رواية الفلتة
هاهنا فوائد متعددة
الاولى الفائدة
قال عمر
(إنه بلغني
ان قائلا منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما
كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت الا وانها قد كانت كذلك ولكن الله وقى
شرها)
ان عمر يؤكد ان نفس بيعة ابي بكر كانت فلتة
وهذا تقريب لمعنى الفلتة
. . .
فتح الباري - ابن حجر - ج 12 - ص 132
ن سالم بن عبد الله بن عمر نحوه قال الفلتة الليلة التي يشك
فيها هل هي من رجب أو شعبان وهل من المحرم أو صفر كان العرب لا يشهرون السلاح في الأشهر
الحرم فكان من له ثأر تربص فإذا جاءت تلك الليلة انتهز الفرصة من قبل أن يتحقق انسلاخ
الشهر فيتمكن ممن يريد إيقاع الشر به وهو آمن فيترتب على ذلك الشر الكثير
تم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ملاحظة
اخذت منه موضع الحاجة لان ابن حجر يفسر الفلتة بفعل الردة مع ان الرواية تصف بيعة ابي بكر بالفلتة ولهذا حذفت باقي كلامه لانه تخرص واضح
ونستفيد من هذا التفسير ان ابا بكر اغتنم الفرصة قبل ان تضيع عليه الخلافة كمن يغتنم اخر ليلة من الشهر فرصة للانقضاض على عدوه
وهنا هو سلب الاملمة قبل ان تسلب منه
ولهذا في اخر الرواية يقول عمر
وانا والله ما وجدنا فيمن حضرنا من امر اقوى من مبايعة ابي بكر
خشينا ان فارقنا القوم ولم تكن بيعة ان يبايعوا رجلا منهم
بعدنا فاما بايعناهم على ما لا نرضى واما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع ....
يعني تغدى بهم قبل ان يتعشوا به وسبقهم وهذا معنى فلتة
الفائدة الثانية
ان في هذا الحديث بيان عذر علي ع في السكوت وعدم قتال ابي بكر وعمر لما بايعهما الناس
وهو لقول عمر
واما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع
يعني حتى عمر يرى ويعرف ان شق عصا الامة في هذا الظرف سيؤدي لفسادها فنقول ولهذه القولة التي قالها عمر كان علي ع معذورا
الفائدة الثالثة
ان هذا الحديث يدل دلالة واضحة على ان ابا بكر لم يكن موصى اليه
لانه لا احد منهم قال لما سالوا عمن نبايع من الحاضرين ان رسول الله اوصى لابي بكر او لعمر
بل نص كلام ابي بكر يعد اعترافا منه بانه لا وصية لابي بكر لانه قال واقترح مبايعة عمر او عبيدة فكيف يكون النبي اوصى له وهو يرشح غيره
والعبارة هي
(وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم
فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم اكره مما قال غيرها)
الفائدة الرابعة
ان الرواية تدل على ان بعض الصحابة وفيهم على ع والزبير ومن معهما كما عبرت الرواية خالفوا عمر وابا بكر وبالتالي كيف يدعون ان عليا ع كان راشيا عنهما وانه لم يكن ثمة شيء بين علي وبين القوم
والعبارة هي
(ان الأنصار خالفونا واجتمعوا
بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما)
الفائدة الخامسة
قال عمر في تزويري لها اي تحضيره لكلمات وزورها ورتبها يعني ان الامر محضر له مسبقا خصوصا ان ابا بكر تبين انه محضر نفس ما كان حضره عمر بل اكثر كما صرح به في الرواية
فالامر لم يكن ردة فعل بل هم حضروا له سلفا
وهناك فوائد اخرى نتمنى ممن ينتبه اليها ان يفيدنا بها جوزيتم الخير
واليكم نص الرواية كاملة من البخاري
صحيح البخاري - البخاري - ج 8 - ص 25 – 28
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال كنت اقرئ
رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما انا في منزله بمنى وهو
عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال لو رأيت
رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد
مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر الا فلتة فتمت فغضب
عمر ثم قال إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذي يريدون
ان يغصبوهم أمورهم قال عبد الرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فان الموسم
يجمع رعاع الناس وغوغاءهم فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم
في الناس وانا أخشى ان تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير وان لا يعوها
وان لا يضعوها على مواضعها فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة
والسنة فتخلص باهل الفقه واشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل
العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها فقال عمر اما والله إن شاء الله لأقومن
بذلك أول مقام أقومه بالمدينة قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة
‹ صفحة 26 ›
فلما كان يوم الجمعة عجلنا الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن
عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته فلم
أنشب ان خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو
ابن نفيل ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف فأنكر علي وقال ما عسيت
أن يقول ما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله
بما هو أهله ثم قال اما بعد فاني قائل لكم مقلة قد قدر لي ان أقولها لا أدري
لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن
خشي أن لا يعقلها فلا أحل لاحد ان يكذب علي ان الله بعث محمدا صلى الله
عليه وسلم بالحق وانزل عليه الكتاب فكان مما انزل الله آية الرجم فقرأناها
وعقلناها ووعيناها فلذا رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى
ان طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا
بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من
الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم انا كنا نقرأ فيما
نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ان ترغبوا عن آبائكم
أو ان كفرا بكم ان ترغبوا عن آبائكم الا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لا تطروني كما أطرى عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه بلغني
ان قائلا منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما
كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت الا وانها قد كانت كذلك ولكن الله وقى
شرها وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا عن غير
مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة ان يقتلا وانه قد كان
من خبرنا حين توفي الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان الأنصار خالفونا واجتمعوا
بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع
‹ صفحة 27 ›
المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء
من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا رجلان منهم صالحان فذكرا
ما تمالى عليه القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء
من الأنصار فقالا لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا امركم فقلت والله لنأتينهم
فانطلقنا حتى اتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم
فقلت من هذا قالوا هذا سعد بن عبادة فقلت ماله قالوا يوعك فلما جلسنا قليلا
تشهد خطيبهم فأثنى على الله لما هو أهله ثم قال اما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة
الاسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم
يريدون ان يختزلونا من أصلنا وان يحضنونا من الامر فلما سكت أردت أن
أتكلم وكنت زورت مقالة أعجبتني أريد ان أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت
إداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت
ان أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني
في تزويري الا قال في بديهته مثلها أو أفضل حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم
من خير فأنتم له أهل ولم يعرف هذا الامر الا لهذا الحي من قريش هم أوسط
العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم
فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم اكره مما قال غيرها
كان والله ان اقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من اثم أحب إلي من أن أتأمر
على قوم فيهم أبو بكر اللهم الا ان تسول إلي نفسي عند الموت شيئا لا أجده
الآن فقال قائل الأنصار انا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم
أمير يا معشر قريش فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف
فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته
الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت
‹ صفحة 28 ›
قتل الله سعد بن عبادة قال عمر وانا والله ما وجدنا فيما حضرنا من امر أقوى
من مبايعة أبي بكر خشينا ان فارقنا القوم ولم تكن بيعة ان يبايعوا رجلا منهم
بعدنا فاما بايعناهم على ما لا نرضى واما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على
غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة ان يقتلا باب
البكران يجلدان وينفيان الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة
ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر
وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة
والزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين قال ابن عيينة
رأفة إقامة الحدود
تم . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .