى الحق والصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل .

قال الشيخ الامام ابن تيمية في الفتاوي ( ج 11 ص 96 )

ومحمد سيد ولد آدم وأفضل الخلق وأكرمهم عليه ، ومن هنا قال من قال : إن الله خلق من أجله العالم أو أنه لولاه لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا أرضا ولا شمسا ولا قمرا ، لكن ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا ، ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بل ولايعرف عن الصحابة بل هو كلام لا يدري قائله ، ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله تعالى ( سخر لكم مافي السموات ومافي الارض ) الايه ، وقوله تعالى ( وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الانهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ماسألتموه وإن تعدوا نعمت الله لاتحصوها ) الايه ، وأمثال ذلك من الايات التي يبين فيها أنه خلق المخلوقات لبني آدم ، ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ، ولكن يبين لبني آدم مافيها من المنفعة وما أسبغ عليهم من النعمة .
فإذا قيل : فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى ، وكذلك قول القائل : لو لا كذا ماخلق كذا لايقتضي أن يكون فيه حكم أخرى عظيمة ، بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بني آدم محمد ، وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة ( أعظم ) من غيرها صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله عليه وسلم . اه من الفتاوى

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:03 PM

الدرس الثامن : تحليل مهم لرأي ابن تيمية غاب عن عقول أتباعه

فانظر هداك الله إلى كلام الشيخ ابن تيمية وبعد نظره ، وسعة فهمه في تفسير هذه الخصوصية التي أنتشرت واشتهرت ، وجاء فيها حديث توسل آدم الذي رواه الحاكم والذي صححه من صححه ، وحسنه من حسنه ، وقبله من قبله ممن تقدم ذكرهم من أئمة الحديث .

وهاهو الشيخ ابن تيمية هنا يقول : ( إن الكلام له وجه صحيح ) .
فأين هذا القول من قول من أقعد الدنيا وأقامها ، وأخرج القائلين بذلك عن دائرة الإسلام ، ووصفهم بالضلال والشرك ، أو بالبدعة والتخريف ، ثم يدعي زورا وبهتانا أنه سلفي تيمي ، وهو بعيد كل البعد عن ابن تيمية ، وعن السلفية ، وليس هذا الصنيع منه في هذه المسألة فقط ، بل الملاحظ أنه مع ابن تيمية في كل مسألة إلا فيما فيه تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو تأييد كرامته وعظمته ومكانته ، فإنه يتوقف فيها ويفكر وينظر ، وهنا فقط تظهر عنده حماية مقام التوحيد أو حمية التوحيد ، سبحانك هذا بهتان عظيم .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:03 PM

الدرس التاسع : الشاهد الثالث لحديث توسل آدم

الشاهد الثالث لحديث توسل آدم هو ماأخرجه ابن المنذر في تفسيره عن محمد ابن علي بن حسين بن علي عليهم السلام قال : ( لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه فجاءه جبريل عليه السلام فقال : ياآدم ! هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه ؟ قال : بلى ياجبريل ، قال : قم في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدح ، فليس شئ أحب إلى الله من المدح ، قال : فأقول ماذا ياجبريل ؟ قال : قل لاإله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لايموت بيده الخير كله وهو على كل شئ قدير ، ثم تبوء بخطيئتك فتقول : سبحانك اللهم وبحمدك لاإله إلا أنت رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفرلي إنه لايغفر الذنوب إلا أنت ، اللهم إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي ) ، قال ففعل آدم ، فقال الله : ياآدم ! من علمك هذا ؟ فقال يارب ! إنك لما نفخت في الروح فقمت بشرا سويا أسمع وأبصر وأعقل وأنظر رأيت على ساق عرشك مكتوبا بسم الله الرحمن الرحيم ، لاإله إلا الله وحده لاشريك له محمد رسول الله ، فلما لم أر على أثر اسمك اسم ملك مقرب ، ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك ، قال صدقت ، وقد تبت عليك وغفرت لك .

------------------------------------------

كذا في الدر المنثور للسيوطي ج 1 ص 146 ومحمد بن علي بن الحصين هو ابو جعفر الباقر من ثقات التابعين وساداتهم خرج له الستة ، روى عن جابر وأبي سعيد وابن عمر وغيرهم . رضي الله عنهم

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:04 PM

الدرس العاشر : الشاهد الرابع لحديث توسل آدم

الشاهد الرابع ما رواه أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة قال : حدثنا هارون بن يوسف التاجر قال :حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثني أبو عثمان بن خالد عن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال : من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال : اللهم إني أسألك بحق محمد عليك ، قال الله تعالى ومايدريك مامحمد ؟ قال يارب ! رفعت رأسي فرأيت مكتوب على عرشك لاإله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنه أكرم خلقك .
فانضمام هذا الاثر إلى حديث عبد الرحمن بن زيد يفيده قوة كما لا يخفى .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:04 PM

الدرس الحادي عشر : الجنة حرام على الانبياء حتى يدخلها محمد صلى الله عليه وسلم

ومن أمثال هذا التفضل الالهي على حضرة النبي صلى الله عليه وسلم ماجاء في الحديث من كون الجنة حراما على الانبياء حتى يدخلها نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الجنة حرمت على الانبياء حتى أدخلها وحرمت على الامم حتى تدخلها أمتي ) رواه الطبراني في الاوسط ، وقال الهيثمي : إسناده حسن .. ( مجمع الزوائد ج 10 ص 69 )

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:04 PM

الدرس الثاني عشر : ارتباط الكون باسمه صلى الله عليه وسلم

ومن أمثال هذا التفضل الإلهي ما جاء في الاثار من أنتشار اسمه في ألملأ الاعلى ، قال كعب الاحبار : إن الله أنزل على آدم عصيا بعدد الانبياء والمرسلين ، ثم أقبل على أبنه شيث فقال : ابني انت خليفتي من بعدي فخذها بعمارة التقوى والعروة الوثقى ، وكلما ذكرت الله فاذكر إلى جنبه اسم محمد ، فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش وانا بين الروح والطين ، ثم إني طفت السموات فلم أر في السموات موضعا إلا رأيت أسم محمد مكتوب عليه وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصرا ولا غرفة إلا رأيت محمد مكتوبا عليه ، ولقد رأيت اسم محمد مكتوبا على نحور الحور العين وعلى ورق قصب آجام الجنة وعلى ورق شجرة طوبى ، وعلى ورق سدرة المنتهى ، وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة ، فأكثروا ذكره فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها . ( المواهب اللدنية ج 1 ص 186 )

قال الزرقاني في شرحه : رواه ابن عساكر .
قلت : وقد ذكر نحو هذا الخبر الشيخ ابن تيمية ، فقال : وقد روى أن الله كتب اسمه على العرش وعلى مافي الجنة من الابواب والقباب والاوراق .
وروى في ذلك عدة آثار توافق هذه الاحاديث الثابتة التي تبين التنويه باسمه وإعلاء ذكره حينئذ .

وفي رواية لابن الجوزي عن ميسرة قال : قلت يارسول الله ! متى كنت نبيا ؟ قال : (لما خلق الله الارض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الانبياء وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب أسمي على الابواب والاوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد فلما أحياه الله تعالى ، نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله أنه سيد ولدك ، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه).
( الفتاوي ج2 / 150 )

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:05 PM

الدرس الثالث عشر : فوائد مهمة من حديث توسل آدم

وفي الحديث التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتشرف العالم بوجوده فيه وأن المدار في صحة التوسل على أن يكون للمتوسل به القدر الرفيع عند ربه عز وجل ، وانه لا يشترط كونه حيا في دار الدنيا .
ومنه يعلم أن القول بأن التوسل لا يصح بأحد إلا وقت حياته في دار الدنيا قول من أتبع هواه بغير هدى من الله .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:05 PM

الدرس الرابع عشر : حاصل البحث في درجة الحديث

والحاصل أن هذا الحديث صححه بشواهده (1) ونقله جماعة من فحول العلماء وأئمة الحديث وحفاظه الذين لهم مقامهم المعروف ومكانتهم العالية وهم الامناء على السنة النبوية فمنهم الحاكم والسيوطي والسبكي والبلقيني .
ونقله البيهقي في كتابه الذي شرط فيه أن لايخرج الموضوعات ، والذي قال فيه الذهبي : عليك به فإنه كله هدى ونور ( وكذا في شرح المواهب وغيره ) .

وذكره ابن كثير في البداية واستشهد به ابن تيمية في الفتاوي ، وكون العلماء اختلفوا فيه فرده بعضهم وقبله البعض ليس بغريب لأن كثيرا من الاحاديث النبوية جرى فيها الخلاف بأكثر من هذا وانتقدها النقاد بأعظم من هذا .

وبسبب ذلك ظهرت هذه المؤلفات العظيمه ، وفيها الاستدلالات والتعقبات والمراجعات والمؤاخذات ، ولم يصل ذلك الرمي بالشرك والكفر والضلال والخروج عن دائرة الايمان لأجل الاختلافات في درجة حديث من الاحاديث ، وهذا الحديث من جملة تلك الاحاديث .

-----------------------------------------------

1) انظر كيف قال المؤلف ( ونقله البيهقي في كتابه ) ولم يقل : صححه ، وهذا غاية الإنصاف ، وكذلك قوله : ذكره ابن كثير في البداية ، أضف إلى ذلك قوله فيما بعد ص 77 عن ابن كثير ، ولم يحكم بوضعها . فإن كل من له إلمام بالحديث واشتغال به يعرف معنى هذه الكلمة .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:06 PM

الدرس الخامس عشر : توسل اليهود به صلى الله عليه وسلم

قال تعالى ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين )
قال القرطبي : قوله تعالى : ولما جاءهم - يعني اليهود - كتاب - يعني القرآن - من عند الله مصدق - نعت لكتاب ويجوز في غير القرآن نصبه على الحال وكذلك هو في مصحف أبي بالنصب فيما روى - لما معهم - يعني التوراة والانجيل يخبرهم بما فيها - وكانوا من قبل يستفتحون - أي يستنصرون ، والاستفتاح : الاستنصار استفتحت استنصرت ، وفي الحديث كان النبي يستفتح بصعاليك المهاجرين أي يستنصر بدعائهم وصلاتهم ، ومنه ( فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ) ، والنصر فتح شئ مغلق فهو يرجع إلى قولهم : فتحت الباب .
وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما نصر الله هذه الامة بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم ) .
وروى النسائي أيضا عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أبغوني الضعيف فإنكم إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ) .
قال ابن عباس : كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هزمت يهود فدعت يهود بهذا الدعاء وقالوا : إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان أن تنصرنا عليهم ، قال : فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا ، فأنزل الله تعالى : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) أي بك يامحمد إلى قوله : ( فلعنة الله على الكافرين ) تفسير القرطبي ج2 /26-27 (1)

-------------------------------------------------

(1)قول ابن عباس هذا هو المشهور في كتب التفاسير المعتمدة ، ونقله أئمة التفسير من المحدثين المعتبرين كابن أبي حاتم والطبري والبغوي والألوسي والشوكاني ونقلها ابن كثير في البداية دون أعتراض .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:06 PM

الدرس السادس عشر : التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته

عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره ، فقال : يارسول الله ! ليس لي قائد وقد شق علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ائت الميضاة فتوضأ ثم صلي ركعتين ثم قل : اللهم إني أسئلك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمه يامحمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلى لي عن بصري ، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي ، قال عثمان : فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضر )) . قال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه . وقال الذهبي عن الحديث إنه صحيح 1/519 . وقال الترمذي في أبواب الدعوات أخر السنن : هذا حديث حسن صحيح غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي .
قلت : والصواب أن أبا جعفر هو الخطمي المدني كما جاء مصرحا به في روايات الطبراني والحاكم والبيهقي ، وزاد الطبراني في المعجم الصغير أن اسمه عمير بن يزيد وأنه ثقة ، قال العلامة المحدث الغماري في رسالته (( اتحاف الاذكياء )) : وليس من المعقول أن يجمع الحفاظ على تصحيح حديث في سنده مجهول خصوصا الذهبي والمنذري والحافظ .
قال المنذري : ورواه أيضا النسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه ( كذا في الترغيب كتاب النوافل باب الترغيب في صلاة الحاجة ( ج1 ص 438 ) .

وليس هذا خاصا بحياته صلى الله عليه وسلم بل قد استعمل بعض الصحابة هذه الصيغة من التوسل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فقد روى الطبراني هذا الحديث وذكر في أوله قصة وهي : أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي اله عنه في حاجة له ، وكان عثمان رضي الله عنه لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ، فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه ،فقال له عثمان بن حنيف : ائت الميضاة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل : (( اللهم إني أسئلك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمه يامحمد إني أتوجه بك إلى ربك فيقضي حاجتي ، وتذكر حاجتك .......

فانطلق الرجل فصنع ماقال له ، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذه بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة وقال : ماحاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له ، ثم قال : ماذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ثم قال : ما كانت لك حاجه فأتنا ، ثم إن الرجل لما خرج من عنده لقى عثمان بن حنيف وقال له : جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في ، فقال عثمان بن حنيف : والله ماكلمته ، ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو تصبر ؟ فقال يارسول الله ! ليس لي قائد ، وقد شق علي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ائت الميضاة فتوضأ ثم صلي ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات ، فقال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط )) .

قال المنذري : رواه الطبراني ، وقال بعد ذكره : والحديث صحيح ، كذا في الترغيب ج 1 ص 440 وكذا في مجمع الزوائد ج 2 ص 279 .

وقال الشيخ ابن تيمية : قال الطبراني روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر واسمه عمير بن يزيد وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر عن شعبة ، قال أبو عبد الله المقدسي : والحديث صحيح .

قلت : قال الشيخ ابن تيمية : ذكر تفرده بمبلغ علمه ولم تبلغه رواية روح بن عبادة عن شعبة ، وذلك إسناد صحيح يبين أنه لم ينفرد به عثمان بن عمر اهـ.

( قاعدة جليله في التوسل والوسيلة ص 106)
وبهذا ظهر أن هذه القصة صححها الطبراني والحافظ أبو عبد الله المقدسي ، ونقل ذلك التصحيح الحافظ المنذري والحافظ نور الدين الهيثمي والشيخ ابن تيميه (1)
وحاصل القصة أن عثمان بن حنيف الراوي للحديث المشاهد للقصة علم من شكا إليه إبطاء الخليفة عن قضاء حاجته هذا الدعاء الذي فيه توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والنداء له مستغيثا به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، ولما ظن الرجل أن حاجته قضيت بسبب كلام عثمان مع الخليفة ، بادر ابن حنيف بنفي ذلك الظن وحدثه بالحديث الذي سمعه وشهده ليثبت له أن حاجته إنما قضيت بتوسله به صلى الله عليه وسلم وندائه له واستغاثته به ، وأكد ذلك له بالحلف أنه ما كلم الخليفة في شأنه .

------------------------------------

(1) قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب : قال الطبراني بعد ما ذكر طرقه : والحديث صحيح وقول الطبراني هذا يدل دلالة واضحة على تصحيحه للحديث من جميع طرقه التي وردت ، ومنها طريق القصة فهو صحيح عنده غير متكلم فيه ، والراوي للحديث وللقصة واحد ، وهو = عثمان بن حنيف ، وصحح الحاكم القصة أيضا ، فقال : تابعه شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم بزيادات في المتن والإسناد ، والقول فيه قول شبيب ، فإنه ثقة مأمون ، كذا في المستدرك ج 1 ص 526 قلت : ولم يعترض على هذا الذهبي بشئ فهو إقرار منه بذلك . هذا وقد صنف بعض أهل العلم رسالة خاصة في هذا الحديث وجمع طرقه سماها : (( المنار المنيف في حديث عثمان بن حنيف )).

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:06 PM

الدرس السابع عشر : استعمال آخر وتأييد ابن تيمية له

روى ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء قال : حدثنا أبو هاشم سمعت كثير بن محمد بن كثير بن رفاعة يقول : جاء رجل إلى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال : بك داء لايبرأ قال : ماهو ؟ قال : الدبيلة وهي خراّج ودمل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبا قال : فتحول الرجل فقال : الله الله الله ربي لاأشرك به شيئا اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يامحمد إني أتوجه بك إلى ربك وربي يرحمني مما بي قال : فجس بطنه فقال : قد برئت مابك عله .
قال الشيخ ابن تيمية : قلت : فهذا الدعاء ونحوه قد روى أنه دعا به السلف اه ( رواه الشيخ ابن تيمية في قاعدة جليلة ص 94 ) .
ومعلوم أن ابن تيمية أورد هذا الخبر ليبين به مقصوده ويوجهه كما يريد ولكن الذي يهمنا هنا هو أنه أثبت استعمال السلف لذلك وحصول الشفاء به وهذا القدر من المسألة هو الذي يهمنا أما تعليقه عليه فهذا رأيه هو ونحن لايهمنا إلا ثبوت النص فقط لنستدل به على مانريد وهو له أن يستدل به كما يريد .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:07 PM

لدرس الثامن عشر : محاولات يائسة

وقد طنطن ودندن بعضهم حول حديث توسل آدم وعثمان بن حنيف وغيره وبذل جهده في ردها بكل ماأوتي من قوة وحاول وحاور وجادل وقام وقعد وأرغى وأزبد في هذا الموضوع وكل ذلك لا فائدة منه لانه مهما حاول رد الاحاديث الواردة في هذا الباب فقد قال ساداته من العلماء الكبار كلمتهم وهم أوفر منه عقلا وأوسع علما وأطول باعا وأعمق فهما وأكثر نورا وتقوى وإخلاصا مثل الامام أحمد بن حنبل وهو يقول بالتوسل كما نقله عنه ابن تيمية والعز بن عبد السلام وابن تيمية نفسه في قول له بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ثم نهاية المطاف عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي أنكر على من نسب القول إليه بتكفير المتوسلين بل وصرح في فتاواه بأن التوسل من الفروع لا من الاصول وكل ذلك سيأتي مفصلا إن شاء الله في هذا الدرس .
هذا وقد صنف الشيخ العلامة المحدث عبدالله الغماري رسالة خاصة في الكلام عن هذا الحديث سماها ( مصباح الزجاجة في صلاة الحاجة ) أجاد فيها وأفاد واتى بما يشفى ويكفى ويغنى ، جزاه الله خير الجزاء .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:08 PM

الدرس العشرون : مشروعية التوسل على طريقة ابن تيمية

يقول الشيخ ابن تيمية في كتابه ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) عند الكلام على قوله تعالى ( ياأيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) الاية ، فابتغاء الوسيلة إلى الله سبحانه وتعالى إنما يكون لمن توسل إلى الله بالايمان بمحمد واتباعه ، وهذا التوسل بالايمان به وبطاعته فرض على كل أحد في كل حال باطنا وظاهرا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد موته في مشهده ومغيبه لا يسقط التوسل بالايمان به وبطاعته عن أحد من الخلق في حال من الاحوال بعد قيام الحجة عليه ولا بعذر من الاعذار ولا طريق إلى كرامة الله ورحمته والنجاة من هوانه وعذابه إلا بالتوسل به وبطاعته وهو صلى الله عليه وسلم شفيع الخلائق صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والآخرون فهوأعظم الشفعاء قدرا وأعلاهم جاها عند الله سبحانه وتعالى ،وقال تعالى عن موسى ( وكان عند الله وجيها ) ، وقال عن المسيح ( وجيها في الدنيا والاخرة ) وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أعظم جاها من الانبياء والمرسلين ، ولكن شفاعته ودعاؤه إنما ينتفع به من شفع له الرسول ودعا له فمن دعا له الرسول وشفع له توسل إلى الله بشفاعته ودعائه كما كان أصحابه يتوسلون إلى الله بدعائه وشفاعته وكما يتوسل الناس يوم القيامة إلى الله تعالى بدعائه وشفاعته صلى الله عليه وسلم وآله وسلم تسليما .

وفي الفتاوي الكبرى : سئل شيخ الاسلام رحمه الله هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا ! فأجاب : الحمد لله ، أما التوسل بالايمان به وبمحبته وطاعته والصلاة والسلام عليه وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك مما هو من أفعاله وأفعال العباد المأمور بها في حقه فهو مشروع باتفاق المسلمين . ( الفتاوى الكبرى ج1 ص 140 ) .
قلت : فيستفاد من كلام الشيخ ابن تيمية أمران :
الاول : أن المسلم المطيع المحب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتبع له المصدق بشفاعته يشرع له أن يتوسل بطاعته ومحبته وتصديقه ذلك .
وإننا إذا توسلنا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فالله يشهد أننا إنما نتوسل بالايمان به وبمحبته وبفضله وشرفه فهذا هو المقصود الاصلي من التوسل ولا يتصور أن يتوسل أحد بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لغير هذا المعنى ، ولا يمكن أن يكون سوى ذلك من جميع المسلمين المتوسلين ، غير أن المتوسل قد يصرح به وقد لا يصرح اعتمادا على المقصود الاصلي من التوسل الذي هو الايمان بالنبي ومحبته صلى الله عليه وآله وسلم لاغير .
الثاني : مما يستفاد من كلام الشيخ ابن تيمية أن من دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم صح له أن يتوسل إلى الله بدعائه صلى الله عليه وسلم له ، وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قد دعا لامته كما ثبت ذلك في أحاديث كثيرة .
منها : عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لما رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم طيب النفس ، قلت : يارسول الله ! أدع الله لي ، فقال : ( اللهم اغفر لعائشة ماتقدم من ذنبها وماتأخر وماأسرت وماأعلنت فضحكت حتى سقط رأسها في حجرها من الضحك ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيسرك دعائي ، فقالت : ومالي لا يسرني دعاؤك ، فقال لها صلى الله عليه وسلم : أنها لدعائي لامتي في كل صلاة ).
رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة ، ( كذا في مجمع الزوائد ) ، لذا فإنه يصح لكل مسلم أن يتوسل إلى الله سبحانه وتعالى بذلك فيقول : اللهم إن نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم قد دعا لأمته وأنا من أفراد هذه الامه فأتوسل إليك بهذا الدعاء أن تغفر لي وأن ترحمني إلى آخر مايريد ، فإذا قال ذلك لم يخرج عن الامر المتفق عليه بين كافة علماء المسلمين ، فإن قال : اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم فقد فاته التصريح بما ينويه وبيان ماينعقد عليه قلبه وهو مقصود كل مسلم ومراده لا يخرج عن هذا الحد لأن المتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقصد بذلك إلا تلك المعاني المتعلقة بذاته صلى الله عليه وسلم من محبة وقربة وجاه ورتبة وفضل ودعاء وشفاعة ، خصوصا وأنه صلى الله عليه وسلم في برزخه يسمع الصلاة والسلام ويرد على ذلك بما يليق ويناسب من سلام واستغفار لما قد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ، تعرض أعمالكم علي فإن وجدت خيرا حمدت الله وإن وجدت شرا أستغفرت لكم ) رواه الحافظ إسماعيل القاضي في جزء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وصححه بقوله : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح كما سيأتي .
وهذا صريح بأنه صلى الله عليه وسلم يستغفر للأمة في برزخه والاستغفار دعاء والأمة تنتفع بذلك .
وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مامن أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد السلام ) . رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال النووي : إسناده صحيح .
فهذا صريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم يرد السلام على المسلم ، والسلام هو الأمان فهو دعاء بالأمان للمسلم وهو ينتفع بذلك .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:08 PM

الدرس الحادي والعشرون : مشروعية التوسل بالنبي صلى الله
عليه وسلم خاصة عند الإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية

على أن الشيخ ابن تيمية في بعض المواضع من كتبه أثبت جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم دون تفريق أو تفصيل بين حياته وموته وحضوره وغيابه ، ونقل عن الإمام أحمد والعز بن عبد السلام جواز ذلك في الفتاوى الكبرى .
قال الشيخ : وكذلك مما يشرع التوسل به صلى الله عليه وسلم في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم علم شخصا أن يقول : اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يامحمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلى حاجتي ليقضيها فشفعه في ) . فهذا التوسل به حسن .أه ( الفتاوى ج3 ص 276 ) .
وقال أيضا : والتوسل إلى الله بغير نبينا صلى الله عليه وسلم سواء سمى استغاثة أو لم يسم لانعلم أحد من السلف فعله ولا روى فيه آثارا ولا نعلم فيه إلا ماأفتى به الشيخ من المنع ، وأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ففيه حديث في السنن ، رواه النسائي والترمذي وغيرهما : ( أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله ! إني أصبت في بصري فأدع الله لي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( توضأ وصل ركعتين ، ثم قل اللهم أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد يامحمد إني أتشفع بك في رد بصري ، اللهم شفع نبيك في ، وقال فإن كانت لك حاجة فمثل ذلك ، فرد الله بصره ) فلأجل هذا الحديث استثنى الشيخ التوسل به . أه ( الفتاوى ج1 ص 105 ) .

وقال الشيخ ابن تيمية أيضا في موضع آخر : ( ولذلك قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي صاحبه : أنه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه ، ولكن غير أحمد قال : إن هذا إقسام على الله به ، ولا يقسم على الله بمخلوق ، وأحمد في إحدى الروايتين قد جوز القسم به ، فلذلك جوز التوسل به ) ( ج1 ص 140 من الفتاوى ).

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:08 PM

الدرس الثاني والعشرون : جواز التوسل عند الإمام الشوكاني

قال الإمام المحدث السلفي الشيخ محمد بن على الشوكاني في رسالته
( الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ) : أما التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأحد من خلقه في مطلب يطلب العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : أنه لا يجوز التوسل إلى الله سبحانه وتعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه . ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه والترمذي وصححه ابن ماجه وغيرهم أن أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ، قال وللناس في معنى هذا قولان :
أحدهما ك أن التوسل هو الذين ذكره عمر بن الخطاب لما قال : كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا . هو في صحيح البخاري وغيره ، فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته في الاستسقاء ثم توسل بعمه العباس بعد موته وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مثل هذا شافعا وداعيا لهم .
والقول الثاني : أن التوسل به صلى الله عليه وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه ، ولا يخفاك أنه ثبت التوسل به صلى الله عليه وسلم في حياته ، وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعا سكوتيا لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في توسله بالعباس رضي الله عنه ، وعندي : أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين :
الاول : ماعرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
والثاني : أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة إذ لا يكون فاضلا إلا بأعماله ، فإذا قال القائل : اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني فهو بإعتبار ماقام به من العلم ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة ،فلو كان التوسل بالاعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركا كما زعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ، ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الاجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار مافعلوه بعد حكايته عنهم ، وبهذا تعلم أن مايورده المانعون من التوسل بالانبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى : ( ومانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )، ونحو قوله تعالى : ( فلا تدعوا مع الله أحدا ) ونحو قوله تعالى : ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ ) الاية ، ليس بوارد بل هو من الاستدلال على محل النزاع بما هو أجنبي عنه ، فإن قولهم : ومانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، مصرح بأنهم عبدوهم لذلك ، والمتوسل بالعلم مثلا لم يعبده بل علم أن له مزية عند الله بحمله العلم فتوسل به لذلك ، وكذلك قوله : ( فلا تدعوا مع الله أحدا ) فإنه نهى عن أن يدعي مع الله غيره كأن يقول بالله وبفلان ، والمتوسل بالعالم مثلا لم يدع إلا الله فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عمله بعض عباده كما توسل الثلاثة الذين أنطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم ، وكذلك قوله تعالى : ( والذين يدعون من دونه ) الآية فإن هؤلاء دعوا من لايستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذي يستجيب لهم ، والمتوسل بالعالم مثلا لم يدع إلا الله ولم يدع غيره دونه ولا دعاء غيره معه ، فإذا عرفت هذا لم يخف عليك دفع مايورده المانعون للتوسل من الادلة الخارجة عن محل النزاع خروجا زائدا على ماذكرناه كإستدلالهم بقوله تعالى : ( وماأدراك ما يوم الدين ، ثم ماأدراك ما يوم الدين ، يوم لاتملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ) . فإن هذه الاية الشريفة ليست فيها دلالة إلا أنه تعالى هو المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شئ ، والمتوسل بنبي من الانبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركة لله جل جلاله في أمر يوم الدين ، ومن أعتقد هذا لعبد من العباد سواء كان نبيا أو غير نبي فهو في ضلال مبين ، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله : ( ليس لك من الأمر شئ )( قل لاأملك لنفسي ضرا ولا نفعا ) فإن هاتين الآيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الله شئ وأنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فكيف يملك لغيره ، وليس فيها منع التوسل أو بغيره من الانبياء أو الأولياء أو العلماء ، وقد جعل الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم المقام المحمود مقام الشفاعة العظمى وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه ، وقال له : سل تعطى واشفع تشفع ، وقيل ذلك في كتابه العزيز أن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضى ، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) : يافلان بن فلان لاأملك لك من الله شيئا ، يافلانه بنت فلان لا أملك لك من الله شيئا ، فإن هذا ليس فيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه ، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلا عن غيرهم شيئا من الله ، وهذا معلوم لكل مسلم وليس فيه أنه لا يتوسل به إلى الله فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي ، وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه مايكون سببا للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين . أنتهى كلام الشوكاني

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:09 PM

الدرس الثالث والعشرون : الشيخ محمد بن عبد الوهاب يقول بجواز
التوسل

سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن قولهم في الاستسقاء : ( لابأس بالتوسل بالصالحين ) وقول أحمد : ( يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة مع قولهم : إنه لا يستغاث بمخلوق ) ؟
فقال : فالفرق ظاهر جدا وليس الكلام مما نحن فيه ، فكون بعض يرخص بالتوسل بالصالحين ، وبعضهم يخصه بالنبي صلى الله عليه وسلم وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه ، فهذه المسأله من مسائل الفقه ، وأن كان الصواب عندنا قول الجمهور من أنه مكروه ، فلا ننكر على من فعله ، ولا إنكار في مسائل الإجتهاد ، ولكن إنكارنا على من دعا لمخلوق أعظم مما يدعو الله تعالى ويقصد القبر يتضرع عند ضريح الشيخ عبد القادر أو غيره يطلب فيه تفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإعطاء الرغبات ، فأين هذا ممن يدعو الله مخلصا له الدين لا يدعو مع الله أحدا ولكن يقول في دعائه : أسألك بنبيك أو بالمرسلين أو بعبادك الصالحين أو يقصد قبرا معروفا أو غيره يدعو عنده ، لكن لا يدعو إلا الله مخلصا له الدين فأين هذا ممانحن فيه .
( أنتهى من فتاوي الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في مجموعة المؤلفات القسم الثالث ص 68 التي نشرتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في اسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ) .

وهذا يدل على جواز التوسل عنده غاية مايرى أنه مكروه في رأيه عند الجمهور ، والمكروه ليس بحرام فضلا عن أن يكون بدعة أو شركا .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:09 PM

الدرس الرابع والعشرون : الشيخ محمد بن عبد الوهاب يتبرأ ممن
يكفر المتوسلين

وقد جاء عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالته الموجهه لأهل القصيم الإستنكار الشديد على من نسب إليه تكفير المتوسل بالصالحين ، وقال : إن سليمان ابن سحيم إفترى علي أمورا لم أقلها ، ولم يأت أكثرها على بالي ، فمنها : أني أكفر من توسل بالصالحين ، وأني أكفر البوصيري لقوله : ياأكرم الخلق ، واني أحرق دلائل الخيرات .

وجوابي عن هذه المسائل : أني أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم .
وجاء ايضا تأييد قوله هذا في رسالة أخرى بعثها إلى أهل المجمعة يقول فيها : إذا تبين هذا فالمسائل التي شنع بها ، منها ما هو البهتان الظاهر ، وهو قوله : أني أكفر من توسل بالصالحين ، وأني أكفر البوصيري إلى آخر ماقال ، ثم قال : وجوابي فيها أن أقول : سبحانك هذا بهتان عظيم .

(أنظر الرساله الأولى والحادية عشرة من رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب القسم الخامس ص 12 وص 64 ) .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:10 PM

الدرس الخامس والعشرون : التوسل بآثاره صلى الله عليه وسلم

ثبت أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بآثاره صلى الله عليه وسلم وهذا التبرك ليس له إلا معنى واحد وهو التوسل بآثاره إلى الله تعالى لأن التوسل يقع على وجوه كثيرة لا على وجه واحد .
أفتراهم يتوسلون بآثاره ولا يتوسلون به صلى الله عليه وسلم؟
هل يصح أن يتوسل بالفرع ولا يصح بالأصل ؟
هل يصح أن يتوسل بالأثر الذي ماشرف ولاعظم ولاكرم إلا بسب صاحبه محمد صلى الله عليه وسلم ثم يقول قائل : أنه لا يصح أن يتوسل به ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
والنصوص الواردة في هذا الباب كثيرة جدا نقتصر على أشهرها ، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحرص كل الحرص على أن يدفن بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة فيبعث ولده عبد الله ليستأذن السيدة عائشة رضي الله عنها في ذلك وإذا بالسيدة عائشة رضي الله عنها تعلن أنها كانت تريد هذا المكان لنفسها ، فتقول : كنت أريده لنفسي ولأوثرنه على نفسي فيذهب عبد الله ويبشر أباه بهذه البشارة العظيمة وإذا بعمر يقول : الحمد لله ماكان شئ أهم إلي من ذلك . وأنظر تفصيل القصة في البخاري فما معنى هذا الحرص من عمر وعائشة رضي الله عنهما ؟
ولماذا كان الدفن بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهم شئ وأحب شئ إلى عمر ؟ ليس لذلك تفسير إلا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بالتبرك بالقرب منه .
وهذه أم سليم تقطع فم القربة التي شرب منها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنس فهو عندنا .
وهؤلاء الصحابة يتسابقون لأخذ شعرة واحدة من شعر رأسه صلى الله عليه وسلم لما حلقه .
وهذه أسماء بنت أبي بكر تحتفظ بجبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها .
وهذا خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفظ به بعده أبو بكر وعمر وعثمان ثم يسقط منه في البئر .
وكل هذه الاحاديث ثابتة وصحيحة كما سنذكره في مبحث التبرك والذي نريد أن نقوله هو أننا نتساءل لماذا هذه المحافظة منهم رضي الله تعالى عنهم على آثار النبي صلى الله عليه وسلم .
( فم القربة ، الشعر ، العرق ، الجبة ، الخاتم ، المصلى ) فما مقصودهم من ذلك ؟
أهي ألذكرى مجرد الذكرى أم هي المحافظة على ألآثار التاريخية لوضعها في المتحف ؟ فإن كانت الأولى فلماذا يعتنون بها عند الدعاء والتوجه إلى الله إذا أصابهم البلاء أو المرض ؟
وإذا كانت الثانية فأين هذا المتحف ومن أين جاءتهم هذه الفكرة المبتدعة ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
لم يبق إلا التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم للتوسل بها إلى الله تعالى في الدعاء لأن الله هو المعطي وهو المسؤول والكل عبيده وتحت أمره لا يملكون شيئا لأنفسهم فضلا عن غيرهم إلا بإذن الله سبحانه وتعالى .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:10 PM

]الدرس السادس والعشرون : التوسل بآثار الأنبياء عليهم السلام [/
u]



قال تعالى : ( وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وهارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ) الآية من سورة البقرة .

قال الحافظ ابن كثير في التاريخ : قال ابن جرير عن هذا التابوت : وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم .أه

قال ابن كثير : وقد كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه وكان فيه طست من ذهب كان يغسل فيه صدور الأنبياء .أه ( البداية ج 2 ص 8 )
وقال ابن كثير في التفسير : كان فيه عصا موسى وعصا هارون ولوحان من التوراة وثياب هارون ، ومنهم من قال : العصا والنعلان أه ( تفسير ابن كثير ج 1 ص 313 )

وقال القرطبي : والتابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله الله على آدم عليه السلام فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب عليه السلام فكان في بني إسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم اه . ( تفسير القرطبي ج3 ص247 )

وهذا في الحقيقة ليس إلا توسلا بآثار أولئك الأنبياء إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم إلا ذلك والله سبحانه وتعالى راض عن ذلك بدليل أنه رده إليهم وجعله علامة وآية على صحة ملك طالوت ولم ينكر عليهم ذلك الفعل .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:10 PM

الدرس السابع والعشرون : توسل النبي صلى الله عليه وسلم بحقه وبحق الانبياء والصالحين

جاء في مناقب فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب أنها لما ماتت حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لحدها بيده وأخرج ترابه بيده فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضجع فيه فقال : ( الله الذي يحي ويميت وهو حي لايموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ، وكبر عليها أربعا وأدخلوها اللحد هو والعباس وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم ) ...رواه الطبراني في الكبير والأوسط . وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم ، وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح .كذا بمجمع الزوائد ج 9 ص 257

واختلف بعضهم في ( روح بن صلاح ) أحد رواته ، ولكن ابن حبان ذكره في الثقات ، وقال الحاكم : ثقة مأمون ، وكلا الحافظين صحح الحديث ، وهكذا الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ورجاله رجال الصحيح (1)

ورواه كذلك ابن عبد البر عن ابن عباس ، وابن أبي شيبة عن جابر ، وأخرجه الديلمي وأبو نعيم ، فطرقه يشد بعضه بعضا بقوة وتحقيق (2)

قال الشيخ الحافظ الغماري في إتحاف الأذكياء ص20 : وروح هذا ضعفه خفيف عند من ضعفه كما يستفاد من عباراتهم ، ولذا عبر الحافظ الهيثمي بما يفيد خفة الضعف كما لا يخفى على من مارس كتب الفن . فالحديث لا يقل عن رتبة الحسن بل هو على شرط ابن حبان صحيح .

ونلاحظ هنا أيضا أن الأنبياء الذين توسل النبي صلى الله عليه وسلم بحقهم على الله في هذا الحديث وغيره قد ماتوا فثبت جواز التوسل إلى الله ( بالحق ) وبأهل الحق أحياء وموتى .

---------------------------------------

(1) (1) فيه بيان وجه استنباط تصحيح الهيثمي للحديث ، وفي هذا غاية الإنصاف ورد ماتوهمه البعض من الإيهام في نسبة التصحيح إلى الهيثمي خصوصا وإن روح بن صلاح قد وثقه أبو حاتم ،وابن حبان ، وهو - يعني أبا حاتم - من الطبقة التي قال فيها الذهبي ( إذا وثق أحدهم شخصا فعض على قوله بناجذيك ) ، كما جاء في رسالته ( ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ) المطبوعه بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبي غدة.
فلا تناقض في النقل عن الهيثمي , وإنما التناقض في فهم المنتقد.

(2) مقصوده أنهم رووا أصل القصة ، وهذا ليس بتدليس ، وذلك وارد من صنيع المحدثين في النقل والرواية ، كما يفعله أهل المستخرجات ، والبحث طويل ومفصل في كتب المصطلح خصوصا ، وقد بين المؤلف كلام الهيثمي في الحديث بقوله وفيه روح بن صلاح وبه يكون قد أبرأ ذمته منه ، أما قول بعضهم : أن الحديث وارد في الطرق الأخرى بغير زيادة الدعاء ، وهي لاتوجد إلا في هذه الرواية ، فهذا ليس بعلة ، لان الزيادة غير منكرة ولا غريبة ، فإن الدعاء بهذه الصيغة قد ورد في معناه أحاديث كثيرة كحديث عثمان بن حنيف الذي أجمع الحفاظ على صحته ، وحديث أبي سعيد الخدري ، وفيه ( بحق السائلين عليك الخ ) الذي ذكره الشيخ ابن تيمية في الكلم الطيب ، وحديث : ( أسألك بحق ممشاي ) الذي ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب في آداب المشي إلى الصلاة وغير ذلك من الأحاديث التي فيها الدعاء بهذه الصيغة .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:11 PM

الدرس الثامن والعشرون : توسل النبي صلى الله عليه وسلم بحق السائلين

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من خرج من بيته إلى الصلاة ، فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة ، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك ، فأسألك أن تعيذني من النار ، وأن تغفر لي ذنوبي ، إنه لايغفر الذنوب إلا أنت ، أقبل الله بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك .
قال المنذري في الترغيب والترهيب ج3 ص119 : رواه ابن ماجه بإسناد فيه مقال ، وحسنه شيخنا الحافظ أبو الحسن .
وقال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار ج1 ص272 : هذا حديث حسن ، أخرجه أحمد وابن خزيمة في كتاب التوحيد ، وأبو نعيم وابن السني.
وقال العراقي في تخريج أحاديث الأحياء ج1 ص323 عن الحديث : بأنه حسن وقال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه المسمى بـ(مصباح الزجاجة ) ج1 ص98 : رواه ابن خزيمة في صحيحه .
وقال الحافظ شرف الدين الدمياطي في المتجر الرابح ص471 : إسناده حسن إن شاء الله .
وذكر العلامة المحقق المحدث علي بن يحي العلوي في رسالته اللطيفة هداية المتخبطين : أن الحافظ عبد الغني المقدسي حسن الحديث ، وقبله ابن أبي حاتم وبهذا يتبين لك أن هذا الحديث صححه وحسنه جملة من كبار حفاظ الحديث وأئمته وهم : ابن خزيمة ، والمنذري ، وشيخه أبو الحسن ، والعراقي ، والبوصيري ( غير البوصيري صاحب البردة ) وابن حجر وشرف الدين الدمياطي ، وعبد الغني المقدسي ، وابن أبي حاتم .
فهل يبقى بعد قول هؤلاء كلام لمتكلم ، وهل يصح من عاقل أن يترك حكم هؤلاء الفحول من الرجال الحفاظ المتقنين إلى قول المتطفلين على موائد الحديث .

( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )

-----------------------------------------

(1) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ( اللهم إني أسألك بحق السائلين ) نقله الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتاب آداب المشي إلى الصلاة ، وحث على العمل به .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:11 PM

الدرس التاسع والعشرون : التوسل بقبر النبي صلى الله عليه وسلم
بإرشاد السيدة عائشة

قال الإمام الحافظ الدارمي في كتابه السنن ( باب ماأكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعد موته ) : حدثنا أبو النعمان حدثنا سعيد بن زيد حدثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال : قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة ، فقالت : انظروا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوا إلى السماء حتى لايكون بينه وبين السماء سقف ، قال ففعلوا ، فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الأبل ( تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق ، ومعنى كوا أي نافذه ) اه سنن الدارمي ج1 ص43 .
فهذا توسل بقبره صلى الله عليه وسلم لا من حيث كونه قبرا ، بل من حيث ضم جسد أشرف المخلوقين وحبيب رب العالمين ، فتشرف بهذه المجاورة العظيمة واستحق بذلك المنقبة الكريمة .
تخريج الحديث : أما أبو النعمان فهو محمد بن الفضل الملقب بعارم شيخ البخاري ، وقال الحافظ في التقريب عنه : - ثقة ثبت - تغير في آخر عمره .
قلت : وهذا لايضره ولا يقدح في روايته لأن البخاري روى له في صحيحه أكثر من مائة حديث وبعد اختلاطه لم تحمل عنه رواية ، قاله الدارقطني ، ولا ينبئك مثل خبير .
وقد رد الذهبي على ابن حبان قوله : ( بأنه وقع له احاديث منكرة ) فقال : ولم يقدر ابن حبان أن يسوق له حديثا منكرا فأين مازعم ؟
( كذا في ميزان الأعتدال ج4 ص8 ) .
وأما سعيد بن زيد فهو صدوق له أوهام ، وكذلك حال عمرو بن مالك النكري كما قال الحافظ ابن حجر عنهما في التقريب .
وقد قرر العلماء بأن هذه الصيغة وهي : - صدوق يهم - من صيغ التوثيق لا من صيغ التضعيف ( كذا في تدريب الراوي ) .
وأما أبو الجوزاء فهو أوس بن عبدالله الربعي وهو ثقة من رجال الصحيحين فهذا سند لا بأس به ، بل هو جيد عندي ، فقد قبل العلماء واستشهدوا بكثير من أمثاله وبمن هم أقل حالا من رجاله .

الفاروق الاعظم 11-22-2010 10:11 PM

الدرس الثلاثون : السيدة عائشة وموقفها من قبر النبي صلى الله عليه وسلم

أما قول بعضهم : بأن هذا الأثر موقوف على عائشة وهي صحابية ، وعمل الصحابة ليس بحجة ، فالجواب هو أنه وإن كان رأيا لعائشة إلا أنها رضي الله عنها معروفة بغزارة العلم ، وفعلت ذلك في المدينة بين علماء الصحابة ، ويكفينا من هذه القصة أنها دليل على أن عائشة أم المؤمنين تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لازال بعد وفاته رحيما وشافعا لأمته وأن من زاره واستشفع به شفع له ، كما فعلت أم المؤمنين ، وليس هو من قبيل الشرك أو من وسائل الشرك كما يغلط به هؤلاء المكفرون المضللون ، فإن عائشة ومن شهدها لم يكونوا ممن يجهلون الشرك ولا مايمت إليه .

فالقصة تدمغ هؤلاء وتثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بأمته في قبره حتى بعد وفاته ، وقد ثبت أن أم المؤمنين عائشة قالت : كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأضع ثيابي ، وأقول إنما هو زوجي وأبي ، فلما دفن عمر معهما فوالله مادخلت إلا وأنا مشدودة حياء من عمر . رواه أحمد

قال الحافظ الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد ج8ص26 ) ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يعترضه الذهبي بشئ ( ج4ص7 ) .

ولم تعمل عائشة هذا باطلا بل هي تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه يعلمان من هو عند قبورهم .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله لليمن : فلعلك تمر بقبري ومسجدي ( رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات إلا يزيد لم يسمع من معاذ )
( كذا في مجمع الزوائد ج 10 ص 55) فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء معاذ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم باكيا وشاهده عمر بن الخطاب على هذا الحال وجرت بينهما هذه المحادثة كما رواها زيد بن اسلم عن أبيه قال : خرج عمر إلى المسجد فوجد معاذ بن جبل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يبكي ، قال : مايبكيك ؟ قال : حديث سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : اليسير من الرياء شرك . قال الحاكم : صحيح ولا يعرف له علة ، ووافقه الذهبي فقال : صحيح ولا علة له ، ( كذا في المستدرك ج 1 ص 4 ) .

وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رواه ابن ماجة والبيهقي والحاكم وقال : صحيح لا علة له وأقره أعني المنذري ( ج 1 ص 32 )


الساعة الآن 01:51 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
Support : Bwabanoor.Com
HêĽм √ 3.1 BY:
! ωαнαм ! © 2010

Security team