بسم الله الرحمن الرحيم
مفارقات فكرية عند بعض المذاهب الاسلامية
المفارقة الثانية
لقد وعدتكم في مقالة سابقة ان اتعرض للمفارقات الفكرية في المدارس الاسلامية
واليوم موضوع بحثنا المتواضع فكرة وعقيدة (أخذ الدين من الصحابة ) ووضعها على مقصلة البحث
لا يخفى على اي باحث اسلامي الخلاف الكبير بين المدارس الاسلامية ومذاهبها المختلفة حول الكثير من القضايا ومن أبرزها مسالة عدالة الصحابة ولزوم اخذ الدين منهم وكونهم المؤتمنين على القران والسنة وانه ينبغي ان يكون الاخذ من اي منهم مبرءا للذمة وانهم كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم
والمفارقة ان نفس الصحابة لم يكونوا يؤمون بهذه الفكرة بل نسبوا لرسول الله ص روايات نهاهم فيها عن كتابة الحديث والعجيب انهم لو كانوا فعلا مؤتمنين على دين الله فكيف ينهاهم النبي عن التدوين ولماذا لم يستثن ويقول إلا فلان و فلان وفلان ويعينهم كتبة للحديث كما كان يفعل علي ع بالإجماع والعجيب انهم يروون ان بعض الصحابة لم يكن يثق بما كتبه بنفسه فمحاه واحرق الصحف بعده وهي ممحية ! ! ! ! ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟
ولن أطيل بذكر الشواهد القطعية على ذلك بل ساقتصر على قاصمة ظهر وفاضحة أمر مستسر وليس بسر الا على بعض المغفلين الذين لم يكلفوا انفسهم عناء البحث والتصفح للتاريخ
والشواهد الذي سأتعرض لها هي موقف الخليفة الثاني من الصحابة وبعض الصحابة الاخرين من بعضهم بل ما رواه علماء العامة في كتبهم من النهي عن تدوين الحديث فكيف يتناسب هذا مع الوثوق بالصحابة وائتمانهم على دين لله والعجيب ان الخليفة الثاني لم يكن يأتمنهم على القرآن الذي وعد الله بحفظه ولا كان ياتمنهم على سنة النبي ص وسترى عزيزي القارئ الكريم ان الخليفة الثاني كان لا يثق بالصحابة بل هو فعلا يتهمهم بالبدع والتغيير والدس في حيث رسول الله ص قاطبة بلا فرق حيث لم يستثن أحدا منهم
واما ما يدل على ذلك فاليك فيه بعض شواهده مما تناقله علماء العامة بعباراتهم
1 - (روى أحمد ومسلم والترمذى والنسائى عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله: «لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن فمن كتب عنى سوى القرآن فليمحه»
- أخرج «الدارمى» عن «أبى سعيد الخدرى»: أنهم استأذنوا النبى صلى الله عليه وسلم فى أن يكتبوا عنه فلم يأذن لهم، وتؤكدها رواية «الترمذى» عن «عطاء بن يسار» عن «أبى سعيد» كذلك قال : استأذنا النبى فى الكتابة فلم يأذن لنا.
-2 روى فى «تذكرة الحفاظ» للذهبى : جمع «أبو بكر الصديق» الناس بعد وفاة النبى وقال لهم: «إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه».
-3 وروى «ابن عبد البر» و«البيهقى» أن عمرا أراد أن يكتب السنن، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له، فقال: «إنى كنت أريد أن أكتب السنن، وإنى ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبّوا عليها وتركوا كتاب الله، وإنى والله لا أشوب كتاب الله بشىء أبدا»، وفى رواية «لا ألبس كتاب الله بشىء أبدا».
4- وجاء عن «القاسم بن محمد» أنه قال: «إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها فلما أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال: «مثناة كمثناة أهل الكتاب».
-5 وعن «زيد ابن ثابت» أنه قال: «إن رسول الله أمرنا ألا نكتب شيئا من حديثه، فمحاه. وعن «عبد الله بن يسار» قال: «سمعت عليًّا يخطب يقول: أعزم على كل من عنده كتاب إلا رجع فمحاه، فإنما هلك الناس حيث تتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم».
-6 وعن «عبد الله بن مسعود» أنه أتى بصحيفة فيها حديث فدعا بماء فمحاها ثم غسلها ثم أمر بها فأحرقت. ثم قال: «أُذَكِّرُ بِاللَّهِ رَجُلا يَعْلَمُهَا عِنْدَ أَحَدٍ إِلا أَعْلَمَنِى بِهِ ، وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهَا بِدِيرِ هِنْدٍ لَبَلَغْتُهَا» أى لو علمت أن صحائف الحديث بأبعد مكان لبلغته ومحوتها.
-7 ومن ذلك عزيمة «على بن أبى طالب» ابن عم النبى على من عنده كتاب مدون فيه حديث أن يمحوه، وقول «أبى سعيد الخدرى» «تريدون أن تجلعوها مصاحف؟!» وقول «عمر بن الخطاب»: «لا كتاب مع كتاب الله»، وقول «ابن عباس» عم النبى: «كنا نكتب العلم (الحديث) ولا نُكتبه» أى لا نأذن لأحد بكتابته، ومنه قول «سعيد بن جبير» لـ«ابن عمر» إنه لو كان يعلم بأنه يكتب عنه لكان ذلك فاصلا بينهما.
ملاحظات ضرورية وفوائد خطيرة
1- هل كانت النسخ التي احرقت للقران صحيحة عند الصحابة او محرفة فان كانت صحيحة فما معنى حرقها وان كان محرفة فهل كان القران محرفا مدة من الزمان وعند الصحابة انفسهم ؟؟؟؟؟!!!!!!!
2- نفهم من امر رسول الله ص لاصحابه بعد التدوين انهم لم يكونوا مؤتمنين على تدوين الشريعة مع العلم ان المكتوب اكثر سلامة من الخطا فلا تناله يد النسيان ولا الزيادة الا عن تعمد ولو كانوا اهلا لحفظ الدين بالحفظ والنقل عن ظهر قلب فلماذا لا يكونون مؤتمنين لحفظ الدين والشريعة بالكتابة ولو كانوا مؤتمنين لحفظ الدين فالنهي عن تدوينه كما ترى على درجة عالية من الخطورة و ......وقد اورث الحيص والبيص
3- ان الصحابة لم يكونوا يميزون بين القران والسنة النبوية وهذا ما ادى بحسب الروايات اعلاه لامر النبي بعدم التدوين للحديث ؟؟؟؟؟؟!!!!! والتعجب من سوء حظ اصحاب النبي ص في هذه المسالة فالرعيل الاول من المهاجرين والانصار لا ياتمنهم النبي ص على التمييز بين القران والسنة فلعمري تحت أي اساس نؤمر باخذ الدين منهم وقد وصل الحال الى ما يعجز المقال عن وصفه
4- هل كان النبي ص يطبق حديث( ستكثر علي الكذابة على اصحابه ؟!!!) أم أن النبي ص كان يعلم أنهم لا يملكون المؤهلات العلمية لحفظ الشريعة بالكتابة والنقل فضلا عن فهمها واستيعابها وسواء قلنا بعدالة الصحابة ام لا فلن يكون هذا كافيا لاخذ الدين منهم فلابد من كون مصدر التشريع ثبتا ضبطا لما ينقله لا غير ذلك
5 – المفارقة بين النهي عن التدوين وسعي العلماء من العامة للكتابة والتاليف فهل المتاخرون منهم اثبت واضبط من الصحابة او اكثر تدينا منهم لناتمن مثل البخاري ومسلم على تدوين الشريعة دون ابن مسعود وووو ؟؟؟؟!!!!!! والعجيب انهم ينقلون الروايات عمن نهاهم النبي عن التدوين
والعجيب ان القران المختار من بين كل المصاحف المحترقة جعل هو الاساس وانما ضبطه نفس الصحابة وشهدوا عليه هم انفسهم فكيف والحال نهيهم عن الكتابة والتدوين يكونون مؤتمنين على ما دون فهل هم في تدوين ما غيرهم في تدوين اخر ولماذا أخطأوا فيما دونوه بانفسهم ولم يخطؤا فيما شهدوا عليه من القران سيما ان بعض الايات كما يروون في كتبهم شهد عليها واحد فقط من الصحابة فقط
6 – ان هذا النهي للصحابة عن التدوين صحيح من قبل رسول الله ص لاسباب يعلمها الله ورسوله ص ( عدم الضبط وعدم العصمة ووجود من يتعمد التبديل او من يجوز عليه الاشتباه منهم ) هذا النهي يتناسب مع مسلك اهل البيت ع في ان الدين انما يؤخذ منهم بعد رسول الله ص حصرا وهو نص حديث الثقلين حيث جعل اهل البيت ع عدلا للقران في عاصمية الامة من الضلالة بشرط التمسك بهم وبالقران لا بالقران وحده
وأخيرا أشبه بالدعابة
أنت مؤتمني على ديني ولكنني امنعك من كتابته وآمرك بحرق ما كتبت
الشيخ محمد الشيخ عبدالله عبدالله